الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

كلمات صريحة إلى السادة الأغنياء!

كلمات صريحة إلى السادة الأغنياء!
كلمات صريحة إلى السادة الأغنياء!




رشاد كامل يكتب:

ما أسهل أن تحب مصر بالكلمات والشعارات!!
لا أحد يكره «مصر» إلا خائن أو عدو أو عميل ولا يعنينى أمر هؤلاء على وجه الإطلاق، فهم يكرهون مصر والسلام!
لكن المشكلة فى هؤلاء الذين أدمنوا حب مصر بالكلام وعشقوها بالكلام  الكبير، يتساوى فى ذلك الأغنياء جدا جدا، والفقراء جدا جدا، وإذا كنا نعذر الفقير فما هو عذر «الغنى جدا» والثرى جدا سواء كان مازال يحبو فى درجة «المليونير» أو وصل إلى مرحلة «الملياردير» وما أكثر وهؤلاء فى مصر سواء بالأمس أو اليوم.
لا يتورع أصحاب الملايين أو المليارات من إعطائنا دروسا مجانية عن حب مصر وحب  الوطن، ومصر أمى ووطنى حبيبى الوطن الأكبر يوم ورا يوم أمجاده بتكبر.
وساعة الجد عندما يتحول هذا الحب والعشق من كلام إلى فعل، ومن شعارات إلى واقع فأغلبهم «فص ملح وداب»!
وليست هذه مشكلة أغنياء هذه الأيام فقط، بل الظن كل الظن إنها مشكلة قديمة جدا جدا، تعود إلى عشرات السنين أو أكثر دون مبالغة، وهو ما دعا «روزاليوسف» أن تكتب مقالا ناريا وغاضبا منذ 76 سنة بالتمام والكمال كان عنوانه «كلمات صريحة إلى السادة الأغنياء»، وهو يصلح أيضا الأغنياء هذه الأيام!!
بدأت «روزاليوسف» مقالها بالقول: «مصر ولله الحمد غنية بأغنيائها، فهل فكر أحدهم فى المساهمة مع الحكومة بما لهم من أجل مصر؟! ميزانية الدولة عندنا مثقلة بأعباء جسام يعرفها الجميع، ولا تكاد تسد نفقات الدفاع التى تتطلبها الظروف الحاضرة- تقصد الحرب العالمية الثانية - فهل فكر أحد من أغنيائها فى التبرع ولو بربع ماله من أجل سلامة البلاد؟!
وتمضى «روزاليوسف» فتذكر بالاسم أغنياء ذلك الوقت قائلة: هذا هو البدراوى عاشور المليونير الكبير والذى يملك ثمانية وعشرين ألف فدان من أجود الأطيان تدر عليه كل شهر ما لا يقل عن ثلاثين ألف من الجنيهات!! وهذا هو الشيخ «مصطفى باشا عمرو» مليونير الصعيد والذى لا يقل إيراده الشهرى عن إيراد زميله «البدراوى» باشا، وهذا هو «عبدالفتاح باشا يحيى» الذى ينفق بحساب ولا يملك منزلا واحدا فى القاهرة من باب الاقتصاد ويضع أمواله فى البنوك والشركات!
وهذا هو «صدقى باشا» و«دوس باشا»، كل هؤلاء ماذا أفادت البلاد من ثرواتهم الضخمة التى تتضاعف عاما بعد عام! هل فكروا فى فقرئنا ومساكيننا الذين اضطرت الحكومة إلى ترحيلهم إلى القرى والأرياف ليكونوا بعيدين عن خطر الغارات؟! هل فكر أحد من هؤلاء فى إيواء ولو ألف لاجئ فقير لن يكلفوه إلا جنيهات معدودات!
كل ما سمعناه أن أغنياءنا غفر الله لهم فتحوا أبواب عزبهم وقصورهم لإضافة أصدقائهم الأغنياء، أما الفقراء الذين يبتون على الطوى والذين اضطرتهم الحالة إلى ترك أعمالهم وهم أحوج ما يكونون إليها من أجل نسائهم وأطفالهم - هؤلاء ذهبوا إلى الريف تحت رحمة العذر والظروف فهل فكر أغنياؤنا فى مد يد المساعدة إليهم حتى لا تتحمل ميزانية الدولة نفقات معيشتهم!
ويمضى مقال «روزاليوسف» فيروى للقراء ماذا يفعل أغنياء وزعماء مصر وكيف يتبادلون العزائم بين بعضهم البعض فتقول عن أحدهم: هل فكر فى التبرع بمبلغ من المال كان سينفقه على نفسه لو أنه لم يكن ضيفا على أحد؟! هل فكر فى أن ينزل عن بعض ماله من أجل هؤلاء الذين يدعى أنه زعيمهم وأنه يجاهد من أجلهم!! أين إذن التضحية ولماذا يطلب التضحية من شعبه ولا يكون هو أول من يضحى من أجلهم؟! ثم ما هذه النوبة من الكرم الحاتمى التى تغمر أغنياءنا فلا يستفيد منها إلا الأغنياء؟!
أليس لهؤلاء الفقراء المساكين نصيب فى أموالهم ونصيب من كرمهم؟!
أين أريحية أغنيائنا الذين يكتنزون الأمول ويسدون عليها الأبواب ويحكمون إغلاقها فى وجه المعوزين والمحتاجين ثم يفتحونها للأغنياء منهم والأثرياء!
وتنهى «روزاليوسف» مقالها المنشور سنة 1940 بهذه الكلمات:
وبعد أليس من حق  الحكومة أن تستصدر قانونا كهذا الذى صدر فى بريطانيا لتستولى على جزء من أموال الأغنياء لتنفقها على الفقراء؟!
انتهى المقال والاقتراح وأرجوك أن تعيد قراءته من تانى!