السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الأدب والثورة» يحتفى بالذكرى الخمسين لوفاة أمين الخولى

«الأدب والثورة» يحتفى بالذكرى الخمسين لوفاة أمين الخولى
«الأدب والثورة» يحتفى بالذكرى الخمسين لوفاة أمين الخولى




كتب - خالد بيومى

نظم قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة مؤخراً مؤتمراً دوليا تحت عنوان «الأدب والثورة» فى الذكرى الخمسين لوفاة أمين الخولى وافتتح المؤتمر الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة الذى أكد أن الثورة لحظة فاصلة بين زمنين، الأول زمن ما قبل الثورة يتصف بالركود والجمود والفساد والانحدار، وأن زمن ما بعد الثورة يحدث فيه تغيير جذرى لمصلحة الناس، والأدب هو صنم الثورة ومحدد من محدداتها ومساراتها لأن الأدب وقود التحديث والتغيير ولهذا كان للأدباء والكتاب إسهامات ملموسة فى تفجرها، وأشار «نصار» أن هذا يستدعى أن يكون الحاكم مثقفاً ومطلعاً ومنفتحاً على من يؤيده أو يعارضه أو حتى يواربه، وتساءل: هل الثورة موجهة ضد النظام أم الدولة؟ وأجاب: «الثورة ينبغى أن تكون ضد نظام وليس ضد الدولة خشية أن تتفكك أسس بنيانها، ولا يمكن أن نكون فى حالة ثورية بانتظام حتى نتمكن من خوض معركة البناء والتنمية».
أما مقرر المؤتمر الدكتور عرفة حلمى عباس فأكد أن الثورة خروج عن الوضع الراهن وتغييره باندفاع بحركة عدم الرضا أو التطلع إلى الأفضل، والتغيير الحقيقى المثمر لابد أن يكون جذرياً شاملاً، تنتظم به المناحى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فتكون الثورة اجتماعية تؤدى إلى تغيير شامل فى المجتمع من خلال إحلال تشكيلة اجتماعية اقتصادية بأخرى أرفع مستوى وأكثر تقدماً، وإقامة نظام جديد ومؤسسات جديدة، تستخدم أدوات جديدة فى إدارة الشأن العام تتسق وأهداف الثورة وتطلعاتها.
وأضاف: «لكل ثورة أدباؤها، ولكل حدث مؤثر فى تاريخ الإنسانية من يشتغلون على تدوينه، بشتى الوسائل المتاحة، حتى يخلد ويبقى إرثاً إنسانياً معطاء بسمو قيمه ورفعة مبادئه فلا يبلى بالتقادم ولا يخلق من كثرة الرد».
وأشار «عرفة» أنه الثورة لم تعد هى الموضوع، وإنما أضحت هامشاً مهماً فى النصوص الإبداعية عموماً والسردية خصوصاً، بل الأكثر من ذلك صارت موضوعاً للدرس الأدبى والنقدى واللغوي، فالثورة يجب أن تتحرر من القداسة لتصبح موضوعاً قابلاً للكتابة وموضوعاً للنقاش، وطرح عدداً من الأسئلة منها: ما العلاقة بين التاريخ والأدب وما طبيعة هذه العلاقة؟ هل يكتب الأدب التاريخ أم يقرأ الأدب التاريخ باعتبار أن لكل واحد منهما خصوصيات ومنهجية يسير عليها إلا أنهما يتقاطعان ويتلاقيان فى عدة محاور. كيف يتفاعل الأديب مع الحركات الثورية، وما درجة هذا التفاعل، وما أثره فى إبداعه وتشكيلاته الجمالية؟ ما علاقة الأدب بالثورة؟، وما أبعاد تلك العلاقة على المستوى الفني، وعلى مستوى نشر الروح الوطنية وتنمية الوعى القومي، فضلاً عن تحقيق التماسك الاجتماعى والوحدة الوطنية؟.
وأكمل «حلمى»: أسهمت الثورة فى تطوير الأدب بما أضفته عليه من مسحة واقعية، فكان أن فتحت أمامه آفاقاً واسعة على مستوى المضامين وحتى الأشكال، فارتبط الأدب بالواقع وتجاوزت المعالجة الموضوعات التقليدية الذاتية إلى الإنسان والروح الجماعية؛ مما عمق رؤى الأدباء، وفجر طاقتهم الإبداعية، وألهمتهم الثورة روحاً جديدة، بل أكسبتهم مشروعية انتقاد مختلف الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية، وذلك فى حدود قناعات وتصورات وتطلعات كل أديب.
وأكد الدكتور أشرف دعدور رئيس قسم اللغة العربية ورئيس المؤتمر أن هذا الملتقى ثمرة من ثمار الثورة التى جمعت العقول والقلوب كما جمعت الشعوب، ولعل القاسم المشترك أن القوى الفاعلة سواء فى تحريك الشعوب لتغيير واقعها المتردى وتحريك العقول لمواجهة الجهل والقهر والجمود هم الشباب الذين غلبوا على مؤتمرنا هذا، فهم شباب يحدوهم الأمل، وتعلو بهم الهمم، وقد امتلكوا القوة الفاعلة بحزمهم وعزمهم وإصرارهم وإيجابية مسلكهم، كما امتلكوا القوة الناعمة بفكرهم وثقافتهم، وعمق رؤيتهم التى تتجلى فيما يقدمونه من بحوث يفخر بها مؤتمرنا هذا.
وأشار «دعدور» إلى أن الأدب قد أدى، خلال التاريخ، دورا كبيراً فى ثورات الشعوب وحركاتها الاستقلالية، فالأدباء أصحاب رؤية وفكر يمتزج نسيجهما بحس مرهف وشعور عميق ونظرة مستقبلية تتطلع إلى تحرير الحياة والأحياء من أسر الظلم والظلام إلى رحابة العدل وإشراقة النور. والأدباء هم القادرون على أن يحسوا بعقولهم ويفكروا بقلوبهم، فيمر فكرهم، وبهذا امتلكوا القدرة على التأثير فيمن حولهم، وصاروا قادرين على تحريك إرادة الشعوب للتخلص من مظاهر البؤس وكآبة اليأس.
وقدمت الدكتورة مروة مجدى أستاذة الأدب العربى بكلية البنات جامعة عين شمس أطروحتها تحت عنوان: «رواية واحة الغروب  لبهاء طاهر بين فشل ثورة عرابى والعوار النفسي» والتى لفتت إلى أن الرواية لا تحفل بسرد ملابسات الثورة وأسبابها وعواقبها على المستوى السياسى أو الاجتماعي، ولكنها تغوص فى النفس الإنسانية المنكسرة، عقب انكسار الوطن وضياع رموزه الثورية، بداية من عرابى ومروراً بكل من سانده من الضباط الوطنيين والشباب الحر حتى نصل إلى كل من أيده وتعاطف معه دون مشاركة فعلية فخيبة الأمل التى خلفتها الثورة على كيان كل من المثقفين والوطنيين من أبناء هذا الجيل هى المحور الرئيسى لرواية «واحة الغروب».
أكملت «مجدى»: اعتمد الكاتب فى ذلك على مجموعة من الظواهر الفنية ساهمت فى تصوير هذا العوار والفراغ النفسى، وقد جاءت هذه الصورة ممثلة فى كيان «الضابط محمود» بطل الرواية، فهو رمز مزدوج على المستوى الإنسانى والفكرى أيضاً، حيث يمس كل من مسه إحباط ما بعد الثورة، وكذلك الحرية والآمال المغتالة مثلما اغتيل «محمود» حيّاً قبل أن يسلمه اليأس إلى الانتحار، وثمة ظواهر فنية أظهرت هذا العوار النفسى أو رحلة الاغتيال ،وقد شكلت محاور هذا البحث وهي: الوصف النفسي، والأحلام، والأسطورة، وحديث النفس.
وقدمت الدكتور بسمة أحمد صدقى الدجانى أستاذ الأدب العربى بالجامعة الأردنية أطروحتها تحت عنوان «استشراف الثورة فى قصص زكريا تامر من خلال مجموعتيه:
«دمشق الحرائق» و«النمور فى اليوم العاشر» والتى تحدثت قائلة: «لأننا نعيش اليوم مأساة واقعية تحدث لنا ولمن حولنا لأهلنا وأمتنا العربية، نرى دمشق الحرائق، تشتعل لعامها الرابع وتستغيث، ولا منقذ، وإن كان زكريا تامر كتب قصصه من وحى بيئته المحلية، إلا انه جسد فيها حال أمته، وعواصمها من شرقها لغربها، ومن  شمالها إلى جنوبها، فيبقى الأدب ملاذاً للكتاب للتسلح بالقلم مصرحين بالحقائق التى يكابدها العامة، ومطالبين بالتغيير لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وملاذاً للقراء للتعبير عما فى دواخلهم وعقولهم بألسنة أصحاب للتخفيف من هموم النفس».