الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

أهل الشرطة.. لا تبطلوا تضحياتكم بالمنِ والأذى!

أهل الشرطة.. لا تبطلوا تضحياتكم بالمنِ والأذى!
أهل الشرطة.. لا تبطلوا تضحياتكم بالمنِ والأذى!




خالد كامل يكتب:


ألن تكف وزارة الداخلية بأجهزتها عن تذكيرنا يوميا بتضحياتهم تجاه هذا الوطن ومن أجل شعبه؟
ألن يكف رجالات الداخلية جميعا - إلا ما ندر وقليل ما هم - عن نبرة تفضلهم وتعطفهم بل والمنِ علينا بما يقدمونه من واجبات لحماية أمننا وأمن ممتلكاتنا العامة والخاصة، التى هى صميم عملهم المنوط بهم والذى عليه يأخذون رواتبهم الضخمة مقارنة بموظفى الدولة الآخرين من المدنيين بالطبع؟!
ألا ترى عزيزى المواطن والقارئ أنه لا يخلو نهار من طلوع شمسه حتى غيابها من بيانات وزارة الداخلية التى تملأ السمع والبصر بعدد شهدائها ومصابيها أثناء تأدية وظيفتهم الأمنية؟!
فيا أهل الشرطة.. لا تبطلوا تضحياتكم بالمنِ والأذى، واعلموا أن أصح العمل عند الله وأرجاه أخلصُه وليس أكثره تناولا فى وسائل الإعلام والفضائيات.
أما قرأ أحدكم قوله تعالى فى سورة البقرة، فى الربع الثانى من الجزء الثالث بها: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِى يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ» 264.
فإذا كان هذا هو تحذير رب الأرض والسماوات من إبطال الصدقة حين إخراجها أو بعده، فكيف بإبطال تضحية أحدكم بدمائه لأجل مقدسات وأرض الأمة والوطن؟
ماذا يفعل بعد أن جاد بحياته رجاء الشهادة فى سبيل الله ثم الوطن والعرض والأرض؟
 ثم لماذا تضيعون أنتم هذه التضحية ولم يطلبها هو منكم ؟ وإنما تفاخرون الناس وتمنُونَ عليهم بها، فاتقوا الله فى دماء رجالكم ولا تهدروها سدى بعد تضحية أهلها بسبب المن بها والإعراض عن الإخلاص لله تعالى.
ثم ألم تطالعوا حديثه الشريف صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، حينما قال « أول من تُسعَرُ بهم النار ثلاثة، منفق وعالم وشهيد... إلخ» والحديث فى الصحيحين
والسبب فى هذا التسعير لهم بالنار هو مرادهم أن يقول الناس عنهم، جواد كريم عن المنفق، وعالم نحرير عن العالم وبطل مغوار عن الشهيد، وليس ابتغاء وجه الله تعالى، «وقد قيل» كما فى الحديث نصا.. ثم يصدر الأمر الإلهى « خذوهم يا ملائكتى إلى النار».. هل تريدون ذلك ؟ عافانا الله والمسلمين جميعا من النار.
وإننى هنا إذ أكتب هذا المقال وتلك الكلمات التى ربما يراها بعضكم هجومية، أريد الخير لهذا البلد، وأريد للشرطيين الأجر لمن صدق اللهَ منهم فى عمله وجعله حسبة لله تعالى، كما أريد من وزير الداخلية الشدة مع المتجاوزين منهم فى حق المواطنين بلا رحمة لهم ولا محاباة عليهم، بدعوى أنهم من أبناء الشرطة، فليس فى الوظائف تقسيمات عشائرية وإلا لكانت القبيلة أبقى وأولى من الدولة.
فإن التقسيمات الفئوية تذهب بوحدة وقوة الدولة أدراج الرياح، ولكن هم موظفون فى هذه الدولة فى قطاع وزارة الداخلية، وليس للداخلية أبناء تحنو عليهم وقيدهم القانون لخدمة وأمن المواطنين، لا إرهابهم وترويعهم، إلا من تجاوز فى حق البلد والناس وثبت عليه الدليل القاطع والبرهان الساطع، فيحق لرجال الأمن التعامل معه بما يرونه ولا يخالف الشرع الحنيف والقانون المقيد لحركة تعاملهم مع الناس ولو كانوا من غير المصريين، لكنهم يعيشون أو زوار لهذا البلد فترة ما.
والخلاصة، وزير الداخلية ليس أبا لضباط وأفراد الشرطة فقط، وإنما هو موظف يقودهم ويديرهم فى فترة ما، ولديه قوانين تحكمه وتحكمهم، فالله الله فى المصريين يا وزير الداخلية، وليست أعمالهم واجب تجاه الوطن، بل وظيفة يتقاضون عليها رواتب كبيرة «كمان» لأن الواجب من باب المعروف والمعروف لا يطلب صاحبه عليه أجرا.
 مثل رئيس الجمهورية ليس أبا لشعبه فقط، بل هو موظف بدرجة رئيس جمهورية وله واسع السلطات وهو الحكم بينها فى هذا البلد، ومنه تستمد كل سلطة قوتها بعد الله تعالى، وعليه فهو يحاسبهم، والشعب الذى يختاره هو من يحاسب الرئيس.
وانظر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد نفى عنه ربه تعالى هذه الأبوة لضمان مراجعته فى رأيه ولإقرار نفى بنوته زيد بن حارثة، مولاه، قائلا فى سورة الأحزاب
 «مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَٰكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا».
وفى النهاية، نقر لكم يا أهل الشرطة بأن لكم تضحيات من باب «من لا يشكر الناس لا يشكر الله» ولكن لا تبطلوها بالمن والأذى، حتى تجدونها عند الله مقبولة فى الآخرة، يومَ لا سلطان فيه ولا رتبة.