السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تجــــارة المــزادات تلفظ أنفاسها الأخيرة

تجــــارة المــزادات تلفظ أنفاسها الأخيرة
تجــــارة المــزادات تلفظ أنفاسها الأخيرة




كتبت - منى صلاح الدين


تعرضت تجارة المزادات لكساد نتيجة ظروف المجتمع السياسية والاجتماعية حيث تبدلت الأحوال، فبعض أصحاب الصالات توفاهم الله، والبعض فى دار رعاية، وأغلب الصالات لا يديرها أصحابها، وبعضها مهدد بتغيير النشاط، والمقتنيات النادرة الثمينة اختفت، ومقتنيات غريبة دخلت المجال، تحاك حولها قصص التهريب من بلاد الربيع العربى. أما المترددون على أغلب الصالات فتحولوا من باحثين عن المقتنيات القيمة، إلى باحثين عن الأثاث المستعمل!! ويبقى السؤال أين ذهبت مقتنيات صالات القاهرة و الإسكندرية الثمينة، وهل ستطيح تجارة العالم الافتراضى، بتجارة المزادات التى عاشت القاهرة عصرها الذهبى فى الخمسينيات وما بعدها.

بحثت «روزاليوسف» عن إجابة عن هذه السؤال فى أشهر صالات القاهرة فى السطور التالية.
فى صالة مزاد كتساروس بشارع جواد حسنى بوسط القاهرة، أقدم صالة مزادات فى مصر، والتى كانت ستديو للتصوير السينمائى فى العشرينيات من القرن الماضى، قبل إنشاء ستديو مصر، يجلس مجدى محمود أو كما يسمى مستر مجدى، على صالون فرنسى، وسط مئات القطع المميزة.
يتذكر مجدى العصر الذهبى لتجارة المزادات فى الخمسينيات، عندما اضطر الأجانب وأمراء العائلة المالكة بعد ثورة 1952، إلى بيع ممتلكاتهم وما تضمه قصورهم من أثاث مميز بطرازه الإنجليزى والفرنسى، قبل أن يغادروا مصر بما غلى ثمنه وخف حمله، لتشهد صالات المزادات رواجا لبيع تلك المقتنيات الثمينة والنادرة، ويستمر هذا الرواج حتى الثمانينيات، عندما كانت تنظم الصالة مزادا شهريا.
وقتها كانت كل «اللطات» تباع، وكان زبائن الصالة من الأجانب ومن الدول العربية كالسعودية ولبنان، وخاصة الأردن التى كان يقبل منها الكثيرون على شراء التحف، والعودة بها إلى بلدانهم، حيث لم يكن القانون فى مصر يمنع حينئذ من تجارة «الأنتيك» وهى المنقولات والأثاث الذى يمر على صنعه 100 عام أو أكثر، وتمثل تاريخ وحضارة مصر، سواء كانت قطعا فرعونية أو قبطية أو رومانية أو إسلامية وحتى العصر العثمانى وأسرة محمد على، التى تتميز بشعار المملكة المصرية الهلال والنجوم الثلاثة أو قرص الشمس.
يقول مجدى: كان يتردد علينا زبائن ممن يطلق عليهم مدمنو التحف، الذين يحبون شراء ويقدرون كل ماهو مميز وقديم مهما غلى ثمنه، أما الآن فأصبح هؤلاء الزبائن عملة نادرة، مع عدم استقرار المنطقة العربية، وتراجع الاقتصاد، فمنذ ثورة يناير وما تبعها من انفلات أمنى والحريق الذى أتى على معظم محتويات الصالة فى 2014، لم ننظم سوى مزاد واحد فقط فى يناير الماضى، وشهد إقبالا ضعيفا.
 ويقول مجدى: إن بعض الشباب أراد أن يدخل مجال المزادات، معتقدا أن مهنة المزاد، تهدف للربح فقط، لكن سرعان مافشلوا ولم يستمروا فى المجال، لأن صاحب صالة المزاد يستمر مع العلاقات المميزة بينه وبين البائع والمشترى، تكون عبر أجيال متعددة ومع عائلات كبيرة، فالزبون شبه متوارث، فالجد والأبناء والأحفاد من زبائنى.
وهنا سألت مجدى حول استغلال البعض لوسائل التواصل الاجتماعى، وإعلانهم خلالها عن تنظيم مزادات أون لاين، أو أوبن داى لبيع التحف والأثاث المميز، وهل أثر هذا على سوق المزادات، وسحب جزءا من الزبائن المميزين؟
يبتسم مجدى: نعم هناك من ينظم هذه المزادات، ويأخذون بعض بضاعتهم من عندى، ويعرضونها فى بيوتهم فى أحياء كالمعادى ومصر الجديدة، وأعرف بعضهم، ورغم أنهم يخالفون قانون المزادات الذى تقره وزارة التموين، لا يؤثرون على صالات المزادات، فهم مجتمع مغلق، بضاعتهم قليلة، ونحن سوق كبيرة تضم تشكيلة واسعة.
خلال السنوات الأخيرة.. يتردد على صالات المزادات ومحلات الجاليرى، سوريون وعراقيون لعرض مجموعات من التحف النادرة، أهمها السجاد المصنوع من الصوف والحرير يدويا بصبغات طبيعية، وبعض الأعمال الخشبية المطعمة بالصدف، ومحتويات من بعض الكنائس الأثرية التى دمرتها داعش.