السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الميكنة» تنقذ الشهر العقارى من خطر «الروتين»

«الميكنة» تنقذ الشهر العقارى من خطر «الروتين»
«الميكنة» تنقذ الشهر العقارى من خطر «الروتين»




تحقيق وتصوير - دعاء محمد


غرف ضيقة.. نوافذ محطمة.. مكاتب متهالكة.. تتكدس عليها الأوراق وتملؤها الأتربة.. لايزال الموظفون يستخدمون الورقة والقلم.. وحولهم يدور المواطنون من أصحاب المصالح على كل الغرف لاستكمال إجراءات التوكيلات والتسجيل والتوثيق بالشهر العقارى.. تلك هى أحوال مكاتب التوثيق العقارى فى أغلب المحافظات، ومن داخل مكتب الشهر العقارى بميدان الجيزة رصدت «روزاليوسف» معاناة المواطنين داخل تلك الدهاليز التى لا تزال تنتظر الميكنة حتى وقتنا هذا، مما يتسبب فى ازدحامها منذ بدء العمل بها صباحا وحتى انتهاء مواعيد العمل الرسمية، أخطاء كثيرة يقع فيها الموظفون وبيانات مفقودة ومواطنون يضطرون للجلوس على السلالم فى انتظار «الفرج» والذى قد يتأخر إلى اليوم التالى أو قد يستغرق أسبوعا بأكمله كل وفقا لمتطلباته.
يتكون مكتب الشهر العقارى فى شارع مراد بالجيزة المكون من الطابق الأول بأحد العقارات السكنية، وله مدخل خاص به، ويتوافد عليه العشرات من المواطنين لقضاء مصالحهم، ينتظر كل واحد منهم دوره لبدء دورة الإجراءات لعمل التوكيلات أو التسجيل العقاري، بينما المكان غير مؤهل لاستقبال تلك الأعداد التى تتواجد بشكل يومى.
ممرات ضيقة متداخلة يتنقل فيها أصحاب المصالح لاستكمال أوراقهم، والمكتب مزود بماكينات للتصوير لا تستطع رؤيتها من كثرة الزحام حولها لتصوير البطاقات الشخصية أو نسخة من التوكيل أو شراء عقد تسجيل أو توكيل قضايا، وفى خلال الفترة التى تقع بين الساعة 1.30 و2 ظهرًا تنخفض تدريجيًا حركة المواطنين داخل المكتب ليستريح العاملين، فى المقابل ينشط عمل الأكشاك التى تقع بجوار المكتب وتقوم بتصوير الورق وبيع أوراق التعاقد والتوكيلات، فى حين يظل المواطن فى دوامة لاستكمال ما جاء من أجله.
ولا يختلف الحال كثيرا داخل مكتب الشهر العقارى بمحافظة حلوان الذى يحتل الدور الثانى من أحد العقارات السكنية، وهو عبارة عن شقتين يتنقل المواطنون بينهما لاستكمال الإجراءات، شقة ينتظر فيها المواطنون دورهم لبدء إنجاز أوراقهم، والأخرى بها الخزينة والميكروفيلم وغرفة الحفظ.
إمكانيات ضعيفة وبنية تحتية متهالكة للغاية مثل الكثير من المكاتب، وإنهاء بطئ للإجراءات رغم عدم ازدحام المكتب، لكن لابد من الوقوف فى الطوابير للانتهاء من خطوة تلو الأخرى، وهى إجراءات تشبه «السير فى جنازة» كما وصفها أحد المواطنين.
 واشتكت مواطنة من طريقة تعامل الموظفين معها إذ يشعرونهم بأنهم يعملون لديهم، وبعد تسجيل جميع الإجراءات التى توصف بالروتينية تصطف مركبات التوك توك لتنقل الأشخاص بعد الانتهاء من مصالحهم إلى أقرب وسيلة مواصلات لهم.
ولم يختلف الحال كثيرا فى مكتب الشهر العقارى بالأزبكية والكائن فى شارع المهدى بالعتبة، حيث لا توجد لافتة تشير إلى وجود المكتب بهذا المبنى، بدأت شكاوى المواطنين باحتكار الموظفون لدورة المياة التى أغلقت بالمفتاح وكتب عليها للموظفين فقط وحرموا منها المترددين على المكتب.
كما جاءت الشكاوى من عمل المكتب بطريقة مركزية، إذ تتمركز جميع الإجراءات عند رئيس المكتب فهو الذى يجمع البطاقات الشخصية، ويوزع على الأشخاص أرقام تمثل دورهم بالترتيب، ثم يقوم بتوزيع المواطنين وفقا لحاجة كل مواطن على الموظفين.
وعن آراء المواطنين من داخل مكاتب الشهر العقارى بناءاعن تجربتهم التى مروا بها، عبر علاء الدين عزت – موظف - عن استياءه الشديد من تلك التجربة حيث اضطر للجوء لمكتب التوثيق لعمل توكيل للمحامى لحل مشكلة «الوقف» عن ممتلكات العائلة ولكن الإجراءات عقيمة وروتينية للغاية لدرجة استغرق معها اليوم بأكمله، ويذكر أن زوجته سجلت نفس التوكيل منذ عدة أيام فى نفس المكتب ولكن المدير رفض التوقيع على التوكيل وبالرغم من سداد رسوم التوكيل، بل ورفض استعادتها لها.
وبالحديث مع سامح محمد – موظف - الذى كان ينطق بالشهادة عند خروجه من المكتب حيث حضر لتحرير توكيل بيع شقة واستغرق 4 ساعات، عبر عن استياءه من دورة الاجراءات قائلا: الداخل إلى المكتب مفقود والخارج منه مولود، وأن الموظفين لا يسيرون وفق قواعد محددة بحيث يوافق موظف على تسجيل مستند ويرفضه موظف أخر.
وتقول سلوى حسين - إحدى المترددات على الشهر العقارى - أنتظر دورى منذ ساعة ونصف لعمل توكيل قضايا ولكن المكتب مزدحم باستمرار وضيق للغاية، ورفضت الاستغلال الذى يمارس داخل المكتب، حيث يتم تصوير الورقة الواحدة بجنيه فى حين أن تصويرها خارجه يتكلف 10 قروش فقط، كما تباع ورقة التوكيلات والعقود بـ 2 جنيه، بالإضافة إلى ضرورة دفع رسوم تحرير التوكيل 31 جنيها.
أما  أحمد على –  تاجر- فقد كان جالسا على السلالم فى انتظار انتهاء فترة راحة الموظفين لتحرير عقد تنازل لابنته عن جبانة خصصت له من المحافظة، وبعد طول انتظار رفض الموظف تحرير العقد، معللا أنه يتم فى إدارة الجبانات وليس بالشهر العقاري.
ووصفت نجوى كمال – مترددة على مكتب الشهر العقارى – بـ «مغارة على بابا» موضحه بأنها جاءت لعمل إثبات تاريخ لتجديد عقد الشقة  مقر الشركة التى تعمل بها، وتنتقد تهالك المقاعد المخصصة للمواطنين، والتى عرضتها للسقوط على الأرض عندما قررت الجلوس عليها، إضافة إلى كم هائل من مشاكل الجمهور معظمهم يتهمون بعض الموظفين بمكاتب الشهر العقارى بالتقصير والروتين وتعطيل مصالحهم والبطء والإهمال .
وفى ذات السياق تحدث ضيف النجار- مدير مصلحة الشهر العقاري- عن مشاكل مكاتب الشهر العقارى والتى يراها مقتصرة على سوء اختيار المقرات من ناحية البنية التحتية المتردية، مضيفا أن هناك انخفاضًا فى نسبة العمالة بمكاتب الشهر العقارى لكونها جهة طادرة للعمل لما يواجهه الموظفون بها من صعوبة وخطورة ومسئولية، فعدد الموظفين الذين يعملون بمكاتب الشهر العقاري10 آلاف موظف تقريبًا، فى المقابل يخدمون 90 مليون مواطن، مشيرا إلى أن معظم مكاتب الشهر العقارى مؤجرة فى مبان سكنية، وهناك مكاتب غير مؤجرة تابعه للمحاكم، وينفى وجود إجراءات روتينية داخل مكاتب الشهر العقارى والتى يتم تجديدها من وقت لآخر، وأن المعضلة تقتصر على المقر الذى يسع 100 شخص فقط بينما ويتوافد عليه فعليا 500 مواطن وهذا يؤثر على حركة سير العمل ويبطؤها، وعن إمكانيات المكاتب يضيف30% من مكاتب الشهر العقارى لم يدخلها الكمبيوتر و60% ستستخدمه فى القريب العاجل.
وصرح المستشار ممدوح طبوشة - مساعد وزير العدل لشئون الشهر العقارى - بأن عدد مكاتب الشهر العقارى يصل إلى395 مكتبا، وتم ميكنة 100 مكتب حتى الأن معظمهم بالقاهرة، مؤكدا أن استكمال ميكنة المتبقى سيتم فى القريب العاجل، وأن المصلحة أنشئت بموجب قانون رقم 114لسنة 1946م، وهو ذات العام الذى أنشئت فيه أعرق المؤسسات القضائية وهو مجلس الدولة المصري، وتم إنشاء هذين الكيانين جنبا إلى جنب لتطوير منظومة العدالة بمصر وفقا للنظام الفرنسى.