الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

ويخشون مثل هؤلاء!

ويخشون مثل هؤلاء!
ويخشون مثل هؤلاء!




وليد طوغان يكتب:

فى فرنسا، تجدد الجدل مؤخرا، حول كتاب الباحث الإسلامى يوسف بن لوز «إحياء العقيدة الإسلامية» الكتاب مهم، ومضمونه أهم، لكنه كالعادة لم يعجب تيارا سلفيا إسلاميا توغل فى المجتمعات الأوروبية خلال السنوات الأخيرة، السلفيون فى أوروبا، أشد قسوة من السلفيين فى بلادنا، يميلون أكثر للتضييق، ويرفضون العقل أكثر، ويعملون على استعادة الماضى، وسيرة الماضى، وإحداث الماضى، باعتبار الماضى هو الدين، وباعتبار عصور الأولين وحدها، نموذج الدين.
يهاجم السلفيون، بن لوز فى حرب ضروس لعدة أسباب، أولها أن بن لوز فى كتابه قال إن: «قليلا من الفلسفة لن يضر الدين، وأن المسلمين فى حاجة لبعض المنطق بعد أكثر من 1400 عام من الرسالة المحمدية».
بن لوز الذى درس الفلسفة الإسلامية يرى «إن خطيئة المسلمين فى عصور ما بعد التابعين أنهم اعتبروا الفلسفة قلة إيمان، والجدل تضييع وقت، لذلك خرجت معظم نظريات الفلسفة الإسلامية من غير العرب، كالرازى والسهروردى والشهرستانى والدهلوى»، يقول أيضا، إن المسلمين خسروا باعتبارهم الفلسفة سفسطة، و«الاجتهاد» فى وجود السنة خروج على العقيدة، مع أن هذا ليس صحيحا.
قال: إن « مدرسة التمسك بالحديث النبوى فى المدينة هى سبب أغلب المشكلات، بعدما سوقت للمسلمين قاعدة «النقل» يبطل «العقل»، والنتيجة.. كارثة!
«النقل» هو القرآن والسنة، والعقل هو استمرار الفكر الانسانى فى إعادة تأويل آيات القرآن الكريم، من آن لآخر، والاجتهاد وفق قاعدة تغير الأحكام مع تغير الأزمان، حتى لو خالف الاجتهاد سنة، أو تفسيرا قديما لآيات الله.
 قال بن لوز: إن التجديد فى الإسلام «تكلس»، وأن «المنقول» الذى ارتبط بالنظريات التراثية أزاغ بصر المسلمين عن طريق العقل.
المعنى أن فلسفة المسلمين العقائدية ليست على ما يرام، فهم حتى الآن لم يستطيعوا حسم مسائل جدلية مهمة تدفع بعقولهم للأمام، المسائل الجدلية فى العقيدة، ليست مهمة لذاتها، لكن التصدى لها فكريا، تدريب مهم، فى الطريق لتحرير عقل المسلم من «تابوهات» لم يملك شجاعة إخضاعها للنقاش من قبل.
يقول بن لوز: إن علاقة الأرزاق والأعمال بنظرية» المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين»، قضية جدلية مهمة، تضاءل البحث فيها، على حساب نواقض الوضوء، وأدعية دخول الخلاء.. وفقه سنن الجماع.
كما يرى بن لوز، ذو الأصول الجزائرية، أن فكرة «المكتوب على الجبين» ليست إسلامية، لأن الله سبحانه لم يكتب شيئا على عباده، صحيح أنه سبحانه، هو الذى نظم القوانين الخاصة بالكون فى بداية الخلق، لكن هذا لا يمنع، أنه لم يدخل فى علم الله، ما سوف يقدم عليه العباد من اختيارات، إلا بعد اختيارهم .
المنطق أن يختار العباد أفعالهم، وفق إرادتهم، ووفق القوانين التى وضعها الله بداية خلقه للكون.
المعنى أن الله لم يكتب على فلان فعل أمر ما، ولا على علان ترك أمر ما، فهو لم يكتب على أبوبكر «ض» الإيمان، ولا كتب على أبولهب الكفر.
 لو كان سبحانه كتب على كل واحد منهم اختياره، فإن كلا من أبى بكر، وأبولهب، سيكونان ملزومين بفعل ما كتبه الله، لأن المكتوب، لا يغيره انسان . ولو أن كلا منهما، نفذ ما أراده الله، ثم مات أبوبكر مؤمنا، ومات أبو لهب كافرا، فالاثنان مصيرهما الجنة، لأن الاثنان كانا ينفذان «إرادة ربانية»!
كلام بن لوز منطقى، لذلك قلب الدنيا على رؤوس السلفيين فى أوروبا، فالسلفيون يخافون الكلام، ويخافون المنطق، ويخافون الذى مثل يوسف بن لوز.