الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

انفراد مخطط بيانى «أمريكى» يكشف «شبكة التنسيق» بين «مخابرات واشنطن».. والنشطاء.. والإخوان.. والبرادعى!

انفراد مخطط بيانى «أمريكى» يكشف «شبكة التنسيق» بين «مخابرات واشنطن».. والنشطاء.. والإخوان.. والبرادعى!
انفراد مخطط بيانى «أمريكى» يكشف «شبكة التنسيق» بين «مخابرات واشنطن».. والنشطاء.. والإخوان.. والبرادعى!




خلال محاضرتها التى ألقتها أمام طلاب «كلية الدراسات العليا بالبحرية الأمريكية» (The Naval Postgraduate School)، أو (NPS)، فى 26 سبتمبر من العام 2012م، تحت عنوان: «رأس المال الاجتماعى» (social capital)، قالت أستاذ التحليل الاستراتيجى بوزارة الدفاع الأمريكية «نانسى روبرتس» (Nancy C. Roberts)، فى سياق حديثها عن آليات الحشد الجماهيرى التى استخدمها «النشطاء المصريون»؛ للإطاحة بنظام «مبارك»، عبر وسائل التواصل الاجتماعى:
«فى الواقع.. إن أحد الأشياء المهمة التى جعلت الشبكة التى تحرك من خلالها «وائل غنيم» ناجحة؛ كان فى قدرة الشبكة على تأسيس ركيزتين «أساسيتين»: الأولى؛ «رأس مال اجتماعى على الإنترنت»، والثانية؛ «مد جسور التواصل» للخارج.. أى أن «رأس المال الاجتماعى» ارتبط بشبكات خارجية».


وبشكلٍ تفصيلي.. كانت تلك «الشبكة»، إحدى النقاط الأساسية التى تناولتها «أطروحة» الباحث الأمريكى «كيرك دنكان» (Kirk A. Duncan)، بعد محاضرة «نانسى» ببضعة شهور، فقط.. وهى «أطروحة» تم تقديمها للجهة نفسها (أى: كلية الدراسات العليا بالبحرية الأمريكية)، فى يونيو من العام 2013م، تحت عنوان: «تقييم استخدام وسائل التواصل الاجتماعى فى البيئة الثورية» (Assessing the use of social media in a revolutionary environment).. إذ تعرضت تلك «الأطروحة» لآليات عمل تلك الشبكة، بشكل أكثر عمقًا.
(1)
انطلقت «الشبكة» - وفقًا للمخطط التوضيحى المرفق بأطروحة «دنكان» - من أن ثمة 4 روافد «للدعم الخارجى» (External Support)، كانت هى المسئولة عن دعم خبرات «النشطاء المصريين»، والخروج بـ«دعوات التغيير» من حيز الإنترنت إلى حيز التنفيذ.. إذ كانت روافد «الدعم الخارجى» كالآتى:
أ - منظمة أوتبور «Otpor» (تصفها العديد من «أدبيات اليسار الأمريكى» بأنها «كلية الانقلابات» التابعة للمخابرات المركزية).
ب - أكاديمية التغيير «Academy of change» (وهى أكاديمية تم تأسيسها فى لندن بالعام 2006م.. ثم أنشأت أول فروعها الخاصة بالشرق الأوسط فى «قطر» بالعام 2009م.. قبل أن يتم تأسيس فرعها فى «فيينا» بالعام 2010م).
ج - الشباب التقدمى التونسى «progressive youth of tunisia» (وهى المجموعة التى نقلت خبراتها فى الإطاحة بنظام «بن على» للقاهرة - بشكل فورى - كمثال «تطبيقى» لفاعلية روافد الدعم الخارجى فى «تغيير الأنظمة» بالمنطقة).
د - المركز الدولى لصراعات اللاعنف «International Center on Nonviolent Conflict» (وهو مركز أمريكى، يُعنى بـ«تدريب»، ونقل الخبرات اللازمة لنشطاء الحركات الاحتجاجية، حول العالم).
.. وهى، جميعها، روافد ذات اتصال مباشر بأجهزة الاستخبارات الأمريكية.
ومن ثمَّ.. كان أن ارتبطت تلك «الروافد الأربعة» بتغذية شبكتين «رئيسيتين» من النشطاء المصريين، منذ العام 2008م.. إذ كانت الشبكة الأولى؛ هى شبكة «شباب 6 إبريل».. ثم الحقت بها «شبكة وائل غنيم» (الشبكة الثانية) فى وقتٍ لاحق.
.. وهو تحرك، تزامن فى توقيته، مع محاولة تمهيد الأرض فى الداخل المصرى، عبر استغلال (أخطاء النظام السياسى، القائم، حينئذ، ووضعها تحت المجهر، بشكل مكثف)، إذ انقسمت «عملية التمهيد» تلك - بدورها - إلى مرحلتين متوازيتين:
المرحلة الأولى؛ عبر تكثيف الانتقادات الموجهة لـ«النظام الأسبق» من قبل منظمات المجتمع المدنى (المحلية، والدولية).. وهى انتقادات كان يحكمها - فى المقام الأول - شروط الجهات المانحة (كانت جهات «أمريكية» فى الأغلب).
والمرحلة الثانية؛ عبر اجتذاب «قطاعات النخبة» نحو بؤرة أفكار التغيير الأمريكية.. إذ تقول الباحثة الأمريكية «مارى إليزابيث كينج» (Mary Elizabeth King)، أستاذ الصراعات ودراسات السلام بالأمم المتحدة، خلال الدراسة التى أعدتها فى فبراير من العام 2012م، تحت عنوان: «الثورة المصرية بدأت قبل 2011م» (Egypt’s revolution began long before 2011):
إن الدروس «العملية»، و«الملموسة» التى حدثت فى مصر؛ كانت نتاجا للعديد من السنوات التى تداخلت فى صناعتها «قنوات متنوعة».. إذ استفاد النشطاء المصريون من الشبكة التى كونها قادة «أوتبور»، وهى شبكة ضمت عناصر فاعلة فى «صراعات اللاعنف» من: جنوب إفريقيا، والفليبين، ولبنان، وجورجيا، وأوكرانيا.. وفى الوقت نفسه؛ كان أن زار كلٌ من: «ماريا ستيفان» (Maria J. Stephan)، و«ستيفن زونس» (Stephen Zunes) القاهرة بالعام 2009م؛ للعمل مع الأكاديميين المصريين من ذوى التوجهات الليبرالية، ونشطاء التغيير بمنظمات المجتمع المدنى.
ولمن لا يعرف؛ فإن «ماريا ستيفان»، هى إحدى «الفاعلات» بمعهد الولايات المتحدة للسلام (USIP).. بيمنا «ستيفن زونس»، فهو مدير برنامج دراسات الشرق الأوسط بجامعة «سان فرانسيسكو»، إذ كان عملهما بالقاهرة مُنصبًّا على تهيئة قطاعات «النخبة المصرية»، والحصول على دعمها فى توجيه عمليات التغيير السياسى بمصر (!)
.. وبالمناسبة؛ فإن «ستيفن زونس» كان صاحب توصيف «جنون العظمة» الذى تناقله، فيما بعد - بشكل ببغائى - لوبى «المصالح الأمريكية بالشرق الأوسط» لوصف «النظام الحالى» فى مصر.. إذ اختار «زونس» لمقاله الذى كتبه فى «هافينجتون بوست» (huffingtonpost) فى 3 مايو من العام 2014م، عنوانًا يقول: «قمع النظام وجنون العظمة يتناميان فى مصر» (Regime Repression and Paranoia Grows in Egypt).
(2)
بالعودة للمخطط التوضيحى المرفق بأطروحة «دنكان»؛ فإن شبكة الدعم الخارجى (External Support)، مدّت، ابتداءً - عبر روافدها الأربعة - قنوات الاتصال مع حركة «شباب 6 إبريل»، ومجموعة النشطاء المرتبطة بها، مثل: أحمد ماهر، وأحمد صلاح، وأسماء محفوظ، وإسراء عبدالفتاح، ووليد رشيد.. ثم وجهت دعمها «التقنى، والتكتيكى، والمالى» - فى مرحالة تالية - لشبكة «وائل غنيم».. وهى شبكة، ضمت - وفقًا لـ«كيرك دنكان» - كُلا من: نجيب جرار (شغل، أيضًا، موقع مدير التسويق الإقليمى فى جوجل.. وانضم - كذلك - لمنظومة موقع «بارليو» الجديد الذى أسسه «وائل غنيم»، مؤخرًا).. إلى جانب المُدوّن المصرى «وائل عباس» (تُبين «وثائق ويكيليكس» أنه كان دائم الاتصال بمسئولى السفارة الأمريكية بالقاهرة).. والناشط «محمد عيسى» (صاحب أول دعوة لتنظيم «وقفة صامتة» على شاطئ الإسكندرية، بالتعاون مع «وائل غنيم» على صفحة «كلنا خالد سعيد»).
ومن موقع «المركز»؛ مدّت حركة «6 إبريل» قنوات التنسيق مع 4 شبكات أخرى.. كانت أولى تلك الشبكات، هى الشبكة التى كونها «وائل غنيم».. والثانية؛ هى مجموعة «شباب الإخوان».. والثالثة؛ هى مكتب إرشاد «الجماعة الإرهابية» ذاته.. أما الشبكة الرابعة؛ فهى الشبكة التى تحلقت حول «د. محمد البرادعى»، ومشروعه (المؤسسة الوطنية للتغيير).. وهى الشبكة التى تم تضمين العديد من أعضائها - فيما بعد - داخل «حزب الدستور».
وفى الحقيقة.. فإن «الشبكة الرابعة» (شبكة «البرادعى» السياسية)، كانت هى «الواجهة المدنية» التى أرادت من خلالها «الولايات المتحدة الأمريكية» تحريك الشارع المصرى، من حيث الأصل؛ لخلق نظام سياسى جديد يسمح بإفساح الطريق أمام «تيار الإسلام السياسى»، فى سياق برنامج الارتباط، وتلك القوى داخل الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا (M. E. N. A).
.. وهو ما يمكن أن تعكسه أمامنا - إلى حدٍّ بعيد - البرقية الدبلوماسية رقم: (10CAIRO237).. وهى برقية عرفت طريقها، نحو «الخارجية الأمريكية» فى أعقاب عودة «البرادعى» للقاهرة فى فبراير من العام 2010م، إذ اتخذ مسئولو السفارة الأمريكية بالقاهرة على عاتقهم قياس ردود أفعال «القوى السياسية»، و«نشطاء المجتمع المدنى»، و«الحركات الاحتجاجية» فى الداخل المصرى، حيال عودة المدير الأسبق لـ«الوكالة الدولية للطاقة الذرية».. واستطلاع تقديرات تلك القوى فى إمكانية اختيار «البرادعى» كمرشح توافقى، خلال المرحلة التالية (!).. وهو ما تم عبر اتصالات «مباشرة» مع عدد من عناصر تلك القوى، أو عبر «التقارير الصحفية»، ومقالات الرأى التى اهتمت بأمر تلك العودة.
فوفقًا لنص البرقية (كُتبت «البرقية» فى 23 فبراير من العام 2010م)؛ فإن «البرادعى»، الحائز على جائزة نوبل فى السلام، لا يزال ينظر إليه كبديل «مستقل»، قابل للتطبيق.. إلا أنّ «المعارضة الرئيسية» لا تزال مترددة فى المطالبة به كـ«مرشح توافقى».. وعلى الرغم من عدم إعلانه لنفسه كمرشح للانتخابات الرئاسية «المقبلة»؛ لكن.. يبدو، حتى الآن، أنه استحوذ على «مُخيلة» العديد من أطياف «النخبة المدنية»، التى تخشى «الإخوان».
وقال الناشط الحقوقى «ناصر أمين»، مدير المركز العربى لاستقلال القضاء: إن «البرادعى» مرشح غير ملوث بـ«التواطؤ المحتمل»، كبعض أعضاء المعارضة - ممن تمسهم الاتهامات، والجرائم - مثل «أيمن نور» المرشح الرئاسى السابق بانتخابات العام 2005م.. بينما علق الروائى «علاء الأسوانى» على تلك العودة قائلا: (إن الحماس حول البرادعى، دليل على رغبة المصريين فى التغيير.. وإن كان يحذر من أنه لا ينبغى النظر إليه بوصفه «منقذًا»).
وفيما أوضحت البرقية أن عودة البرادعى استحوذت على نحو 70 ألف «بوست» على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك».. بينت - كذلك - أن ثمة ترحيباً بعودته بـ«الجرائد الخاصة» (بعضها كان يمول من قبل الولايات المتحدة الأمريكية).. فى حين وصفته «الجرائد القومية» بأنه غير متصل بالجماهير، وغير «مستعد» لممارسة السياسة فى مصر.. وأنه بلا برنامج سياسى واضح.. فضلا عن عدم توافقه مع أى من الأحزاب السياسية القائمة.
وأضافت «البرقية»: قال لنا «أحمد صلاح» القيادى بحركة «6 إبريل» - كان فى استقبال البرادعى بمطار القاهرة الدولى - أنه «فخور» بأن حركته نجحت فى جمع نحو 3 آلاف فرد؛ لاستقبال المدير الأسبق لوكالة الطاقة الذرية.. وأن «أحمد ماهر»، منسق الحركة، شارك - أيضًا - فى تحية البرادعى بالمطار.. معترفًا بأن التواجد الأمنى كان محدودًا بالمطار، مما خلق حالة من «الفوضى» النسبية.. وأن «البرادعى» نفسه، أكد - فى وقت لاحق - خلال لقاءاته الإعلامية أنه قرر عدم التوقف، والتحدث للجماهير؛ بسبب «الوجود الأمنى ​​المحدود» (!)
وفى حين أوضحت «البرقية» أن القيادى بحركة كفاية «جورج إسحاق» قال لمسئولى «السفارة الأمريكية» إن تلك هى المرة الأولى التى يحشدون خلالها هذا العدد الكبير من دون مساعدة أو وجود «الإخوان»؛ وضعت «البرقية» ملحوظة تقول: (تعاون عدد من أفراد جماعة الإخوان، مع كلٍ من: «حركة كفاية»، و«6 إبريل»، وغيرها.. فى العديد من الحملات، مثل: حملة «من أجل انتخابات حرة»، والحملة «ضد التوريث».. كما شارك الإخوان «حركة كفاية» خلال المسيرات المؤيدة للقضاء بالعام 2005م).
وذكرت «البرقية» أن أحزاب «المعارضة الرئيسية»، التى تجتمع بانتظام - حسب ما هو معروف فى مصر باسم «ائتلاف المعارضة» - لم تكن قادرة على الوصول إلى توافق فى حول «البرادعى» كناشط ديمقراطى، أو مرشح توافقى.. باستثناء رئيس حزب «الجبهة الديمقراطية» (أسامة الغزالى حرب)، الذى أعرب لمسئولى السفارة «علنًا» عن حماسه لتأثير «عودة البرادعى» إلى القاهرة.. وقال «حرب» إن نسبة الإقبال فى المطار، مؤشر على «الزخم السياسى الجديد» فى مصر.. وأنه (أى: البرادعى)، الرجل المناسب فى الوقت المناسب (!).. بينما أعرب «وائل نوارة» نائب رئيس حزب الغد عن أنه كان يود استقبال «البرادعى» بالمطار، إلا أنه كان مشغولا بحل صراعات الحزب الداخلية، فى أعقاب إعلان «أيمن نور» فى 15 فبراير أنه تم اختياره مرشحًا للحزب بالانتخابات الرئاسية «المرتقبة».. وبيّنت «البرقية» أن جميلة إسماعيل» - الزوجة السابقة لأيمن نور - كانت ممن رحبوا بالبرادعى بالمطار، وأنها لا ترى تناقضًا فى دعمها للبرادعى.
(3)
وفقًا للمخطط التوضيحى لشبكات «الحراك الاجتماعى» فى مصر؛ لم تكن أيٌ من تلك الشبكات بعيدة، بأى حال من الأحوال، عن عمليات التنسيق، والتوجيه مع «الإدارات الأمريكية» المتعاقبة.. بل إن جُل الشبكات كان يتم توجيهها بشكل مباشر (تدريبيًا، وتنسيقيًّا، وتقنيًّا، وتكتيكيًّا)، فضلا عن دعمها «ماليًّا» من قبل المؤسسات الأمريكية.. أو تلك التى تحركها «الولايات المتحدة»، وأجهزتها الاستخبارية من خلف ستار. (راجع، هنا: مكونات شبكة الدعم الخارجى - External Support).
ومع ذلك - رغم حالة الحراك التى شهدتها مصر بالعام 2011م - بدت الصورة أوضح من أن ثمة تحركات دولية للوصول إلى جدران «الدولة المصرية» نفسها، و«عمودها الفقرى».. لا النظام، أو الإدارة السياسية «الحاكمة» فقط (!)
ففى أعقاب تخلى «مبارك» عن السلطة، وتكليف «المجلس الأعلى للقوات المسلحة» بإدارة شئون البلاد فى 11 فبراير من العام 2011م.. كان أن حل على القاهرة أحد «المغامرين الأمريكيين» - وفقًا للتوصيف المعروف عنه، الآن، بالصحافة الأمريكية - ممن خدموا فى كلٍ من: أفغانستان، والعراق، فى مهمة «استخباراتية» محددة، تقتضى رصد عمليات التأمين فى «الشارع المصرى» بعد انسحاب «قوات الشرطة»..وكان ثمرة تلك «المهمة»؛ أربعة (4) تقارير مختلفة، كُتبت فى أيام: السبت (19 فبراير)، والأحد (20 فبراير)، والاثنين (21 فبراير)، والخميس (24 فبراير) من العام 2011م، إذ كانت ترسل التقارير تحت اسم «وهمى»، هو: (أبو مقاومة).. أما من هو «أبو مقاومة» ذاك (؟!).. وأى المواقع يشغلها - الآن - بوزارة الدفاع الأمريكية (؟!).. فهذا ما سيكون لنا معه وقفة تالية (!)