الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

رئيس هيئة قضايا الدولة السابق لـ«روزاليوسف»: فاسد من يدافع عن إحالة القضاة إلى مجالس الصلاحية والتأديب

رئيس هيئة قضايا الدولة السابق لـ«روزاليوسف»: فاسد من يدافع عن إحالة القضاة إلى مجالس الصلاحية والتأديب
رئيس هيئة قضايا الدولة السابق لـ«روزاليوسف»: فاسد من يدافع عن إحالة القضاة إلى مجالس الصلاحية والتأديب




حوار أجراه- أيمن غازى


قال المستشار صدقى خلوصى رئيس هيئة قضايا الدولة السابق  فى حوار اختص به روزاليوسف: إن الصياغات القانونية الخاطئة فيما يخص قضايا المنازعات الاستثمارية والتجارية والتى ذهبت إلى غرف التحكيم الدولية كانت السبب المباشر وراء خسارة مصر لهذه القضايا.. هو ما تم تداركه خلال صياغة الدستور الجديد الذى نص على ضرورة صياغة الاتفاقيات وكتابتها من خلال هيئة قضايا الدولة.. ومراجعتها من خلال «مجلس الدولة».
وأشار خلوصى إلى أن الأراضى التى سحبت من المستثمر «وجيه سياج» منحت إلى صديق الرئيس الأسبق حسنى مبارك «حسين سالم».. بالرغم من المعركة القانونية التى خاضتها الدولة فى الخارج لرفع الحظر على البنوك المصرية بعد هذه القضية .
وأكد خلوصى أن  قانون الاستثمار الحالى بحاجة إلى صياغة جديدة تتيح مزايا أكثر للمستثمرين مع شجاعة اتخاذ قرار لدى المسئولين.. مشيراً إلى أن قانون تنظيم بعض إجراءات الطعن على عقود الدولة،والذى يمنع أى طرف ثالث من الطعن فى العقود المبرمة بين الحكومة والمستثمرين، إلا أصحاب الحقوق العينية والشخصية أوقف ما يمكن أن نسميه نحن «دعاوى حسبة جديدة»
تفاصيل أكثر فى سياق الحوار التالى

■ كيف تكون هيئة قضايا الدولة هيئة «قضائية مستقلة» وهى تدافع عن الحكومة أمام المحاكم فى النزاعات القضائية.. وشعارها العريض «نحن محامون عن  الحكومة»؟
- بالرغم من أن التمييز أمام القضاء مرفوض.. إلا أننى أرى هذا نوعا من أنواع الديمقراطية.. لأن أعضاء الهيئة طالما قبلوا الدفاع عن الدولة أمام المحاكم فيما يخص القضايا المثارة أمامها من المواطنين وغيرهم وفقاً للحيدة التى يتمتعون بها باعتبارهم هيئة قضائية مستقلة فهذا أمر جيد خاصة أنها لا تسعى إلى تعطيل الفصل فى الخصومة وإطالة أمد التقاضى بل أقول لك إن هناك حالات فى القضايا التى يقوم أعضاء هيئة قضايا الدولة بالدفاع فيها عن الحكومة يكونون فيها بين نارين «أنهم غير مرتاحين للدفاع فى هذه القضايا وواجبه يحتم عليه الدفاع عن جهة الإدارة أمام المحاكم» هذا أيضا لان جهة الإدارة ليست أقل شأناً من المواطن الذى يقف ضدها فى خصومة أو الشخص المتورط فى قضية ما والتى يكفل له الدستور محاميًا ليدافع عنه فى حال ما لم يكن له محام شخصى.
■ هل قضايا التحكيم التى يتم تداولها حالياً مرتبطة بالفترة الحالية أم الفترة السابقة ومدى ارتباط ذلك بقانون تنظيم بعض إجراءات الطعن على عقود الدولة، الذى يمنع أى طرف ثالث من الطعن فى العقود المبرمة بين الحكومة والمستثمرين، إلا أصحاب الحقوق العينية والشخصية؟
- بداية.. الطريف هنا أن جميع قضايا التحكيم التى يتم تداولها حاليا عن فترة الحكم السابقة وكلها عن اتفاقات قديمة.. والحكومة الحالية تتوخى الحذر والدقة فى الاتفاقيات التى تتم مع المستثمرين لأنها راغبة فى جذب المستثمر ومنحه الثقة لوضع استثماراته فى مصر. أيضا من المهم أن نركز على قانون منع الطعن على العقود من غير أصحاب أطراف الاتفاق هنا كون هذا القانون يعتبر إقامة الدعوى القضائية من غير أطرافه وكأنه «دعوى حسبة»..أيضا أى عمل تشريعى معرض للنقد طالما أنه من نتاج البشر.. وهو ما يعنى أنه ليس من حق أى مواطن أن يعطل عمل سير الدولة من خلال إقامة الدعاوى القضائية يعنى «كل من هب ودب» يقيم دعوى ضد الدولة ويتدخل فى شأن الدولة نفسها.
أيضا.. هذا القانون يُحصن القضاء نفسه من التعرض للهجوم والنقد دون مناقشة الأحكام والتعرض لها.. وقضايا التحكيم عموما لا تكون ضد الدولة إلا فى حالات محددة وشروط منها أن تكون هناك اتفاقيات ثنائية بين الدولة ودول أخرى لحماية مستثمرى هذه الدولة من بطش الحكومة وقراراتها. أما التحكيم الطبيعى الذى فى أصله «اتفاق» وفقا للعقود المبرمة بين الطرفين ويكون فيه شرط إحالة النزاع إلى التحكيم.. أما قضية التحكيم الخاصة بصفقة الغاز والتى كانت إسرائيل طرفا فيها فقد كانت فى الأساس بين شركتين هما شركة الشرق وهيئة البترول.. أيضا أقول لك هنا أن القضاء الإدارى المصرى لا يجعل هناك فرقا بين الدولة والهيئات العامة باعتبار أن هذه الهيئات مملوكة للدولة ولكن هناك فصلاً بين الإدارة والملكية والدليل هنا أن هيئة قضايا الدولة لم تباشر الدفاع عن الدولة المصرية هنا لأن مصر نفسها ليست طرفا فى قضية التحكيم.. لكن للأسف هناك مشكلة أن  الفكر الموجود فى الخارج وكذلك الغرفة التجارية الدولية ولجان التحكيم الدولة تنظر إلى الدول النامية إلى أنها دول لا تحترم تعاقداتها ولا تنفذ الأحكام الصادرة ضدها ولذلك نجد تعسفا فى فى الأحكام الصادرة بشان التعويضات الصادرة ضدنا هنا فى مصر على سبيل المثال لا الحصر.. وبمناسبة الحديث حساب منازعات التحكيم بما يطالب به المحتكمون ليس عادلاً.. حيث نجد أن صاحب قضية التحكيم يطالب بتعويضات تفوق عشرات المرات «مناطق الاتفاق فى العقود  المختلف عليها».
■ هل أثرت عمليات الاحتجاج التى جرت ضد المؤسسة القضائية على أعضائها بغرفها المتنوعة «القضاء العادي.. مجلس الدولة.. النيابة الإدارية.. هيئة قضايا الدولة»؟
- عمليات الاحتجاج التى جرت ضد المؤسسة القضائية كانت مقصودة ومنظمة وكان لها تأثيرها الفعلى والمعنوى على القضاء ككل وعملية الاستهداف جرت ضد القضاء قبل ثورة 30 يونيو لأنه كان هناك تنظيم قائم يريد أن يرسخ لوجود أعضائه.. وحاليا لا يوجد استهداف للمؤسسة القضائية ولكن استهداف لحالات بعينها فى القضاء نفسه كون هؤلاء القضاة ينظرون بعض القضايا التى تخص متهمين ينتمون لجماعة الإخوان.. إضافة إلى اعتبار هذه الجماعة لمؤسسة القضاء العدو لها.. كما أن التأثير على القضاء يكون من خلال «هز» صورته أمام المواطن العادى
كما أقول لك.. هناك أمور كان  مردها إلى بعض أعضاء الهيئة القضائية أنفسهم عندما خرجوا لوسائل الإعلام يتحدثون عن أمورهم الداخلية «الخاصة» مثل الرواتب وزيادة بدلات العلاج وغيرها.. وظنوا أن الحديث لوسائل الإعلام سوف يفيدهم فى هذا الطريق.. ومن هنا وجدنا أن المواطن العادى عندما نظر إلى هذه المسالة بأن هناك فئة تميز نفسها عن غيرها ماليا فلديهم عذرهم.. هذا إضافة إلى أن القضاء بما جبل عليه من استقلال على مدار مائة عام.. من الصعب أن يتأثر بما يجرى حوله فى الشارع لكن فى نفس التوقيت لا يمكن أن تعزل القاضى نفسه عما يجرى حوله باعتباره جزءا من هذا المجتمع.. أيضا القاضى لا يقضى بعلمه العام لكن وفقا لوقائع محددة وهذا فيما يتعلق بمسألة المنصة نفسها التى يحكم من خلالها.. وأقول هنا أيضا أن قانون السلطة القضائية فى تعديلاته الحديثة جعل هناك حالة جديدة واضحة فى اتجاه استقلال القضاء وهو الجانب الخاص بعدم عودة القضاة الذين يتولون مناصب سياسية تنفيذية فى الحكومة بعد العودة مرة أخرى إلى القضاء باعتبار أن القاضى فى هذه الحال قد «غاص» فى الجوانب التنفيذية التى يمكن أن تؤثر على حيدته .
■ باعتبارك أحد أعضاء المؤسسة القضائية.. لماذا لم تستغل الدولة صدور أحكام إعادة المحاكمات فى قضية كرداسة  المتهم فيها «قتلة» تحت بند واحد « القضاء غير ُمسيس» وهذا هو الدليل؟
- وجهة نظرى هنا واضحة.. أن الذين خرجوا ومازالوا يرددون فكرة أن إعادة هذه الأحكام من جانب محكمة النقض كان بغرض إرضاء المجتمع الغربى وهذا غير صحيح على الإطلاق لأن محكمة النقض التى ألغت هذه الأحكام دورها هنا «رقابة تطبيق القانون» وترى إذا ما كانت أن المحكمة التى طبقت القانون طبقته بشكل صحيح أم لا وفى حال تطبيق المحكمة لنص القانون فى الأحكام بشكل خاطئ تعيد محكمة النقض المحاكمة من جديد أمام دائرة جدية وهذا ما فعلته محكمة النقض فى هذه القضية الشهيرة .
أما فكرة أن تدافع الدولة فى الخارج عن سمعة القضاء نفسه وأحكامه فهذا ليس من دورها بل من واجب أعضاء السلطة القضائية أنفسهم.. والقاضى ليس فى حاجة الى من يدافع عنه.. لأنه  لو سمح لأحد الدفاع عن القاضى فى موقع من مواقعه فسوف يتعرض بعدها لن ينتقده وفى هذه الحالة يفقد حيدته.
■ عندما تتم إحالة أعضاء السلطة القضائية إلى إدارات التفتيش القضائى بالهيئات القضائية بتهم متنوعة يجدون من يساندهم إعلاميا.. هل المساندة الإعلامية هنا مقصودة لغرض ما؟
- بالطبع وأغلبها فى اتجاه واحد.. ومن يهاجم قرار إحالة القضاة المخالفين لشروط عملهم القضائى إلى مجالس التأديب والصلاحية «أصحاب مصالح».. فى إبقاء هؤلاء القضاة فى أماكنهم كون ذلك يضر بمصالحهم.. ولك دليل هنا.. كيف يرضى الإعلام والمواطن العادى بالأحكام الصادرة عن المحاكم بمختلف درجاتها ضد مرتكبى التجاوزات والجرائم بمختلف أنواعها.. ولا يرضون بإحالة أحد أعضاء السلطة القضائية إلى مجالس التأديب والصلاحية وتوقيع عقوبة عليهم وللعلم العقوبة هنا بمثابة « حكم» كونهم خرجوا عن «الأصول والتقاليد القضائية».
■ فيما يخص مكاتب الخبرة « المحاماة الدولية».. من المعروف سمعة مكتب «بيكر أند ماكينزى» وارتباطهما بدوائر صهيونية دولية.. كيف للحكومة فى العهد السابق أن تلجأ لهذا المكتب للدفاع عن قضاياها فى الخارج وفى نفس التوقيت هو ذات المكتب الذى جعلها تخسر نحو 700 مليون دولار فى قضية « وجيه إيلى سياج»؟
- هناك نقطة مهمة هنا فى مسألة استعانة الدولة بمكاتب خبرة دولية فى المحاماة ترتكز فى أن هيئة قضايا الدولة فى هذا التوقيت لم يكن لديها من العناصر الذين يملكون خبرة دولية فى سياق المحاماة والتعامل مع هيئات تحكيم فى الخارج وكان لابد من الاستعانة بمكاتب محاماة دولية.. ومنها من أبلى بلاء حسنا وكون أن هناك مكتب تسببت فى خسارة لمصر أو غيرها.. فاليوم أصبحت هناك عناصر اكتسبت الخبرة الدولية فى هذا السياق..إضافة إلى أن المحاكم الوطنية التى تتبع دولها لا يجوز أن يترافع أمامها محامى أجنبى إلا فى حالات محددة.
■ هل المحاكم الدولية  التى تختص بقضايا التحكيم ضد مصر تتجنى على الدولة المصرية فى أحكام التعويضات التى تصدر بشأن الانزعة التجارية والاستثمارية؟
- بالتأكيد.. والدليل هنا.. قضية «وجيه سياج» المعروفة باسم ارض سياج.. المحكمة الإدارية العليا  بمجلس الدولة قضت لصالحه بتعويض قدره «خمسة آلاف جنيه» وهيئة التحكيم الدولية قضت له بـ«مائة وأربعة وثلاثين مليون دولار».. وبعد التفاوض معه بعيداً عن المحاكم حصل على 70 مليون دولار.. وكان من أهم أسباب التفاوض بعيدا عن التحكيم الدولى هنا «سمعة مصر الدولية» فى ظل عملية الحجز التى تمت على عدد من البنوك المصرية فى الخارج.. إضافة إلى عملية تقدير مصلحة الدولة والى أين تسير ولك أن تعلم أن الأرض التى حصلنا عليها من وجيه سياج والتى حكمت هيئة التحكيم الدولية لصالحه فيها قبل التفاوض معه بلغت «مائة وأربعة وثمانين مليون دولار» ومُنحت إلى حسين سالم.
■ ترى من وجه نظركم ما هى الأسباب الدافعة وراء خسارة مصر لقضايا التحكيم التى تلجأ اإليها الأطراف التى تدخل  فى خصومة مع الدولة؟
- هذا مرده إلى عملية الصياغة القانونية التى تتم فى العقود بين الأطراف صاحبة الاختصاص.. وأن كان المشرع الحالى قد تنبه إلى هذه  المسألة  واعتبر مهمة صياغة العقود تعود إلى هيئة قضايا الدولة ومهمة مراجعتها تعود إلى مجلس الدولة.. وهذا أيضا بحاجة إلى أن تكون هناك ترجمة قانونية للنص الدستورى بشأن عملية اختصاص هيئة قضايا الدولة  بصياغة عقود الاتفاقيات بين الدولة والمستثمرين وغيرهم وذلك من خلال تعديل نص قانون الهيئة الحالى باعتبار أن النص الحالى ليس فيه ما يفيد تطبيقا واضحا لهذا النص الدستورى حول كيفية مراجعة العقود والاتفاقيات.. خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار النص الدستورى الذى يجعل هيئة قضايا الدولة ممثلاً قانونيا للدولة والحكومة أمام الهيئات والجهات الإدارية وكذك الإشراف على الجهات الإدارية التى تمثلها الهيئة واعنى هنا الوزارات التى تمد الهيئة بالمعلومات والمستندات فى حال قيام الهيئة بالدفاع عن هذه الوزارات أمام المحاكم .
■ هل نحن بحاجة إلى قانون جديد بشكل أفضل فيما يخص قطاع الاستثمار فى الدولة ؟
- طبعاً.. لأن عملية تشجيع الاستثمار ليست بمجرد إتاحة مزايا ولكن بالجدية فى التعامل وإتاحة الفرصة للمستثمرين بشان عملية تنقل أموالهم بين بلدانهم الأصلية والبلد الذى يستثمر فيه..يعنى علينا أن نضع فى الاعتبار أن المستثمر يريد المكسب قبل أن نحصل عليه نحن كدولة..أيضا مفهوما الشباك الواحد مازل غير مفهوم بشكل كبير فى ظل تداخل اختصاصات الوزارات التى تقوم على تشغيله.. إضافة  مسألة مهم جدا وهى «بث الشجاعة فى نفوس المسئولين لاتخاذ القرار المناسب .
■ لماذا لا تتدخل هيئة قضايا الدولة كطرف قانونى عن الدولة بشأن قضايا الإرهاب المنظورة أمام المحاكم وتطلب تعويضا عادلا للشهداء والمصابين الذين راحوا ضحية العمليات الإرهابية خاصة أنهم ينتمون لمؤسسات رسمية بالدولة؟
- إذا كان هناك معنى جديد لتمثل الهيئة للدفاع عن الحكومة أمام المحاكم وفق النص الدستورى الجديد.. فإن قانونها الحالى مازالت الهيئة تتعامل وفقا له بصفة «نائب».. وليس «أصيلاً».. أمام المحاكم.. فيما يخص القضايا المتداولة.. خاصة أننا نجد إشكالية قانونية فيما يخص إقامة القضايا أو الدفاع عنها.. يعنى «طيب نقيم الدعوى باسم مين..ولصالح مين «..ومازالت الأحكام حتى اليوم تصدر عن محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا  بأن الممثل القانونى للهيئة أو الوزارة هو «المسئول عنها.. أى الوزير أو رئيس الحكومة» وبالتالى يكون هناك فارق بين الصفة الموضوعة والإجرائية وصاحب الصفة الإجرائية هنا هى هيئة قضايا الدولة والصفة الموضعية هى للوزير أو رئيس الحكومة.