الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الإعلام الدبلوماسى

الإعلام الدبلوماسى
الإعلام الدبلوماسى




د. ملاك جمعة  تكتب:

على مدار السنوات القليلة الأخيرة نجح الإعلام فى فرض نفسه لاعبا رئيسيا على جميع الساحات - السياسية والشعبية - لما يمتلكه من أدوات أهلته لاحتلال العقل الفردى والمجتمعى فى آن واحد.
وخلال سنوات الربيع العربى الأخيرة أثبت الإعلام أنه المتحكم الأول والأخير فى رسم وإعادة تشكيل خريطة الوعى والمعرفة الجماهيرية، ومن ثم من بيده العصا السحرية لتحريك الرأى العام وفق ما يريده.
وبعيدا عن توظيف الإعلام فى المجالات ذات القيمة المتواضعة، وإشغال الرأى العام بسفاسف الأمور، يبقى السؤال المهم هو: لماذا لا نوظف الإعلام لخدمة سياسات الدولة الخارجية وبما يحسن صورتها فى الخارج، فيما أطلق عليه الخبراء والمتخصصون فى مجال الميديا بـ«الإعلام الدبلوماسى»؟
ويتمتع الإعلام بأهمية خاصة كوسيلة من وسائل تنفيذ السياسة الخارجية للدول الكبرى، تتناسب وحجم مصالح هذه الدول على الصعيد الدولى، وتعاظم دورها وتأثيرها فى السياسة على الساحة الدولية، فهى تعمل من خلال وسائل الإعلام المتطورة التى تملكها، وتوجهها إلى تحقيق أهداف سياستها الخارجية وحماية مصالحها فى الخارج، مما يفسر أن العلاقة بين الاتصال الخارجى والسياسة الخارجية علاقة ارتباط وثيقة ومتكاملة بحيث إن كلا منهما يتدخل فى الآخر ليشكل بعض أبعاده إن لم يكن أغلبها، ويلاحظ أن هذه العلاقة تبدو منعدمة وجزئية فى العالم العربى، حيث إن السياسة الخارجية فى المفهوم العربى قائمة على أساس التحركات السرية المعقدة التى تبدأ وتنتهى فى الخفاء بين الكواليس بعيدا عن أعين الجماهير، يغلفها التكتم وهذا يجعل العلاقة بين وسائل الإعلام والسياسة الخارجية علاقة مستقلة.
وبالرغم من تقليل البعض لقيمة الإعلام فى تفعيل دبلوماسية الدولة وتحسين صورتها الخارجية بالشكل الملائم، إلا أن الواقع ينافى هذا الزعم تماما، فهناك دولا قد لا تساوى فى حساب الزمن لحظات، لا من حيث التاريخ أو المساحة، ومع ذلك استطاعت وسيلة إعلامية واحدة لديها فى أن تعرف العالم أجمع بهذه الدولة وأن تضعها على خارطة الاهتمام العالمى.
فلماذا لا يعيد القائمون على أمور اعلامنا الوطنى النظر فى السياسات المتبعة حاليا سواء فى الإعلام الحكومى أو الخاص؟ فبدلا من حوار الطرشان الذى تنتهجه معظم وسائل الإعلام دون أدنى تأثير لذلك على الآخر الخارجى تعالوا نبنى إعلاما قادرا على المنافسة الدولية وتحسين صورتنا وشرح وجهة نظرنا فى العديد من القضايا الجدلية والتى تمثل سهام نقد موجهة لدينا من قبل الغرب فى ظل افتقادنا لآليات التواصل معهم، خذ عندك مثلا قضية مقتل الشاب ريجينى الايطالى وكيف عجزنا عن صد الحملات الاعلامية الغربية فى الوقت الذى كنا مشغولين هنا بقضية عكاشة والزند وغيرها من القضايا التى لا تتجاوز محيطنا المحلى ولعل هذا ما دعا الرئيس إلى اجراء حديث مع صحيفة ايطاليا مرموقة لتوصيل رسائل واضحة كان لها أثر كبير فى تخفيف الضغوط الغربية على مصر.
انظر أيضا إلى الخطبة الرائعة التى ألقاها فضيلة الإمام الأكبر عن سماحة الإسلام أمام البرلمان الألمانى وكيف تعاطت معها ألمانيا وأذاعتها مباشرة فى قنواتها الرسمية، ولو كان لدينا هذا الإعلام الدبلوماسى لاستطعنا حتى البناء على حديث الرئيس وخطبة الإمام الأكبر بدلا من أن تتوارى هذه الأشياء المهمة لصالح قضايا لا تضيف لنا شيئا، هناك كثير من القضايا يستطيع الإعلام التأثير فيها منها على سبيل المثال قضية سد النهضة، الإعلام من الممكن أن يكون قوة ناعمة حقيقية تستطيع المساهمة فى حل هذه القضية المهمة بدلا من مجرد جعجعة إعلامية لا تتجاوز آذان شعبنا فقط ولا يتأثر بها سوانا.