الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

العمالة الموضوعية

العمالة الموضوعية
العمالة الموضوعية




على الشامى يكتب:

انتهى العصر الكلاسيكى للجاسوسية، انتهى عهد الشفرات وأجهزة التنصت تحت المكاتب، انتهى عصر الكاميرات التى تخترق مواقع الجيوش، انتهى زمن تسليم الدولارات باليد فى إحدى جزر اليونان، انتهى الشكل الكلاسيكى المعتاد فى العصور القديمة، حتى طغيان ثورة الاتصالات والتكنولوجيا على المجتمعات فى كل أنحاء العالم  لم ينته هذا الزمن فحسب، ويأتى زمان جديد أصبح الجاسوس لا يحتاج لمعدات كبيرة فقط جهاز موبايل أو «آيباد» متصل بالأقمار الصناعية، ايميل يتلقى عليه الأوامر، ويرسل عبره المعلومات ولكن دوما كان هناك جاسوس من نوع خاص عبر تلك العصور.
وحتى الآن كان هناك جواسيس ليس من ضمن وظائفهم الاتيان بمعلومات سرية أو خطيرة بل على العكس لا يسند إليهم أى تكليف من أى نوع ويتم تصعيدهم وايصالهم لمكانة كبيرة فى المجتمع المطلوب تدميره، ظهور إعلامى مكثف منصب فى مؤسسة ما أو حزب أو مؤسسة مجتمع مدنى تعمل كستار لجلب أموال من جهات أجنبية مشبوهة مقابل تدفق الدولارات على حسابه فى البنك وفيلا أنيقه وسيارة فارهة كل ما عليه هو بث أفكار هدامة وأضعاف الروح الوطنية وبث روح الهزيمة واليأس فى نفوس الناس.
يحكى أن المغول عند احتلال بغداد كان المقاتل المغولى ينكسر سيفه من كثرة القتل فيأمر الناس ألا يتحركوا حتى يجلب لهم سيفا آخر ليقتلهم فيطيع الناس أمره، إلى هذا الحد بلغت الحرب النفسية مبلغا عظيما، إلى هذا الحد يمكن أن تهزم بلدا بأكمله بأن تصدر إليه مجموعة – للأسف من ابنائه – لينشروا روح اليأس.
يعرف هذا بمصطلح العمالة الموضوعية، وهذا النوع من العمالة الموضوعية مدفوعة الأجر خطير جدا أما الأخطر فهى العمالة الموضوعية غير مدفوعة الأجر، أن يتحول الناس – أو بعضهم – إلى بؤر تبث هذه الروح فى المجتمع دون مقابل أى أنه ولسخرية القدر يدمر وطنه مجانا صحيح أن هذا الشخص لا يهدف إلى ذلك وهو أنقى وأكثر وطنية من ذلك الذى يدمر وطنه بعمالة مدفوعة الأجر وصحيح أنه أحيانا يكون أكثر وطنية من المنافقين والمطبلاتية لكل العصور إلا أن مصر تحتاج إلى روح جديدة روح نفتقدها لترفع هذه الحالة من اليأس، جزء منها أن ينظر الناس بعمق إلى الواقع الخارجى والداخلى وينظر صناع القرار – الوطنيين منهم بالطبع – إلى أن هذا الوطن يحتاج أبناؤه إلى اشراكهم فى همومه وحلولها و«أن هذا الشعب لم يجد من يحنو عليه» حتى يشعر المواطن المصرى أن هناك تنمية تحدث من أجله هو.
أن هناك حل لأزمة الإسكان والعشوائيات لا حل لنقص كومبوندات وشاليهات الأثرياء تحتاج مصر إلى روح أكتوبر وروح العمل فى الستينيات والخمسينيات وروح الوطنية والوعى فى الثلاثينيات والأربعينيات نحتاج إلى مصر جديدة حقا لا قولا حتى تختفى العمالة الموضوعية ولا تستطيع العمل فى جو صحيح اجتماعيا وبالتالى تستطيع البلد الالتفات نحو الشرق قليلا والتصدى للعدو الوحيد.. الكيان الصهيونى.