الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

ما الذى فعلته فضيلتك؟

ما الذى فعلته فضيلتك؟
ما الذى فعلته فضيلتك؟




وليد طوغان  يكتب:
على ما أعلم ذكرى وفاة الدكتور عبدالصبور شاهين الشهر الجارى، رحمه الله كان عالما كبيرا.. وعنيدا.
لو قرأت كتابه أبى آدم لما تصورت أن الذى كتب هذا الكلام.. هو نفسه الذى دخل فى عراك فكرى وصل لتقطيع الهدوم مع د.نصر حامد أبو زيد.
وقتما نشر د.عبدالصبور شاهين كتابه، هاجمه أغلب رجال الدين، ولو استمر الجدل فترة، لخرج من يطعن فى إسلام عبد الصبور شاهين، تماما مثلما طعن هو نفسه فى إسلام د.نصر أبوزيد.
فى كتابه أبى آدم قال شاهين إن سيدنا آدم ليس أبو البشر، إنما هو أبو الإنسان، وأبو آدم هو الذى كان بشرا!
قال أيضا إن البشر كائن شديد الشبه بالإنسان، لكن ليس لديه عقل الإنسان، ولا كان عليه تكليف من الله.
فالبشر إنسان ليس عاقلا أما الإنسان.. فهو بشر دخل طور الأنسنة.. ففكر وتدبر.. وأنزل الله له الكتب السماوية وبعث له الأنبياء ليهدوه صراطاً مستقيماً.
دلل د.عبدالصبور رحمه الله على نظريته بآيات من القرآن، مثلا قال إن الملائكة التى لا تعلم الغيب سألت الله هل يجعل فى الأرض من يفسد فيها ويسفك الدماء؟
المعنى أن خلق آدم سبقه خلق آخرون أفسدوا فى الأرض وسفكوا الدماء، فالملائكة لم تكن تستشرف الغيب عندما تكلمت عن الفساد فى الأرض قبل خلق آدم، لكنها تكلمت عن خبرات سابقة.
قال د.شاهين إن معنى تساؤلات الملائكة، كان ظنهم أن الخلق الذى قال الله إنه سوف يجعله فى الأرض خليفة، أى آدم، سوف يفعل مثلما فعل الذين كانوا على الأرض قبل خلقه.
قال د.عبدالصبور أن الله خلق بشرا قبل آدم، ثم اصطفى منهم جيل «آدم»، فنفخ فيهم من روحه، فبدأوا يفكرون.. ويخترعون اللغة، وينظمون قوىً اجتماعية وأعرافا.. وأنزل عليهم التكليف الأول ألا يأكلوا من «الشجرة».
كان البشر قبل آدم «إنسانا أول».. سكن الأرض عددا من السنين، وأن نفخ الله الروح فيهم، هو الذى حولهم إلى الأنسنة.. فتطور بنو آدم، بينما اختفى «جنس البشر الأول».
لم يستطع آباء آدم التأقلم مع الطبيعة على هذا الكوكب، ولم يحفظوا جنسهم، فأفسدوا فى الأرض لعدم قدراتهم المنطقية، لذلك لم ينجحوا فى امتحان انتخاب الطبيعة للعنصر الأفضل.. استمرارا للحياة.
داروين قال بالنظرية نفسها لكن رجال الدين لم يصدقوه، داروين قال إنه لا يعرف أين عاش «البشر» الأولون.. د.شاهين قال: على الأرض، وإن التحول من « البشر» إلى «الأنسنة» تم على كوكب الأرض، فلا خلق الله آدم فى السماء، ولا عاش أبو آدم فى السماء أيضا.
فى حياته أطلق د.شاهين سهاما شديدة المراس على المسلمات الدينية، تماما مثلما فعل د.أبوزيد الفارق أن طبقة سميكة من رداء «رجال الدين» هى التى ساهمت كثيرا فى حماية د.شاهين رغم اختلافهم معه، بينما عاش د.نصر أبوزيد.. عريانا.. ومات كذلك.
تتلمذت على يد د.شاهين فى معهد الدراسات الإسلامية العليا كان أستاذى لنيل درجة الماجستير رحمه الله أجابنى عن كثير مما غمّ على، لكن السؤال الوحيد الذى لم يجبنى عليه: لماذا فعلتم ما فعلتم يا فضيلتك مع د. نصر أبو زيد؟
رحم الله شيخى.. وأستاذى.. اللهم أجره.. واغفر لنا وله.