هالة خليل: المنتجون رفضوا «نوارة» و«منة» كانت ستقدمه مجاناً
آية رفعت
حوار - آية رفعت
بعد غيابها عن الساحة الفنية لأكثر من 5 سنوات عادت المخرجة هالة خليل بقوة من خلال فيلمها «نوارة» والذى تم طرحه بدور العرض منذ أسبوعين فقط.. الفيلم الذى لم يخرج من مهرجان إلا وقد حصد جائزة خاصة عن دور البطلة منة شلبى، والتى تحمست للفيلم لدرجة أنها كانت ستتنازل عن أجرها، رغم أنه لقى قبولاً لدى جمهور الطبقة الكادحة إلا أن عددًا من الناس هاجموا هالة واتهموها بانتقاد الثورة والإساءة إليها.. وعن اختيارها لفكرة الفيلم وعودتها السينمائية تحدثت هالة خليل فى حوارها مع «روز اليوسف».
■ لماذا اخترت قصة «نوارة» للعودة بها؟
- «نوراة» مستوحاة من الواقع موجودة فى مختلف الوجوه المتواجدة حولنا، فهى نراها فى كل مكان بالمدارس والبيوت.. ورغم أننى لم أسلط الضوء على نموذج بعينه، ولكن انجذابى للشخصية لا يعتمد من الأساس على فكرة المرأة العاملة الكادحة، ولكن ما يركز عليه فكرة الرضا والتسامح، فهى لديها كمية كبيرة من المشكلات والاحتياج ورغم ذلك نجد هؤلاء الأكثر رضا بالواقع ولا يقولون إلا الحمد لله، فهم طبقة بسيطة أغلبهم لا يفكرون بالتغيير السياسى رغم أنهم الطبقة التى تحتاج للتغيير بالفعل، كما أنهم لا يشعرون بالاستفزاز من الثراء الفاحش الذى وصلت إليه طبقة من المجتمع، وبدأت أفكر هل هذه الطبقة لو غضبت على وضعها هل من المتوقع أن يخاف منهم الآخرون.
■ هل توصلت لهذا بمشاركتهم بالثورة؟
- هذه الطبقة لم تكن من المهتمين بالأوضاع السياسية ولم يكونوا أبدا مشاركين بالثورة ولكن عندما شعروا بتغيير بسيط وسقوط الحكم وقتها بدأوا يفكرون أن الشعب يمكنه أن يكون المتحكم بالفعل وبدأ عندهم أمل بسيط بأن أوضاعهم سوف تتغير للأفضل.. وبدأوا فى الحلم البسيط بأن صوتهم مسموع وأنهم كبار وطالما تغير الحكم يمكن ان يكونوا فى وضع أفضل.. ومع شعار الثورة العدالة الاجتماعية أحسوا أن هناك تغييرًا قادمًا وشعور الإحباط الذى أصابهم وأصابنى، وأنا من ضمن المشاركين بالثورة، دفعنى للكتابة عن هذه الحالات. ووقت الثورة وجدت أن أغلب سكان الكمباوند الذى أعيش فيه قد سافروا لخارج البلاد وهربوا وتركوا الخادمين والحراس هم من يقومون بحراسة بيوتهم.
■ هل بدأت فى العمل على الفكرة وقت ثورة يناير؟
- لا جاءتنى الفكرة وبدأت العمل عليها قبل ثورة 30 يونيو حتى أن بعض الناس قالوا لى إن المشروع لن يكون له معنى خاصة أنه مكتوب عن الفترة التالية لثورة يناير والتى جاءت ثورة يونيو لتصحيحها. وأنا وقتها قلت إنه بالفعل فكرة الفيلم بها واقعية وأحداثه لاتزال تمسنا كثيرا، وكل يوم نعيش به نتأكد من صلاحية أحداثه ومناسبتها للواقع الذى نعيش به منذ 2012 حتى الآن.
■ ألم تتخوفى من هجوم البعض عليك لعدم ذكر إيجابيات 30 يونيو؟
- أنا متوقعة أن يثير الفيلم جدلاً بشكل واسع وكبير وقد بدأت فى تلقى الآراء ولكن أغلبها مؤيدة للعمل، أنا لم أخف وأرحب جدا بالجدل المثار لأنه ظاهرة صحية جدا لأن الفيلم عندما لا يثير جدلاً معناه أنه عمل مر مرور الكرام ولم يلفت الشخصيات.. وكلنا نرى ونسمع الانقسام الذى حدث والجدل الموجود بالشارع المصرى ما بين مؤيد ومعارض للثورتين.
■ ما ردك على الهجوم عليك واتهامك بأنك ضد الثورة؟
- موقف المشاهد من الفيلم سيكون متوقفًا على موقفه من الثورة، فكل شخص سيحكم عليه من وجهة نظره.. وأنا موقفى واضح جدا فى الفيلم ووضعته بأشكال مختلفة ضمن الأحداث ومن لا يريد التعرف عليه يكون هو ضد الثورة، والواقع هو اللى فرض وضع تخوين بعضنا البعض والاتهامات المختلفة بالخيانة لأى شخص معارض لرأيى والتعصب والتربص فيما بيننا هو ما سيؤثر على المتلقى فى قراءته لموقف صناع الفيلم.
■ هل ترى أن الفيلم سينجح بينما الجمهور يريد الابتعاد عن السياسة؟
- لا أحسبها بهذا الشكل ولكن بشكل عام أنا أعتبر هذا الفيلم مثل «حدوتة مصرية» للرائع يوسف شاهين فالناس تتفاعل فى كل عرض مع مختلف الجمل التى توجعنى أنا شخصيا فهو يعنى أنه قريب من الناس وأنا شبهم وكلنا موجوعين من نفس المشاكل.
■ هل كنت متخيلة منة شلبى بدور «نوارة» عند كتبتك للشخصية؟
- لا أبدا وأنا أكره أن يتم وضع فنان فى ذهن الكاتب عند قيامه بتأليف العمل لأنه سيكون مسيطرًا عليه ملامح الشخصية وتوجهاتها، فهذا ليس صحيا للكاتب لأن الممثل غصب عنى سيملى على أداء الشخصية.
■ لماذا ظهرت بمشهد فى الفيلم؟
- من أكثر المشاهد التى كانت تتسبب فى وجعى أثناء الثورة هو عدم اقتناع بعض الناس بالثورة والثوار وذلك نظرا لهجوم الإعلام علينا واتهامنا بأننا نتسبب فى تعطيل البلد ومصالح الناس وأشغالهم، فصممت على إدخال مشهد فتح الطريق للناس لكى يروحوا أشغالهم بعد اتهامنا كثوار بتعطيلهم وذلك لأنه حدث معى بالحقيقة وأحدهم قال لى أننى أعطله عن «أكل عيشه» وقمت وقتها بمحاولة شرح الأمر بأنه هو المستفيد الأول مما نقوم به، وكنا نشعر بألم وقتها بشكل كبير لأننا نتحرك كشعب واحد ولسنا ضد بعضنا البعض.
■ ماذا عن اهتمامك بالمشاكل النوبية؟
- السيناريو لم يكن مكتوبًا لشخصية نوبية. وعندما رشحت منة شلبى الفنان أمير صلاح الدين لتقديم دور البطل زوجها قمنا بالتناقش لإدخال فكرة الأسرة النوبية للنص، وليس تفكيرا منى بأنى أناقش المشاكل أو الفروق فيما بينهم ولكننى أرى أن وضع الأسرة النوبية طبيعى لأننى اناقش نسيج المجتمع المصرى والقضايا التى تتعلق به والنوبة ليست خارج هذا الإطار فمن الجيد أن يتم تمثيلها ضمن الشعب لكى يكتمل البورتريه المصرى الذى اقدمه، زى ما استعنت بشخصية السيدة المحجبة من خلال «يسرية» التى قدمتها فى فيلم «أحلى الأوقات» فمن دون الغوص فى البعد الدينى، ولكن المحجبات متواجدات بالمجتمع ولابد من تمثيلهن وإلا سنبتعد عن الواقع.
■ ما سبب تأخير «نوارة» لكل هذه المدة؟
- عرضنا الفيلم على أكثر من منتج وتم رفضه، فقررنا أن نقوم بإنتاجه بأنفسنا ولن ننتظر أحد وذلك عن طريق التنازل عن أجورنا، وبالفعل قمنا بتأسيس شركة إنتاج وبدأنا فى البحث عن منتج مشارك وشركة توزيع وكل هذه الأشياء، وكانت منة متحمسة للعمل حتى أنها أمدت أنها ستتنازل عن أجرها، فهذه رحلة طويلة استغرقت حوالى العام والنصف، حتى ظهرت شركة الإنتاج «ريد ستار» والتى تحمست للمشروع ومرحلة التنفيذ أيضا استغرقت عامًا ونصف العام.
■ لماذا هالة خليل مقلة فى أعمالها؟
- أبدا فأنا قدمت «أحلى الأوقات» فى 2004 ويليه «قص ولزق» فى 2007 ومنذ ذلك الوقت حتى عام 2013 أى حوالى 8 سنوات كتبت خلالها 3 سناريوهات ولم أجد شركة إنتاج لها، لأن المنتجين لا يقومون بتقديم العمل بناء على جودة السيناريو من عدمه، فكل منهم يقول لى السيناريو هايل ولكنى لا أستطيع تقديمه، أنهم يبحثون عن وصفة لتصوره أن هذه الوصفة هى التى يريدها الجمهور حتى لو كان السيناريو ضعيفًا، ومنذ تجربة نوارة قررت أن أعمل بالبحث الذاتى عن الإنتاج وأن أقدم مشاريعى باعتمادى الشخصى على نفسى، فأنا لن أذهب للتحايل على المنتجين مرة أخرى.
■ ألم تفكرى فى التواجد فى السوق حتى لو قدمت أعمالاً لغيرك من المؤلفين؟
- فكرة التواجد فى السوق وتقديم أى شىء مرفوضة نهائيا بالنسبة لى حتى عندما كنت فى بداية مشوارى بعد «أحلى الأوقات» عرض على أكثر من عمل ولكنى لم أكن مقتنعة بها. فلو الفيلم لم يكن نابع من قناعاتى الشخصية وبه رسالة تؤلمنى من داخلى فلن أقدمه.
■ ما الجديد لديك؟
- هناك سيناريو فيلم اجتماعى أعمل على كتابته ولكننى أنتظر الانتهاء من عرض نوارة والاحتفاء به لأتفرغ لكتابته، ولا أستطيع الكشف عن فكرته ولكنه سيكون بعيدًا عن السياسة فنوارة كان فيلمًا استثنائيًا عن شىء مؤلم يحدث وانتهيت من إظهاره للناس.