الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بالمستندات: حسابات «6 إبريل» السريـّة.. بـ«البنوك الدولية»!

بالمستندات: حسابات «6 إبريل» السريـّة.. بـ«البنوك الدولية»!
بالمستندات: حسابات «6 إبريل» السريـّة.. بـ«البنوك الدولية»!




هانى عبدالله يكتب:


فى 28 يوليو من العام 2009م؛ كان أن التقى «أحمد ماهر»، منسق حركة «شباب 6 إبريل» - للمرة الأولى -  بنائب السفيرة الأمريكية بالقاهرة «ماثيو تولر» (Matthew H. Tueller)، وفريقه التنسيقى، داخل مقر السفارة الأمريكية بالقاهرة (بمنطقة: جاردن سيتى).
قال «ماهر» لمسئولى «السفارة الأمريكية» بالقاهرة، حينئذ: إن حركة «شباب 6 إبريل» بدأت فى تنسيق تحركاتها مع عدد من أحزاب المعارضة «المدنية»، مثل: «حزب الغد» (تحت قيادة أيمن نور)، وحزب «الإصلاح والتنمية»، حديث النشأة، تحت قيادة «أنور عصمت السادات»؛ من أجل ما وصفه بـ«تثقيف الناخبين»، والتحرك نحو تدشين عدد آخر من الأنشطة التى تحمل لافتة «مكافحة الفساد».

وأوضح «ماهر» لنائب السفيرة الأمريكية، وقتئذ «ماثيو تولر» (Matthew H. Tueller)، أنّ «الحركة» بصدد تشكيل «هيكل تنظيمى» سيكون مقر لجنته التنسيقية «محافظة القاهرة».. على أن تشرف تلك اللجنة على مقرات المحافظات الأخرى.
وتحت تلك النقطة؛ كتب «ماثيو تولر» ملاحظة تقول: (إن «أحمد ماهر»، الذى تم توقيفه فى أعقاب احتجاجات 6 إبريل من العام 2008م؛ يحاول – الآن – الابتعاد، بقدر الإمكان، عن الأضواء.. انتهت الملحوظة).
وكان من بين محاولات «الابتعاد عن الأضواء» تلك؛ تأسيس «منظمة حقوقية» جديدة لا يظهر خلالها كلٌ من: «أحمد ماهر»، و«أحمد صلاح» فى الصورة، بشكلٍ كامل؛ لتلقى أموال «الدعم الأمريكي» المقرر منحها للحركة.. إذ ظهرت فكرة «المنظمة» تلك – للمرة الأولى – فى أعقاب لقاء قيادات «6 إبريل» وعدد من مسئولى «المعهد الجمهوري» (I.R.I) خلال العام نفسه (أي: العام 2009م)، إذ كانت تستهدف سياسات المعهد – خلال تلك الفترة – الاعتماد على الحركات الاحتجاجية «الناشئة»، ودعمها؛ من أجل ممارسة ضغوط سياسية «داخلية» على الأنظمة الحاكمة بمنطقتى: الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا (M.E.N.A)، تحت غطاء: تعزيز «الممارسات الديمقراطية»، و«دعم الحريات».. فى حين كان الهدف «الرئيسي» من عملية الدعم تلك، هو: دعم «المصالح القومية الأمريكية» بتلك المنطقة، فى إطار تجهيزها؛ لاستقبال «مشروع الشرق الأوسط الكبير» (The greater middle east project).
ومن ثمّ؛ ظهرت فكرة تأسيس «مركز دار المستقبل الجديد للدراسات القانونية والحقوقية» للنور، فى 17 يناير من العام 2010م.. بعد أن قرر كلٌ من: «أحمد ماهر»، و«أحمد صلاح» الاستعانة باثنين من المحامين، هما: «خالد طه»، و«عزت بدروس»؛ لتأسيس المركز، والحصول على أول دفعة من الدعم الذى قرره – وقتئذ – «الصندوق الوطنى للديمقراطية» (N.E.D)، إذ كانت قيمة الدفعة الأولى للدعم: 20 ألف دولار.
وفيما تردد أن عدم دراية «المؤسسين» بطبيعة عمل «المنظمات الحقوقية» دفعهم لوقف نشاط المؤسسة.. إلا أن العديد من الشواهد التالية، أكدت أن «عدم إشهار» المؤسسة – فى حد ذاته – كان أحد الأهداف الرئيسية التى خطط لها كلٌ من: «ماهر»، و«صلاح»؛ هربًا من الرقابة الحكومية.. وهى أهداف عكسها إلى حدٍّ بعيد صيغة عقد تأسيس «المركز»، من حيث الأصل.
(1)
تكون عقد تأسيس «مركز دار المستقبل» – حمل العقد عنوان: «عقد شركة استشارات قانونية» - من 10 بنود مختلفة.. إلا أن أغرب ما جاء بالعقد؛ كان «البند السادس»، إذ نصّ تحت عنوان: «اختصاص الشركاء» على الآتى:
اتفق الطرفان على أن يكون الطرف الأول «مديرًا عامًا» للشركة، وله ما يتحمله هذا المنصب من مهام، ومسئوليات تسيير العمل؛ وفقًا لما تقرره القوانين، ولوائح الشركة «الإدارية والمالية».. وأن يكون الطرف الثانى «نائبًا للمدير»، وله ما يتحمله هذا المنصب من مهام، ومسئوليات تسيير العمل؛ وفقًا لما تقرره القوانين، ولوائح الشركة «الإدارية والمالية».. كما – لما لديه من خبرة «محاسبية» – يكون مشرفًا عامًا للحسابات.
كما تم الاتفاق، أيضًا، على أن يكون مدة العقد كاملة (السيد أحمد صلاح الدين عطية)، مديرًا تنفيذيًّا للشركة، وله حق التعامل مع كل الجهات الرسمية، وله حق تسيير الأمور بما لا يخالف أهداف الشركة، وبما لا يخالف القوانين المعمول بها فى دولة المقر.. وأن يكون (السيد أحمد ماهر إبراهيم) مديرًا ماليًّا، وإداريًّا.. وله التعامل مع البنوك، والمعاملات المالية كافة.. وله ما يتحمله هذا المنصب من مهام ومسئوليات تسيير العمل، وفقًا لما تقره القوانين، ولوائح الشركة «المالية والإدارية».. كما عليه إعداد «الدورة المستندية» للشركة، وعرضها على الشركاء لإقرارها والعمل بها.
وهو ما يعنى – بما لا يدع مجالاً للشك – أنّ كلاً من: «ماهر»، «وصلاح» أرادا – وفقًا لما تم الاتفاق عليه، والمسئولين الأمريكيين – ألا يظهرا فى الصورة، بشكل كامل.. وأن يحتفظا بين أيديهما بكل خيوط التمويل «المرتقبة».
ورغم أن «المركز» لم يتم إشهاره بشكل «رسمى»؛ إلا أن تدفق «التمويلات الخارجية» عليه، لم يتوقف فى أى لحظة تالية.. إذ قررت «وزارة الخارجية الأمريكية» تشبيكه – بشكل فورى – مع المكتب الإقليمى لمبادرة الشراكة الشرق أوسطية (M.E.P.I).. وللمفارقة؛ فإن مقر المكتب الإقليمى لـ«مبادرة الشراكة الشرق أوسطية»، هو «الجمهورية التونسية»(!)
ففى وقتٍ تالٍ، على تأسيس المركز.. كان أن اتخذ «دار المستقبل» حسابين ببنك كريدى أجريكول، رقمى: 00041110003851، بفرع البنك الكائن 48\50 شارع عبدالخالق ثروت.. والحساب رقم: 25537901 بالفرع الرئيسى الكائن بشارع حسن صبرى بالزمالك؛ للإنفاق على عملية استقطاب العناصر الشبابية، وإثارة الشارع ضد مؤسسات الدولة، إذ تلقى «المركز» عدة تحويلات مالية من كلٍ من: «السفارة الأمريكية، والوقف أو الصندوق الوطنى للديمقراطية (N.E.D)».. فضلا عن عدد آخر من المنظمات الخارجية «المانحة» منها: مبادرة الشراكة الشرق أوسطية.
.. وكانت المبالغ التى دخلت هذين الحسابين، خلال الفترة «التمهيدية»؛ لإثارة الشارع، كالآتى:
مبلغ 53 ألفًا و440 دولارًا تحت مسمى: «دعم المدافعين عن شباب الانتخابات خلال الفترة من أول يوليو 2010م، إلى 30 سبتمبر 2011م».
.. ومبلغ 51 ألفًا و 316 دولاراً؛ تحت مسمى: «دعم وتمكين شباب المدافعين خلال الفترة من 15 أغسطس 2010م، إلى 15 يوليو 2011م».
.. ومبلغ 14 ألفًا و650 دولاراً بهدف دعم المركز (المرتبات)، خلال الفترة من أول إبريل إلى أول يوليو 2011م.
ومن المؤسسة الصندوق الوطنى للديمقراطية (N.E.D): مبلغ: 21 الفًا و400 دولار؛ لدعم مشروع «تعبئة الشباب لقيادة حملات تعليم الناخب فى مصر»، خلال الفترة من أول إبريل 2010م إلى 31 مارس 2011م.
.. ومبلغ 20 ألفًا و345 يورو تحت مسمى «تمكين المنادين بتصويت الشباب»، خلال الفترة من أول سبتمبر 2010م إلى 31 أغسطس 2011م.
(2)
فى أعقاب تأسيس «مركز دار المستقبل»؛ توجه «أحمد ماهر»، بصحبة رفيقيه بالحركة: «باسم فتحى»، و«عمرو إبراهيم» نحو «دبي»؛ للمشاركة بإحدى «الدورات التدريبية» الخاصة بـ«آليات التخطيط الاستراتيجى لنشطاء الحركات».. وهى الدورة التى شارك بها، أيضًا، فتى «جوجل» المدلل (وائل غنيم)، إذ كان ذلك خلال الفترة من 19 إلى 23 إبريل من العام 2010م.
وفى سياق «استراتيجيات التحرك»، أوضح «المدربون» أنه قبل أى تحرك؛ يجب ربط أهداف أى «حملة جماهيرية» بما وصفوه بـ«بؤرة استراتيجية»، أو «تنظيمية» ما.. إذ إن الهدف المباشر لـ«الحملات العامة الفعالة»، هو إحداث تغيير فى قوانين المجتمع، أو سياساته العامة، أو إجراءاته الحكومية.. أو فى «مفهوم الأمن القومي» فى حد ذاته (!).. وبالتالى؛ فالأفضل – دائمًا – أن يتم التعبير عن أهداف «الحملات السياسية» عبر مزيج من المواقف «السلبية»، والإيجابية، على طريقة: (لا تفعل هذا الأمر.. بل افعله هكذا)، إذ يقتضى «تحقيق الأهداف» حشد «الرأى العام» – فى المقام الأول – والتأثير فيه، وفهم سلوك المجموعات المحلية؛ وتعديلها أحيانًا؛ للاشتباك «الاستراتيجى» مع من بيدهم مقاليد السلطة (!)
.. وعبر 10 نقاط «رئيسية»؛ تم تنفيذ فاعليات «الدورة التدريبية» تحت العناوين التالية:
1 – ما أهدافنا؟
2 – ما الاستراتيجيات التى سنستخدمها؟
3 – ما «التكتيكات» التى بإمكاننا استخدامها؟
4 – مهمات الأطراف المختلفة، ومسئولياتها؟
5 – من يمسك بمقاليد السلطة؟
6 – ما الأبحاث التى يتوجب القيام بها، قبل التحرك؟
7 – ما الإمكانيات المتاحة أمامنا، ويمكننا استغلالها؟
8 – الأطراف التى بإمكاننا «التحالف معها»، أو طلب مساعدتها؛ للتحرك بشكل فعال؟
9 – الحدود «الزمنية» التى يمكننا التحرك خلالها؟
10 – كيف يمكننا «التخطيط» للأمور غير المتوقعة؟
ومن ثمَّ.. كان أن ترجمت الحركة، تلك الآليات لعدة «حملات» متنوعة، فيما قبل 25 يناير من العام 2011م.. إذ كانت تلك الحملات، كالآتى:
أ -  حملة تحت عنوان: «إزاى نغير مصر»؛ لتسليط الضوء على المشاكل الاقتصادية، والاجتماعية.
ب - حملة أخرى تحت شعار: «كش ملك»؛ لإسقاط النظام، وتحفيز المواطنين على تجاوز «الخطوط الحمراء».. خاصة بالمناطق الشعبية.
ج -  التنسيق مع صفحة «كلنا خالد سعيد»؛ لتنظيم «تحرك احتجاجى»، بالتزامن مع احتفالات عيد الشرطة.
د -  استخدام تكتيكات «حرب الشوارع»؛ لإنهاك القوات الأمنية.. فى تنفيذ دقيق لتكتيك: (الحد الأدنى من الإضرار بالممتلكات).. وهو تكتيك يعتمد – وفقًا للدورات التدريبية للنشطاء – على استخدام «عنف ممنهج»، لا يصل – على حد توصيف «المدربين» الأمريكيين - إلى «التدمير العشوائى»؛ لكنه يختار أهدافه بدقة، وعناية.
فوفقًا لـ«دليل النشطاء» (The Activists Handbook)؛ يعمل التدمير العشوائى للممتلكات أثناء «الثورات» أو «الحملات السياسية» على «نفور الداعمين».. كما يستدعى استجابات «قامعة» من الدولة.. إلا أن تدمير الممتلكات «المسموح به» فى أنشطة الاحتجاجات السلمية (.. ولا ندرى كيف؟!)، يمكن أن يكون مقبولاً أثناء التحرك (!).. إذ يقبل عدد من «المدربين»، والنشطاء وجود حد أدنى من الإضرار، كجزء من استراتيجية الاحتجاجات السلمية (!)، بحيث يتم تحاشى «التدمير العشوائى»، مع توفير مساحة مناسبة من حرية «الحركة التكتيكية»، والاستراتيجية، مثل:
قطع الطرق، والاعتصامات، والكتابة على الجدران، واستهداف سيارات قوات الأمن.. إذ يمكن أن يقبل الجمهور هذا الحد من العنف(!).. بل يمكن، عند نجاح أهداف التحركات الاحتجاجية، أن يتنامى دعم الجماهير للنشطاء(!)
وعلى خلفية عمليات التدريب تلك؛ كان أن دخلت «الدوحة» (قطر) على خط التمويل المباشر للحركة، ووضع «عمليات تشبيك» جديدة مع النشطاء، وشباب تيار «الإسلام السياسى» (راجع النقطة «رقم 8» من عناوين الدورة التدريبية).. فضلاً عن تجهيزها (أى: الدوحة) عددًا آخر من «الدورات التدريبية»؛ لرفع كفاءة نشطاء «الحركات الاحتجاجية» فى إثارة الشارع المصري.. وكان هذا عبر «بروتوكول تعاون» أشرفت على تنفيذه «الخارجية الأمريكية».
وبالتزامن مع تدفق «الإغداقات الأمريكية» على الحسابات البنكية لكلٍ من: «أحمد ماهر»، و«أحمد صلاح»؛ لم تتوقف – كذلك – محاولات «واشنطن» المتكررة؛ لتشبيك عناصر الحركة مع العديد من القوى الدولية الأخري، إذ توجه «باسم فتحى»، عضو الحركة (مدير المشروعات بفرع مؤسسة «فريدم هاوس»، فيما بعد) نحو العاصمة الأمريكية، خلال الفترة من 10 إلى 22 أكتوبر من العام 2010م، فى سياق برنامج «جيل جديد» الذى تشرف عليه «الخارجية الأمريكية».. وعلى هامش «البرنامج التدريبي»؛ تم عقد لقاء مع وزيرة الخارجية الأمريكية «هيلارى كلينتون»؛ للوقوف على كفاءة «النشطاء» فى تمهيد الشارع العربي، لاستقبال عمليات التغيير «المرتقبة».
(3)
عبر دخول «الدوحة» بشكل أكبر، على خط «تدريب نشطاء الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا».. كان أن نظمت «قطر» مؤتمر «الإعلام الشبابى العربى»، فى بداية يناير من العام 2011م.. وهو مؤتمر حرص القيادى الإخوانى «أحمد عبدالعاطى» على أن يشارك به، بنفسه.. إلى جوار وفد من «شباب التنظيم»، إذ تم توجيه الدعوة له – من حيث الأصل - بمعرفة «خالد يوسف الملا»، وكيل وزارة الثقافة والفنون والتراث القطرية.. وكان العنوان الرئيسى للمؤتمر: «مستقبل الشباب والإعلام فى العالم العربى».
استمر المؤتمر نحو 4 أيام، تم خلالها دراسة – ما تم وصفه - بالتحديات التى تواجه الشباب فى دنيا الإعلام، فى ظل توافر «التقنيات» الحديثة.. وكيفية استخدام هذه «التقنيات» فى إحداث «تغييرات جذرية» فى المجتمع العربي.. وفقًا لتوجيهات «أكاديمية التغيير».
ثم أردفت «قطر» هذا المؤتمر، بمؤتمر آخر ــ شارك به، أيضًا، ممثلون عن «شباب تنظيم الإخوان الدولى» ــ فى 19 يناير من العام نفسه، تحت عنوان: «منتدى الجزيرة لصحافة الإنترنت».. وهو المؤتمر الذى أعلن خلاله المدير العام «السابق» لشبكة الجزيرة «وضاح خنفر»، إطلاق ما سمّاه «وحدة الاتصال والشفافية وتعزيز المدونات»، من أجل ما وصفه بتكريس الشفافية والمعرفة لدى المواطن العربى، مطالبًا الأنظمة العربية بإعادة النظر فى سياساتها الإعلامية، حتى لا يفاجأوا بوصول الرسالة، بعد فوات الأوان، كما حدث فى تونس (!).. وكان يقصد «خنفر» بتلك الرسالة، فى المقام الأول: مصر (!)