الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

محمد هانى عمدة «سنوفر» بالفيوم: القاضى الشعبى.. حكمه نهائى لا رجعة فيه

محمد هانى عمدة «سنوفر» بالفيوم: القاضى الشعبى.. حكمه نهائى لا رجعة فيه
محمد هانى عمدة «سنوفر» بالفيوم: القاضى الشعبى.. حكمه نهائى لا رجعة فيه




حوار - محمد السيد

دستوره الأعراف، ومواد قانونه العادات والتقاليد، لا يجرؤ أحد على مخالفة حكمه النهائى وكلمة القاضى فيه كالسيف، إنه المجلس العرفى، وهو أقدم أشكال القضاء على وجه الأرض والمستمر حتى الآن فى العديد من المحافظات وعلى رأسها محافظات الصعيد، وتعتبر المجالس العرفية فى ريف مصر محكمة أول درجة ولها قوانينها. «روزاليوسف» حاورت محمد هانى إبراهيم - عمدة قرية سنوفر بمحافظة الفيوم - الذى أكد أن أحكام المجالس العرفية سيف على رقاب المحكوم عليهم وتنفذ كما نصت، وإلى نص الحوار.
■ لماذا يعقد المجلس العرفى؟
- ينعقد المجلس للفصل بين فردين بينهما خلاف على قطعة أرض أو ثأر أو مشاجرة بالأسلحة النارية والبيضاء أو غيرها، ونبدأ بإحضار الطرفين المتنازعين ويحرران إيصالات أمانة غير محددة المبالغ، وعند الحكم على أحدهما لا يمتلك المحكم العرفى الذى يكون عادلا ومسيطرا على الموجودين إلا الضغط بتلك الايصالات فقط، فنستمع إلى الطرفين، وكل منهم يقول ما لديه وبناء عليه نحكم بينهما إما بالغرامة المالية أو التنازل أو غير ذلك.
■ كيف تشكل المجالس العرفية؟ 
 - تتكون من الأعداد الفردية ما بين 3 و9 أفراد، فعلى سبيل المثال يختار الطرف الأول 4 والثانى 4 أشخاص، ويأتى فرد محايد وحكمه يكون سيفا على رقبة المحكوم عليه الذى يكون ملزما بدفع شرط جزائى يقدر بمبلغ يحدده المجلس، ويدفع فى الحال وينفق فى وجه الخير بمسقط رأسه.
■ هل توجد جهات رسمية بالدولة تتعامل معكم؟
- أحيانا تنتدبنا مديرية الأمن فى حالات القتل لإنهاء النزاع بين طرفين، وبصفتى مسئولا رسميا عن القرية أحضر المجالس العرفية، ولا يقتصر الأمر على حل النزاعات بالقرية فقط فأحيانا يتم استدعائى لقرى المحافظة الأخرى عن طريق الانتداب باختيارى من قبل رئيس المباحث، هذا إذا عقد المجلس عن طريق المركز مباشرة، والمجالس العرفية تعتبر محكمة أول درجة ولها قوانين وبعد اتمام الميعاد وتسجيله فى المحكمة فخلال 15 يوما لو لم يوافق الطرف الثانى على حضور المجلس تدخل القضية استئناف ويتولى القاضى الفصل فيها.
■ ما أبرز المشكلات التى واجهتك؟
 - المشاجرات على حدود الأراضى الزراعية، والخلاف على المواريث الشرعية، وخلافات زوجية وعائلية، والثأر فهناك ثأر كان بين عائلتين منذ 10 سنوات بسبب خلاف على قطعة أرض، وتشاجر الطرفان عدة مرات وفى المرة الأخيرة طعن أحدهم الآخر فسقط على أثرها قتيلا، وبعد قضاء العقوبة بالحبس 5 سنوات حددت موعدا للمجلس لحفظ الدماء وتم ذبح الذبائح وبحضور مساعد مدير الأمن وأعضاء البرلمان، وقدم الطرف الأول الكفن لعائلة الثانى وتم الصلح.
■ ما الشروط الواجب توافرها فى عمدة القرية؟
- أن يتمتع بسمعة طيبة، وشخصية قوية، ويحافظ على أهل القرية ويتقى الله فيهم، وأثناء حكمه لا يجامل شخصا على حساب آخر، فإذا قام كل عمدة بتأدية دوره على أكمل وجه، بحيث تنتهى النزاعات والمشكلات قبل وصولها للقضاء لينهى ذلك الضغط عن مراكز وأقسام الشرطة والمحاكم.
■ ما أبرز الأحكام التى اتخذها المجلس العرفى لديكم؟
- الزام شابين بدفع مبلغ 300 ألف جنيه تعويضا لخوضهم فى أعراض فتيات على موقع التواصل الاجتماعى، وهناك موعد يحددع المجلس لدفع المبلغ بأكمله ويكون ذلك بعد شهرين من انعقاده، وضمنهم بتوقيع كبار العائلات كضامنين لهما وهم مسئولون أمامنا، وإذا لم يتم دفع المبلغ فى الموعد يوجد شرط جزائى محدد بمبلغ مليون جنيه، وأحيانا يجبر المعتدى بالتوقيع على إيصال أمانة دون تحديد المبلغ ليلتزم بالدفع.
■ وفى حالة ما إذا امتنع عن الدفع ما الإجراءات التى يتخذها المجلس؟
 - هذا لم يحدث من قبل لأن المجلس يحدد مدة كافية لكى يتم تدبير المبلغ المطلوب كما يضاف لها فترة سماح شهر، أما فى حالة امتناعه عن الدفع يسلم الايصال للطرف الثانى ويلجأ به للمحكمة.
■ ما الذى يضمن نزاهة من يحتفظ بالايصال لحين السداد؟
- هذه أمانة يأخذها أمام اللجنة بأكملها ونشهد عليه جميعا، فلا يستطيع التلاعب، وإذا حدث ذلك فى أسوأ الفروض نقوم بعمل لجنة ونكتب ما حدث وترفع لرئيس المباحث.
■ كم عدد قضايا القتل التى حضرت مجالس التصالح فيها؟
- قرابة 12 قضية، والقتل من أصعب المشاكل التى يواجهها المجلس، فالحزن يكسو الوجوه وأحيانا تلازمه الرغبة فى الانتقام والثأر فلا يرضخ الطرف المتضرر لحضور جلسات التصالح.
■ كيف يحدد المجلس مبلغ التعويض؟
- وفقا للضرر، فالرصاصة فى الهواء تعتبر بنصف دية وثمنها 200 ألف جنيه، وفى حالة القتل تكون الدية 100 ناقة وهى فى المتوسط 400 ألف جنيه، أما فى حالة إذا طعن فرد آخر فى وجهه طعنة ظاهرة بمطواة وأخذ عدة غرز فكل غرزة بمبلغ 1000 جنيه، والمخفية داخل الجسم 500 جنيه للواحدة.
وفى حالة السرقة وعدم رجوع الشىء المسروق يضرب فى أربعة أضعاف، فإذا كان ثمنه 1000 جنيه يدفع 4 آلاف جنيه، أما لو أعاد السارق المسروقات فيلزم بدفع النصف فقط، وفى حالة العاهة المستديمة، يدفع 200 ألف أما لو دخل فرد على آخر فى بيته وهو آمن بالسلاح يقوم بدفع نصف دية لأنه تعدى على الشخص أولا، وتعدى على حرمة بيته ثانيا، كذلك لو رجل تعدى على امرأة وصفعها على وجهها هنا حكم مغلظ يصل إلى 100 ألف جنيه.
■ ماذا لو حدث العكس وتعدت امرأة على الرجل؟
- تحاسب، وسبق أن حكمت فى مشكلة من هذا النوع فى قرية المندرة مركز الفيوم بين رجل وامرأة سليطة اللسان أساءت إليه، ورفعت عليه الحذاء وتعدت على زوجته بالضرب فحكمت عليها بمبلغ 20 ألف جنيه تأديبا لها.
■ بما أننا نتحدث عن المجالس العرفية، إذا هناك عادات وتقاليد ما رأيك فيها؟ 
- للأسف اختفت، فسابقا عند حدوث أى مشكلة يتدخل رب الأسرة بنفسه وتحل حتى دون اللجوء للمجلس العرفى، لكن اليوم فالابن لا يستمع إلى والده ومعظم الآباء فقدوا شرعيتهم، ولم يعد هناك مفهوم احترام الكبير المسيطر بسبب الانفلات الأخلاقى.
■ ما الفرق بين المجالس العرفية فى القرية والبدو؟
- القرية شملها الحضر فأباد عاداتها وتقاليدها، أما البدو فيعيشون مع بعضهم ويحترمون بعضهم البعض، ولديهم تماسك أسرى، وللطبيعة الجبلية دور كبير فيها حتى فى أحكامهم ولديهم شيخ للقبيلة.
■ ما قراءتك للبرلمان الحالى، وهو الأهم بعد الثورتين؟
- بالفعل هو الأهم.. فلابد من قدرته على محاسبة الحكومة، وهو ناقل صوت المصريين لكل المسئولين، فإذا غاب فمن سيحاسب المسئول؟، فمهمة النائب تشريع القوانين وليس توظيف أبناء من قاموا بانتخابه، إضافة لذلك لابد من وجود المحليات.
■ ما تعليقك على دخول التيارات الإسلامية فى السياسة وترشحهم للبرلمان؟
- أرفضها.. فلا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة، وكل فرد لابد أن يكون فى مكانه المناسب، فالشيخ على منبره، ومن يبحث عن الكرسى هذا ليس رجل دين، لكنه يتلاعب به ويظهر بوجه آخر، وما رأيناه فى الأيام الماضية من أناس ينتمون للإسلام هو منهم برىء، فالإسلام لا يأمرنا بالقتل ولا بترويع الآمنين وإنما هو المعاملة، وبالنسبة للترشح للبرلمان فقد أثبتوا الفشل فى كل شىء، وبالطبع خضنا التجربة بكل آلامها.
■ أخيرا ما الرسالة التى توجهها للمواطنين؟ 
- أن يراعى كل منهم الله فى تصرفاته، وأن يبدأ كل فرد بنفسه قبل الآخرين.