الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«روزاليوسف» ترصد مجالس الصلح العرفية

«روزاليوسف» ترصد مجالس الصلح العرفية
«روزاليوسف» ترصد مجالس الصلح العرفية




تحقيق – محمد السيد

 

صعب فيه الخداع.. كما تصعب فيه المماطلة.. يُسمع فيه الطرفان أو الخصمان أمام مرأى ومسمع كل الناس، حيث يعلم الكل ويسمع الجميع ما يتخاصم ويختلف عليه الطرفان، فلا مكان للكذب أو التبرير أو التعمق فى إجراءات روتينية لا طائل من ورائها، فداخل المجالس العرفية الأمر يدور فى فلك واحد هو من فعل؟، وماذا فعل؟، ولماذا؟، وما الضرر؟، وأخيراً ما الحكم؟ ولا مجال للطعن أو الرفض أو التأجيل فالحكم داخل المجالس العرفية واجب النفاذ.
وفى جولتها لمعايشة الواقع شهدت «روزاليوسف» على تلك المجالس العرفية ببعض القرى بمحافظات مختلفة، وعايشت ما تحدثوا عنه سلفا عن إلزامية أحكامها ومساهمتها فى حل النزاعات بشكل سريع وفورى دون انتظار الأحكام القضائية التى تستغرق أعوامًا طويلة.

المجلس الأول كان فى إحدى قرى مركز بلقاس التابعة لمحافظة الدقهلية، حيث انعقد المجلس للفصل فى خلاف بين طرفين، الطرف الأول يدعى محمد. ع - رئيس مجلس إدارة مركز شباب القرية - والثانى يمثله سبعة من أبناء القرية، وبحضور المحكمين بدأت الجلسة العرفية، المكونة من 7 أفراد، من بينهم مرجّح، وآخر يقوم بجمع توقيعات كل الأطراف على محاضر المجلس العرفى.

 وتم التوقيع على ايصالات أمانة غير محددة المبلغ، وإقرار مفاده أن جميع الأطراف تسلمت الايصالات، ويختارون أحد المحكمين لتحفظ هذه الأوراق معة وتكون أمانة عنده، ويختص أحد المحكمين بكتابة كل الأخطاء والاتهامات التى يدان بها كل طرف من الأطراف. 
وقبل بدء الجلسة، أنذر أحد المحكمين الجميع، أنه إذا تحدث أحد بغير إذن، سيدفع غرامة مالية قدرها 10 آلاف جنيه.
وبدأ الطرف الأول بالحديث ذاكرا أنه سعى لتوفير قطعة أرض مساحتها 6 قراريط لإقامة مركز شباب وجمعية تنمية المجتمع المحلى، وأنفق على بناء مسجد بتكلفة قدرها مليون جنيه، وجمع مبلغ 200 ألف جنيه من أهالى القرية، والمبلغ المتبقى حصل عليه من أهل الخير خارج القرية، فأشيع بين الناس أنه قام بتوظيف أقاربه فى المسجد، كما قام بشراء أرض للنادى دون أن تتحمل القرية  مليما واحدا. كما أنه تواصل مع جمعية الأورمان الخيرية، التى وزعت البطاطين والماشية على الأرامل والمحتاجين فى القرية، فقيل أنه أخذ مقابلها نقودا من جميع من تسلموا ذلك.
واستطرد: خلافى هو مع خصمى الأول حسن . م – موظف بالبترول-  فمنذ أن ترشح كعضو لمجلس الإدارة بمركز الشباب، بدأ يعرقل مسيرة العمل، وأفشى أسرار اجتماع مجلس الإدارة، وأخذ أوراق كشوف الجمعية العمومية وقدمها إلى النيابة لإسقاطى، وبيان فشلى لكن لم يستطع ذلك، إضافة إلى أنه اصطحب مجموعة من الشباب ليشكوننى بمكتب وكيل وزارة الشباب والرياضة، ثم اتهمونى بالسرقة.
ولم يكتف المذكور ومن معه بهذا، بل تم التشهير بى، فكتبوا على صفحات التواصل الاجتماعى «فيس بوك» منشورات اتهمت من خلالها بالخيانة، والسرقة، وإضاعة أرض الشباب، واختلاس مبالغ من المال العام، وأننى آكل من حرام، وأننى أعثو فى الأرض فسادا، وغير ذلك.
ويكمل لم يكتفوا بما كتب، بل تمت طباعته فى أوراق ووزعت على أهل القرية فى يوم جمعة بعد الصلاة حتى يتمكنوا من توصيل ادعاءاتهم لأكبر عدد من الأهالى، فتقدمت ببلاغ ضد قائد مسيرة التشويه ضدى ومن معه، وعندما حصلت على حكم قضائى ضدهم بعد الإدانة، قابلنى أحد المتضامنين معه ويدعى «فوزى . أ»، وصاح بأعلى صوته فى الشارع «ياحرامى» وهو يشير إلى، وبعدها بربع ساعة، وفى نفس المكان قابلنى الثالث أحمد مجاهد وهددنى قائلا «لو لم تتنازل عن القضية ستقتل ويحرق منزلك، ويقتل أطفالك»، فذهبت إلى قسم الشرطة وحررت محضرا فى قسم الشرطة ينص على أننى مهدد بكل ما سبق ذكره.
وبعد التهديد بـ4 أيام تم إتلاف محصول مساحة أرض قدرها 3 قراريط من أرضى، وكانت منزرعة بالفاصوليا وهى خضراء، ثم أعقبها حرق منحل العسل المملوك لى، ثم حرق منزلى فتقدمت ببلاغ للشرطة ضدهم، وطلبت حمايتى منهم .. وإلى هنا انتهى حواره داخل المجلس. ثم استمع المجلس لرد الخصم ويدعى «حسن» الذى نفى جميع الاتهامات، مؤكدا بأنه ليس بينه وبين الأول أى شىء، وبداية الخلاف أنه أراد أن يكون قائدا بالترشح لمجلس إدارة مركز الشباب، وهى منافسة مشروعة، وهذا لا يسيئ لأحد.
ويستطرد: أما عن الحرائق فاتهمت بأننى وراءها، وقدم شكاوى ضدى فى الأمن الوطنى، وادعى أننى أنتمى لجماعة الإخوان، وكان سببا فى وجود ملف لى هناك، وصدر ضدى حكم بالحبس سنة وغرامة 10 آلاف جنيه.
ثم جاء المحكّم بمصحف وأقسم عليه باقى الخصوم أنهم بريئون مما نسب إليهم من حرق المنزل والمنحل وما حدث من تجريف فى الأرض. ورفعت الجلسة حيث دخل المحكمون فى غرفة منعزلة مغلقة، واستغرق الأمر أكثر من ربع ساعة، وبعد أن قاموا بعّد الأخطاء لكلا الطرفين، بدأ التشاور لاستبيان من المخطئ فى حق الآخر؟، وبعد أن اتفقوا بالإجماع جاء قرارهم  بأن جميع الأطراف مخطئة فى حق بعضها، لكن هناك خطأ أكبر يدان به الطرف الثانى، وقاموا بالصلح بينهم على أن يتنازل كل فرد عن القضايا المقدمة مع تحمل جميع أتعاب المحاماة، ووقع الجميع على أنه فى حالة ما إذا تعدى أحد الأطراف على الآخر باللفظ أو السب أو غير ذلك يدفع غرامة مالية قدرها 200 ألف جنيه.
المجلس الثانى كان  فى إحدى قرى مركز المحلة التابعة لمحافظة الغربية، وكان هناك خلاف بين طرفين على قطعة أرض، الطرف الأول يدعى «عبد الهادى . ع» والثانى «ناصر .ش»، وكما هو معروف فى نظام الجلسات العرفية روى الطرف الأول مشكلته التى تتلخص فى وجود أرض ورثة توزع مشاعا، ومات أصحابها، والورثة أولاد عمومة، مساحتها 3 أفدنة متفرقة، قطعتين فى مواقع متميزة، والثالثة بها تيار كهرباء الضغط العالى، وهذه الأرض توزع على الورثة مشاعاً كما فى العقود.
لكن من بين الورثة من يريد أن يأخذ حقة فى مكان واحد وهو المكان المميز ليبيعها بأسعار مبالغ فيها لغير الورثة، وبالفعل باع الطرف الأول نصيبه من الميراث لأحد الجيران دون علم أحد، علما بأن الأرض يقوم بتأجيرها الطرف الثانى، وعندما طلب الطرف الأول من الثانى أن يقوموا بعمل قسمة وتجنيب، رفض الآخر وقال له نصيبك فى الـ 3 أماكن، فنشبت مشاجرات بينهم وقام الطرف الأول ببيع نصيبه لأحد الجيران دون علم الباقى، وقام المحكمين بسؤال الطرف الأول هل فعلا تم بيع الأرض لأحد الجيران؟ لكنه أنكر.
إستمروا فى طرح الأسئلة ليدققوا فى صحة المعلومات التى تقال، وبعد تشاور المحكمين حكمت الجلسة بإلزام الطرف الأول ببيع حقه، وشراء الطرف الثانى إجبارا، وفى مدة قدرها 7 أيام يدفع مبلغ قدره 50 ألف جنيه للطرف الأول، وبعد مدة قدرها 5 أشهر يدفع المتبقى من المبلغ. 
وفى حالة عدم دفع المبلغ الأولى يحق للطرف الأول أخذ حقه كاملا فى المكان الذى يختاره، ويبيعها لمن يشاء، مع عدم رد الـ50 ألفا المدفوعة مقدما من الطرف الثانى.