السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الزواج المدنى هو الحل ‎

الزواج المدنى هو الحل ‎
الزواج المدنى هو الحل ‎




هشام فتحى يكتب:

الزواج عقد اجتماعى بين ذكر وأنثى - لا أتحدث هنا عن زواج المثليين - يهدف للحياة المشتركة بين المتعاقدين. لكنى لا أفهم فى الحقيقة: ما علاقة رجل الدين أو المأذون الشرعى بالإشراف على هكذا تعاقد، ومن ثم إقحام نصوصه الدينية يتلوها على مسامع المتعاقدين يرددونها وراءه كشرط رئيس لإتمام الزواج ومن ثم شرعنته وإلا كان الزواج باطلا!
فى معظم حالات الزواج (الشرعى) لن تجد لا العريس ولا العروس يفهمان ما يتلوه رجل الدين أو المأذون من عبارات حق الفهم والمعرفة، ومن ثم يوقعان فى مشهد عبثى على دفتر أحواله، فبالنسبة للزواج على (الطريقة الإسلامية) تجد الصياغة كالآتى : « قولوا ورائى زوجتك نفسى على كتاب الله وسنة رسوله وعلى مذهب الإمام الفلانى (يسميه) وعلى الصداق المسمى بيننا « ويروح الرجل يسهب فى تعداد مناقب الزواج (الشرعى) على مسامعهما ومسامع الحاضرين أولئك الذين يطلب منهم أيضا ترديد الشهادتين والبراءة من أى دين يخالف دين الإسلام - ولو كان من بين الحاضرين غير مسلمين - وأنه من لم يستطع الباءة فليتزوج . وعلى (الطريقة المسيحية) لا يمكن للزوجين المسيحيين أن يجتمعا إلا أن يجمعهما القس داخل الكنيسة ويتلو على مسامعهما ومسامع الحاضرين نصوصه الدينية ويؤدى للعروسين  طقوس (سر الزواج) .
باليقين كل التبجيل والاحترام لكافة النصوص الدينية الإسلامية والمسيحية، لكن فى الحقيقة لا الزوجان يفهمان معظم ما يتلوه رجل الدين أو يعرفانه ولا الحاضرون كذلك، طلاسم تتلى ولوغاريتمات، فالزوج المسلم لا يدرك قواعد الزواج وشروطه بكتاب الله أو بسنة رسوله - فى الأغلب الأعم - كما أنه لا يدرك فحوى مذهب الإمام فلان الفلانى بخصوص هذا الزواج رغم أنه يردد وراء المأذون كذبا أنه يتزوج وفق هذه المعايير ويوقع عليها بدفتر الزواج، وكذلك يفعل المسيحى يحنى رأسه وعروسه تحت يد الكاهن ليتمتم فوق رأسيهما بكلمات ربما لايفهمان معظمها، وإن كانت شروط الزواج وعلاقة الرجل بالمرأة تلك التى يتلوها الكاهن المسيحى أوضح وأصرح وافهم، ولذلك تقل حالات الإنفصال بين المسيحيين كثيرا عن مثيلاتها بين المسلمين، فلقد نشرت بوابة الوطن على الإنترنت يوم 30 / 5 / 2015 تقريرا عرض على الرئيس السيسى وصفته بالسرية عن تزايد معدلات الطلاق بين المسلمين، إذ انه توجد حالة طلاق كل 6 دقائق على أرض مصر، وأن مصر هى الأولى على مستوى العالم فى حالات الطلاق وفقا لإحصائيات أجراها مركز معلومات دعم واتخاذ القرار إذ ارتفعت نسبة الطلاق من 7 % لتصل إلى 40 % فى الخمسين سنة الأخيرة، ووفقا لمركز التعبئة والإحصاء توجد 240 حالة طلاق يوميا ووصلت أعداد المطلقات إلى 5و2 مليون مطلقة مصرية لعام 2013، كما أن معدل الطلاق فى مصر يتزايد بنحو 5 آلاف حالة سنويا.
ترى ما السبب فى تزايد هذه النسب المخيفة لحالات الطلاق ؟ السبب برأيى يكمن فى أن الطرفين لم يحددا شروط الزواج ومعاييره بتراض بينهما وفهم منذ اللحظة الأولى أى منذ توقيع العقد، فعلى الرغم من أن الزواج بالأساس هو عقد اجتماعى، إلا أنه انقلب فى الحقيقة عقدا دينيا اقحم رجل الدين نفسه عليه ومن ثم انتفت عنه صفة العقد من الأساس، ومن ثم وقع الطرفان على (بياض) بالجهل والكذب والغش ما أوقعهما فى مشاكل لا حصر لها، وما أن يكتشفا بعضهما البعض يدركان كم كانا جاهلين ومخطئين فى البدء بهكذا زواج، إنه إن لم يبن عقد الزواج على معرفة وفهم وإدراك لبنود محددة ومعلومة تشرف عليها الدولة لا رجل الدين فسنستمر فى نصب شراك تلك المصيدة المتمثلة فى إقحام رجل الدين نفسه فيما ليس له بشئونى الشخصية واختياراتى الزوجية.
إن الزواج المدنى برأيى هو الحل، بنوده محددة يعلمها الطرفان ويدركانها جيدا ومن ثم يوقعان على نصوصه  فى معرفة وعلم، إنه الإختيار، لأنه بالزواج المدنى لايشترط أن يكون الزوجان على دين واحد أو على مذهب واحد، ما يطفئ جذوة التعصب الدينى والمذهبى فى مجتمعاتنا، الزواج المدنى يسمح بزواج المسلم من مسيحية، وزواج المسيحى من مسلمة، لايهم الدين أو المذهب كشرط للزواج كما بالزواج الشرعى، وعليه ينتفى دور رجل الدين فى رسم حياتى الجنسية والاجتماعية ومن ثم الثقافية أيضا.
الزواج المدنى سيوفر فهما مباشرا بدون وسائط كاذبة أو مدلسة بين الطرفين، فكلاهما يتفق منذ البداية على معايير معلومة ومحددة ومحببة لهما بسبب تقارب الفهم والثقافة ووحدة النظرة للحياة، إن تشريعا للزواج المدنى - لا اطلب إلغاء الزواج الشرعى - سيخفف كثيرا من غلواء الفتن الطائفية، وسيجعل الناس أكثر هدوءا وتفهما لبعضهم البعض، وسينشئ أجيالا أكثر وعيا وأعظم ثقافة عن ذى قبل، وسيدرك الملايين أن أفكارهم السابقة ومسلماتهم عن دين الآخر ليست بالضرورة كلها صحيحة، فلكم كان رجل الدين الفلانى يدلس عليهم ويكذب، علمهم البغضاء عوضا عن الحب والتقارب.
ولربما يعترض معترض فيقول إنه ليس من اللازم أن ينجح الزواج المدنى ولربما يطلب الطرفان الانفصال بعد قليل، فقد يختلف الطرفان بعد أن يوقعا على نصوصه (المفهومة) ويغلقان عليهما الباب ليكتشفا أيضا انهما كانا شخصين مزورين غير حقيقين . هذا صحيح، ولذلك فإن من مميزات الزواج المدنى أن يحدد الطرفان شروط انفصالهما بعقدهما المدنى بكل سهولة مما سيوفر على المحاكم تكاليف سنوات.
 إن الزواج فى الأصل عقد مدنى أقحم رجل الدين نفوذه عليه ذلك الذى استمده من الدولة من خلال صفقة تبادلية للسيطرة على الناس وإخضاعهم ومحاصرة افكارهم ورغباتهم والتحكم فى مسار ثقافاتهم وإبداعاتهم . تحرروا من سيطرة رجال الدين على حياتكم بتشريع الزواج المدنى، وقرروا لانفسكم مصائركم ومصائر أولادكم، جددوا لون الحياة بضخ جديد وهواء نقى، ولست أرى سبيلا غير الزواج المدنى ليكون قاطرة للدولة الجديدة والمجتمع الجديد.