الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الخيانة.. والهجمة على مصر

الخيانة.. والهجمة على مصر
الخيانة.. والهجمة على مصر




محمد محيى الدين حسنين  يكتب:

قصص الخيانة بأنواعها المختلفة نادرة فى التاريخ المصرى ومازال الفلكلور الشعبى يتغنى ببطولات أدهم الشرقاوى وينفر السامعون من خيانة صديق له ومازلنا نذكر خيانة أحد الأعراب لأحمد عرابى فى حربه ضد الإنجليز وقصص الخيانة والجاسوسية فى أيام عبد الناصر تعتبر محدودة رغم ضراوة الحرب على مصر عندئذ، وحتى عندما ارتفعت الاصوات بعد هزيمة ،1967 بأن ضمن أسبابها كانت الخيانة لم يثبت التاريخ ذلك حتى بعد أن تكشفت كل أبعاد ووثائق الحرب، بل اثبت التاريخ بطولات عديدة وبين انتماء ابناء سيناء خلال الحرب فقد قاموا بعمل غطاء لجنودنا اثناء انسحابهم خلال الحرب ثم فى الفترة التى شهدت الاحتلال الاسرائيلى للأراضى المصرية فى شبه جزيرة سيناء وتعاونهم البطولى مع المخابرات المصرية موثق ومعروف.
ومع ندرة الخيانة فى المجتمع المصرى نجد الكثير من قصص الانتماء وحب الوطن بين طبقات الشعب المختلفة كثيرة منها ما خلدته الدراما والتاريخ ومنها ما اندمجت فى الفلكور الشعبى ومازلنا نتذكر كيف سهرت مصر أمام التليفزيون للاحتفال بجمعة الشوان ورأفت الهجان وما زال أهل النوبة وسيناء وكل محافظات مصر يفخرون بمصريتهم وبدون ضوضاء أو مظهرية كاذبة يتجمعون فى الميادين والقرى يهتفون بحياة مصر وما حدث فى 30 يونيو 2013، ما هو إلا تعبير عفوى عن رفض خيانة الإخوان والنخبة وطمس الهوية المصرية، ولم يكن لتلك الجموع إلا هدف واحد وهو إفشال المخطط الغربى لتركيع مصر وتقسيمها.
وتعلم الغرب الدرس وأيقن أن المدخل السهل لضرب مصر هو ضربها من الداخل وتغيير ثقافتها الوطنية ونشر فيروس الخيانة على أن يتم ذلك بأيد مصرية سواء منها من يتعاون بحسن نية أو اختار أن يبيع وطنه وأهله بثمن بخس معتمدا على دعم خارجى فتدفقت عليهم الأموال لشراء ذممهم وقاموا بتسليم عقولهم لقوى خارجية وساعدوا على استقطاب شباب الأمة مستهدفين الدين والشباب والإعلام، أما الدين فكان مدخلهم إليه عن طريق فكرتين أساسيتين الاولى فكانت أن المسلمون إخوة فى العالم ومن ثم فلا معنى للوطن أو المواطنة وما زال المتأسلمون ينادون بتلك الفكرة ويقومون بغرسها فى العقول، بل وأصبح الانتماء للوطن يعادل البعد عن الإسلام أو الكفر عند المتشددين منهم، والنظر إلى المواطن غير المسلم على أنه بالضرورة عدو لا يوثق به، وحبذا لو أدى ذلك إلى فتنة طائفية.
أما المدخل الثانى والأهم فهو تفريغ الدين من مضمونه والزج ببعض المثقفين أو من يدعوا الاجتهاد إلى العمل على ضرب الثوابت الإسلامية تحت مظلة من حرية الرأى والاجتهاد وتأييد من منظمات حقوق الإنسان الغربية.
ونتيجة للتشكيك فى الثوابت الإسلامية وقيمه فقد توجهت السهام إلى الشباب فى محاولات حثيثة لتغيبه وفصله عن مجتمعه بالمخدرات والاحباط ونشر قيم غريبة عن المجتمع المصرى وأدلى الإعلام والتعليم وسياسات حكومية عشوائية كل بدلوه، وأصبحت سلبيات الثقافة الغربية هى القيم السائدة بين الشباب وتكفى نظرة سريعة على شباب الأمة المنتشرين فى المقاهى والمراكز التجارية ذات الطابع الغربى تنبئ عن الكارثة التى نعانى منها، والتى تتراوح من ضعف فى الانتماء إلى تراجع الشعور بالمسئولية وإلى البعد عن الدين أن لم يكن الجهر بالالحاد من قبل عدد ما زال محدودا إلا أنه قابل للازدياد.
أما الإعلام فقد سيطر عليه فئة قليلة باعت نفسها لشيطان المال فلا الوطن يهم ولا الدين يأخذ من تفكيرهم الكثير وأصبح الدولار هو سيد الموقف ونسب المشاهدة وتزايد دخل الإعلان هما الأهم حتى ولو كان ما يقدمونه يصيب الثقافة المصرية فى مقتل، ودخلت وسائل التواصل الاجتماعى وكونت ثنائيا مع الإعلام لتنشر الشائعات والافكار الهدامة، وتخصص بعض رواد الإعلام فى دس السم فى الدسم، ونسى البعض منهم أنهم مصريون فقدموا للغرب وأعداء الأمة الوطن على طبق من فضة، وسهلوا عليهم ضرب منجزاته ومن ثم تمهيد الأرض للانقضاض عليه إن آجلا أو عاجلا.
ومهما كانت المسميات التى تمارس فى ظلها كل تلك الهجمات الممنهجة على الوطن وإذا لم تكن تلك سهام خيانة متعمدة أو طوعية، فما هى الخيانة؟