الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الأمين.. والعقيد.. والإصلاح الحقيقى

الأمين.. والعقيد.. والإصلاح الحقيقى
الأمين.. والعقيد.. والإصلاح الحقيقى




على عكس كثيرين، لم أرغب فى الكتابة عن مشكلة تعديات امناء الشرطة على المواطنين بعد حادثة موت دربكة على يد امين شرطة، قناعة منى ان كثيرين سيكتبون ثم سريعا ما ينصرف زخم القضيه إعلاميا وتصبح طيًا منسيًا كغيرها من المشاكل والظواهر الخطيرة، لنعود ونقترف نفس المشاكل ويتكرر سيناريو هزيمة المواطن وهزيمة الوطن! ويبقى التساؤل إلى متى تتعامل الحكومة مع مشاكل المواطنيين بالقطاعى؟!
إن وزارة الداخلية لا يخفى عليها تجاوزات أبنائها من الضباط إلى الأفراد، هى تعلم علم اليقين كم هى كثيرة خطاياهم، ولو أعلنت الوزارة على الملا حجم البلاغات المقدمة من مواطنين غلابة ضد أبنائها لأضافت رقمًا قياسيًا فى سجل قهر المصريين، الغريب أن الحكومة كلها تقف عاجزة عن طرح أية حلول جوهرية لكثير من المشاكل وليس وزارة الداخلية فقط، كل القيادات فى هذا البلد لا يتحركون إلا بإشارة من الرئيس هذا حالهم منذ قديم الأزل، لا يتحركون الا بغطاء وطلب من الحاكم، هذا الارث العفن قصر مفهوم الحركة عند قيادات المحروسة إلى الحركة فى المحل وليس الحركة للإمام حتى أصبح كل المديرين وكل رؤساء مجالس الإدارات وكل الوزراء لا يتحركون للأمام كل حركتهم فى المحل (تسيير أعمال).
فنحن لم نسمع يوما ان رئيس شركة عامة قد نجح فى تحويل شركته من خاسرة إلى رابحة أو حتى قلل الخسائر ليأتى من بعده من يسعى لتحقيق الربح، لم نسمع يوما ان رئيس هيئة اقتصادية حقق طفرة ووفرة لهيئته، لم نسمع أبدا ان محافظا نجح فى حل مشكلة قمامة، لم يتحفنا رئيس مدينة أو رئيس حى بفكرة بسيطة تنقذ مصر من عشوائية 80% من مبانيها، لم يمنحنا رئيس مركز بحثى أو جامعة اختراعا بشريا او دواء مهمًا يعالج أبداننا التى اكلتها الفيروسات، كل القيادات فى مصر موظفون لا يفكرون، قيادات هرمة عاجزة جاهلة انصاف متعلمين. أن طريقة اختيار القيادات فى مصر مأساة، ان من يفكرون ويخططون لهذا الوطن يحتاجون إلى ضبط زاويا إلا مَن رحم ربى، ان جميع ما نحن فيه الآن من بلاوى نحن من صنعناها بتعايشنا مع مفهوم الرجل غير المناسب فى المكان المناسب، ان جهاز الداخلية لا يختلف عن باقى اجهزة الدولة.
 لقد آن الأوان ان تقف وزارة الداخلية وقفة صادقة أمام نفسها لتصلح ما افسده أفرادها، خاصة هذا الأمين الذى اصبح أكبر ثقبًا فى البدلة الميرى، لاستهتاره الذى وصل الى حد الاستهانة بشرف اسر المحروسه، ولعل قيام امين شرطة بالاعتداء على امرأة فى محطة المترو يؤكد أن أمناء الشرطة قد أمنوا العقاب فاساؤا الأدب، متناسين أن مهمتهم الأساسية حماية المواطنين، ما يؤكد ان اختلال ميزان بعض أفراد الداخلية وصل الى درجة خطيرة، من الممكن ان تفجر الدولة فى وقت نحن فيه اضعف مما يمكن اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.
نحن لم نتجاوز الى الآن المرحلة الانتقامية التى بدأت بعد ثورة 25 يناير حتى مع اكتمال بنيان الدولة ظاهريا، بوجود رئيس يحظى بتأييد شعبى ودستور أراه مثاليا رغم انتقاده، ومجلس نواب يصارع لإثبات وجوده، ولعل دعوة وتحريض الأطباء للمرضى على عدم دفع رسوم العلاج فى المستشفيات العامة خير دليل على التعامل الانتقامى بين مؤسسات الدولة، فلا يخفى على أحد ان الدعوة لم تكن تخرج من الأطباء الا بعد اعتداء امناء الشرطة على الاطباء فى المستشفيات!
وحتى نضع المشكلة فى حجمها الحقيقى لابد ان نشخصها تشخيصا صحيحا حتى نصل للعلاج الفعال لذا علينا ان نعترف ان جهاز الشرطة ملىء بنماذج سيئة امثال مصطفى محمد (قاتل دربكة)، ونماذج مشرفة مثل العقيد عاطف بدور وهو واحد من الضباط الذين يتمتعون بحسن التعامل مع المواطنين مما جعله يكسب شعبية كبيرة بين ابناء وعائلات مركز ملوى، ليس لانه نائب مأمور المركز ولكنه يحسن التعامل مع الكل الصغير قبل الكبير، على الجانب الآخر هناك نماذج لا تصلح ان تنضم الى هذا الجهاز الحساس والخطير وليس من المنصف لدولة تسعى الى دروب ومسالك التنمية ان تترك هذا الجهاز تحت رحمة العناصر المميزة التى تخلقها نسبة الصدفة من الضباط والأمناء.
لذا على الراغبين فى الإصلاح الحقيقى ان يجيبوا عن سؤالى الجوهرى، وهو: من هو الشرطى؟ هل الشرطى هو الشاب الذى يحصل على الثانوية العامة بمجموع 65 % ومجموعة من القدرات الرياضية والبدنية؟ هل هذا مقبول فى الألفية الثالثة؟!
بالطبع هذا المجموع يظلم ضباط الشرطة ويظلم المجتمع ولا يليق بمكانة الشرطى الذى يتمتع بصلاحيات كبيرة هى من ضمن مقتضيات وظيفته، ان مجموع كلية الشرطه يكرس تبنى الحكومة للانحياز لسياسات الحقد الاجتماعى واهدار قيمة التفوق والكفاءات، وقتل روح جيل الشباب الذى يرى الواساطة والمحسوبية بعد ثورتين عالية شامخه تخرج لسانها للجميع وتعبث بمقدرات وطن يعافر لبقائه، وكيف يبقى هذا الوطن فى ظل الارتكان لسياسات واساليب صنعها جيل فاسد لم يقل أبدا كلمة حق فى وجه سلطان جائر!