الإعلام فى مواجهة الإرهاب

د.ملاك جمعة تكتب:

الإعلام فى العصر الذى نعيشه أصبح جزءًا مهما من الحرب ضد الإرهاب خاصة بعد أن طورت الجماعات الإرهابية من أساليبها فى الاستفادة من التطور الهائل فى وسائل الإعلام المختلفة فأصبحنا نرى قنوات إعلامية تبث إرسالها على الأقمار الصناعية المختلفة وتضع فيما تبثه موادا تدعو إلى الإرهاب وزعزعة استقرار الدول العربية على وجه الخصوص، هذا بجانب استفادة تلك الجماعات من الفضاء الإلكترونى ومحاولة تجنيد شبابنا من خلال وسائل التواصل الاجتماعى. كل هذا يفرض على وسائل الإعلام تطوير خطابها الإعلامى ووضع استراتيجية جديدة تتناسب مع حرب حقيقية نخوضها جميعا ضد الإرهاب لا نترك فيها جيوشنا الوطنية بمفردها.
من هنا لفت نظرى خلال الساعات الماضية مبادرة أخذها زمامها وزير التعليم العالى والبحث العلمى النشط الدكتور اشرف الشيحى بتنظيم مؤتمر بعنوان الإعلام ودوره فى مواجهة الإرهاب، تحت رعاية الوزارة وبمشاركة واسعة من سفراء الدول العربية والملحقين الثقافيين بكل سفارة، هذه المبادرة تستحق الاشادة خاصة أنها جاءت من وزير التعليم العالى ومساهمة منه فى دعم الإعلام والوقوف خلفه فى الحرب على الإرهاب، وبهذا تكون وزارة التعليم العالى قد ضربت المثل فى عدم الوقوف موقف المتفرج وهو ما يدعم ما اشرت إليه من قبل فى السطور الماضية حول ضرورة مشاركة الجميع فى حماية المجتمع من هذه الأفكار الهدامة ومواجهتها بكل السبل.
والإعلام اليوم ليس مجرد صحف وفضائيات فأبنائنا فى الجامعات يحتاجون إلى التواصل المباشر معهم من خلال المؤتمرات والندوات وإن كانت مبادرة وزير التعليم العالي (سنة حسنة) فمن واجبنا جميعا تعميمها فى مدارسنا وجامعتنا، وحتى بين الشباب بشكل عام، الإعلام بلا شك هو رأس الحربة، وإذا نجحنا فى كسب معركة الكلمة بالحجة والعقل فمن المؤكد أن معركة السلاح ستحسمها الجيوش الوطنية بسهولة، القضايا الكبيرة كما نعرف جميعا تبدأ بفكرة وليس هناك أكبر من مواجهة الأفكار المتطرفة ومحاربتها، بتحصين ابنائنا من خلال إعلام واع يقدم الأدلة والبراهين القادرة على هزيمة الإرهاب الذى يتخذ من الدين ستار لنشر أفكار تكفيرية أقرب إلى فكر الخوارج الذى ظهر فى عصر الفتنة الكبرى بين على بن أبى طالب كرم الله وجهه ومعاوية بن أبى سفيان، هذا الفكر الذى لفظته الأمة الإسلامية منذ آلاف السنين ولم تكن هناك وسائل إعلام، فما بالنا واليوم لدينا كل هذه الوسائل، أليس من الأولى أن نهزم تلك الأفكار، المعركة كبيرة ولكنها ليست صعبة إذا تكاتف الجميع فى خوضها.