الهدف: شباب
عبد الله كمال
أعرف أن الإنترنت بمدوناتها ومواقعها ومنتدياتها تعج الآن بالكثير من الصخب.. وقد يكون هذا الصخب في كثير من الأحيان مشاتم.. وقد يؤدي هذا إلي ابتعاد البعض عنه.. خشية أن تطالهم بعض الشظايا.. وربما القذائف.. لكن هذا لا يمنع من التفاعل بهذه الوسيلة الجديدة.. فكما فيها من هذا.. فيها من غيره.. والساحة لا يجب أن تبقي خالية.
ولا أظن أن أمانة السياسات وهي تأخذ هذا النهج في التعامل مع (الميديا الجديدة) تغفل ذلك الأمر.. بل تعيه تمامًا.. وتدرك أبعاده.. وهي مستعدة للتعامل معه.. ويبدو الأمر في تفاعلات الإنترنت مثل قدر تغلي.. سوف تفور لبعض الوقت حين يتم رفع غطائها.. وتتصاعد منها الأبخرة.. ولكن الأمر سوف يعود إلي تفاعله الطبيعي.. فقد كان أحد أسباب ما يموج فيه.. أن أحدًا لا ينظر إلي مجرياته.
الآن ـ وهذا هو المهم ـ أجد في التحرك نحو الشباب المستخدم للإنترنت وكل أنواع الميديا الجديدة.. بدءًا من الحدث الذي ستنظمه أمانة السياسات مع الشباب المبعوثين العائدين من الخارج يوم الأربعاء.. والتفاعل بالحدث ومعه عبر الإنترنت.. أجد فيه تطورًا من الناحية السياسية.. وليس فقط من ناحية الوسيلة.. وفي ذلك أسجل الملاحظات التالية:
1 - هنا تأكيد علي معني المشاركة التي يرفع الحزب الحاكم شعارها منذ زمن بعيد.. الانفتاح علي الإنترنت يعني أن المشاركة لن يكون لها سقف.. وهي ليست مجرد دعوة للتصويت الانتخابي.. وإنما سعي إلي تفعيل رؤي الشباب بكل الأساليب.
2 - هناك اهتمام متزايد بالتحاور مع الشباب والاستماع لهم.. تحديدًا أكثر من غيرهم.. خصوصًا الأجيال التي أنجبتها الثمانينيات وبداية التسعينيات.. ويلاحظ في هذا السياق اهتمام استطلاع الرأي الذي أجراه مؤخرًا الحزب بالتعرف علي ما يدور بين الشباب من أفكار واتجاهات وأحلام.
3 - التوجه إلي الإنترنت يعني استهداف فئة متعلمة من أجيال مصر.. هذه خاصية مستخدمي الإنترنت.. ما يعني انتفاء أسطورة أن الحزب الحاكم إنما يتوجه إلي فئات اجتماعية أقل تعليميًا في المجتمع.. أو إنه حزب العمال والفلاحين فقط.. بل إنه يسعي حثيثا ومنذ سنوات إلي فئات مختلفة وخصوصًا الجامعية.. وهو ما يلحظ من خلال زيادة أعداد الشباب والجامعيين في العضوية.. وكذلك في الفوز الكبير الذي حققه تحرك الحزب في انتخابات نقابة المحامين الأخيرة.. وهم بالطبع ليسوا سوي فئة متعلمة.
4 - هذا التوجه إلي تلك الفئة يعني القبول بما تموج به من تناثرات وأفكار وطموحات وأيضًا إحباطات.. وهي الجهة الأكثر متابعة ومطالعة لمتغيرات العصر.. والأكثر تعاملاً مع الفضائيات ومتابعة لها.. ولديها قائمة طلبات عريضة جدًا.. وذلك تحدٍ صار مقبولاً.. ويخضع للتفاعل.
من هنا وصفت هذا التحرك في اتجاه الميديا الجديدة من أمانة السياسات بأنه (السياسة الجديدة).. ولا يمكن أن يلجأ إلي هذا سوي من يكون متأكدًا أن لديه القدرة علي خوض غمار هذا التوجه.. واثقًا مما يطرح.. ومتأكدًا من أنه يلبي الاحتياجات المختلفة..
وإذا كان الشروع نحو التفاعل مع (الميديا الجديدة) هو آلية عصرية.. فإن المضمون الذي سيقدم إلي هذا الجيل جاهز.. والسياسات قائمة.. وتتطور.. ولكنها لم تصل إلي هذا الجيل بطريقة مثمرة.. وهو يحتاج إلي التعرف عليها بطريقة أكثر فعالية.. في ضوء أن هناك عمليات تشويش وتشويه واسعة النطاق قد جرت للسياسات علي أوسع نطاق.. وقد جري استخدام الميديا الجديدة في ذلك الجرم السياسي بالتأكيد.
وقد قلت بالأمس أن الدخول إلي تلك الساحة جاء متأخرا بعض الشيء.. لا ضير في الاعتراف بذلك.. ولا ضير أيضًا في الإقرار بأن للتأخير نتائج سلبية.. لكن هناك وجها آخر للميديا الجديدة.. وهو أنها تتيح التعويض نتيجة لطبيعتها المتطورة بصورة تفوق أي مضاعف يمكن أن تحققه أي وسيلة أخري.. التكثيف والمنهجية يمكن أن يحدثا إنجازًا في تحقيق التفاعل عبر الميديا الجديدة في وقت وجيز.
10 اغسطس 2009