الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصر التى خارج العاصمة

مصر التى خارج العاصمة
مصر التى خارج العاصمة




يكتب: د.حسام عطا
كل جزء من أرض مصر فن، هذه هى حقيقة يتجاهلها الكثيرون بتعيين المركز الفنى الثقافى فى العاصمة فقط، أو على وجه الدقة فيما يصل للجمهور عبر الشاشات الفضائية والإنتاج الجماهيرى التجارى المستند لفنون الدعاية الاحترافية، ما بقى من فكرة المراكز الثقافية المتعددة فى أقاليم مصر مؤسسة ثقافية تاريخية اسمها الهيئة العامة لقصور الثقافة، لم تعد قادرة بميراثها المثقل بلوائح وأساليب وطرائق عمل وتفكير أخذت شكل النظام القانونى المستقر على العمل مع واقع متغير، وهى تحتاج بلاشك إلى تحريرها من قبضة البيروقراطية، تأكد لى ذلك بعد جولة فى الأسابيع الثلاثة الماضية بدمياط والمنصورة والزقازيق تلبية لدعوة لمشاهدة عددا من العروض المسرحية التى تقدمها الهيئة هناك، ذهبت سعيا وراء تجديد أملى فى معنى المسرح المصرى، وقد تحقق لى ما أردت عندما وجدت المخرج أحمد عبد الجليل يقدم البخيل لموليير فى صياغة مسرحية بسيطة ذات طابع غنائى مبهج والمخرج الشاب محمد العدل يقدم رائعة أروين شو عندما نستيقظ نحن الموتى بحضور جماهيرى وإبداع جماعى ممتع من أبناء أرض الفن المصرى بالشرقية بلد عبد الحليم  حافظ ومرسى جميل عزيز، ولأسعد بعودة أستاذ الدراما د. رضا غالب لمسقط رأسه بالدقهلية ليقدم تجربة فى فن الدراماتورج مع فريق المنصورة مسقط رأس أم كلثوم ليقدم علمه وفنه لبلده مرة أخرى محذرًا من خطر الفساد القديم، لكن ظروف العمل صعبة، الميزانيات قليلة، عدد ليالى العروض محدود، مع ملاحظة الغياب التام للإعلام عن هذه الكتيبة المخلصة لفن المسرح والتى تديرها السيدة دعاء منصور بجهد شخصى واضح، لكننى عدت مجهدا وممتلئا بالثقة فى أن الأطراف تحفظ القيم الثقافية الرفيعة وتدمجها فى ثقافتها المحلية أكثر من العاصمة، هناك فى طلخا استعادت المتعة مع رائعة فيكتور هوجو البؤساء، التى أعاد كتابتها المؤلف أسامة نور الدين فى صياغة كلاسيكية مهمة، ما يجعلنى أجدد الدعوة لإدراك الدولة والمجتمع أن المشروعات الثقافية الكبرى بأقاليم مصر، مثل مشروعات الفنون التراثية والفنون الحديثة تحتاج لإيمان حقيقى مع سهولة وسائل الاتصال الآن، لإدراك أن مصر تملك ثروة بشرية فنية كبرى خارج العاصمة يحب استخدامها ودفعها ورعايتها رعاية احترافية فى إطار سعى مصر المعاصرة لتجديد مراكز اقتصادية خارج العاصمة، يمكن معها بكل ثقة وجود مراكز صناعات إبداعية مهمة فى أقاليم مصر، لأنه حقا كل جزء فى مصر هو مصر الفن والإبداع رغم كل الظروف الضاغطة.