الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

اندثار السياحة العلاجية بـ«الفيوم»

اندثار السياحة العلاجية بـ«الفيوم»
اندثار السياحة العلاجية بـ«الفيوم»




الفيوم ـ حسين فتحى


تحتوى صحارى الفيوم على جميع العناصر العلاجية نتيجة لنقاوتها ونظافتها وخلوها من الملوثات البيئية, ناهيك أن تلك الصحارى قطنها الفراعنة والرومان، وأخيرا أبناء القبائل العربية, منذ آلاف السنين، حيث كانت مقصدا لمرضى الروماتيزم والروماتيد.
أيضًا تتنوع الرمال من حيث تكوينها المعدنى الذى يغلب عليه معدن الكوارتز، إلى جانب معادن كيميائية متنوعة، ويشهد بذلك ألوانها المتعددة وتشمل الرمال الصفراء وهى تحتوى على كميات شحيحة من عناصر اليورانيوم والثوريوم والبوتاسيوم.
إلى ذلك فإن صحارى محافظة الفيوم توجد الرمال البيضاء التى تحتوى على حبيبات السليكا الزجاجية الشفافة والبيضاء وغالبا ما تستخدم فى صناعة الزجاج والسبائك المعدنية، فضلا عن توافر أنواع ممتازة من الرمال الصفراء الناعمة النظيفة الصالحة لأغراض الطب البديل والاستشفاء البيئي، حيث تتنوع الأمراض التى يمكن علاجها بحمامات الرمال بين الروماتيزم والروماتويد المفصلى والنقرس والأمراض الجلدية والكلى والجهاز التنفسى وقصور الشريان التاجي.
بداية يقول فرحات صالح الفايدى، شيخ العرب: إن السياحة العلاجية كانت منتشرة منذ ثلاثينيات القرن الماضى حتى فترة السبعينات فكان يفد إلى منطقة الساحل الشمالى إلى بحيرة قارون آلاف من مرضى الروماتيزم والصدفية والتهابات العظام وتصلب الشرايين، حيث كانت تستقبلهم القبائل العربية وتقوم بتجهيز الحفر لهم.
ويتابع: وسط الرمال الناعمة تبدأ مرحلة العلاج ابتداء من شهر إبريل من كل عام حتى بداية فصل الشتاء، وكانت عبارة عن وضع المريض داخل حفرة عميقة تغطى أغلب جسده حتى منطقة الرقبة ويمكث فيها لمده تتراوح ما بين 60 دقيقة إلى 120 دقيقة بعد أن يتم وضع شمسية تحمى رأسه من حرارة الشمس، وبعدها يخرج المريض ليتناول وجبة دسمة مصحوبة بشربة الدجاج البلدى أو لحم الماعز.
ويشير شيخ العرب إلى أن هذه الطريقة كانت تؤدى إلى الشفاء من الأمراض المعروفة بالروماتيزم وهشاشة العظام وبعض الأمراض الجلدية، الأمر الذى جعل الكثير من مواطنى المحافظة والمحافظات المجاورة يتوافدون إلى تلك الرمال للشفاء العاجل من تلك الأمراض.
ويشير يونس بشير، من أهالى المنطقة، إلى أنه أشرف بنفسه على عشرات المرضى المصابين بأمراض بالظهر والساقين والركبة الذين أتوا من محافظات المنيا وبنى سويف وأسيوط وتم دفنهم فى الرمال وبالفعل جاءوا مرة أخرى بعد 60 يوما، مؤكدين أنهم قد تم شفاؤهم مما كانوا يعانون منه.
ويلفت بشير إلى أن القبائل العربية خاصة أولاد فايد وعائلات عزيز يقومون بالإشراف على علاج المرضى دون مقابل بل يتم تقديم الوجبات الدسمة للفقراء من المرضى، حيث إنها لم تكن أمرًا بسيطًا بل يواجه فيه المريض معاناة شاقة ما تجعله بحاجة إلى تناول الوجبات الدسمة.
وينوه حسين محمد حمد، أحد الأهالى إلى أن مساحة الرمال الناعمة تزيد على 5 آلاف فدان وهى رمال أفضل من الموجودة فى سيوة ومطروح، خاصة أن الفراعنة والرومان كان قد أقاموا فى هذه المنطقة، فضلا عن أن لهم آثارًا على بعد 25 كيلو مترا شمال بحيرة قارون، منها: مدينة دمى السباع، إضافة إلى طريق قطران وهو أقدم طريق أسفلتى فى العالم أنشأ من البازلت.
أما الدكتور محمد فؤاد البيومى، أخصائى العظام بالفيوم، يوضح أن الطب العربى معترف به وكان منتشرا فى الفيوم خلال القرن الماضى، منوها إلى أن تطور الطب جعل المواطنين يعزفون عن العلاج بالدفن داخل الرمال الحارقة، فضلا عن أن العلاج داخل رمال الصحراء يكبد المرضى مصروفات باهظة تتعلق بالسفر وتحضير الطعام ووسائل الإنقاذ من الشمس.
ويلفت أخصائى العظام إلى أن هذا العلاج يشفى من التهابات العظام، لكنه يحتاج فى نفس الوقت المتابعة مع الأطباء المتخصصين للتمكن من الشفاء من العلاج بالكامل، حيث إن هناك بعض الأدوية تساعد ويكون استخدامها أفضل إلى جانب الدفن فى الرمال من أجل التخلص من الالتهابات بالكامل.
ياسر محفوظ، المستشار السياحى لمحافظة الفيوم، يقول: إن هناك استراتيجية يتم تنفيذها حاليا لتنمية الساحل الشمالى لبحيرة قارون على مساحة 7 كيلو مترات منها إنشاء مستشفى علاجى بتكلفة 25 مليون جنيه، وبحيرة صناعية عبارة عن بحر ميت على غرار البحر الميت بالمملكة الأردنية الهاشمية بتكلفة 6 ملايين جنيه وذلك لجذب المصريين للعلاج بالفيوم بدلا من السفر إلى الأردن للعلاج، خاصة أن هذا البحر يمتد لمسافة 2 كيلو متر شمال بحيرة قارون بغرض علاج الأمراض الجلدية.
من جانبه قال المستشار وائل مكرم، محافظ الفيوم: إن السياحة العلاجية ستعود للمحافظة خلال الفترة المقبلة، خاصة أن أنهار الرمال الموجودة شمال بحيرة قارون وصحراء الريان هى الأفضل على مستوى العالم وأن المحافظة تقوم حاليا بالتسويق العالمى لعلاج مرضى الجلدية والروماتيزم، منوها إلى أنه يتم حاليا إقامة فنادق بالمنطقة لاستقبال الراغبين فى العلاج.