الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

صحفيو مصر خارج دائرة الاهتمام

صحفيو مصر خارج دائرة الاهتمام
صحفيو مصر خارج دائرة الاهتمام




أحمد متولى  يكتب:

نعم بكل صدق وإنصاف نحن كصحفيين فى مصر نشعر بأننا خارج دوائر اهتمام الدولة، دائماً ينظر لنا كأولوية متأخرة، ليست لنا حقوق.. أبدا فى المواجهات بأقل الإمكانات ومطلوب منا أن نبدع، أن نظهر أفضل ما عندنا.
إن الصحفيين المصريين فى تعايش مستمر مع الأوضاع والظروف الصعبة.. إلى آخر الحياة مطالبون نحن أن نتحمل، لا يسأل أحد عن أوضاعنا، أحوالنا، هل تكفينا رواتبنا، هل تُلبسنا ما يليق بنا أمام مصادرنا وقراءنا وأن نفتخر أمام غير المصريين بأننا صحفيون مصريون، هل لدينا وسائل الاتصالات التى تمكننا من أداء ومتابعة أعمالنا وكل جديد، هل نملك مكتبة خاصة فى منازلنا، هل نستطيع أن نطور معرفتنا باكتساب لغة ثانية وثالثة؟ من سيتحمل تكلفة هذه الدورات التدريبية؟ ولمن ستتاح؟
سندهش إذا ما رغبنا فى معرفة عدد الصحفيين الذين يمتلكون القدرة على الاطلاع ، سنفاجأ إذا ما أعلنا رواتبنا، سنخجل إذا ما كشفنا عن كثير من تفاصيل حياتنا.
مجبرة جموع الصحفيين على العمل مرتين وربما ثلاث مرات فى اليوم تلبية لاحتياجاتهم وذويهم.. مجبر أحيانا أن يسلم بعض الصحفيين أقلامهم وأفكارهم - تحت ضغط حاجة المال- إلى من يسبحون خارج إطار هويتهم، إلى من لا يرون سوى السلبيات فى دولتهم.. لماذا؟، لأنهم خارج دائرة الاهتمام فى بلدهم.
يجف الحبر من أقلام بعض الصحفيين إرضاء للمعلنين وإن كانوا فى طريقهم لهدم الدولة، لماذا؟، لأنهم خارج دائرة الاهتمام.
نحزن ونكتم أحزاننا، عندما ينشر أحدنا خبرا يهلل له كثير منا بأن الصحفيين فى انتظار هدية وزير المالية بزيادة بدل التدريب والتكنولوجيا فى عيدهم الماسى – 75 عاما على إنشاء أول نقابة للصحفيين فى 31 مارس 1941 - لكن ما يفرحنا أيضاً ردود وتعليقات بعض شباب الصحفيين ممن رأوا فى ذلك نبرة «شحاتة».
نعم بكل أسف، أخطأت زميلى فى صياغة هذا الخبر لكنك كشفت بصدق عن حقيقة وضع الصحفيين فى مصر.. دائماً فى انتظار الهدية، ويا ليتها هدية تليق بمن يهادى ومن يهادى، إن الصحفيين ليسوا أقل من أن يهاديهم الرئيس – رأس الدولة - بأن يحفظ لهم كرامتهم بقوانين وتدخل مباشر، ولا نقلل هنا ممن هم أقل فى المسئولية.. إن الصحفيين لن يظلوا خارج دائرة الاهتمام، هذه دولتهم أولى بهم وعلى المسئولين إدراك ذلك سريعا.
إن الصحفيين إذا أرادوا الترفيه عن أنفسهم بدخول سينما أو مسرح، أو طلب منهم أبناؤهم الذهاب إلى سيرك خاص، كم سيصرفون من رواتبهم؟، أم كالعادة سيبلغونهم أى حجج.. كأن يقولون إنه لا يعمل الآن رغم كل هذه الإضاءات المبهرة حوله وداخله - وهذه أمثلة قليلة جدا من تفاصيل حياتهم، إن الصحفيين يعيشون يومهم ويتمنون أن يكتمل شهرهم، لماذا؟، لأنهم خارج دوائر الاهتمام.
فرحنا عندما وجدنا نقابة الصحفيين تدعو لجمعية عمومية لمناقشة قضايا الصحفيين وعلى رأسها أجورهم، لكن حزنا وقد فقد كثير منهم الأمل فى أن تغير الدولة أحوالهم، أن تعيد لهم كبرياءهم ، أن تمنحهم شموخا يستحقونه، ولما لا؟، فإن منهم المفكر والروائى والمحلل وصاحب المعلومة والرؤية والناقد المحب لبلده.. ويكفيهم فخرا عروبتهم ومصريتهم.
نشكر ونشجع الزميل مصطفى عبيدو الصحفى بجريدة الجمهورية الذى أقام بمفرده – ثم تداخلت معه نقابة الصحفيين - قبل نحو 3 أعوام، دعوى قضائية لوضع حد أدنى عادل لأجور الصحفيين 5 آلاف جنيه ولاتزال مستمرة إلى الآن وكان آخر طلبات القاضى اختصام رئيس المجلس القومى للأجور، فأجل القضية إلى شهر مايو 2016.
ولأننا خارج دائرة الاهتمام، لجأ الصحفى والنقابة إلى مثل هذا الإجراء القانوني.. فهل نحتاج إلى اختصام الدولة قانونيا للحصول على حقوقنا؟
لأننا خارج دائرة الاهتمام، تستمر القضية لأكثر من 3 أعوام دون حل، لأننا خارج دائرة الاهتمام.. ماذا كانت قيمة الـ 5 آلاف جنيه وقت إقامة الدعوى وكيف أصبحت الآن؟!
من يتدخل للحفاظ على من يستشعرون نبض الشارع ويضخ الدماء إلى شرايين حياتهم؟، من يأخذ القرار للارتقاء بأكثر من 8400 صحفى أعضاء مشتغلين بنقابة الصحفيين ويمنحهم حقهم فى العيش الكريم، حقهم فى مسكن يليق بهم، فى وسيلة انتقال تحفظ عملهم وتؤمنه، لن نخوض فى تفاصيل رواتب الصحفيين فى دول أخرى ولن نقارن أوضاعنا مع غيرنا، فالأمر حقيقى مخجل.
 نريد ما يستحقه الصحفيون لغرس الانتماء فى بلدهم، نرغب فى أن نستشعر أننا فى بؤرة الاهتمام ولسنا فئة على الهامش ترضى بما يمنح لها.
لن نظل نبحث عن عضوية فى ناد رياضى لإسعاد أبنائنا وذوينا تمنح لنا بالـ«مزاج» ونطرد من رحمة رئيس النادى إذا ما خرج أحدنا وانتقده، ما كان ليفعلها لولا أنه يعلم أو ربما استشعر أننا خارج دائرة الاهتمام.. فالدولة نفسها لم تبادر إلى منح الصحفيين عضوية بالأندية المختلفة أو تكرمنا بإنشاء ناد رياضى متكامل على أعلى المستويات يليق بأصحاب الرأى والفكر وروح المجتمع والملمين بنبض الشارع وأقرب من يستشعر الرأى العام.
جميل أن نجعل عام 2016 عام احتفال بالصحفيين فى عيد نقابتهم الماسي، عظيم أن يحضر ممثلو الصحافة فى الدول العربية لمشاركتنا احتفالاتنا، لكن من الأجمل أن نلمس اهتماما بالارتقاء المستمر بالصحفيين فى جميع مناحى الحياة على أرض الواقع وليس مجرد كلمات فى مؤتمرات وندوات هنا وهناك، ففى النهاية نحن صحفيون وفخورون بمهنتنا ونثق ونوقن أن يوما ما قريب لن نظل خارج دوائر الاهتمام.