الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«روزاليوسف» فى الغرفة المحصنة للخزانة العامة

«روزاليوسف» فى الغرفة المحصنة للخزانة العامة
«روزاليوسف» فى الغرفة المحصنة للخزانة العامة




تحقيق وتصوير - عيسى جاد الكريم


اختفت الخمسة والعشرة قروش الورقية من تعاملاتنا اليومية وأصبحت ذكرى ولكن رغم اختفائها إلا أنها فى حكم القانون والدولة المصرية ما زالت موجودة ولها قيمة، مصلحة الخزانة العامة هى الجهة الوحيدة المنوط بها استبدال العملات الورقية المساعدة القديمة التى أصبحت غير متداولة، كما يقول المحاسب محمد فتحى رئيس مصلحة الخزانة العامة والذى يؤكد أن مصلحة الخزانة مستعدة لاستقبال أى عملات ورقية مساعدة قديمة فئة خمسة وعشرة قروش يريد اصحابها استبدالها بعملات أخرى وذلك من خلال شباك 14 الذى خصصته المصلحة لذلك فأى حائز للعملات المساعدة مهما بلغت قيمتها لديه عليه أن يتقدم لنا لكى نستبدلها له بعملات أخرى معدنية جديدة، حيث تقوم المصلحة بعد استلامها واستبدالها بفرز هذه العملات ثم عمل لجنة تخريم للعملات بثقبها بثقوب يصعب بعد ذلك استخدامها ثم جمعها فى أجولة وتشميعها لإعدامها بعد ذلك بالحرق فى محرقة شركة الحديد والصلب فى حلوان من خلال لجنة تقوم بهذه المهمة واللجنة لا تتم إلا كل عدة سنوات لحين تجميع كميات كبيرة تستحق أن تذهب بها لجنة بعد ثقبها للمحرقة.
وبعد انتظار شهور لحين تشكيل اللجنة لتنفيذ هذه المهمة ولكى نسجل هذه اللحظات التى ربما لم تسجلها عدسة مصور صحفى قبلنا علمت بموعد اللجنة فى التاسعة صباحا فى أحد أيام  نهاية الاسبوع من شهر إبريل واستأذنت المسئولين فى تسجيل تلك اللحظات وقد كان.
الغرفة المحصنة
إجراءات مشددة وصلت بعد إجراءات صعبة الى داخل الغرفة محصنة فى الدور السفلى بمصلحة الخزانة العامة، الحجرة مبطنة بالحديد يغمرك شعور وانت بها بالعراقة والتاريخ المصرى الضارب فى القدم ضخامة الخزينة التى توجد بمصلحة الخزانة العامة اقدم مبنى عرفته وزارة المالية ويعود تاريخه الى عام 1930 تقريبا يؤكد لك أن طريقة انشاؤها تعود إلى إنشاء المبنى نفسه بل انها اقدم من المبنى وإن صح القول فإن الخزينة تم انشاؤها وتصميمها ثم بعد ذلك انشاء المبنى وحوائطه حولها فمن ضخامتها يستحيل أن يكون تم إدخالها للمبنى خاصة أن أعمدة الصلب المصبوبة داخل حوائطها معشقة بكامل جدران الخزانة ودواليبها بما يستحيل اختراقها وقبل أن تبدأ اللجنة أعمالها تم اتخاذ الإجراءات الامنية من العاملين بالخزينة وتم اغلاق الباب الحديدى الخارجى الموصل لغرفة الخزينة وكان القرار بعد وفرز العملات الورقية المساعدة فئة من لجنة مكونة من السيدة حسنة محمد عبد العزيز مدير إدارة الخزينة المركزية بمصلحة الخزانة العامة وعبد المعطى محمد من أمناء الخزينة ومحمد رشوان من ادارة التفتيش واحمد خالد من إدارة التفتيش وأحمد إبراهيم مساعد ثانٍ للخزينة وصالح فتحى اقدم عامل قام بتخريم العملات.
وتقول السيدة حسنة عبد العزيز إن شباك رقم 14 بمبنى الخزانة العامة هو المسئول عن استقبال العملات المساعدة القديمة من الجمهور واستبدالها لهم بعملات أخرى كما أنه أيضا يوفر العملات المعدنية المساعدة فئة جنيه ونصف جنيه (الفكة) للجمهور وأنه كل عدة سنوات يتم عمل لجنة لتخريم العملات المساعدة القديمة فئة خمسة وعشرة قروش وأن آخر لجنة تم عملها لتخريم العملات كانت فى 2009 وكان من المقرر عمل لجنة فى 2011 ولكن ظروف الثورة حالت دون عملها وتم تأجيلها حتى قررنا عملها هذا الشهر فى 2015 وأن الأمر يتم بإجراءات صارمة ولم يفكر أحد من قبل أن يوثق عملية التخريم للعملات ولكن هناك أرشيفا بكافة اللجان التى تمت لعمليات الاعدام وبعضها يعود إلى ما قبل ثورة يوليو 1952 وتشير السيدة حسنة أن المشكلات التى تواجه العاملين فى عد وفرز العملات القديمة هو انتشار البكتيريا والجراثيم العلاقة بالعملات مما يصيب العاملين بأمراض الحساسية وأمراض جلدية وتم عمل شكوى وشكلت لجنة من وزارة الصحة وحتى تاريخه لم تقرر شيئا جديدا سواء بطريقة التطهير.
اوقد وعاء الشمع الاسود لتسخينه فبعد أقل من ربع ساعة سيتم استخدام الشمع الاسود فى تشميع أجولة الخيش التى ستوضع بها العملات التى تم تخريمها حضر عم صالح فتحى العامل الذى يعمل على ماكينة تخريم العملات فهو الوحيد المسموح له بتشغيلها فقد تولى تشغيلها منذ عمل عام 1989 خلفا لوالده الذى كان يعمل أيضا بالمصلحة ويقول إن الماكينة التى تعمل بالكهرباء ربما لن يكون لها قيمة بعد سنوات من الآن بعد أن يتم تجميع كافة العملات الورقية المساعدة فئة عشرة وخمسة قروش ربما تصبح من تاريخ المصلحة لان دورها يقتصر على ثقف العملات الورقية الصغيرة فى حين أن العملات الورقية الأخرى بداية من الربع جنيه وحتى الـ200 جنيه يتم فرمها فى مفرمة خاصة داخل مطبعة البنك المركزى وهناك شركة خاصة تتقاضى مبالغ كبيرة تتولى نقل واعدام العملات القديمة أو التى بها أخطاء مطبعية التى يتم فرمها.
فى محرقة الحديد والصلب حملت أجولة العملات المثقوبة فى شحنة تصحبها اللجنة التى شاركت فى عملية ثقبها وعدها وفرزها ثم وضعها فى أجولة وتشميعها بالحبر الاسود وفى فرن درجة حرارته ما يقرب من 3000 درجة مئوية تصهر بداخله اللواح الحديد اقترب الونش العملاق فاتحا فاه ليأخذ الجوالات ويلقيها فى فوة الفرن التى تفتح أوتوماتيكيا بمجرد اقتراب فك الونش منها وتغلق مرة أخرى فور ابتعاده فباب الفرن الذى يمشى على ما يشبه قضبان السكة الحديدية بمزلاج يحكم غلق الفوهة حتى لا تتصاعد منها حرارة الحديد المصهور فيصيب الواقفين بالقرب منه بأى حروق، بانتهاء إلقاء آخر جوال فى فوه نار الحديد والصلب تنتهى إجراء إعدام العملات الورقية المساعدة بالإعدام فى النار فى انتظار عملات أخرى من نفس الفئة لتلقى نفس المصير.
المهندس مجدى حنفى الخبير العالمى فى العملات وصاحب أول موسوعة للعملات الورقية والبنكنوت فى مصر يقول ان العملات الورقية المساعدة فئة خمسة وعشرة قروش ظهرت فى مصر لأول مرة كإجراء طارئ اتخذته الحكومة المصرية لمواجهة الظروف التى فرضتها الحرب العالمية الاولى (1914-1916) على مصر وذلك للحفاظ على استمرار النشاط الاقتصادى والتجارى فى البلاد.
فى عهد السلطان حسين كامل
 (الظهور الأول)
فى عهد السلطان حسين كامل اثناء الحرب العالمية الاولى ظهرت العملات المساعدة بعد ادت ظروف الحرب صعوبات نقل العملات المعدنية التى كانت تسك فى الخارج مما ادى ارتفاع اسعار المعادن وخاصة الفضة التى كانت تصنع منه العملات المساعدة فئة خمسة وعشرة قروش فأصبحت قيمة الفضة فى العملات أكبر من القيمة الفعلية للعملات المعدنية وكان التجار يقومون بتسييحها وصهرها للاستفادة من ذلك الفارق مما ادى الى نقص شديد فيها فاضطرت الحكومة المصرية الى طبع عملات ورقية بديلة وكان اول طباعة للعملات المساعدة فى مطبعة ديلارى بلندن بعدها فى عهد السلطان فؤاد الأول أصدرت الحكومة المصرية عملات ورقية فئة الخمسة قروش طبعت بمصلحة المساحة المصرية فى 1 مايو 1918 وذلك قبل ان تصدر الحكومة القانون رقم 13 لسنة 1918 فى 15 يونيو الخاص باصدار عملات ورقية فئة عشرة قروش تبعه بعد ذلك القانون رقم 14 لسنة 1918 فى 18 يوليو.
وطبعت الخمسة والعشرة قروش فى البداية على ورق ردىء مما سهل تزويرها فضطرت الحكومة الى سحبها من التداول وكان يعرف وقتها بالشلن الاسود لأن أغلب الوانه كانت بالحبر الاسود وتمت اعادة تصميم الفئتين من جديد وطبعت بمطابع (برودبراى) بلندن على ورق فاخر بتاريخ 1 يونيو 1918.
كما عزل مبارك عن الحكم فى 11 فبراير 2011 عزلت العملات المساعدة عن التداول فبعد انتهاء الحرب العالمية توقفت الحكومة عن إصدار العملات الورقية المساعدة واستمر التداول بها حتى عام 1926 حيث صدر قرار من مجلس الوزراء فى 11 فبراير عام 1926 بايقاف التعامل بهذه العملات من التداول.
ثانيا: الحرب العالمية الثانية
 1939-1945
اندلعت الحرب العالمية الثانية عام 139 فى عهد الملك فاروق الأول وبسبب ظروف الحرب اضطرت الحكومة المصرية اصدار عملات ورقية مساعدة وذلك بموجب القانون رقم 50 الصادر فى 11 يونيو 1940 لاصدار عملات ورقية مساعدة فئة الخمسة والعشرة قروش. وطبعت العملة المساعدة فئة العشرة قروش باللون البنى ونقش على ظهرها منظر عام للنيل والقلعة أما الخمسة قروش فقد طبعت باللون الاخضر وعلى ظهرها طبع منظر لخزان أسوان وطبعتا فى مصلحة المساحة المصرية على ورق بدون علامة مائية وقد تم تزوير العشرة قروش فتم سحبها من التداول وطبعت بنفس التصميم ولكن بعلامة مائية وخطوط منحنية واضيف لظهر الورقة زخارف هندسية ليصعب تزويرها وفى عام 1942 تم تغيير تصميم العملات الورقية المساعدة، فنقش على وجه العملة الورقية فئة العشرة قروش صورة لكشك الامبراطور الرومانى (تراجان) الموجود بجزيرة فيلة بأسوان، أما الخمسة قروش فنقش على وجهها صورة لجامع الامير (خايربك) وتمت الطباعة للفئتين بمصلحة المساحة المصرية على ورق خاص بعلامة مائية التاج الملكى وفى سنة 1944 تم تغيير تصميمها مرة أخرى وحملت فئة العشرة قروش والخمسة قروش صورة الملك فاروق الأول ملك مصر واستمر طباعتها حتى قيام ثورة 23 يوليو 1952 التى استبدلت تصميم العملة الملكية بتصميم متميز للعملة فئة العشرة قروش حيث رسم لوحة بها جميع طوائف الشعب الجندى الذى يحمل البندقية والفلاح الذى يحمل الفأس والعامل الذى يحمل مفتاح وامرأتين إحداهما ترتدى ملابس مصرية والاخرى ترتدى ملابس سودانية رمزا لوحدة وادى النيل ومن خلفهما علم مصر بالهلال والثلاث نجوم والذى تم استبداله بعد ذلك بعلم الجمهورية المتحدة بعد الوحدة مع سوريا ثم علم مصر فيما تم رسم وجه الملكة نفرتيتى على العملة فئة الخمسة قروش (الشلن) وقد تمت طباعتها على ورق أعد فى وقت سابق للثورة يحمل علامة مائية صورة الملك فاروق الأول لم يرد القائمون على الطباعة وقتها باهداره وشراء أوراق جديدة فطبعت هكذا ولكن تم اخفاء هذه العلامة وطمسها أسفل عناصر التصميم وبعد أن انتهى المخزون من الأوراق التى من عهد الملكية تغيرت العلامة المائية وكانت تطبع العملة فئة العشرة قروش بمصلحة المساحة المصرية والعملة فئة الخمس قروش بمطابع البريد وتولت مطابع السكة الحديد ترقيم وقص كلتا الفئتين.
المعدن ينافس الورق فى العمر الافتراضى
ويؤكد مجدى حنفى أن الدولة قررت فى عام 1989 الاعتماد على العملات المساعدة المعدنية لتحملها أعباء التداول وأصدرت لجنة السياسات النقدية بوزارة المالية قرارها بسحب العملات المساعدة الورقية فئة خمسة وعشرة قروش من التداول والاعتماد كليا على العملات المعدنية المساعدة وانتهت دراسات الجدوى التى اعتمدتها اللجنة إلا ان العملة الورقية المساعدة تكلف الدولة ثلاثة قروش تقريبا وعمرها الافتراضى يتراوح ما بين ثلاثة وستة شهور بينما تتكلف العملة المعدنية ثلاثة قروش أيضا ولكن عمرها الافتراضى يمتد إلى عشرين سنة.
أزمة حرب الخليج 1995
نتيجة حرب الخليج ارتفعت أسعار النفط وتبعها ارتفاع اسعار المعادن الشىء الذى دفع الحكومة المصرية للعودة للاستعانة بالورق مرة أخرى لطباعة العملات المساعدة ووافق مجلس الوزراء فى 2 إبريل 1997 على إعادة طبع العملات الورقية المساعدة بفئتيها خمس وعشر قروش بعد ازمة استمرت عامين من 1995 وحتى 1997 وصدر بعدها القرار الوزارى من وزير المالية والذى حمل رقم 258 لسنة 1997 بإعادة طبع العملات المساعدة وبتداولها وطبعت من جديد العملات المساعدة الورقية عام 1998 بمطابع البريد ومطابع المساحة المصرية على ورق كان وجهه الملك توت عنج آمون علامة مائية لها ولكن اثناء الطبع وقع خطأ كبير بعد ان استخدمت زنكات قديمة لظهر الورقة لا تمت بصلة لوجه الورقة الذى كان يحمل توقيع محيى الدين الغريب وزير المالية (1996-2001) الشىء الذى دفع وزير المالية الى إسناد طبع العملات المساعدة الى مطبعة البنك المركزى ومن وقتها اصبحت مطابع البنك المركزى هى المسئولة عن طباعة جميع العملات الورقية بداية من الخمس قروش وحتى المائتى جنيه.
إمضاء وتاريخ لعمر الوطن
والعملات الورقية المساعدة تحمل على ظهرها تاريخا من تولى وزارة المالية فكل من تولى الوزارة كان يريد ان يخلد ذكراه بتوقيعه على العملة فالبنكنوت عادة يحمل توقيع محافظ البنك المركزى فى حين يسمح لوزير المالية بالتوقيع على العملة فئتى عشر وخمس قروش فمن أمين عثمان الذى تولى وزارة المالية فى الفترة من 2 يونيو 1942 وحتى أكتوبر 1944 وتم اغتياله فى مساء يوم السبت الخامس من شهر يناير 1946 بسبب مولاته للانجليز واتهم الرئيس محمد انور السادات عندما كان ضابطا فى الجيش بالاشتراك فى قتله ومرورا بمحيى الدين الغريب الذى تولى وزارة المالية 1996 وحتى 2001 والذى سجن بتهم تتعلق بالرشى قبل أن تبرأ محكمة النقض ساحته أخيرا بعد عشر سنوات قضاها فى السجن وحتى الوزير الهارب يوسف بطرس غالى آخر وزير مالية الذى تولى وزارة المالية منذ 2004 وحتى 31 يناير 2011 والتى تحتفظ العشر والخمس قروش بتوقيعة كآخر وزير مالية نال شرف الإمضاء عليها حيث إنه لم يصدر اى قرار من مجلس الوزراء بطباعة اى عملات ورقية مساعدة من وقتها بل انه يجرى جمع العملات الورقية المساعدة واستبدالها بعملات معدنية واعدام الورقية لتصبح الورقية ذكرى فى تاريخ مصر ووجدان المصريين الذين يحملون لهم ذكريات سعيدة عندما كانا لهما قيمة ووزن فى ميزان البيع والشراء قبل أن يأتى قطار التضخم ويدهسهما ليلقى مصرعهما دون ان يلقى لهم أحد بال إلا بتحقيق صحفى مثل هذا يتحدث عن مجدهما الذى أصبح فى خبر كان.