الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«مرسى» كرّس وقته للسفر إلى الخارج ويعمل فى صمت لتشكيل كتلة إسلامية ضد الغرب




نشر معهد القدس للشئون العامة والدولية دراسة أعدها تسفى مازئيل السفير الإسرائيلى الأسبق بالقاهرة قيم خلالها المائة يوم للرئيس المصرى محمد مرسي ذكر فيها أنه على الرغم من مرور هذه الفترة ، لا يوجد أى علامة على الاتجاه الذى يقود به دولته التى تعانى من الفقر والبطالة.
 

 
 
قال "خلال الحملة الانتخابية وعد مرسى بأنه سيعالج خلال المائة يوم الأولى وبأولوية عليا خمس مشاكل خطيرة من مجموع أمراض كثيرة تعانى منها مصر وهى الأمن الشخصى الاكتظاظ فى المدن والاختناقات فى المواصلات والنقص فى الخبز المدعم والنقص فى الوقود والغاز وجمع القمامة والقذارة التى تفشت فى كل أنحاء الدولة".
 
ورأى أنه كان على مرسى أن يبرهن على تصميمه على الدخول فى صميم هذه المشاكل وأن يبرهن جديته فى تطبيق مشروع النهضة فى مصر، وهو مشروع تمت صياغته من قبل حركة الإخوان المسلمين قبيل الانتخابات.
 
وقال مازئيل أن الإعلام المستقل أقام موقع "مرسى ميتر" ليقيس فى كل يوم قراراته حول القضايا الخمس، وسرعان ما اتضح أن مرسى يتقدم بخطوات بطيئة. كما انتقد مازئيل فى الدراسة "تطبيل" الإعلام الحكومى واشادته بإنجازات مرسى وخطابه الذى ألقاه مرسى بإحدى القاعات فى القاهرة بمناسبة الذكرى 39 لانتصار مصر فى حرب يوم الغفران قال أنه نجح فى معالجة القضايا الخمس بمعدل 65% بعد أن تورط فى تفسيرات وتوضيحات غير مقنعة لجميع الأطراف، جميع الخطوات مثل جمع القمامة من قبل جناح الشباب فى حركة الإخوان المسلمين فى كل الأقاليم والمحافظات وتقديم آلاف المخالفات ضد سائقى السيارات والكشف عن 600 جريمة وخطوات جزئية أخرى من هذا النوع.
 
واشار إلى أن المصريين لا يشعرون بأى تغيير جاد، حتى مركز المعلومات والتنظيم التابع للحكومة أكد فى بيان رسمى أن الخطوات التى اتخذت حتى الآن بالنسبة لبرنامج المائة يوم لم تؤد إلى نتائج ملموسة.
 
 

 
عدم تحقيق الوفاء بوعد الرئيس بالنسبة لإحداث تحسين بارز فى المشاكل الخمس المذكورة أضيف إليها عدم تحقيق وعوده السابقة بتعيين قبطى وامرأة كنائبة للرئيس ناهيك عن الوعود السابقة لحركة الإخوان المسلمين التى تم خرقها مثل عدم تقديم مرشح للرئاسة من الحركة وتحديد عدد المرشحين ب30% من مجموع المقاعد فى البرلمان. مرسى وعد أيضا بحل لجنة صياغة الدستور ذات الأغلبية الإسلامية وتشكيل لجنة جديدة أكثر تمثيلا لكنه لم يفعل ذلك.وقال مازئيل ان الآن يبدو أن الدستور الجديد الذى هو الآن فى مرحلة الصياغة النهائية سيكون دستورا إسلاميا إلا إذا أصدرت المحكمة الدستورية العليا قرارا بحل اللجنة بناء على خمس قضايا مرفوعة أمامها.= وتساءل إذن ما الذى فعله مرسى خلال المائة يوم لقد كرس وقته للسفر إلى الخارج بصفة أساسية فقد زار ثمانى دول فى آسيا وأوروبا وإفريقيا لكنه زار فقط أربع محافظات من بين 27 محافظة فى بلاده حيث توجه هناك المشاكل الرئيسية لمصر، اتخذ 29 قرارا لكن ليس هناك قراراً واحداً يمس الوضع حالة الفقر فى الدولة، صلى فى 12 مسجدا وبذلك تسبب فى إزعاجات لا لزوم لها لجمهور كبير من المصلين فى أماكن مختلفة فى القاهرة الذين عانوا كثيرا من الإجراءات الأمنية الشديدة.
 
قوافل السيارات التى ترافقه تضم 30 سيارة ذكرت الكثيرين بعهد الرئيس المخلوع، ألقى 51 خطابا تلخصت فى 30 ساعة من الحديث.
 
وقال مازئيل أنه خلال المائة يوم لم يطرح مرسى أمام مواطنيه فى مصر رؤية شاملة أو خطة رئيسية لمعالجة المشاكل الخطيرة فى مصر فقد أصبح واضحا لسكان مصر أن مرسى لا يركز على معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة وإنما يطبق خطة السيطرة على جميع مراكز القوة فى مصر فبعد إقصاء قادة الجيش يواصل عملية "أخونة" مؤسسات السلطة مثل رؤساء المحافظات والنظام القضائى والمكاتب الحكومية وحتى منظمات غير حكومية مثل منظمات حقوق الإنسان فلقد أقال فى الفترة الأخيرة وبصورة مفاجئة رئيس جهاز الرقابة على المؤسسات الحكومية، وما تزال اليد ممدودة لمزيد من الإجراءات فى هذا الاتجاه.
 
واضاف أنه على هذه الخلفية ، حالة الإحباط من مرسى تتزايد ومثلما كان حجم التوقعات جاء حجم الإحباط، وعلى الرغم من أن المصريين صوتوا لصالح الإخوان المسلمين فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية فلقد ظلوا يرتابون لمعرفتهم الجيدة بأجندتهم الدينية بشأن تطبيق الشريعة وإقامة الخلافة.
 
صحيح أن حركة الإخوان المسلمين كانت القوة السياسية الأكثر تنظيما فى مصر يبدو أيضا أن الحركة توصلت إلى تفاهم مع المجلس العسكرى الأعلى الذى أدار الدولة بعد سقوط مبارك.
 
 

 
المجلس العسكرى اعتبر الإخوان المسلمين بر الاستقرار وسط الفوضى السياسية والاجتماعية التى اجتاحت الدولة فى تلك الأيام.
 
الآن الأمور اختلفت ففى استطلاع للرأى العام جرى فى الفترة الطويلة عدد الأشخاص غير الراضين عن أداء مرسى اقترب من 50%.
 
ونقل مازئيل عن أحد الناشطين فى منظمات حقوق الإنسان فى مصر المحامى نجاد برعى قال لوسائل الإعلام أنه صحيح من الصعب حتى الآن أن نقيم وبشكل دقيق أداء مرسى بعد ثلاثة أشهر فقط لكن أصبح واضحا أن ليس لديه أية رؤية وهو يدير الدولة باتخاذ قرارات بشكل عشوائى وبدون أية خطة.
 
كما اشار إلى تصريح الكاتب علاء الأسوانى بأن الوقت قد حان لوضع مرسى أمام تصرفاته وقال الأسوانى أن الشرطة تواصل الإساءة وتعذيب المواطنين وأن وسائل الإعلام مغلقة بينما هو يحظى بدعم الإعلام الرسمي.
 
وقال الأسوانى هذه صورة تثير القلق وكأن شيئا لم يتغير فى مصر بعد الثورة سوى هوية الرئيس، مبارك ذهب وجاء مرسي.
 
يبدو أن مرسى يكرس نشاطه فى السياسة الخارجية هنا تحققت إنجازات أكثر سهولة، يكفى أنه فى عدد من رحلاته إلى الخارج وعدد من التصريحات ومن أجل تحقيق دعاية جيدة فى الغرب هو يطرح ويقدم نفسه كمن أعاد مصر إلى مجدها التليد كدولة إقليمية.
 
مرسى زار الصين وإيران والسعودية وعدة عواصم فى أوروبا والولايات المتحدة بل وإفريقيا، أصدر تصريحات ضد الأسد وأيد المتمردين حيث أن أكثرهم من الإخوان المسلمين والسلفيين، ودعا إلى إقامة مجموعة عربية إسلامية تضم مصر والسعودية وتركيا وإيران لمواجهة الوضع السورى لكن فشلت هذه الدول بسبب الخلافات فى الرأى خاصة بين إيران والسعودية.
 
جيشه أجرى فى الأيام الأخيرة مناورات مع الأسطول التركي.وليس من الشك هو أن هدفه هو إقامة كتلة إسلامية سيضطر الغرب إلى الاهتمام بها فى المستقبل، وقد عاد وكرر وعلى الأخص فى خطابه أمام الجمعية العامة أن القضية الفلسطينية لها أولوية وأنه بدون إيجاد حل لها فإن السلام مع إسرائيل سيتقوض وينهار، مرسى وضع تحديا أمام الغرب فى مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز قبيل سفره إلى الولايات المتحدة حيث صرح أن الولايات المتحدة ينبغى أن تغير وبشكل أساسى علاقاتها مع العالم العربى وأن عليها أن تظهر الاحترام لقيمه حتى وإن كانت تتعارض مع قيمها، أى طالب الولايات المتحدة والغرب أيضا باحترام الشريعة بكل ما تنطوى عليه من عقوبات جسدية وتمييز حيال النساء والأديان الأخرى وعدم مقاومتها وهو ما يتعارض مع القيم الديمقراطية التى تشكل أساس الثقافة الغربية.حتى الآن لم يظهر فى الغرب من يواجه أو حتى يرد على هذا الطلب، السؤال هو إلى أى حد تستطيع مصر التى تعانى من مشاكل خطيرة للغاية فى المجالات الاجتماعية والاقتصادية والتى تلقى بالشك حول استقرارها السياسى والتى يمكن أن تؤدى إلى انتفاضات اجتماعية فى إدارة سياسة خارجية كقوة إقليمية وأن تتحدى الغرب وعلى الأخص الولايات المتحدة وإسرائيل.
 
 
ليس من المؤكد أن الرد هو لدى الإخوان المسلمين الذين عملوا على مدى عشرات السنين للوصول إلى السلطة والسيطرة على مصر عن طريق صندوق الاقتراع لكن ظهروا أنهم يفتقدون إلى الخبرة فى السلطة وفى الاقتصاد، فى هذه المرحلة فبدلا من أن يقرأوا جيدا ويستدعوا خيرة الخبراء الاقتصاديين فى العالم للمساعدة على إخراج مصر من المستنقع، فإن مرسى يفضل تحقيق أهداف حركته فى التغلغل فى جميع مراكز القوة فى الدولة ربما من أجل منع احتمال تغيير السلطة فى المستقبل وإظهار قوة لا تتوافر لديه فى مواجهة الغرب.كل هذا لا ينذر بخير لا لمصر ولا لمنطقة الشرق الأوسط.