الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«مفتاح الحياة» رسالة 40 فنانا للسلام بين الشعوب

«مفتاح الحياة» رسالة 40 فنانا للسلام بين الشعوب
«مفتاح الحياة» رسالة 40 فنانا للسلام بين الشعوب




كتبت - سوزى شكرى


 من أسمى أهداف الفنون التواصل والتقارب الإنسانى والاجتماعى بين البشر بعيدا عن تصنيف الأديان، فالفنون تتحاور بلغة المفردات والعناصر الفنية التى صاغها البشر فى كل المجتمعات، والتى لا تحتاج إلى ترجمة ويتم صياغة هذه المفردات بحسب قناعات كل مجتمع مع الاحتفاظ بهوية كل حضارة، من هذا المنطلق كان قيام «بول جوردن» رجل الدين المسيحى العاشق لمصر بتأسيس نشاط ثقافى فنى أطلق عليه مهرجان «كرفان» بكنيسة سان جون بالمعادى، الهدف منه التسامح والتحاور والسلام بين شعوب العالم، بمشاركة فنانين مصريين وعرب وأجانب، تقوم الفعالية برعاية مجموعة من الشركات الوطنية المصرية والسفارات وتخصص عائدات مبيعات الأعمال الفنية لدعم مشروعات التعليم بمصر، كما قدمت العروض فى كنسية «سان جون» وأيضا فى قاعات العرض الرسمية وفى قاعات العرض الخاصة، حقق مهرجان كرفان نجاح ورواج على مستوى العالم نظرا لتنوع أفكاره وطرحه الفنى الذى يقدمه الفنان الدكتور رضا عبد الرحمن قوميسير دورات المعرض الثلاث الأخيرة.
الدورة الثامنة لمهرجان كرفان والتى أقيمت مؤخرا بجاليرى النيل بالزمالك حملت تيمة «مفتاح الحياة» ويسمى بالفرعونية «عنخ»، رمز الحـياة الأبديـة عند قدماء المصريين، والذى كان يستعمله المصريين الفراعنة كرمز للحياة بعد الموت، ذلك الرمز الذى لا يزال لغزا لعلماء المصريات، أقدم النظريات عن مفتاح الحياة «نظرية توماس إنمان» التى نشرت لأول مرة فى عام 1869 أنه يمثل الاجتماع الروحانى لـ«إيزيس وأوزوريس» الذى كان له تأثير على وفرة مياه النيل الذى يعتبر أساس الحياة فى مصر، وآخرون فسروه انه يمثل عنصرى الحياة، الذكر والأنثى فى إطار شكلى لائق ورمزا لحقيقة أن الاتحاد المثمر هو هبة من الله.
شارك فى هذه الدورة 40 فنانا وفنانه من بينهم ٢٨ فنانا من مصر (فاروق وهبه، رضا عبد الرحمن، عصمت داوستاشي، محفوظ صليب، إسحاق دانيال، صلاح المليجي، فاطمة عبدالرحمن، معتز الصفتى، عمر طوسون، صلاح حماد، أمل نصر، سالى الزينى، ماهر جرجس، حازم المستكاوى،  سوزان شكرى، أحمد صبرى، أحمد عبد الفتاح، أحمد الشاعر، عاطف أحمد، جرجس بخيت، نورا  ابراهيم سليم، ياسمين الخطيب، رهام محمود)، و٤ فنانين عرب هم (أحمد البحرانى، صلاح المر، محمود شوبار، سروان باران) إضافة إلى ٨ فنانين أوروبيين وأمريكان فى جولته بلندن ونيويورك.
من الجانب الفنى صمم مفتاح الحياة كمجسم له أربعه أركان وزوايا وهو ما زاد من صعوبة التعامل مع سطح المجسم، فقدم كل فنان مفتاح للحياة يحمل مضمون إنسانى واجتماعى وقيم فلسفية وجمالية وفنية استلهمت من تفسيرات ومعان لمفتاح الحياة.
وعن المهرجان لفت الفنان رضا عبدالرحمن إلى  أن الدورات الأولى كانت للوحات تصويرية، بدأت مع كرفان من أول دورة عام 2008، وكان وقتها الفنان محمد عبلة هو القوميسير من الجانب المصرى وأنا كنت مشاركا ومرشحا من قبل القوميسير الأجنبى «بول جوردن» وهو رجل دين مسيحى والذى فكر فى إنشاء فعالية ونشاط ثقافى يحقق من خلاله التواصل والحوار بين البشرية بالإضافة إلى هدف إنسانى، البداية كانت تحت عنوان «الآخر» بمعنى قبول الآخر بصرف النظر عن المعتقدات الشخصية، فالعقيدة والدين أمر خاص بين الإنسان وربه، والفنون هدفها التواصل وليس التفكيك، واعتمد «كرفان» على فنانين بعينهم إلى أن أصبحت القوميسير فأعدت اختيار فنانين محترفين وليسوا هواة.
يكمل: اخترت لكل دورة مجموعة من الفنانين الكبار والشباب ممن لهم بصمة فنية فى الفكر والأسلوب والتقنية، وأضفت أيضا للفكرة أن يكون العمل الفنى مجسم  بدل من التصوير، وهذا اتضح بصورة أكثر فى دورة «الحمار» the donkey  وكان اختيار مختلف وجديد حيث دور الحمار الذى هو رمز السلام والرحمة، وقيمته فى تاريخ الأديان، الحمار ورحلة العائلة المقدسة إلى مصر، الحمار الذى استخدمه عمر بن العاص فى دخول مصر، الحمار فى التاريخ الفرعونى ودورة فى التجارة ونقل الثقافات من مكان إلى مكان، ومن هذه الدورة أضفت للفكرة أن تسافر الأعمال حول العالم فعرضنا فى الكنيسة فى لندن، وحقق كرفان رواجًا وانتشارًا أكثر.
 ثم دورته السابقة وكانت بعنوان «آمين» أيضا كانت على شكل وقفة الصلاة والعبادة باختلاف الأديان، فصممت نموذجا لكل الحالات، وبعد عرض «آمين» فى قاعة الباب التابعة لوزارة الثقافة وسافرت بالعرض إلى أمريكا والعرض تحت رعاية السفارة المصرية فى واشنطن وهى من تجهز لنا حفلة الاستقبال باعتبارنا رسالة من مصر للمحبة والتواصل.
 قبل نهاية الدورة السابقة حددنا أن تكون تيمة الدورة الثامنة «مفتاح الحياة» باعتباره أقدم رمز فى التاريخ، وهو رمز توحيدى ذو خصوصية فى التاريخ المصرى القديم، ويعد هذا الاختيار رسالة تبعثها مصر إلى العالم من قلب وروح الحضارة المصرية ودعوة للسلام  من أجل الحوار والتواصل، وقد تعامل جميع الفنانين المشاركين مع النموذج المجسم للمفتاح بأفكار جديدة كنت أتوقعها قبل أن أراها، وكل فنان شارك قدم مضمونا عن رؤيته ومعالجته الفنية لمفتاح الحياة كما وثقت فى كتالوج العرض، وأيضا الكتالوج يصاحبه قراءة نقدية شاملة عن «مفتاح الحياة» ودلالات فى الحضارة المصرية ورسالته للعالم فى العصر الحالى قدمها الناقد محمد كمال.
وعن عمله الفنى الذى أضاف إليه أياد توحى بتكميم الأفواه لفت «عبدالرحمن»: كنت مع الشاعر إسلام شبانه المقيم فى أمريكا وسمعته يقول «أيد خفية وأيد عافية وأيد بتلعب فى القضية»، أعجبنى هذا المضمون فهذا حالنا فى مصر، أياد تريد لمصر الخراب، وأياد تبنى لمصر والمستقبل وأياد أخرى لا تريد لنا حرية التعبير وتسعى لتكميم الأفواه، وأضفت بجانب المفتاح طبق فيه ورد صغير حتى يمكن لكل شخص أن يضع وردة عليه لأنه مهما كانت الصعاب فبالتأكيد هناك أمل ومستقبل لمصر للأفضل.
وعن اتهام «كرفان» بالتطبيع أشار «عبد الرحمن»: واجهت كل الاتهامات بشكل عادى، فلم تؤثر فى نجاح الفعالية ولم تؤثر فى بشكل شخصى، ولا أحد يمكنه المزايدة عليا فانا مصرى ولم يزعجنى نهائيا أى أقوال، وأتشرف بأننى امثل مصر ومعى زملائى الفنانين المحترمين والمؤمنين برسالة كرفان فى التواصل مع البشرية كلها بعيدا عن الاعتقاد، وأنا مسئول فقط عن الجانب المصري، واعتذار أى فنان لا يعنى انه اكتشف شيء فى الفعالية فانسحب وهذا ما تروجه بعض النفوس الصغيرة والضعيفة، وأكبر رد على هؤلاء حضور وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى وهو من الرافضين للتطبيع طوال 22 عاما  وأكثر هى فترة رئاسته لوزارة الثقافة.
يكمل: من يقوم باستضافة كرفان فى أمريكا ولندن هى السفارات المصرية التى تسعد بالفن المصرى، أى أنه يقدم برعاية الدولة المصرية ويحضره أهم شخصيات فى الدولة، ونحن مشكلتنا فى الوسط الفنى كثرة التأويل والقراءات غير الموضوعية للموضوعات والفعاليات، فكم من فعاليات ناجحة هوجمت، مع الأسف هذا حالنا فى الوسط، اتمنى أن يعود الهدوء إلى الجميع، وان الباقى هو الفن الحقيقى الصادق.