الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

على مسئولية الخبراء : المجتمع يقيد الفتاة نتيجة «النظرة الذكورية» وعليه احترام قواعده




بنت ثانوى التى تحتضن كتبها وتحلم بمستقبل تحقق فيه ما تتمناه بعيدا عن قيود أسرتها، ثم بنت الجامعة التى يشغلها البحث عن دور لها فى المجتمع تثبت فيه قدراتها ثم تنتقل إلى الواقع العملى بعد انهاء دراستها لتجد أن الحصول على فرصة عمل حلما صعب المنال وإذا تحقق فتظل تحاصرها الأسئلة «لماذا لم تزوج حتى الآن؟»، والتى تصل لدرجة الاتهام بالفشل.
 
 
البنت التى لم تجد إعلاما يخاطبها ولا جهة رسمية ولا حقوقية تدافع عنها، تتحدث عن هذا الواقع وتحلله د. ثريا عبدالجواد أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس والتى تقول إن ثقافة المجتمع المصرى والخطاب الثقافى فيه يتجاهل الفتاة منذ لحظة ميلادها ، بداية من عدم الرغبة فى مجيئها والاهتمام بانجاب الولد وهو أمر تشترك فيه مختلف الفئات مهما كانت درجتها العلمية أو الثقافية أو الاجتماعية، فهى جزء من ثقافة المجتمع التى تنكر أن للمرأة امكانيات وقدرات وتكتفى بوضعها فى دور محدود ، وهى رؤية منتشرة بشكل واسع فى المجتمعات الريفية والأوساط الشعبية.
 
 
تكمل د. ثريا قائلة إن هذه الرؤية التى تعانى القصور تنعكس على منظومة التشريعات وتؤدى لعدم المساواة مع الرجل بالاستبعاد من مراكز صنع القرار على سبيل المثال، وإذا نظرنا بالتفصيل لكل مرحلة عمرية نجد أن الأسرة لا تتعامل بصورة صحيحة مع طبيعة نفسية الفتاة فى تلك المرحلة التى تشهد تغيرات نفسية وفسيولوجية، ويصاحبها زيادة القيود من الأسرة التى تتعامل معها من منطلق أن أى خطأ فى هذه المرحلة يعتبر عارًا، وهوما ينعكس عليها بالاحباط والكثير من المشاكل النفسية حيث يزداد الخيال، والحل هنا فى الخطاب الاعلامى المتزن.
 
 
أما أزمة البنت فى المرحلة الجامعية فتوضح د. ثريا عبدالجواد فى تحليلها النفسى أنها تكمن فى الاستعداد لما هو قادم بعد هذه المرحلة وهو شعور يتسم بالاحباط وفقدان الأمل نتيجة ارتفاع نسبة البطالة، ويشترك معها الشباب فى ذلك، تجد البعض يفضل الفشل الدراسى خاصة فى السنة الأخيرة.
 
 
تأتى مرحلة ما بعد التخرج لتدخل الفتاة فى ضغط نفسى قوى ، لتصبح رهينة لوم المجتمع المستمر للحصول على فرصة للزواج وكأنه دورها المقدس خصوصا أن المجتمع الريفى يطلق عليها لقب «عانس» إذا أنهت دراستها الجامعية بدون زواج ، وتحاصرها القيود الثقافية والاجتماعية من داخل أسرتها ومن المجتمع ككل.
 
الجدير بالذكر أن البنت فى هذه المرحلة تجد من حولها يحدثونها بمبادئ لم تسمعها من قبل وهى أن تحقيق الانجاز فى التعليم والعمل غير مهم، والأفضل أن تجد الرجل الذى يعطيها الأمان وكأنها عار يجب أن يجد من يتحمله ويحميه ، أن الأصل فيها هوالولادة والانجاب فهوالدور الذى خلقت من أجله لتتحمله بعد ذلك وحدها، استكمالا لثقافة المجتمع الذكورية، فى حين أن الدول الغربية تحمل تشريعاتها فى قوانين العمل بند رعاية الأبناء لكل من الأب والأم وهوما يعكس قناعة تامة بقناعتهم بالمساواة.
 
 
من جانبه يحلل الظاهرة اجتماعيا د. رشاد عبداللطيف أستاذ علم الاجتماع الذى يقول إن الفتاة المصرية اليوم حصلت على الكثير من الحقوق التى لم تكن متاحة لها قبل 50 عام، ولكن المخاوف من العار والاعتداء عليها هوما يدفع الأسرة والمجتمع لتقييدها ، وتزداد درجة الانغلاق فى المجتمعات الصحراوية والريفية وتقل فى المجتمعات الحضرية.
 
 
ويوضح د. رشاد أن المشاركة الواسعة للفتيات فى العمل الاجتماعى الخيرى تعبر عن رغبة الفتيات فى كسر هذه الحدود من خلال المشاركة فى حملاء لتوزيع المساعدات وذلك فى إطار تقبله الأسرة ويرحب به المجتمع ، أما عن الدور السياسى للفتاة فيقول أن المجتمع مازال لديه نظرة متحفظة يجب على الفتاة احترامها وعدم كسرها ، ومحاولة التعبير عن نفسها من خلال القنوات الشرعية وهوأفضل الحلول، فالمجتمع لا يرحب على سبيل المثال باعتصامها فى الشارع وهوما يعرضها للمخاطر.
 
 
يكمل قائلا أن المجتمع تحرر من بعض جوانب نظرته السلبية للفتاة مثل قيادتها للسيارات على سبيل المثال ، وان كان مازال يحملها الخطأ عند تأخر الزواج رغم أنها مشكلة اقتصادية فى الأساس، ويرى أن سعى الفتاة لتحقيق طموحها فى الاطار الذى يحترمه المجتمع دون تمرد هوالطريق الأكيد لكسر القيود حولها ولكن مع الوضع فى الاعتبار أن: «الغلطة بجون» كما يقولون.