الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

احتقان الحديد والورق!

احتقان الحديد والورق!
احتقان الحديد والورق!




سمير راضى يكتب:

حتى لو البرلمان وافق على بيان الحكومة بحزمة الائتلافات داخل المجلس وأتوا بأضعاف هذا العدد لم يرض المواطنون عن أداء الحكومة لعدم وضوح رؤيتها وشفافية  برنامجها الوهمى.. لأسباب كثيرة يعلمها القاصى والدانى ورجل الشارع البسيط.. أولها افتقاد الرقابة.. والرقم الواحد..
مثال واحد حيرت الحكومة مواطنيها اتخذته منذ أيام بتخفيض بيع الغاز بمصانع الكبيرة سواء كانت للحديد أو الورق وغيرهما من 7 دولارات للمليون وحدة حرارية إلى 4.5 دولار على أن تدفع هذا المصانع لتشغيل جميع خطوط الإنتاج المتوقفة خاصة أنها كنت تعمل بـ30٪ فقط من طاقتها..
وهاجت الدنيا وماجت ولكننى كتبت بأنها خطوة مهمة ومشجعة لما يترتب عليها من تشغيل عمالة وإنتاج زائد ووقف الاستيراد الذى يستنزف الدولار.. فضلًا عن زيادة الأرباح للعاملين، وبالتالى  زيادة دخل العامل وتحريك السوق فى البيع والشراء بالنسبة لمتطلبات الأسرة المصرية.
وكنت أعتقد أن هذه المصانع سواء الحديد أو الورق كنموذج لن تقوم برفع الأسعار حتى لا يتم رفع أسعار مستلزمات البناء على المستهلك وما يتبعه من جوانب أخرى مرتبطة بهذه الصناعة الخطيرة.. مع العلم بأن هناك أكثر من سبعين «حرفة» مرتبطة بهذا القطاع.
ولكن .. للأسف خاب ظنى اليائس من أداء الحكومة.. حيث فوجئ المواطن بأن الحديد زاد بأكثر من أربعمائة جنيه المصنع المحلى خلاف التوصيل طبقًا لبعد المحافظة أو المنطقة مقارنة بالحديد التركى الموقوف استيراده منذ أيام وزاد طن الورق المحلى أيضًا سبعمائة جنيه.
وطبقًا لتصريح رئيس شعبة مواد البناء الحديد التركى 3800 جنيه بما يساوى 380 دولارًا للطن على حساب الدولار بعشرة جنيهات.. والحديد المحلى أصبح بـ5500 جنيه للطن.. أى بزيادة 1650 جنيهًا عن المستورد.
وهذا ليس عيبًا فى المصانع التى تتحجج بالخسارة الربحية فى الفترة السابقة ويريدون تعويض هذا الفارق.. وليس الخطأ فى رؤية الحكومة لعدم وجود رقابة من جهتها على المصانع..  ولكن خطأ الشعب الذى صدق البلد أما القول بأن هذه هى، أسعار السوق الحر والأسعار العالمية. فالرد ببساطة السعر فى الخارج والمستورد وأرخص فضلًا أن الحكومة تنازلت ودعمت سعر الطاقة وهذا لا يوجد فى أى دولة فى العالم المنتج الحر.
ولكننى أشعر بأن هناك مؤامرة واضحة بين الحكومة ورجال الأعمال لطحن المواطن المصرى وتركه فريسة سهلة لهم.
فرجل الشارع يسأل: ألم يكن هناك اتفاق من قبل بين هذه الأطراف بثبات الأسعار بل وتقليلها بتحريك السوق وتخفيف معاناة المواطن.. أم الحكومة لا تعلم بحجم الزيادة.. أم تغض الطرف عنها بدعوى أنها تحمل هموم أخطر من زيادة الأسعار ووقف الاستيراد الرخيص والجيد؟
وهل زيادة سعر الورق المحلى بما يحصل على دعم الطاقة من أموال المواطنين يستوجب الدفع إلى انتحار مستهلكى الورق سواء كان مدرسيًا أو صحفًا أم يريدون أنت توقف حلقات هذه الصناعة ويتم تشريد ملايين المواطنين المرتبطين بهذه المهنة المهمة والخطيرة.
وأرى أن الإشكالية فى الرقابة وشفافية الاتفاق بين الأطراف المتحكمة - الحكومة ورجال الأعمال.. وهل تعلم هذه الأطراف الفرق بين النمو والتنمية فالأول يدخل فقط فى زيادة أرباح نخبة من المجتمع «النمو الرأسمالى».. أما الثانى فتعنى شعور المواطن البسيط والطبقات المتوسطة بالتنمية الاجتماعية التى تمس المجتمع، ككل من خدمات ووسائل الإنتاج بأسعار مناسبة.. وهذا الأمر بالمناسبة بدأت فيه جميع دول العالم المتقدم «الغربى» منذ 1997 المعروف بالتنمية المستدامة.
لذلك أشعر وكثيرون غيرى بحجم المؤامرة أو العشوائية من قبل أطراف ما.
وأهمس فى أذن الحكومة وحليفها.. أن حجم النمو وصل فى عهد الحزب الوطنى الديمقراطى قديًما إلى درجات مرتفعة للغاية.. عادت فقط على نخبة من المجتمع. ولكن فى المقابل تم حرمان المجتمع المصرى بكل شرائح خاصة الطبقة المتوسطة من التنمية من خدمات وبناء بنية تحتية مناسبة وضعف الرقابة فضلًا عن قضايا الاحتكار فى الأسمنت المعروفة وغيرها.. الأمر الذى جشع البرلمان قبل 25 يناير على أن يقر مشروع قانون حبس وغرامة للمبلغ عن قضايا الاحتكار.. وأسقطه عصام شرف رئيس الوزراء الأسبق بعدما كتبنا عنه فى «روزاليوسف» وكانت فضيحة للبرلمان والحكومة.
وأخيرًا وليس آخرًا.. اعتقد أن تدليل النخبة على حساب المجتمع ينذر بكارثة.. سيدفع ثمنها الجميع دون استثناء ولن تستطيع الحكومة بيع الوهم للمصريين مرة أخرى.. فهل أحد يسمع ويقرأ.. أشك؟!