الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«حسن البدوى» مقبرة لأحياء بـ«الغربية»

«حسن البدوى» مقبرة لأحياء بـ«الغربية»
«حسن البدوى» مقبرة لأحياء بـ«الغربية»




الغربية – محمد جبر


تعتبر منطقة مقابر سوق الجمعة العشوائية بمدينة المحلة، وتحديدا مقابر حسن البدوى خلف مبنى مؤسسة الأحداث بالمحلة الكبرى، من أكبر المناطق العشوائية فى الغربية وفى مدينة المحلة، حيث تعانى الإهمال والتدهور وعدم اهتمام أجهزة المحافظة بها أو الحكومة عامة، علاوة على أن الأهالى يشكون انتشار الأمراض والفقر وسوء حالة المعيشة.
وترتبط تلك المنطقة بأحد أكبر الأسواق بمدينة المحلة الكبرى الذى يلقى رواجا كبيرا يوم الجمعة من كل أسبوع ويتوافد المواطنون إليه لشراء المفروشات، وقربها من منطقة المقابر، حيث نشأت تلك المنطقة العشوائية ولم يقم أى محافظ للغربية بزيارتها ويخشى المسئولون الاقتراب منها، فضلا عن أن تلك المنطقة بها نحو 65 عشة مساحة الواحدة منها لا تتعدى 2م فى 2متر يسكن بها المئات من الأسر فى أوضاع صعبة، حيث لا يوجد بتلك العشش سوى أدوات بسيطة للمعيشة من سرير أو بوتاجاز وكراسى خشبية وقليل من أدوات الطبخ محتويات تكاد تتماثل فى كل تلك العشش.
لم يكن هذا فحسب، بل نشكو من عدم وجود مصدر للمياه والكهرباء ويقضى المواطنون حاجاتهم من خلال أحد المساجد الموجودة بجوار المنطقة، ويعرف بمسجد مقابر سوق الجمعة، وكذلك ملئ المياه فى جراكن من المسجد للشرب ويترددون على المركز الطبى المجاور لهم للعلاج، فضلا عن انتشار كبير للقمامة ورواج البانجو بين العشش وساكنيها.
تقول بوسى الدسوقي،24 سنة: «أنا اتولدت وعشت عمرى كله هنا وتم زواجى وأنجبت ابنى وسط العشش والقمامة، والدولة لم تساعدنا بشىء، وزوجى لا يعمل وأنام وابنى على الأرض ونعيش على الصدقات من أهل الخير الذين يتوافدون على مقابرهم».
وتابعت: منذ 5 سنوات تقريبا عرض مجلس مدينة المحلة توفير شقق لنا بمساكن الراهبين بسمنود، لكن المقدم كان 1600 جنيه للشقة الواحدة وبالتقسيط وكان ذلك غير متوفر لنا أو لأى من سكان العشش».
ويؤكد طارق نجيب، أحد الشباب القاطنين بالعشش: «إحنا عايشين وشغالين فى نفس العشة والقمامة معنا ونعمل على جمعها فى كثير من الأحيان، وإحنا مش موجودين على الخريطة والحكومة لاتعرف شيئا، مستنكرا قيام موظفى مجلس المدينة بتحرير محاضر كهرباء سرقة تيار علاوة على ذلك نعيش فى رعب لسماعنا عن حملات إزالة لطردنا من العشش وإزالتها ونحن نعمل ونقيم فى تلك العشش ولا نستطيع الانتقال لمكان آخر فنعيش باليومية، لافتا إلى أن أغلب الأسر تعيش على التسول وانتظار «الرحمة» التى توزع على أرواح الموتى يومى الخميس والجمعة فى المقابر القريبة مننا وفى الجنازات.
وتقول مدنية زينهم، 47 سنة: كنت أسكن فى منزل إيجار وطردنا المالك لبناء برج واضطررنا لبناء هذه العشة من الخشب وكلما تهالك السقف أو الجدران وأصبحت على وشك الانهيار يأتى أهل الخير ويتبرعون لترميمها»، لافتة إلى أن البلطجية ومتعاطى المخدرات يقتحمون عليها وعلى بنتيها العشة ولا يستطيع أحد الاعتراض أو الدفاع عن أنفسهم فالمكان وكر لكل أشكال الانحراف من مخدرات و نشل وتسول.
وتشير صفية يوسف، إحدى المتضررات، معاقة، إلى أن مكانها منذ 40 عاما، ولديها 4 بنات منهن طفلة معاقة وقام أحد الأثرياء بإعادة بناء العشة الخاص بها بعد أن تساقطت جدرانها تباعا ووضع طبقة من الخشب ليخفى بها بناءها بالطوب، مطالبة بالعلاج والرعاية لنجلتها، خاصة أن زوجها متوفى وأطلق عليها الأهالى أم الأيتام وأن مجلس المدينة طلب منها 5 آلاف جنيه مقدم شقة وتقسيط 25 ألفا وهى لاتستطيع تدبير ذلك.
«ستوتة سليمان» 50 عاما تسرد مأساتها قائلة»: «عندى فرش شاى بجوار المقابر أربى منها أولادى اليتامى» مطالبة بأن يقوم مجلس المدينة بالموافقة على منحها باكية أو كشك أبيع فيها فى أى مكان ونكسب بالحلال ليساعدنا فى تربية الأولاد.
ويضيف شكرى السيد، أحد أصحاب المحال المجاورة للعشش: «ربما تحدثتم عن فئة فقيرة حقا من سكان تلك العشش إلا أن هناك أغلبية فاسدة لا تستحق الشفقة ولا المساعدة فأغلب هؤلاء يتاجرون بالمخدرات ويعملون بالدعارة ليلا والسرقة والنشل نهارا.. ويلفت السيد إلى أن هناك محترفين فى الاتجار بشقق الإسكان الذين يحصلون على شقق من الدولة فى كل مشروع سكنى بالرشوة أو البلطجة أو التمثيل والادعاء بأنهم غلابة سكان عشش ويفضلون البقاء هنا، حيث العمل الملوث الذى يعتمدون عليه ويبيعون تلك الشقق و قد ينتقل بعضهم لتلك الشقق ويبقى عشته لتلك الأعمال».
من جانبه قال اللواء ناصر طه، رئيس مركز ومدينة المحلة، إنه زار تلك المنطقة من قبل وأكد تمسك الأهالى بالعشش ورفضهم أى إسكان خارجى لأن عملهم مرتبط بها، موضحا أن النسبة الغالبة من هؤلاء يحترفون البلطجة والسرقة وإذا منحتهم الحكومة الشقق سيتاجرون بها ويظلون فى عششهم.
ووعد طه بمحاولة توفير شقق سكنية للمحتاجين الحقيقيين خلال أقرب فرصة وتم بالفعل توفير بعض الشقق من قبل ولكن تبقى أزمة المقدم تؤزم كل الحلول المقترحة فالفقراء الحقيقيون لا يملكون هذا المقدم زاد أو قل ومحترفو التسول وحدهم يتملكون تلك الشقق ليبيعوها بأغلى الأسعار لآخرين أكثر احتياجا لها.
وطالب أهالى المحلة الكبرى بقيام اللواء أحمد صقر، محافظ الغربية، بزيارة لتلك المنطقة العشوائية وايجاد حلول لها، خاصة أن بعض قاطنيها قاموا باستلام شقق من مجلس المدينة ويستخدمون العشش كأوكار لهم أو لتخزين بضائع ومفروشات لبيعها فى سوق الجمعة بالمحلة وضرورة تنظيم حملات لإزالة عشش من تسلموا شققا سكنية.