السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عوامل التنمية السياحية

عوامل التنمية السياحية
عوامل التنمية السياحية




أحمد عبده طرابيك يكتب:

تمتلك مصر العديد من مقومات التنمية السياحية التى تجعلها من الدول الرائدة فى هذا المجال الحيوى والمهم على المستوى العالمى، والذى تنعكس آثاره على العديد من القطاعات، فانتعاش السياحة وازدهارها، لا ينعكس بشكل إيجابى على العائدات الاقتصادية من القطاع السياحى وحسب، بل تمتد آثاره لتشمل الكثير من القطاعات الأخرى، حيث تمثل السياحة وسيلة دعائية مهمة للاستثمار، والتجارة، كما يمتد تأثيرها إلى النواحى السياسية والثقافية والعلمية والرياضية وغيرها.
رغم امتلاك مصر لنحو ثلثى آثار العالم، حيث تشكل بعض المناطق السياحية متاحف مفتوحة كمدينة الأقصر، إلا أنه حتى الآن لم تتم الاستفادة القصوى والمثلى، والتسويق الجيد لتلك الآثار باعتبارها من أحد أهم عوامل الجذب السياحى، فالمناطق السياحية لا تحظى بالرعاية والاهتمام من حيث النظافة والتجميل والترويج «التغليف الجيد للمنتج»، كما أن معظم القطع الأثرية تظل حبيسة المخازن لعدم وجود الأماكن الكافية لعرضها فى المتاحف التى تقتصر على القاهرة وبعض المدن الكبرى.
لم يتم تنمية المناطق السياحية فى الأقاليم والقرى، حيث يتم جلب الآثار التى يتم اكتشافها والعثور عليها من مناطقها الأصلية التى اكتشفت فيها إلى مخازن المتاحف فى القاهرة بدلا من إنشاء متاحف ومناطق سياحية فى القرى، حيث الكثير من السياح يفضلون الخروج من المدن إلى الريف وما يتمتع به من هدوء وجمال، ومن ثم يمكن تنمية تلك المناطق «منطقة صان الحجر على سبيل المثال بمحافظة الشرقية»، التى تزيد من عدد الليالى السياحية للسائح، وتخفيف الإزدحام عن القاهرة، وتنمية مناطق جديدة وتشغيل أيد عاملة، وكلها من دعائم التنمية الشاملة التى تحتاج إليها البلاد.
يفتقد قطاع السياحة إلى التنوع فى أنشطته ومجالاته، فيكاد ذلك القطاع يقتصر على السياحة الثقافية المتمثلة فى مشاهدة الآثار فى المناطق الأثرية التقليدية المعروفة، والسياحة الترفيهية فى شرم الشيخ والغردقة، لكن لم يستفد قطاع السياحة بشكل عام من العوامل المناخية والتاريخية والروحانية والعلمية التى تتميز بها مصر، كسياحة المؤتمرات، والسياحة الرياضية والعلاجية والدينية وغيرها، حيث يوجد فى مصر الكثير من العوامل والمقومات والامكانيات والقدرات الكفيلة بنجاح تلك الأنواع من السياحة.
 المدن الجديدة مثل شرم الشيخ والغردقة، والتى يأتى إليها السياح من مختلف دول العالم، وأحجموا عن زيارتها بعد حادث الطائرة الروسية العام الماضى، لم تستثمر امكانياتها فى جذب شرائح مختلفة أخرى من السياح، واكتفت بجذب الراغبين فى السياحة الترفيهية فقط، رغم أن هذه المدن جديرة بجذب الفرق الرياضية وخاصة الأوروبية لإقامة معسكراتها الرياضية بها، سواء للإعداد للمواسم الجديدة وقبل البطولات الكبرى أو خلال فترة تساقط الثلوج على الملاعب الأوروبية، كما أن هذه المدن قادرة على منافسة جنيف وبروكسل وغيرها من المدن الأوروبية فى استضافة المؤتمرات والمحادثات الدولية - وما أكثرها فى تلك الفترة التى كثرت فيها الصراعات والحروب الأهلية والإقليمية - وذلك إذا تم توفير الملاعب والصالات الرياضية والأجهزة الرياضية، وكذلك الفنادق وقاعات الاجتماعات، وعمل الدعاية الوافية لها.
السياحة العلاجية مازالت تعتمد على جهود بعض الأطباء وشهرتهم فى الخارج فى جذب الراغبين فى العلاج إلى مصر، ولكن حتى الآن لم يتم توظيف تقدم مصر فى المجال الطبى وخاصة جراحات التجميل وبعض التخصصات التى برع فيها الأطباء المصريون كزراعة الكبد وغيرها من الجراحات، والاستفادة من كل ذلك فى إقامة مراكز طبية عالمية يكون لها علامة مميزة على المستوى الدولى، لتسهيل التعرف عليها والتواصل معها من خلال الراغبين فى العلاج بمصر، بدلا من الاعتماد على الجهود الفردية لبعض الأطباء، أو الاستغلال من قبل بعض الوسطاء الذين قد يسيئون لذلك القطاع أكثر مما يفيدون فيه.
 لمصر مكانة مهمة فى العالم الإسلامى، لما تحتويه من أضرحة لعدد من آل بيت النبى - صلى الله عليه وسلم - وكذلك لوجود مؤسسات دينية لها سمعتها الطيبة على المستوى العالم الإسلامى، وفى مقدمتها الأزهر الشريف كمؤسسة تميزت بالوسطية طوال تاريخها الذى يمتد لأكثر من ألف عام، ومن ثم فإن السياحة الدينية يمكن أن تساهم بدور كبير فى تنشيط حركة السياحة بشكل عام، والاستفادة من مكانة مصر فى العالم الإسلامى وتاريخها وثقافتها وحضارتها.