الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حرية الرأى لا فوضى الرأى!

حرية الرأى لا فوضى الرأى!
حرية الرأى لا فوضى الرأى!




رشاد كامل يكتب
هذا حوار مهم لرجل مهم فى وقت مهم!
الحوار للدكتور «محمد عبد المطلب» أستاذ البلاغة والنقد بجامعة عين شمس والحاصل مؤخرا على جائزة الملك فيصل العالمية.
إجابات د.محمد عبدالمطلب على أسئلة الزميل «د.محمد حسين أبوالحسن» على صفحات الأهرام تصلح تماما لتفسير هذا الهرج والمرج وسوق الكلام الذى يملأ حياتنا دون وعى أو معرفة أو ثقافة.
الرجل المحترم صاحب التسعة والسبعين عاما وعشرات الكتب المهمة لمن يهمه أمر الشعر والنقد والشعراء والنقاد، تحدث بجرأة وصراحة وكشف نفاق النخبة وزيف مبادئها بأدب وبلا شتيمة.
توقفت أمام سطور له يقول فيها: هناك خلط بين حرية الرأى وفوضى الرأى!! «ثم يروى هذه الواقعة» أحد كبار المثقفين هاتفنى لكى نقف مع فلان فى قضية كذا!! فقلت له: هل قرأت ما كتبه؟!
ولما قلت له إنه كتب كذا وكذا «تجاوزات حادة» فقال لي: يا خبر هو كتب كده؟!
ويضيف د.محمد عبدالمطلب: «البعض عندنا يدافعون عن نصوص لم يقرأوها بحجة حرية الرأى، وهى جهة تظهر مع أشخاص ومواقف معينة وتتوارى مع آخرين فى سياقات مماثلة!!
الواقع العربى الإبداعى اليوم فاسد بعضهم أخرج «رواية واحدة» أو «عملا واحدا» وصار كاتبا كبيرا، ثم إن الإعلام أبوابه مفتوحة لفئة محددة دون الآخرين، تربيطات وشلل فوضى غير خلاقة!!
ويكمل: إن المولى - سبحانه وتعالى - يعلم الناس الحرية لكن المسئولية لا الفوضى، الخطورة هنا هى غياب أهل الاختصاص مرة ثانية أن تجد الشخص يتكلم فى القانون والفقه والسياسة والطب والأدب والقاعدة التراثية تقول إن من يفهم كل شيء لا يفهم أى شىء، ومن «جهل شيئا عاداه»، نجد بعضهم يتمسكون بالدستور فى مواد حرية الرأى، ويتغاضى عن مواد الحفاظ على الأخلاق والقانون والدين، فهل يمكن أن أعتدى على أحد بالسباب أو التجريح دون أن أحوّل للقضاء؟!
أنا مع حرية الرأى وعلى المثقفين احترام الأديان والأخلاق وعلى دعاة الحسبة احترام حرية الرأى والتعبير دون ذلك ستستمر حالة الفوضى.
انتهى الكلام المحترم الذى يثير الخواطر ويدعوك للتساؤل: فعلا ماذا جرى لنا: جماهير ونخبة وقادة رأى وصحافة وفضائيات؟! وكيف وصلنا إلى هذا المنحدر حيث تغيب قيم الموضوعية والعقلانية ومناقشة الرأى بالرأى والحجة بالحجة، لتسود بدلا منها الفهلوة والمداهنة والصوت العالى والصراخ الحيانى، وتبادل الاتهامات من تخوين وعمالة وكيف اختفت فضيلة «التفكير» العاقل ليحل بدلا منها رذيلة «التكفير»!
فى عشرات القضايا المهمة والمصيرية غاب صوت العقل عن هذه النخبة فتخلت عن واجبها الأساسى فى إضاءة عقول الناس وتنويرهم فأصبحت تنافق الجماهير وتدغدغ عواطفهم ومشاعرهم بعيدا عن أى منطق علمى أو فكرى أو أخلاقى!! وتصدر المشهد نخبة لا تبحث عن الحق والحقيقة حتى لو كانت صادمة للأغلبية، بل أصبح وظيفة هذه النخبة البحث عن بطولة زائفة وشعبية طاغية حتى لو كانت الوسيلة لذلك هى الضحك على الجماهير، بالكلام والشعارات الزاعقة من نوعية الشعب يريد والجماهير عايزه كده.. وهو ما حدث مؤخرا بالضبط!
فكل بيت مصرى يتحدث عن «فيران وصنابير»!!
من يعرف أو لا يعرف من يفك الخط أو حاصل على شهادة جامعية أصبح خبيرا فى القانون الدولى وترسيم الحدود بين الدول!!
وتحت شعار «حرية الرأى» ملأنا الدنيا بآراء عجب لا تستند إلى معلومة أو معرفة أو تأصيل علمى أكاديمى تاريخى.