الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الاتجار فى الدولار بالسوق السوداء: «المـُستغل والمـُحتكر كلاهما فى النار»

الاتجار فى الدولار بالسوق السوداء: «المـُستغل والمـُحتكر كلاهما فى النار»
الاتجار فى الدولار بالسوق السوداء: «المـُستغل والمـُحتكر كلاهما فى النار»




كتب - عمر حسن


فى ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التى تشهدها مصر، نتيجة لارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري، يسعى البعض لتحقيق مكاسب على حساب البلاد والعباد، من خلال استغلال هذه الأزمة، عن طريق الاتجار بالعملات الأجنبية بطرق غير مشروعة، فيما يُعرف بـ«السوق السوداء».
وعلى رأس تلك العملات يتربع «الدولار»؛ العمود الفقرى لاقتصاد الدول؛ والتى تعتمد عليه مصر فى جلب معظم صادراتها، وسد احتياجات المواطنين الأساسية، مثل الطعام والشراب، والأدوية، وخلافه من مقومات المعيشة الرئيسية.
«السوق السوداء» إحدى تلك العوامل التى ضاعفت من الأزمة، حيث يلجأ أصحاب المصالح للاتجار فى الدولار، وبيعه بسعر أعلى من السعر الذى حدده البنك المركزي فى أماكن خفية، مُستغلين فى ذلك الطلب المتزايد على هذه العملة من جانب الشركات، الأمر الذى يؤدى إلى ارتفاع سعر الصرف، وبالتالى ارتفاع أسعار مواد الغذاء والأدوية المستوردة من الخارج، وهو ما ينعكس سلبا على المواطن البسيط، الذى يعانى بدوره من ويلات المعيشة، وربما يلجأ لطرق غير شرعية لكسب قوت يومه.
وعليه نفتح باب التساؤل حول حكم من يتاجر فى العملات الأجنبية بالسوق السوداء، ويتسبب فى عرقلة عجلة الاقتصاد المصري، خاصة فى هذا التوقيت الحرج، فهل من عقاب يقع على هؤلاء التُجار؟
من جانبه أوضح الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن القاعدة النبوية تنص فيما يتعلق بمسألة العملات الأجنبية على أنه «لا ضرر ولا ضرار»، والقاعدة الفقهية تنص على أنه «ما أدى إلى الحرام فهو حرام»، وعليه فإن الاتجار فى العملات الأجنبية خارج النظم المصرفية للدولة، يُعد إفسادا فى الأرض، وإضرارا بالبلاد والعباد.
وأضاف كريمة فى تصريحات لـ«روزاليوسف» أنه من المعلوم بأن المصلحة العامة تٌقدم على المصلحة الخاصة، وأن دفع المفاسد مٌقدم على جلب المصالح، لافتا إلى أنه فى الفقه الإسلامى «باب الصرف»، توجد تشريعات وتفصيلات تقضى بُحرمة الإضرار بالاقتصاد الوطني، فيد الله مع الجماعة، والله حضّنا على الإيثار فقال: «ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة».
وذكر أستاذ الشريعة مثالا لعدم الإضرار بالاقتصاد، ضربه سيدنا عمر بن الخطاب –رضى الله عنه- حينما مر فى سوق المدينة، ورأى رجلا يُدعى «حاطب بن أبى بلتعة»، فوجده يضارب الناس فى بيع تجارة، قيل إنها كانت عسلا، فنهاه عن ذلك، وقال له: «إما أن تبيع فى السوق كسائر الناس، وإما أن ترفع من سوقنا»، وعلًل له ذلك فقال: «أردت المصلحة لا أكثر».
واختتم كريمة قائلا: «ومن هنا يجب على المواطنين فى الداخل والخارج فهم خطورة ومضار وتداعيات الإتجار بالعملات الأجنبية خارج النطاق المصرفى الذى رسمته الدولة».
فى سياق متصل أوضح الشيخ صبرى عبادة، مسُتشار وزير الأوقاف، أن التعامل فى الأوراق المالية حلال، ما دام تحت مظلة القانون الذى أصدره ولى الأمر، مضيفًا: «السوق السوداء تُحدث أزمة اقتصادية وهى تُخالف أمر ولى الأمر».
وأردف عبادة أن الحُرمة هنا فى مخالفة القانون، وما يترتب عليه من اضطرابات فى أسعار السلع والخدمات، مشيرا إلى أن كل من يساهم فى رفع أسعار السلع من خلال الاتجار فى الدولار بهذه الطريقة، ويضيق على الفقراء حياتهم ومعيشتهم، يلحق به ذنب، فهذا نوع من الاحتكار، والإسلام نهى عن ذلك.
وتابع مستشار وزير الأوقاف: «البنك المركزى يوفر حصة من الدولارات لكل شركة وفق احتياجاتها ومن يسعى لجلب المزيد بدعوى إن بيته هيتخرب، فهو فى حقيقة الأمر يطمع فى كسب مادى مضاعف»، مُختتما: «اتباع تعليمات ولى الأمر فى هذه الظروف الاستثنائية واجب شرعي..فالسوق السوداء حرام..واستغلال الناس حرام..فالمُستغل والمحكتر كلاهما فى النار».
بينما جزم الشيخ محمود عاشور، وكيل شيخ الأزهر سابقًا، أن هناك قوى أخرى تسعى لتعطيل مسيرة الدولة الاقتصادية، مضيفًا: «أى شىء يخرج عن الإطار الشرعى الذى حددته الدولة ويؤثر على مسيرتها الاقتصادية مُحرّم»، وتابع: «على المواطن أن يلتزم بالتشريعات التى تحافظ على بقاء الدولة مرفوعة الرأس».
وأكد عاشور فى تصريحات لـ«روزاليوسف» أن الحكومة تصدر مائة وعشرين مليون دولار أسبوعيًا، وهى حصة كافية، تلبى احتياجات الشركات، مُختتمًا: «البعض يسعى لجلب المزيد من باب الجشع لا أكثر، فى إطار من السرية».