الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الفتاة المصرية بين البحث عن «الحرية» و الجرى وراء« عريس»




 قامت السينما المصرية بتهميش دور «الفتاة» فى الأفلام ما بين سنيدة للبطل فى أدوار غير مؤثرة أو قضايا لا تمت للواقع بصلة إلا فى فيما ندر مثل «أسرار البنات - مذكرات مراهقة - بنتين من مصر - بنات وسط البلد» وتراجعت فيما يمكن أن نطلق عليه خطوات على طريق الحقوق للفتاة عندما تناول فيلم «تيمور وشفيقة» الفتاة الطموح التى تتخلى عن منصبها كوزيرة صغيرة فى السن لكى ترضى حبيب الطفولة الذى وعد بها من أسرتها.
 
ولم يكن هذا هو التراجع الوحيد ولكن بنظرة للوراء وخاصة أفلام الخمسينيات والستينيات التى كانت تنادى بحرية المرأة ومشاركتها المجتمعية تجسدت فى «الآفوكاتو مديحة - والأستاذة فاطمة - بيت الطالبات - أنا حرة» علاوة على أفلام من انتاج ماجدة الصباحى مثل «المراهقات - والحقيقة العارية» وغيرها، والآن أين هى «الفتاة» على الشاشة الكبيرة؟!
 
 

 
كيف نناقش قضايا الفتاة والمجتمع يراها «عورة»
 
جاء فيلمه «بنتين من مصر» ليكون من آخر الأفلام المعبرة عن مشكلة القرن بالنسبة للمجتمع ككل وهى العنوسة.. محمد أمين المؤلف والمخرج الذى اهتم كثيرًا بهذه المشكلة وتناولها بشكل يخلو من الكوميديا والترفيه وذلك من وجهة نظره لصعوبة الموقف واعتباره أن وضع المرأة فى المجتمع حاليًا يدعو للشفقة وهذا ما تحدث عنه فى هذا الحوار:
 
■ لماذا ركزت على مشكلة «العنوسة» بشكل خاص؟
 
- لمست هذه المشكلة بنات واخوات أصدقائى لا ينقصن جمالا وأخلاقا وعلما عن أى فتاة طيبة الخلق فى مصر فلا يوجد دافع يجعلهن يصلن لسن كبير بدون زواج قررت أن أطرح المشكلة من الواقع وقمت باختيار الشكل الصادم الذى عرض به الفيلم حتى لا أقدمها بشكل متكرر خاصة وأنها تم تناولها كثيرًا فى الإعلام والدراما، فهى بالأهمية التى تحتاج لمحاولة إيجاد حل لها.
 
■ ولماذا اختزلت مشكلة الفتاة المصرية فى العنوسة فقط؟
 
- لانها من اهم القضايا التي تؤرق المجتمع كله وليست الفتاة وحدها كما ان علاجها اصبح صعبا بسبب ازمات المجتمع
 
■ وهل كانت القصص فى الفيلم مبنية على قصص واقعية؟
 
- نعم ولكن الواقع كان أكثر قسوة ومنها قصة الفتاة التى تعرضت لكشف العذرية بناءً على طلب خطيبها وكانت القسوة فى الواقع أنها تكررت كثيرًا وبأسلوب مهين أكثر مما كان عليه فى الفيلم فهى تجرح الفتاة وتعكس فكر المجتمع الذى يؤثر على الشباب بهذا الشكل.
 
■ ولماذا لا تهتم السينما بقضايا الفتاة مثلما كان قديمًا؟
 
- هذا بناءً على رغبة صاحب رأس المال فالفيلم يكون غالبًا ذا بطولة ذكورية والبطولات النسائية تكون قليلة وتنحصر موضوعاتها فقط فى اللايت كوميدى مثلما يقدمه الفنانات المصريات.. أما الأفلام التى تعكس مشاكل المرأة الحقيقية فيتم الابتعاد عنها.. ولعل ذلك ينطبق فى الفترة الأخيرة على الرجل والمرأة معًا فالمنتج يحصر السينما فى «باترون» قديم سواء فى تيمة الرجل الذى يبحث عن حقه أو الفتاة التى تتزوج عرفيا وتحاول التخلص من حملها.
 
 دون النظر للمشكلات الإنسانية الحقيقية التى يمر بها المجتمع.
 
 

 
■ وما القضايا التى يجب مناقشتها حاليًا عن الفتاة فى رأيك؟
 
- عودتنا للخلف جعلتنا نرى المرأة «عورة» خاصة فى العشر سنين الأخيرة فنرى الرجل لا يسير بجانب أخته أو زوجته كأنها عبء عليه أو مسئولية وذلك بناءً على نظرة المجتمع.. لدرجة ان الرجل يمشى أمام الزوجة ويتركها هى تتبعه مما يضعنا أمام مشكلة وهى تأخر الثقافة كليا فكيف سنتحدث عن قضايا هذا الكائن وندافع عنه ونحن نهينه ونهمشه بهذا الشكل.. والسؤال الأعمق كيف ستشارك المرأة فى بناء حضارة الدولة الحديثة وهى يتم تهميش دورها لهذا الحد.
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 
 
الفتاة تتعرض لقهر مزدوج وقضاياها الأن تناقش بجرأة أكثر
 
يعد المخرج مجدى أحمد على من أكثر المخرجين اهتمامًا بقضايا المرأة الشائكة والتى سعى لتقديمها عبر أفلامه بجرأة.. حيث يقول مجدى إن رسالة الفن من وجهة نظره هى كشف الحقائق ومواجهتها وذلك ما دفعه لتناول قضايا الفتاة المصرية والمرأة بشكل خاص فى أفلامه خاصة وأنها تتعرض لقهر مزدوج من المجتمع ومن الرجل، وأضاف على قائلا: «المرأة بشكل عام تتعرض للقهر تحت اسم الأخلاق والعرف والدين مما يجعلها من أهم ضحايا المجتمع، ولكن السينما غالبًا ما تتعرض لقضاياها بشكل هامشى وتكون مجرد صورة مكملة وغالبًا ما تكون المرأة ممثلة للشر أو الخيانة داخل القصة وذلك تأثرًا بالإسرائيليات والأفكار البالية التى كانت تناقش قديمًا.
 

 
وعن أفلامه التى تناقش قضايا الفتاة المصرية قال مجدى: بصفتى طبيبًا كنت أقابل حالات كثيرة من الفتيات التى تتعرض للظلم بسبب حصر فكرة شرف المرأة فى «غشاء البكارة»، وهذا ما دفعنى إلى تقديم فيلم «يا دنيا يا غرامى» لمناقشة مثل هذه القضية المسكوت عنها. كما أننى تحمست كثيرًا للقضية التى تم طرحها فى فيلم «أسرار البنات» والتى كانت قصة حقيقية لإحدى قريبات كاتبة السيناريو عزة شلبى وقد كانت هذه القصة بها تفاصيل كثيرة أشد قسوة نزعناها منها وكانت بخصوص رد فعل الأهل عليها وتفاصيل أخرى تدور حول العملية الجراحية نفسها، ولكننى فضلت تقديمها بشكل درامى .
 
أكد على أن قضايا الفتاة المصرية فى العصر الحالى تناقش بشكل أكثر جرأة ووضوحًا من السابق حيث يرى أن هناك أعمالاً كثيرة تناقش عدة قضايا تهم الفتاة مثل فيلم «678» و«الشوق» وغيرها خاصة أنه كلما يمر الوقت كلما نكتشف أسرارًا ومشاكل كبيرة مثل الزواج العرفى والتحرش والمشاكل النفسية وغيرها، على عكس ما كان يقدم قديمًا.. حيث يرى أن أفلام المرأة قديمًا كانت جانبية وتقدم من خلال وجهة نظر تزيد القمع على المرأة مثل فيلم «أنا حرة» للفنانة لبنى عبدالعزيز ويظهر الفيلم المتحررات على أنهن أقرب للمنحرفات وإن كانت المرأة تقدم قديمًا كنوع من أنواع الدراما الساخنة.
 
 

 
وعن قضايا الفتاة الحالية قال مجدى: المشكلة ليست فى قلة الأعمال أو المبدعين ولكن المشكلة هنا فى السوق الذى يهتم أكثر بالأعمال التجارية غير أن طريقة تناول القضايا المهمة قد تفقدها مصداقيتها.. ولكن فى هذا الوقت نحن لسنا بحاجة إلى التفرقة بين المرأة والرجل فكلانا أمام معركة سياسية واجتماعية قادمة يجب التركيز عليها.