الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

كلية الهندسة تطلق «مدينة الأغانى» مشروعا للتخرج

كلية الهندسة تطلق «مدينة الأغانى» مشروعا للتخرج
كلية الهندسة تطلق «مدينة الأغانى» مشروعا للتخرج




كتبت- ورد الغنام

أقامت كلية الهندسة قسم الهندسة المعمارية برئاسة أ.د. سحر عطية ندوة للشاعر الكبير جمال بخيت رئيس تحرير مجلة صباح الخير وعضو مجلس إدارة جمعية المؤلفين والملحنين حول حلمه وفكرته ومشروعه «مدينة الأغانى». سجل الشاعر حلمه على الورق.. ورصد تفاصيل فكرته.. وقدم مشروعه على صفحات مجلة صباح الخير فى العدد الصادر بتاريخ 8 سبتمبر عام 2015. وقالت أ.د. سحر عطية «إنها فكرة تنموية تنويرية.. هدفها الثقافة والسمو بوعى الإنسان ووجدانه.. فالأغانى بما تحمله من كلمات وألحان توصلها الأصوات لها التأثير الأقوى والأبقى حتى إننى استعرت من «مدينة الأغانى» مدينة للسينما، مدينة للمسرح.. ومدينة الفنون الشعبية.


فى البداية تقدم الشاعر جمال بخيت بالشكر لكلية الهندسة لدعوته لطرح فكرته مباشرة مع وعلى شباب الخريجين آملا أن يتحقق حلمه ويتحول إلى واقع.. وقال: «للأسف الشديد أحلامنا لا تتحقق سريعا.. ولكنها تأخذ أوقاتاً طويلة بينما دول أخرى ترى أن من حق أى مبدع أو عالم أو حالم أن يرى حلمه يتحقق أمام عينيه.. أما نحن فتنطلق الفكرة وتتجه يمينا ويسارا وتترنح وتسقط وتنسى ويأتى جيل آخر يفكر فى نفس الفكرة وربما تتحقق وربما لا.. أنا حلمت بهذا المشروع وسجلته فى مجلة صباح الخير وأملك الكثير من الأمل لتحقيق هذا الحلم.. ولكن الآن أشعر بالأمل بعد دعوتكم لى.. وقبل تناول مشروع «مدينة الأغانى» لابد من الحديث عن «الأغانى» نفسها.. وطرح الشاعر جمال بخيت سؤالا على الحضور.. هل يوجد أحد بيننا لا يستمع إلى الأغانى؟
فجاءت الإجابة بالإجماع. لا كلنا نسمع.. ثم طرح سؤالا آخر: هل تعتقدون أن الأغانى تؤثر علينا؟.. فكانت الإجابة بالاجتماع أيضا: نعم تؤثر علينا.. ثم انتقل الى سؤال ثالث: هل تعلمون ماذا تقول كلمات النشيد الوطنى لجمهورية مصر العربية؟ فأجاب الحضور: «بلادى بلادى لكِ حبى وفؤادى».. ثم جاء السؤال الرابع: هل يعلم أحد من هو مؤلف أو الشاعر صاحب النشيد؟!
ساد الصمت القاعة..
وكانت الطامة الكبرى.. لا أحد يعلم!!
بعد هذه الاسئلة وتلك الاجابات خرج الشاعر جمال بخيت بإحصائية حقيقية عن ثقافة جيل بأكمله وربما شعب بأكمله.. تقول الإحصائية إننا جميعا نسمع الاغانى.. أما تأثير الاغانى فتراوحت النسبة تقريبا بين 60٪ و70٪ أما كلمات الاغنية وصاحبها فكانت النتيجة صفراً بالمائة.
أما الاجابة الصحيحة عن السؤال الرابع والاخير والتى أجاب عليها شاعرنا جمال بخيت فهى أن صاحب كلمات نشيد «بلادى بلادى» هو الشاعر محمد يونس القاضى والذى أخذ مطلعه من إحدى خطب الزعيم الوطنى مصطفى كامل.. وأضاف جمال بخيت: بلادى لم يكن النشيد الوطنى لجمهورية مصر العربية ولكن كانت هناك أناشيد قبله مثل «والله زمان ياسلاحى» للشاعر صلاح چاهين ألحان كمال الطويل والذى تغنت به كوكب الشرق السيدة أم كلثوم وأناشيد أخرى لماذا تم منعها لا أحد يعلم.. ترتيبا على هذه الاحصائية وما توصلنا إليه من نتائج من الاسئلة والاجابات من الحضور الذى يمثل جزء من ثقافة شعب.. تكون النتيجة صفراً.
وحيث إن الغناء أحد أهم وأقوى وأغلى أنواع الثقافة لما له من تأثير سلبى أو إيجابى على وعى وتكوين الوحدات.. فالاغنية الوطنية توحد المشاعر وتلهبها وتقوى الشعور بالانتماء وحب الوطن فهى الشريك الأول والوحيد فى كل الثورات.
ويروى الشاعر جمال بخيت موقفا تعرض له عندما كان صبيا لم يتجاوز المرحلة الاعدادية وهو يخطو أولى خطواته فى الكتابة عندما سمع فى الإذاعة قول: «والآن مع السيدة أم كلثوم كوكب الشرق وقصيدة «نهج البردة» توقف الصغير وانزعج كثيرا لأنه لم يعرف معنى «نهج البردة» مع أنه كان قارئا جيدا.. وفى اليوم التالى اتجه مباشرة الى مدرس اللغة العربية وسأله وأجابه الاستاذ هو من أول الشعراء الذين كانوا يهجون الملوك والسلاطين أو يمدحونهم ويمنون عليهم بالعطاء والشاعر الذى مدح الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقصيدة طويلة ولم يعرف ماذا يعطيه، فخلع بردته «عباءته» وأعطاها إياه.. واسترسل أستاذ اللغة العربية بالحديث عن «بردة» الإمام البصيرى الذى حلم أن يعطيه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عباءته فكتب بردته فى مدحه.. ثم الشاعر أحمد شوقى الذى كتب «نهج البردة» وهى آخر «بردة» والتى شدت بها كوكب الشرق أم كلثوم ولحنها الموسيقار رياض السنباطى.
يا لها من كم معلومات وثقافة حصل عليها الصبى الصغير عندما طرح سؤاله.
ولما للأغانى من تأثير يفوق كل الفنون يذكر جمال بخيت قصة حدثت له وتوقف عندها مع المطرب على الحجار عندما كانا يطلعان على جوابات المعجبين فى ذاك الوقت.. بين هذه الجوابات فوجئ بخطاب من شاب يقول فيه لعلى الحجار: «أنا مدين لك بحياتي، فقد كنت قررت الانتحار بعد قصة حب فاشلة صدمتنى ولم أقو على احتمالها.. وكنت اختار الطريقة التى سوف أنهى حياتى بها.. وكانت الإذاعة تقدم أغنية:
كنت فاكر لما تمشى وتسيبنى.. قلبى هتدوب شمعته من نار حنينى.. والتقتنى فى لحظة أضعف غصب عنى.. وأجرى وأصرخ عند بابك رجعينى.. بس لا.. أنا كنت واهم.. قلبى لسه ماكانش فاهم.. الحياة لازم تسير.. والفراق مش شىء خطير.
هذه الأغنية كلمات الشاعر صلاح فايز وألحان أحمد الحجار.. وهكذا انقذت أغنية حياة إنسان.. ويستطرد جمال بخيت.. إلى هذا الحد من الممكن أن يكون تأثير الأغنية.
ومن الأغانى إلى «مدينة الأغاني» الحلم الذى يتحقق.. أولا: «لماذا مدينة الأغانى»؟
يقول الشاعر جمال بخيت: هناك مائة عام من الغناء مسجل.. لم يقترب أحد منها بالتوثيق.. مائة عام مشوار الابداع المصرى الحديث فى مجال الأغنية.. لم يرصد أحد تاريخه ولا تاريخ مبدعيه.. طوال مدة عضويتى فى مجلس إدارة جمعية المؤلفين والملحنين.. التى تعتبر أهم ملامح التاريخ لمخزون الغناء المصرى.. وأنا اتساءل.. كيف تتعامل مع هذا التاريخ العظيم للأغنية.. وللجمعية.. لقد ارتبط تاريخ الأغنية بتاريخ الجمعية بتاريخ الملكية الفكرية فى مصر ارتباطا وثيقا.. ثم ماذا عن مستوى الابداع الغنائى فى مصر؟.. يكاد لا يوجد إنسان لا يشعر بالتراجع الرهيب فى فن الغناء وتغيير القيم والمفاهيم.. مثال فى الستينيات مثلا كانت صباح بتغنى:
أنا هنا يابن الحلال.. لا عايزة جاه ولا كتر مال.. بحلم بعش أملاه أنا.. سعد وهنا.
فى مرحلة الانفتاح غنت ليلى نظمى يا الفيديو فى الجهاز ياما مفيش جواز..
وهكذا من قيم إيجابية إلى مفاهيم وقيم سلبية..
بالإضافة إلى أنه لايوجد اكتشاف حقيقى لمواهب جديدة فى الغناء أو التأليف أو التلحين.. ولا انتاج غنائى حقيقى.. بل أن معظم شركات الانتاج أغلقت أبوابها.. وهكذا.. ولدت فى ذهنى فكرة إنشاء «مدينة للأغانى» إضافة جديدة للصروح الفنية فى مصر.. تستدرك النقص الرهيب فى مجال التوثيق وتأريخ فن الغناء المصرى من جهة.. ومن جهة أخرى ترتقى بهذا الفن الذى يعتبر أحد أعمدة قوة مصر الناعمة.. ومن جهة ثالثة نفتح آفاقاً أمام إنتاج غنائى متميز.
وكل هذا من خلال جمعية المؤلفين والملحنين التى كانت وستظل هى البيت الكبير لأهم صناع الأغنية المصرية والعربية من نهاية القرن التاسع عشر وحتى الان.. وهذه النقطة الأخيرة.. تزيح عن كاهل الدولة عبئا لم تعد تقوم به.
ذكر الشاعر جمال بخيت أهم أهداف حلمه ومشروعه وأضاف: زيادة الدخل القومى من السياحة من خلال وضع «مدينة الأغانى» على خارطة البرامج السياحية.
وعن تفاصيل مشروع «مدينة الأغانى» يقول: مساحة المشروع تتراوح ما بين خمسين إلى مائة فدان تخصص من الدولة بمبدأ حق الانتفاع بسعر رمزى لجمعية المؤلفين والملحنين وناشرى الموسيقى.. تتكون المدينة من مسرح كبير ومسرح للشباب ومتاحف ومكتبات وقاعات استماع.. ومقر لجمعية المؤلفين والملحنين.. ومنطقة استوديوهات تسجيل وتصوير.. ومنطقة ترفيهية تضم مجموعة من دور السينما والكافيهات والمطاعم والمحلات التى يشترط فيها الحفاظ على الشكل التراثى المصرى.. ومجموعة شقق فندقية تدار بواسطة إحدى الشركات وتصلح لاستضافة ضيوف المناسبات المختلفة.
أما عن التمويل فيقول بخيت: من تبرعات الافراد والهيئات الداعمة للفن.. محليا وإقليميا ودوليا.
يشرف على إدارة المشروع مجلس أمناء يضم جميع أعضاء مجلس إدارة جمعية المؤلفين والملحنين بالإضافة لمن يختارهم المجلس من أعضاء الجمعية ومن الشخصيات العامة المهتمة بفن الغناء وممثل عن دار الأوبرا المصرية وممثل عن اتحاد الإذاعة والتليفزيون وكذلك بعض رجال القانون والاقتصاد ذوى السمعة الحسنة.. وأى ناتج مالى من أنشطة «مدينة الأغانى» وأى دعم يأتيها من أية جهة.. يوجه للصرف من خلال مجلس الأمناء على الأهداف الموضوعة وأعلن عنها شاعرنا فى بداية الندوة بعد اقتطاع مصروفات الصيانة والتشغيل والضرائب والتأمينات الاجتماعية لجميع العاملين فى المدينة وفى جميع منشآتها.
أنهى الشاعر الكبير جمال بخيت ندوته وكله أمل وتفاؤل أن يرى حلمه النور ويصبح صرحا فنيا ثقافيا سياحيا يعيد تشكيل وجداننا ويسمو بمشاعرنا  وسلوكياتنا.. فالأغنية تلهب الحماس.. تشد القوة.. تمنح المقاومة.. تقوى عزيمة الشعوب.. من منا لا يحمل فى داخله ذكرى لغنوة ترتبط بالانتماء للوطن، لذكرى قصة حب عشناها.. لذكرى حنين وفراق.. الأغنية تستطيع أن تحول حياتنا إلى ألوان من الحب.