الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ابداع





شعراؤنا شموس سماء الإبداع، وإن ظن البعض أن شموس شعرائنا تغرب برحيلهم عن الدنيا، لكن شموس الإبداع الباقية تنتظر كل يوم نورهم من جديد، تجمع صفحة إبداع اليوم قصائد ومقاطع من قصائد لأمير الشعراء أحمد شوقى (16 أكتوبر 1868 – 14 أكتوبر 1932)، بمناسبةالاحتفال بذكرى ميلاده ووفاته اللتين تحلان علينا فى أكتوبر من كل عام، شوقى الذى عده النقاد مؤسس الشعر الحديث، وأحد رواد مدرسة «الإحياء والبعث» التى أعادت الروح للشعر العربى بعد قرون من الموات والجمود.

 
وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ

 
وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ                 وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ

 الروحُ وَالمَلَأُ المَلائِكُ حَولَهُ                   لِلدينِ وَالدُنيا بِهِ بُشَراءُ

 وَالعَرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهى           وَالمُنتَهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ

 وَحَديقَةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا             بِالتُرجُمانِ شَذِيَّةٌ غَنّاءُ

 وَالوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلًا مِن سَلسَلٍ          وَاللَوحُ وَالقَلَمُ البَديعُ رُواءُ

 نُظِمَت أَسامى الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ       فى اللَوحِ وَاسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ

 اسمُ الجَلالَةِ فى بَديعِ حُروفِهِ              أَلِفٌ هُنالِكَ وَاسمُ طَهَ الباءُ

 يا خَيرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً               مِن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاءوا

 بَيتُ النَبِيّينَ الَّذى لا يَلتَقى                  إِلّا الحَنائِفُ فيهِ وَالحُنَفاءُ

 خَيرُ الأُبُوَّةِ حازَهُمْ لَكَ آدَمٌ                  دونَ الأَنامِ وَأَحرَزَت حَوّاءُ

 هُم أَدرَكوا عِزَّ النُبُوَّةِ وَانتَهَت               فيها إِلَيكَ العِزَّةُ القَعساءُ
 خُلِقَت لِبَيتِكَ وَهوَ مَخلوقٌ لَها              إِنَّ العَظائِمَ كُفؤُها العُظَماءُ

 بِكَ بَشَّرَ اللَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت               وَتَضَوَّعَت مِسكًا بِكَ الغَبراءُ

 وَبَدا مُحَيّاكَ الَّذى قَسَماتُهُ                حَقٌّ وَغُرَّتُهُ هُدىً وَحَياءُ

 وَعَلَيهِ مِن نورِ النُبُوَّةِ رَونَقٌ                  وَمِنَ الخَليلِ وَهَديِهِ سيماءُ

 أَثنى المَسيحُ عَلَيهِ خَلفَ سَمائِهِ            وَتَهَلَّلَت وَاهتَزَّتِ العَذراءُ

 يَومٌ يَتيهُ عَلى الزَمانِ صَباحُهُ              وَمَساؤُهُ بِمُحَمَّدٍ وَضّاءُ

 الحَقُّ عالى الرُكنِ فيهِ مُظَفَّرٌ              فى المُلكِ لا يَعلو عَلَيهِ لِواءُ

 
مرحباً بالربيع فى ريعانِهْ
 
مرحباً بالربيع فى ريعانِهْ

رَفَّت الأَرضُ فى مواكِب آذا

نزل السهلَ طاحكَ البِشْر يمشي

عاد حَلْياً بِرَاحَتيْهِ وَوَشْياً

لف فى طيْلَسانِه طُرَرَ الأر

ساحرٌ فتنة ُ العيونِ مُبينٌ

عبقريُّ الخيالِ ، زاد على الطيْـ

فى مأتمٍ لم تخلُ فيـ

 صِبْغَة ُ الله! أَين منها رفَائيـ

رنم الروضُ جدولاً ونسيماً

وشدَت فى الرُّبا الرياحينُ هَمساً

كلُّ رَيْحانة ٍ بلحنٍ كعُرْسٍ
 

وعلمتُ أنك من يودُّ ومنْ يفي

نَغَمٌ فى السماءِ والأَرضِ شتَّى

أين نور الربيع من زهر الشعـ

سرمد الحسن والبشاشة مهما

حَسَنٌ فى أَوانِه كلُّ شيءٍ

ملك ظله على ربوة الخلـ
 
 
لم تثر أمة ٌ إلى الحقِّ إلا
 
ليس عَزْفُ النحاسِ أَوقَعَ منه

فقدتك فى العمر الطريـ

ورعانى ، رعى الإله له الفارو

ملك النيل من مصبيه بالشـ

شيخٌ تمالكَ سنة ُ لم ينفجرْ

هو فى المُلك بَدْرُهُ المُتجَلِّي

زادهُ الله بالنيابة ِ عِزّاً

منبرُ الحقِّ فى أَمانة ِ سعدٍ

لم ير الشرق داعياً مثل سعدٍ

ذكَّرتْه عقيدة ُ الناسِ فيهِ

نهضة ٌ من فتى الشيوخش وروحٌ

حركا الشرق من سكونٍ إلى القيـ

وإذا النفسُ أنهضتْ من مريض

يا عكاظاً تألفَ الشرقُ فيه وبأَنوارِه وطِيبِ زَمانِهْ
 
رَ، وشبَّ الزمانُ فى مِهْرَجانِه

فيه مَشيَ الأمير فى بُستانه

طولُ أَنهارِهِ وعَرْضُ جنانه

ضِ، فطاب الأَديمُ من طيلسانه

فضل الماء فى الربا بجمانه

ـف، وأَرْبَى عليه فى أَلوانه

يَهْنِيكَ ما حرَّمتْ حين تنام
 ـلُ ومنقاشه وسحرُ بنانه

وتلا طير أكيهِ غصنُ بانه

كتغنى الطروبِ فى وجدانه

أُلِّفَتْ للغناءِ شَتَّى قِيانه
 
 
فقف الغداة َ لو استطعتَ وفاءَ

من معانى الربيع أو ألحانه

ـر إذا ما استوى على أفنانه؟

تلتمسْهُ تجِدْهُ فى إبّانه

وجمالُ القريض بعد أوانه

ـدِ، وكُرسيُّه على خُلجانه
بهُدَى الشعرِ أَو خُطا شَيْطانه

فى شجاعِ الفؤادِ أَو فى جبانه

ـرِ، وفى زها الدنيا الكعاب

ق طفلاً ، ويوم مرجو شانه

ـطِّ ، إلى منبعيه من سودانه

كالطفل من خوفِ العقابِ بكاءَ

حُفَّ بالهَالَتَيْنِ من بَرلمانه

فوقَ عِزِّ الجلالِ من سلطانه

وقِوامُ الأُمورِ فى ميزانه

رَجَّه من بِطاحه ورِعانه

كيف كان الدخولُ فى أديانه

سريا كالشبابِ فى عنفوانه

ـدِ، وثارا بهِ على أَرسانه

دَرَجَ البُرءُ فى قُوَى جُثمانه

من فِلسطينِه إلى بَغْدانِه  
يا جارة الوادى


يا جارة الوادى طربت وعادني

فقطّعت ليلى غارقا نشوان فى

مثلتُ فى الذكرى هواك وفى الكرى

ولكم على الذكرى بقلبى عبرة

ولقد مررت على الرياض بربوة

خضراء قد سبت الربيع بدلها

لم أدر ما طيب العناق على الهوى

لم أدر والأشواق تصرخ فى دمي

وتأودت أعطاف بانكِ فى يدي

أين الشقائق منك حين تمايلا

ودخلت فى ليلين: فرعك والدجى

فطغى الهوى وتناهبتك عواطفي

وتعطلت لغة الكلام وخاطبت

وبلغت بعض مآربى إذ حدّثت

لا أمس من عمر الزمان ولا غد

سمراء يا سؤلى وفرحة خاطري ما زادنى شوقا إلى مرآك

ما يشبه الأحلام من ذكراك

لما سموت به وصنت هواكِ

والذكريات صدى السنين الحاكى

كم راقصت فيها رؤاى رؤاكِ

غنّاء كنتُ حيالها ألقاكِ

والروض أسكره الصبا بشذاكِ

حتى ترفق ساعدى فطواك

واحمر من خديهما خداكِ

وأحمرّ من خفريهما خدّاك

والسكر أغرانى بما أغراك

ولثمتُ كالصبح المنور فاكِ

قلبى بأحلى قبلة شفتاكِ

عينى فى لغة الهوى عيناكِ

بنواك..آه من النوى رحماكِ

جمع الزمان فكان يوم لقاكِ

تلك الطبيعة ُ، قِف بنا يا ساري

 
تلك الطبيعة ُ، قِف بنا يا ساري

حتى أُريكَ بديعَ صُنْعِ الباري 

الأَرضُ حولك والسماءُ اهتزَّتا

لروائع الآياتِ والآثار 

من كلّ ناطقة ِ الجلال، كأَنها

أُمُّ الكتاب على لسان القاري
بثثت شكواى، فذاب الجليد

بثثت شكواى، فذاب الجليد
 
وأشفق الصخر، ولان الحديد

وقلبك القاسي على حاله

هيهات! بل قسوته لي تزيد
دمشق
 

سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ

وَمَعذِرَةُ اليَراعَةِ وَالقَوافى

وَذِكرى عَن خَواطِرِها لِقَلبى

وَبى مِمّا رَمَتكِ بِهِ اللَيالى

دَخَلتُكِ وَالأَصيلُ لَهُ اِئتِلاقٌ

وَتَحتَ جِنانِكِ الأَنهارُ تَجرى

وَحَولى فِتيَةٌ غُرٌّ صِباحٌ

عَلى لَهَواتِهِم شُعَراءُ لُسنٌ

رُواةُ قَصائِدى فَاعجَب لِشِعرٍ

غَمَزتُ إِباءَهُمْ حَتّى تَلَظَّتْ

وَضَجَّ مِنَ الشَكيمَةِ كُلُّ حُرٍّ

لَحاها اللهُ أَنباءً تَوالَتْ
 
يُفَصِّلُها إِلى الدُنيا بَريدٌ

تَكادُ لِرَوعَةِ الأَحداثِ فيها

وَقيلَ مَعالِمُ التاريخِ دُكَّتْ

أَلَستِ دِمَشقُ لِلإِسلامِ ظِئرًا
 
صَلاحُ الدينِ تاجُكَ لَم يُجَمَّلْ
 

 
برز الثعلب يوما

برز الثعلبُ يوماً

فمشى فى الأرضِ يهذي

ويقولُ : الحمدُ للـ

يا عِباد الله، تُوبُوا

وازهَدُوا فى الطَّير، إنّ الـ

واطلبوا الدِّيك يؤذنْ

فأَتى الديكَ رسولٌ

عَرَضَ الأَمْرَ عليه

فأجاب الديك : عذراً

بلِّغ الثعلبَ عني

عن ذوى التِّيجان ممن

أَنهم قالوا وخيرُ الـ

« مخطيٌّ من ظنّ يوماً فى شعار الواعِظينا

ويسبُّ الماكرينا

ـهِ إلهِ العالمينا
 
فهموَ كهفُ التائبينا

ـعيشَ عيشُ الزاهدينا

لصلاة ِ الصُّبحِ فينا

من إمام الناسكينا

وهْوَ يرجو أَن يَلينا

يا أضلَّ المهتدينا !

عن جدودى الصالحينا

دَخل البَطْنَ اللعِينا

ـقولِ قولُ العارفينا:

أَنّ للثعلبِ دِينا»

 
مضناك جفاهُ مرقده

مضناك جفاهُ مرقده

حيرانُ القلبِ مُعَذَّبُهُ

أودى حرفاً إلا رمقاً

يستهوي الورق تاوهه

ويناجي النجمَ ويتعبه

ويعلم كلَّ مطوقة ٍ
كم مد لطفيكَ من شركٍ

فعساك بغُمْضٍ مُسعِفهُ

الحسنُ حَلَفْتُ بيُوسُفِهِ

قد وَدَّ جمالك أو قبساً

وتمنَّت كلٌّ مقطعة ٍ

جَحَدَتْ عَيْنَاك زَكِيَّ دَمِي

قد عزَّ شُهودي إذ رمَتا

وهممتُ بجيدِك أشركه

وهزَزْتُ قَوَامَك أَعْطِفهُ

وبكاه ورحمَ عودُهُ

مقروح الجفنِ مسهده

يُبقيه عليك وتُنْفِدهُ

ويذيب الصخرَ تنهدهُ

ويُقيم الليلَ ويُقْعِدهُ

شجناً في الدَّوحِ ترددهُ

وتادب لا يتصيدهُ

ولعلّ خيالك مسعدهُ

والسورة ِ إنك مفردهُ

حوراءُ الخُلْدِ وأَمْرَدُه

يدها لو تبعث تشهدهُ

أكذلك خدَّك يحجده؟

فأشرت لخدِّك أشهده

فأبى ، واستكبر أصيده

فَنَبا، وتمنَّع أَمْلَدُه