الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

2020 عام النووى العربى




أكدت دراسة نشرها مركز الدراسات الاستراتيجية الأمريكى حول مستقبل التسلح النووى فى الدول العربية أن عام 2020 سيكون عام التسلح بلا منازع وفق الخطط التى تبنتها دول المنطقة منذ سنوات عدة . وقالت الدراسة التى أعدها الباحثان «يوأى افريم اسكولا» و «جيلا ليز نشتراوس» إن بعض الدول وفى مقدمتها مصر لها تجارب لا بأس بها فى هذا المجال، كما توقعت أن تكون الإمارات العربية هى أولى دول المنطقة فى تشغيل مفاعل لتوليد الطاقة.
 
 تشير الدراسة إلى أن المبرارات التى تسوقها الدول الطامحة فى إقامة مشروعات نووية هى مبررات مقبولة إلى حد بعيد وتتعلق فى أغلبها بالحصول على مصادر بديلة للطاقة عوضا عن المصادر التقليدية الآخذة فى التراجع كالبترول والغاز الطبيعي.
 
 تلفت الدراسة إلى أن أغلب هذه المشاريع تعرضت للتعطيل فى الفترة الأخيرة مقارنة بفترة التسعينيات التى شهدت انطلاق هذه المشروعات، وترجع أسباب هذا التعطيل إلى أسباب بعضها سياسى كثورات الربيع العربى وبعضها اقتصادى أو بسبب عدم امتلاك القدرات الفنية والبشرية اللازمة.
 
الطموح المصري
 
تؤكد الدراسة أن مصر مهتمة بالتطوير النووى منذ سنوات عديدة بل وأقامت مركزا للبحوث النووية فى «انشاص» وهى إحدى القرى التابعة لمركز بلبيس فى محافظة الشرقية.
 
وتضمن المركز مفاعل بحث صغير من إنتاج الاتحاد السوفييتى تم تشغيله منذ العام 1961، وعمل هذا المركز على تأهيل القوة البشرية وإجراء بحوث مختلفة فى المجال النووي.
 
وتتمثل المشكلة الأساسية المتعلقة بتطلعات مصر لإقامة مفاعلات نووية هى إمكانية أن ترغب فى المستقبل فى تطور سلاح نووي، وأغلب الظن، أن الرئيسين السادات ومبارك كانا ضد هذا التطوير، ولكن ليست كل الاتجاهات فى مصر متفقة مع هذا الرأي.
 
وفى العام 1984 طلب وزير الدفاع المصرى فى حينه المشير، أبوغزالة، الإذن من الرئيس مبارك بتطوير سلاح نووي، إلا أن الرئيس رفض، وأُقيل الوزير بسبب ذلك، إضافة إلى ذلك، فان الوكالة الدولية للطاقة الذرية اكتشفت فى إحدى زياراتها العادية إلى مصر جزيئات من اليورانيوم المخصب بدرجة عالية، ولم يكن لدى مصر أى تفسير مرضٍ لهذا الاكتشاف.
 
كما تمتنع مصر عن التوقيع على «البروتوكول الإضافي» الأمر الذى كان سيسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بإجراء تفتيشات أكثر دقة على أراضيها، وتعيش مصر اليوم ضائقة سياسية ما بسبب تعزز قوة ومكانة إيران، بما فى ذلك فى مجال النووى العسكري.
 
وبالتالى يوجد احتمال لا بأس به فى أن ترغب فى اقتناء قدرة نووية عسكرية، ولاسيما إذا ما وصلت إيران إلى قدرة معلنة كهذه، ولا ريب أن لدى مصر القدرة – سواء البنية التحتية – التكنولوجية أم البشرية – لدفع مثل هذا المشروع إلى الأمام، والأمر منوط أساسا بقرار سياسي، وإذا ما اتخذت مصر مثل هذا القرار، فسيستغرقها الأمر سنوات غير قليلة، ولكن إذا لم تكن عرقلة ذات مغزى فسيكون بوسعها، فى نهاية المطاف، تنفيذ قرارها.
 
وإذا ما قررت مصر استثمار الجهود فى اقتناء قدرة نووية عسكرية، فبلا ريب سيضر الأمر بتوريد مفاعلات الطاقة، وبتوريد الوقود لها وبإخلاء الوقود المشع منها. كما سيتضرر أيضا الاقتصاد المصرى عندها، بسبب القطع المتوقع للمساعدات الدولية، العربية. فضلا عن ذلك، إذا ما قررت مصر السير نحو السلاح النووي، وأدى تغيير الحكم فيها إلى صعود تيار الإسلام السياسى الراديكالى، فان تعززها بمثل هذا السلاح سيعرض للخطر الشرق الأوسط والعالم بأسره.
 

 
مصاعب فى الأردن
 
توجد عدة مشاكل مبدئية فى إنشاء مفاعلات نووية فى الأردن، فضلا عن المصاعب المالية والخطر الكامن فى تشغيل مفاعلات فى مواقع حساسة من ناحية التغييرات الطبوغرافية، وتوجد مشاكل فنية وتوجد ضغوط دولية تتعلق بمنع انتشار السلاح النووي.
 
ويسعى الأردن إلى أن يربط شبكته الكهربائية حتى العام 2019 بمفاعل لتوليد الطاقة هو الأول بقوة ألف ميجاوات من الكهرباء حيث أعلن ووزير الطاقة الأردنى بان هذه محطة توليد طاقة ستقام على مسافة 40 كيلو متراً شمالى شرقى عمان وسيتم تبريدها بالمياه المحلاة من مشروع التنقية.
 
مشكلة أخرى تقف أمام الأردن وهى الاستثمار الضخم اللازم فى المفاعل النووي: الاستثمار الأساس فى مثل هذا المفاعل ضخم جدا، ويتراوح ما بين 1.5 الى 3 مليارات دولار، بالإضافة الى نفقات الإنشاء، والتشغيل والإغلاق النهائى له بعد نهاية فترة تشغيله.
 
وثمن تشغيل المفاعل، الذى يقرر الثمن النهائى للكهرباء، منوط أيضا بثمن الوقود النووية، وهنا تكمن مشكلة أخرى – مشكلة تخصيب اليورانيوم الذى يستخدم كوقود فى المفاعلات النووية.
 
وقد أعلنت الأردن بأنها تحتفظ لنفسها بحق الوصول إلى تكنولوجيات دائرة الوقود، وأولا وقبل كل شيء الحق فى تنفيذ عملية تخصيب اليورانيوم فى أراضيها.وجاء هذا الإعلان فى أعقاب الارتفاع فى الطلب على الطاقة وغياب احتياطات نفط غاز ذات أهمية والضرر الذى لحق بتوريد الغاز من مصر بسبب تفجير الأنبوب الذى ينقله من سيناء.
 
كل ذلك يضع الأردن أمام تحد غير بسيط، كما أن حقيقة أنه عثر فى الأردن على كميات ذات قيمة من اليورانيوم (عشرات آلاف الأطنان) أثرت على نحو شبه مؤكد، على قراره العمل على إنشاء مفاعل نووى لتوليد الطاقة فى نطاقه.
 
وقد أعلن الأردن عن نيته الاحتفاظ بحقه فى تخصيب اليورانيوم بنفسه، وهذا البيان يسمح للأردن، إذا ما صار له منشأة تخصيب، أن يحول اليورانيوم ويخصبه إلى مستوى عسكري، وهذا إغراء جدي، ولاسيما إذا حل الربيع العربى على المملكة أيضا وانتقل الحكم إلى تيار الإسلام المتطرف، حيث تعمل الولايات المتحدة باجتهاد على منع الأردن من تخصيب اليورانيوم، ولكن حتى الآن دون نجاح.
 
ويضاف الى تلك المعوقات مشكلة أخرى تتعلق بإقامة منشأة تخصيب فى الأردن هى أن ليس لديه القوة المهنية والبنية التحتية التكنولوجية (وبقدر ما توريد الكهرباء اللازمة أيضا) الضرورية لإقامة وتشغيل منشأة كهذه، توفر الوقود النووي لمفاعل توليد الطاقة، أما إذا الوقود النووية من مصادر أردنية، فسيكون هذا بكلفة عالية جدا لدرجة تجعل من مشروع مفاعل الطاقة النووية غير مجد من الناحية الاقتصادية.
 
الأردن اتهمت إسرائيل فى الماضى بأنها تمارس الضغوط على كوريا الجنوبية وفرنسا كى لا تبيع تكنولوجيات نووية للمملكة، بل إن الملك الأردنى أوضح أن الدور الإسرائيلى فى هذا الموضوع دفع علاقات إسرائيل والأردن إلى التدهور إلى مستوى هو الأدنى منذ اتفاق السلام فى 1994.
 
دول الخليج
 
أعلنت دول مجلس التعاون الخليجى الستة فى ديسمبر 2006 عن أنها تسعى إلى تطوير برامج نووية مستقلة فى أراضيها، وفى مارس 2008، حصل البرنامج على مصادقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
 
ورغم تعاون الدول الستة يبدو أن إمكانية إنشاء محطة طاقة نووية مشتركة هى أقل احتمالا وان بعضها تعتزم التركيز على الاتجاه نحو برنامج نووى وطنى مستقل، ومع أن دول الخليج الست تتقدم نحو الربط النهائى لشبكاتها الكهربائية، إلا أن عُمان، البحرين، قطر والكويت وقعت أيضا على اتفاقات ثنائية وأقامت سلطات وطنية تعنى بالبحث والتخطيط فى المواضيع النووية، وإدارة المفاوضات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
 
فكرة التوجه إلى مجال الطاقة النووية ليست جديدة على بعض من دول الخليج. فمنذ منتصف السبعينيات من القرن العشرين، قررت الكويت إقامة محطة طاقة نووية تجريبية. وأعلنت فى مارس 2009 عن اهتمامها المتجدد ببرنامج نووى مدني، حيث وقعت على اتفاق للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وشكلت اللجنة الكويتية للطاقة الذرية (KNNECC)، مهمتها دراسة إقامة محطات للطاقة النووية، وكذا مواضيع الأمن والأمان، والإشراف، والرقابة والتشريع فى هذا المجال.
 

 
وفى يوليو 2010 وقعت فى واشنطن مذكرة تفاهم للتعاون مع الكويت حول مجالات التشريع، الرقابة، الأمان، التأهيل وإدارة القوى البشرية فى المجال النووي.
 
وتدعى الكويت بأن الدافع خلف التطوير النووى هو الرغبة فى التصدى لارتفاع الطلب على الطاقة وتخفيض تلوث الهواء، وفى سبتمبر 2010 قررت إقامة أربع محطات للطاقة النووية، ذات قدرة على توريد آلاف ميجاوات كهرباء لكل منها، حتى العام 2022.
 
ورغم النشاط الكويتى فى هذا المجال، يبدو انه يوجد اليوم إعادة نظر فى الكويت فى ذلك وأنها فى هذه المرحلة غير معنية فى السعى إلى قدرة نووية بشكل مستقل، وتعاظم التردد الكويتى فى هذا الموضوع فى ضوء الشكوك التى ثارت فى أعقاب الكارثة النووية فى اليابان فى 2011.
 
قطر تدرس
 
كما بدأت قطر تدرس إمكانية إقامة برنامج نووى مدنى فى العام 2006، وكان المنطق خلف هذه الدراسة هو رغبتها فى مواصلة تصدير كميات كبيرة من النفط، وبالأساس الغاز، الفرع الذى يرتكز عليه اقتصادها.
 
وقد وقعت قطر على اتفاقات للتعاون مع فرنسا وروسيا فى مجال البحث النووي، ولكنها لا تزال فى مراحل البحث ولم تعلن بعد عن خطة ملموسة لإقامة مفاعلات نووية أو محطات للطاقة النووية.
 
أما البحرين وعمان فقد أعلنتا هما أيضا عن نيتهما لتطوير برامج نووية فى أراضيهما، وان كانتا اتخذتا خطوات محدودة فقط فى هذا الاتجاه. ومن غير المستبعد أن تكتفى الدولتان بالتعاون الضيق فى هذا الموضوع فى إطار مجلس التعاون الخليجي.
 
استعداد الإمارات
 
وبدأت أبو ظبى بالاستعدادات لتطوير بنية تحتية نووية مدنية، يتضمن برنامجها النووى فى هذه المرحلة إقامة أربعة مفاعلات، من أجل ربطها بشبكة الكهرباء يفترض أن ينتهى حتى العام 2020.
 
وجاء ذلك فى أعقاب توقعات بأن يصل استهلاك الكهرباء فى الإمارات إلى 40 جيجاوات كهرباء فى 2020، بينما قدرة إنتاج الاتحاد لا تصل اليوم إلا إلى نصف ذلك. وبسبب الاعتماد الحصرى على مصادر الطاقة المتجددة، كالشمس والريح، والتى ستلبى حسب التقديرات حتى 7 % فقط من احتياجات الاتحاد من الطاقة.
 
ومع نهاية العام 2008 بدأ يتبلور اتفاق للتعاون فى مجال النووى المدنى بين الولايات المتحدة واتحاد الإمارات، ووقع الطرفان على «اتفاق 123» (على اسم المادة ذات الصلة فى القانون الأمريكى التى تعنى بالتعاون النووي) فى يناير 2009 واتفق الطرفان فيه على التعاون فى مواضيع مختلفة فى مجال النووى المدني، بما فيها تبادل القوى البشرية المهنية، المساعدة الفنية ونقل العناصر والمعدات.
 
وحظر بند فى الاتفاق كل نشاط فى دائرة الوقود فى نطاق اتحاد الإمارات، واستيراد الوقود النووية من دول خارجية وإرسال الوقود المشع إلى خارج الدولة، إضافة إلى الالتزام بالعمل بشفافية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ساهم فى تهدئة مخاوف الأمريكيين الذين سعوا فى حينه إلى جعله نموذج يحتذى فى كل اتفاق مستقبلى مشابه.
 
نججت الإمارات فى التغلب على العوائق الاقتصادية، الدستورية – الإدارية والسياسية فى الطريق إلى برنامج نووى كامل، ورغم الالتزام بالعمل بشفافية مع الأسرة الدولية لا تزال هناك مخاوف من التسرب من أراضى الاتحاد.
 
وإحدى الفجوات المركزية التى تثير هذه المخاوف تتعلق بالرقابة على التصدير من الإمارات والحاجة إلى العمل على توثيقها، وفى هذا السياق يذكر ان دبي، التى شكلت قاعدة العمل لشبكة التهريبات وتسمى «جنة عدن» للمهربين وتشكل قناة أساس لإيران للالتفاف على العقوبات الغربية، والكثير من الإيرانيين يعيشون فى نطاقها وشركات وهمية إيرانية تهرب مواد محظورة إلى إيران تعمل منها.
 
الإمارات هى فهو الأكثر تقدما بين دول الشرق الأوسط فى مجال تطوير برنامج نووى مدنى ينبع من احتياجات طاقة «موضوعية»، واستثمر الاتحاد فى هذا البرنامج مالا طائلا وبالتوازى بلور سياسة نووية ملتزمة بالشفافية وباستخدام التكنولوجيا الأكثر تطورا. ويستغرق الجدول الزمنى لتنفيذ المشروع طموحاً غير مسبوق، عشر سنوات بين نشر السياسة وبين توقع ربط المفاعل بشبكة الكهرباء – ولكن العقبة الأخيرة تبقى رأس المال البشري.
 
رغم المخاوف من أن تصبح المفاعلات التى ستقام فى الإمارات هدفا لهجمات إرهابية، ورغم أن المنطقة محتملة بالحروب، إلا أن الإمارات نجحت فى فى اجتذاب حكومات وشركات أجنبية للاستثمار فى المشروع ويستخدم قوته الاقتصادية لتعرض على خبراء من كل العالم شروط عمل جذابة فيه.
 
خطوات المملكة العربية السعودية
 
تعتبر المملكة العربية السعودية صاحبة الاحتياطات ومصدرة النفط العالمية الأكبر فى العالم، ورغم ذلك فقد بدأت المملكة فى السنوات الأخيرة باستعدادات علنية لتطوير الطاقة النووية لغرض إنتاج الكهرباء وتحلية المياه وهى توسع مساعيها لبناء بنية تحتية علمية فى هذا المجال، ولهذا الغرض فإنها دشنت سلسلة من المشاريع ووقعت على اتفاقات للتعاون مع دول مختلفة.
 
فى 2011 بدأت عملية اختيار مواقع مرشحة للمفاعلات وفى نية المملكة العربية السعودية إنهاء بناء المفاعل الأول فى أراضيها حتى العام 2020.
 
وتستهلك المملكة السعودية اليوم نحو 2.8 مليون برميل من النفط يوميا ، وتتوقع الدراسة أن يزداد الطلب على الطاقة من 44 ألف ميجاوات اليوم إلى أكثر من 75 ألف ميجاوات تفى عام 2020، كما أن المملكة تحلى أكثر من 70 % من مياه الشرب لديها، وأصبحت الطاقة النووية (بالتوازى مع الطاقة المتجددة) بالتالي، فى نظر العربية السعودية وسيلة أخرى لتنويع مصادرها من الطاقة، وتخفيض تعلقها بالنفط والغاز لأغراض داخلية والسماح بتصدير نصيب أكبر منها.
 
وقد طرح بعض من أعضاء الكونجرس الأمريكى أيضا شكوكا فى أن تنفذ العربية السعودية الالتزامات التى أخذتها على عاتقها فى كل ما يتعلق بفصل البلوتونيوم وتخصيب اليورانيوم، كما أعربوا عن تخوفهم من الآثار الإقليمية لمثل هذه التطورات.
 
البنية العلمية لدى العربية السعودية فى المجال النووى المدنى محصورة وتستند إلى التجربة القليلة فى استخدام التكنولوجيا النووية لأغراض طبية وزراعية. ورغم تعاونها النسبى مع الأسرة الدولية فى المجال النووى المدني، فان البروتوكول الذى وقعت عليه المملكة، يعفيها عمليا من الرقابة الدقيقة ويجعل من الصعب على الوكالة الدولية للطاقة الذرية التأكد من أنه بالفعل لا يجرى تطوير نووى محظور فى نطاقها.
 
امكانات شمال أفريقيا
 
وكان للجزائر فى نهاية الثمانينيات من القرن العشرين برنامج نووى متطور للغاية، كما أنها وقعت على كل المواثيق الدولية ذات الصلة بالمجال النووي، ولكن رغم ذلك سادت على مدى السنين فى الأسرة الدولية مخاوف من أن يكون لبرنامجها النووى تطبيقات عسكرية أيضا.
 
ففى الجزائر مخزونات كبيرة من اليورانيوم ومفاعلان نوويان – واحد بنى بمساعدة الأرجنتين (مفاعل صغير لأهداف البحث الطبي) والثانى صينى (مفاعل مياه ثقيلة ذو قدرة إنتاج 15 ميجاوات).
 
والمخاوف من أن تسعى الجزائر إلى اقتناء قدرة نووية عسكرية جرت ضغوطا أمريكية شديدة عليها أدت بها إلى التوقيع على NPT فى 1995، كما وقعت الجزائر منذ ذلك الوقت على ميثاق بيلندابا حول المنطقة الحرة من أسلحة الدمار الشامل فى أفريقيا، والذى دخل حيز التنفيذ فى 2009.
 
كما وقعت الجزائر بين عامى 2007 و 2008 على اتفاقات للتعاون النووى مع الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا والأرجنتين. وفى العام 2009 نشر بان الجزائر تعتزم تشغيل مفاعل نووى فى أراضيها حتى 2020.
 
وكان للأنظمة السابقة فى تونس وفى ليبيا تطلعات فى المجال النووى أيضا، وفى 2008 وقعت ليبيا القذافى وتونس بن على على اتفاقات مع فرنسا للتعاون النووي، تضمنت تأهيل قوة بشرية ومساعدة فى التنقيب على اليورانيوم.
 
كما عرضت فرنسا على ليبيا أن تقيم فيها مفاعل لأغراض تحلية المياه، ولكن إسقاط النظامين فى ليبيا وفى تونس أوقفا تقدمهما فى الموضوع النووي.
 
وبالنسبة لدولة المغرب، وخلافا لجيرانها، لا توجد فيها احتياطات من الغاز والنفط، ولكن يوجد فى أراضيها يورانيوم بكميات لا بأس بها، وفى العام 2007 وقعت على اتفاق مع الشركة الفرنسية AREVA لإنتاجه.
 
ويوجد قرب الرباط قيد البناء مفاعل بحثى صغير (بقوة 2 ميجاوات) من إنتاج الولايات المتحدة وفى يناير 2011 أقرت إقامة الوكالة النووية الحكومية واعدت مسودة قانون فى هذا الموضوع.
 
وحتى عام 2014 ستنشر عطاءات لشركات دولية لبناء مفاعلين، ذات قدرة ألف ميجاوات لكل منهما، ستشتغل قبل عام 2020، وذلك للإيفاء باحتياجات المغرب الكبيرة من الطاقة وتقليص انبعاث الغازات الضارة بالبيئة.
 
وتدعو الدراسة الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى فرض القيود بشكل انتقائى بالذات فى هذا الوقت، الذى تجد الأسرة الدولية فيه صعوبة فى منع تخصيب اليورانيوم فى إيران، ليس فقط لا يضمن أن تشترى تلك الدول المنشآت والعلم من الولايات المتحدة، بل ومن شبه المؤكد سيضر بنظام عدم نشر السلاح النووى .
 
ورغم المزايا المختلفة للدول التى استعرضها هذه الدراسة، فان معظمها، ربما باستثناء العربية السعودية، تعرض مستوى عال من الشفافية بشكل نسبى كوسيلة لنيل التأييد من الحكومات والشركات الأجنبية فى دفع مشاريعها النووية إلى الأمام.
 
وإحدى الحجج الأكثر إقناعا التى يطرحها المؤيدون لمنع إيران قبل أن تكتسب قدرة نووية عسكرية هى أنه يجب منع دول أخرى من تطوير قدرة مشابهة، وتبدو وتيرة انتشار النووى المدنى المرتقبة فى الشرق الأوسط الآن أبطأ مما قدر فى منتصف العقد السابق، حين أعلن عن إطلاق البرامج، وذلك بفضل العوائق المختلفة – السياسية الداخلية والخارجية، ولكن بالأساس اقتصادية وفنية.
 
وكنتيجة لذلك، فان عددا صغيرا فقط من الدول من أصل تلك التى أعلنت عن نيتها عمل ذلك ستنجح فى أن تثبت فى نطاقها برامج نووية مستدامة.
 
وينبغى التشديد على أن معظم الدول التى استعرضت هنا لا تشكل تهديدا فى المدى المنظور من حيث انتشار النووى، والخطر فى أن يقع سباق تسلح نووى فى الشرق الأوسط لا يرتبط، على الأقل فى مدى القصير بتطوير برامج نووية مدنية، وبالتأكيد ليس حسب النموذج الذى تبنته دول الإمارات العربية المتحدة.