السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الإصلاح الإعلامى فى مصر!

الإصلاح الإعلامى فى مصر!
الإصلاح الإعلامى فى مصر!




رشاد كامل يكتب:
فى هدوء شديد وصمت أشد رحل الدكتور «فاروق أبوزيد» الكاتب وأستاذ الصحافة وعميد كلية الإعلام لعدة سنوات، وعضو المجلس الأعلى للصحافة وغيرها من المناصب الرفيعة.
أسعدنى أننى عرفت الرجل وزاملته فى عضوية المجلس الأعلى للصحافة طوال ست سنوات، واستمعت إليه متحدثًا قديرًا لا يخشى فى الحق لومة لائم، وكان سنده دائمًا المنطق والمعلومة وذلك الكم الهائل من المعرفة والإحاطة عما يتحدث فيه!
كنت رئيسًا لتحرير صباح الخير عندما أهدانى د.فاروق أبوزيد أحدث كتبه وقتها واسمه «الإعلام والسلطة: إعلام السلطة وسلطة الإعلام».. كان موضوع الكتاب جريئًا ومهمًا فى ذلك صيف سنة 2007، وعلمت منه وقتها أن البعض غضبوا ولم يرتاحوا لما جاء فى الكتاب من كلام عن ضرورة إصلاح إعلامى يزيل السمات السلطوية من على جسد النظام الإعلامى المصرى!!
راحت الثعالب الصغيرة تهاجم الرجل لأنه استخدم مصطلح السمات السلطوية رغم أنه مصطلح علمى أكاديمى لا علاقة له بالسلطة القائمة وقتها، ولم يلتفت أحد إلى أهمية ما كتبه الرجل تحت عنوان «الإصلاح الإعلامى فى مصر» وكان بمثابة روشتة طبية بديعة.
ويرصد د.فاروق أبوزيد 35 مؤشرًا لسمات النظام الإعلامى السلطوى بشكل عام لكنه يؤكد: «أن النظام الإعلامى المصرى بظروفه الموضوعية وتراثه التاريخى مؤهل لأن يقدم نموذجًا لنظام إعلامى ديمقراطى قابل لأن يحتذى به فى المنطقة العربية ولكى يتحقق ذلك لابد أن يتخلص هذا النظام من السمات السلطوية الباقية!
ولكى يتحقق الإصلاح الإعلامى من الضرورى اتخاذ الخطوات التالية: وضع التشريعات التى تكفل لوسائل الإعلام الوصول إلى المعلومات والحصول عليها من مصادرها الأصلية وأن تضمن هذه التشريعات محاسبة المسئولين عن حجب المعلومات عن وسائل الإعلام ومطالبة الهيئات والمؤسسات الحكومية والأهلية بإيجاد الآليات التى تساعد على تدفق المعلومات بدقة موضوعية، وتحديد إجراءات قانونية تسمح للإعلاميين بالإطلاع على الوثائق والمستندات والاتفاقيات الحكومية والأهلية بما لا يمس الأمن القومى أو المصالح العامة أو الخاصة.
أيضًا العمل على إلغاء كافة القوانين التى تتيح حبس الإعلاميين فى قضايا النشر أو الإذاعة وتفضيل اللجوء إلى التعويض المالى.
وكذلك «تحرير اتحاد الإذاعة والتليفزيون والشركة التابعة له من أى قيود بيروقراطية تعوق الأداء الإعلامى للاتحاد ووضع الضوابط اللازمة للتفرقة الواضحة بين ملكية الدولة للخدمات الإذاعية  والتليفزيونية وبين سيطرة الحكومة عليها، كما هو الشأن فى هيئة الإذاعة البريطانية واتحاد الإذاعة والتليفزيون الفرنسى وبقية دول غرب أوروبا والهند!
أيضًا البحث عن صياغة جديدة للصحف القومية منها تحويلها إلى شركات مساهمة وتمليك بعض أسهمها للعاملين كمرحلة أولى وطرح بعض أسهمها للجمهور فى مرحلة ثانية ثم تمليكها بالكامل للمواطنين فى مرحلة ثالثة، مع اشتراط قصر ملكيتها على المصريين.. المهم هو إيجاد صيغة جديدة للصحافة القومية تحقق لها الاستقلال الكامل.
أيضًا العمل على تشكيل تنظيم نقابى يضم الإعلاميين العاملين باتحاد الإذاعة والتليفزيون وغيرها من القنوات التليفزيونية والشبكات الإذاعية الخاصة وذلك بما يضمن استقلالهم المهنى والدفاع عن مصالحهم مثلما هو الشأن مع الصحفيين مع تحديث قانون نقابة الصحفيين بالشكل الذى يعطى النقابة قدرة أكبر على حماية مصالح أعضائها وعلى محاسبتهم فى الوقت نفسه!
وأخيرًا يقول د.فاروق أبوزيد ــ رحمه الله: «خلاصة الأمر أن التدفق الحر للمعلومات وإصلاح الإعلام المصرى يتطلب العمل بأقصى سرعة للتخلص من السمات السلطوية التى مازالت تحول دون انطلاق الإعلام المصرى إلى فضاء الحرية الإعلامية كما تعرفها الدول العريقة فى هذا المجال».
انتهت روشتة د.فاروق أبوزيد رحمه الله.