الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

نائب هـّز عرش الحكومة

نائب هـّز عرش الحكومة
نائب هـّز عرش الحكومة




كتب - محمد عبد الشافي

كان نائب البرلمان طيلة التاريخ على كل شكل ولون، رأينا نوابا أقوياء يمثلون أمة يخافون الله ويقدرون المسئولية فأخافوا الوزراء ورؤساء الوزراء وآخرون تركوا مسئولياتهم وانصرفوا إلى تحقيق مصالحهم من جنى الأموال وتأسيس الشركات والاستيلاء على أراضى الدولة ومنهم من أدمن المخدرات أو سهر الليالى مع الراقصات فى فنادق العاصمة.. فى حكايتنا نتعرف على نواب شرفاء طالما هزوا عروش الحكومات فى مبارزات أوقعت وزراء وحاكمت متجبرين وطغاة واضعين نصب أعينهم مخافة الله والمسئولية التى أوكلها لهم الشعب.
لا ينسى التاريخ تلك الجلسة العاصفة التى استجوب فيها النائب السيد فودة زعيم الأمة سعد زغلول رئيس الوزراء آنذاك بشأن جلاء القوات الإنجليزية عن مصر وخطة مصر فى المفاوضات فرد سعد زغلول  متحفزًا «أشك أن هذا استجواب بل هو اتهام» وعندما طالبه فودة بأن لا يدخل المفاوضات على أساس تصريح 28 فبراير.. رد زغلول قائلاً: «قل ما تشاء وأنا أريحك» فكان فى ردود الزعيم نبرة استهزاء مما أثار النواب ضده.. كما شهد نفس العام استجواب اللواء موسى فؤاد وزير المالية محمد توفيق نسيم حول حجم إنفاق الحكومة المصرية فى السودان حين صُرف من عام 1899 إلى 1912  أكثر من 5 ملايين جنيه لسد عجز ميزانية الحكومة السودانية واعتبر أن هذا دين لم تسدده.. أما العام 1926 فقد شهد مبارزة بين النائب سوريال جرجس ووزير الداخلية عدلى يكن حول تعيين الأنبا يؤانس نائبًا للبطريرك وما سببه من غضب داخل المجتمع القبطى.
العام 1937 فى عهد الملك فاروق فى جلسة تاريخية ثار النواب على مصطفى النحاس رئيس الوزراء حول حفل تتويج الملك ولماذا رفضت الحكومة إقامة حفل دينى فجاء جواب النحاس بأن الحفل وطنى وليس ديناً، أما اختيار مسجد الرفاعى لإقامة الحفل فذلك لوجود رفاة والده الملك فؤاد هناك.. وفى 21 يوليو 1937 قدم النائب إسماعيل صدقى سلامة استجوابًا حول تدابير الحكومة لدعم قوة الدفاع المصرية وضمان سلامة الحدود.. وفى 8 يوليو 1946 طالب النائب محمد حنفى الشريف رئيس الوزراء بتوضيح أسباب طرد العمالة المصرية من الشركات البريطانية والأمريكية.. أما فى 19 نوفمبر من نفس العام قدم استجوابان لرئيس الوزراء أولهما من النائب على أيوب بشأن المفاوضات بين الحكومتين البريطانية والمصرية حول الأمن القومى وفشلها وثانيهما من مصطفى أمين بك حول جلاء الإنجليز عن مصر.
أعلن مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952 بقيادة جمال عبدالناصر  سقوط دستور 23 وقيام النظام الجمهورى وشكل أول مجلس للأمة فى يوليو 1957 فشهد  هذا المجلس استجوابات ساخنة كان أولها استجواب النائب محمد أبوالفضل الجيزاوى وزير الصحة نور الدين طراف حول انتشار مرض السل الذى أودى بحياة 30 ألف شخص عام 1956، وفى دورة المجلس للعام 1964 قدمت النائبة نوال عامر استجوابًا حول اختفاء الأقمشة الشعبية «الكستور» ورفع سعر القطن ونقص المواد التموينية.. وفى العام 1965 خرج استجوابان من النائب الشيشينى الأول كان لوزير الصحة حول فساد أحد مصانع الألبان والثانى إلى وزير التموين حول سوء إجراءات تصنيع علف الماشية.
عهد الرئيس السادات شهد أخطر مناوشات بين النواب والحكومة خلال ثلاث دورات برلمانية ففى جلسة 30 مارس 1978 قدم النائب عادل عيد استجوابًا حول الفساد فى المجلس الأعلى للشئون الإسلامية وخرج آخر من نائب حزب الأحرار محمد عبدالشافى وزير الإسكان ومحافظ القاهرة حول توزيع 146 شقة سكنية على سياسيين ونواب وفنانين وأبناء مسئولين مقابل إيجار 650 قرشًا بينما كانت تكلفة الشقة وقتها 15 ألف جنيه، كما قدم عبدالشافى استجوابًا آخر لرئيس الوزراء ممدوح سالم حول كارثة القطن حيث التهمت دودة القطن مليون قنطار من القطن تساوى 148 مليون دولار.. أما الاستجواب الرابع فكان من النائب مصطفى كامل مراد لوزير التموين حول سوء توزيع السلع التموينية ومخالفة بعض أحكام الدستور.. وخرج آخر من النائب محمود القاضى ضد مدوح سالم خاص بالزيادة غير المبررة فى إنفاق قناة السويس من 100 مليون إلى 1000 مليون جنيه ونفق الشهيد أحمد حمدى من 31 مليونًا إلى 105 ملايين جنيه أيضًا استجواب النائب مصطفى كامل مراد حول استقصاء قامت به أمانة مجلس الشعب عن الأسعار التموينية فى المجمعات الاستهلاكية فوجدوا أنها تباع بالأسعار الرسمية أما فى محلات القطاع الخاص لا تباع بتلك الأسعار كما أن رغيف الخبز ينقص عن وزنه القانونى 13 جرامًا وهذا الفاقد يعادل 2 مليون و200 ألف طن قمح بمعدل إهدار 12 مليون جنيه من أموال الشعب.. نهاية لا ننسى النائب كمال أحمد أو كما أطلقوا عليه وقتذاك «نائب البيض» حين وقف فى مجلس الشعب فى حضور الرئيس السادات متحدثًا عن غلاء الأسعار ورافعًا بيضه فقال له السادات «عيب يا كمال أنت فى حضرة رئيس الجمهورية» وفى موقف آخر قام متحدثًا عن نفس المشكلة رافعًا رغيف خبز.