الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

نائب وزير الصحة والسكان لـ«روزاليوسف»: خطط سريعة لتنمية المناطق الأكثر احتياجاً

نائب وزير الصحة والسكان لـ«روزاليوسف»:  خطط سريعة لتنمية المناطق الأكثر احتياجاً
نائب وزير الصحة والسكان لـ«روزاليوسف»: خطط سريعة لتنمية المناطق الأكثر احتياجاً




حوار - محمود جودة


تعتبر المشكلة السكانية فى مصر أحد أهم وأخطر القضايا التى تواجه المجتمع بجميع صوره وأشكاله، فالزيادة السكانية يمكن أن تكون «نقمة» فى حالة عدم استثمارها بالشكل الأمثل، أو البقاء على الفقر والجهل والأمية.. وفى الوقت ذاته يمكن أن تكون «نعمة» من الله، فى حالة تخطى كل تلك العقبات، وتنمية الموارد البشرية المصرية، وتحسين خصائص السكان، وتبديل الحال، وخلق مجتمع واع.. مثقف.. منتج.. فى حالة صحية ونفسية جيدة، فملف السكان هو ملف أمن قومى، لما له من انعكاسات سلبية أو إيجابية على برامج وخطط التنمية بشكل مباشر.
«روزاليوسف» حاورت أول نائب لوزير الصحة والسكان للسكان منذ إنشاء المجلس القومى للسكان فى ثمانينيات القرن الماضى، وهى د. مايسة شوقى، وذلك حول هذا الملف الشائك، وعن الاستراتيجية القومية للسكان 2015/ 2030 والخطط التنفيذية للاستفادة القصوى من الطاقة البشرية الموجودة فى مصر.
■ إلى أى مدى يساهم إعادة توزيع السكان جغرافيا داخل مصر فى حل المشكلة السكانية؟
- إعادة توزيع نفس عدد السكان والزيادة المتوقعة على الرقعة الجغرافية سوف يشعر المواطن بالارتياح للمنطقة التى يعيش فيها، فبدلا من جود نسبة تكدس تصل ل 4 آلاف نسمة فى كل كيلو متر مربع، سوف تكون هناك ظروف معيشية أفضل، مع الوضع فى الاعتبار أن المناطق الجديدة التى تنشأ حاليا متكاملة وجاهزة للسكن.
■ لكن المواطن دائما لديه ميول للارتباط بمحل سكنه القديم حيث يوجد فيه عمله وأصدقاؤه وخلافه؟
- من البديهى أن كل مواطن يتطلع لأن يعيش فى ظروف أفضل، حيث يوجد الكثير من المواطنين فى مناطق مزدحمة بها صعوبة مواصلات وتكدس فى المدارس، وتعتبر المدن الجديدة التى أنشأتها الدولة مناطق جذب لهم حيث تتلافى كل تلك التحديات، وفيها بنية تحتية متكاملة.
■ ما هى تحديات الجمهور فى المحافظات، وبالتالى تسعون كمجلس سكان لحل مشاكلهم؟
- يشكو الجمهور العام من وجود مناطق ليست بها تغطية كافية فى عدد المدارس ويضطر التلاميذ لركوب مواصلات إليها فى مناطق أخرى بعيدة للتعليم خاصة فى الابتدائي، وهذا يضغط على أولياء الأمور، خاصة فى ظل وجود فتيات قد يفقدن التعليم لهذا السبب.. وبعض المحافظات تواجه مشكلة فى توافر مياه الشرب والصرف الصحي، ومشاكل صحية مثل ختان الإناث، فرغم أنه برنامج ناجح إلا أن مردوده أقل مما نتوقعه منه، لأن هذه الظاهرة تلتصق بالعادات والتقاليد والدين نوعا ما، وتختلف الشكاوى حسب اختلاف الفصول، ففى الشتاء مثلا نواجه مشاكل فى السيول.. وأتلقى تقريرا شهريا من المناطق المختلفة بالمحافظات، وفى حالة وجود شكوى من عدم وصول الخدمة الصحية لها مثل تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية فإننا ننزل لتغطية الخدمة بتلك المنطقة.. وتقدم وزارة التضامن تداخلات للمعاشات والمرأة المعيلة، ونتعاون مع التضامن من خلال الجمعيات الأهلية.
■ الميزانيات.. هى أهم ما يعوق التنمية بسبب عدم توفيرها بشكل كاف، إلى أى مدى تؤثر على قطاع السكان؟
- اعتمدت الدولة جزءا من الميزانية لكل وزارة وهيئة لتنفيذ الجزء الخاص بها فى الاستراتيجية القومية للسكان، ولكن تم سحب مخصصات وزارة السكان بعد إلغائها، وخاطبنا رئيس مجلس الوزراء لتخصيص تلك الميزانيات للمجلس القومى للسكان لإتاحة تنفيذ الخطط، ومخصص لنا 30 مليون جنيه لتنفيذ الاستراتيجية، ولكننا طلبنا زيادتها لـ50 مليون جنيه سنويا.
■ تعقدون دورات تدريبية وورش عمل للشباب وللكوادر البشرية بمجلس السكان.. فهل لديكم مؤشر لأثر هذا التدريب، ومردوده على المجتمع؟
- لدينا تدريب مؤسسى لكل إدارة فى جميع المجالات مثل الإحصاء وتداول المعلومات وإدارتها، ووضع الخطط السكانية، والمتابعة والتقييم، وكلهم يحصلون على مهارات إدارية محددة وأخرى للقيادة والإقناع والاتصال، ومردود هذا على المجتمع يتضح من خلال انخفاض حجم الشكاوى الواردة إلينا، وتحسين نوعية التعامل مع الجمهور، ونعمل فى إطار حلقات متصلة، وفى حالة وجود أى مشكلة فى أى حلقة منهم فإنه يحدث انهيار فى العمل، وهذه الحلقات عبارة عن إعداد للخطط ثم تحويلها للفروع ثم إدارة التنسيق البينى ثم التنفيذ الرأسى والعرضى للبرامج، والمتابعة والتقييم، ويوجد تدريب على تطوير الأداء، وقدمنا الدعم للكوادر البشرية والشباب، ووفرنا الأجهزة والإمكانيات اللازمة لإنجاز الأعمال.
■ كيف يحدث تناغم بينكم وبين منظمات المجتمع المدنى فى الوصول للفئات المستهدفة؟
- نعمل فى إطار مشاركة مع وزارة التضامن الاجتماعي، وأرسلت لنا د. غادة والى وزيرة التضامن معلومات عن جميع الجمعيات الأهلية فى جميع المحافظات، واجتمعنا مع قطاع تنظيم الأسرة بوزارة الصحة للتشاور فى تقديم الخدمة، والمستشار الفنى لنائب الوزير لتنظيم الأسرة د. عاطف الشيتانى، ود. عصام العدوى مستشار وزيرة التضامن الاجتماعى للجمعيات الأهلية، لبحث الشفافية والوضوح فى التعامل مع الجمعيات ووضعنا خطة للمناطق التى تستدعى سرعة التدخل، وحصلنا من وزارة الصحة على خريطة بالمناطق الأكثر احتياجا، ولا توجد فيها تنظيم أسرة أو فيها ارتفاع فى معدلات المواليد، وانتهينا من 9 محافظات حتى الآن هى الإسكندرية والبحيرة والجيزة والمنيا وأسيوط وسوهاج والإسماعيلية والشرقية والفيوم.
■ كيف تواجهون ظاهرة انتشار العشوائيات؟ ودوركم فى توعية سكانها بأنماط السلوك البيئية السليمة؟
- العشوائيات من المناطق التى يصعب التعامل معها بنفس الأسلوب المنهجى الذى نتعامل به فى الريف أو الحضر، وسكانها نازحون إليها من مناطق أخرى ويرون أن الحياة بها هى الأفضل رغم مشاكلها وقلة خدماتها ومشاكلها البيئية، ولا أستطيع القول بأن الرائدات الريفيات يستطعن القيام بدور فيها لأنهن لا ينزلن العشوائيات حاليا، ولكننا نكثف بها الندوات التثقيفية للمجلس القومى للسكان وأخرى بالتعاون مع المجلس القومى للثقافة، والقومى للمرأة، والشباب والرياضة، وذلك للتوعية بالصحة الإنجابية، والإصحاح البيئى، والوقاية من الأمراض المعدية والمزمنة، ومن سيدخل العشوائيات أيضا خلال الفترة المقبلة هم الشباب من خلال مبادرة الرائد الجامعي، وهم شباب يتم تدريبهم على رسائل تثقيفية للمواطنين من نفس الأماكن التى يعيشون فيها.
■ صرحت مؤخرا بأن هناك تعسفا من المصريين فى التمسك بالعادات.. فهل تعنين ذلك، أم هناك عادات بعينها؟
- أقصد بذلك بعض العادات الموروثة والتى لا ترتبط لا بالصحة ولا بالدين، وتحتاج مكافحتها للتدخل المستمر والملح، وأقصد هنا تحديدا عادتين هما ختان الإناث والزواج المبكر.
■ تأثير الموروثات السلبية يساهم فى تراجع القيم الإنجابية مثل تبنى مفهوم الأسرة الصغيرة، والمباعدة بين الولادات لسنوات كافية.. كيف تقرأينها؟
- المسح الديموجرافى الأخير ذكر أن المباعدة بين الولادات فى مصر تم تحقيقها، حيث يتم فعلا بين الحمل والآخر عامين و9 شهور، ولكننا نطمع فى فترة أطول من ذلك لتصل إلى 3 و 4 سنوات.
■ لكن هناك اتجاها صاعدا لمعدلات الإنجاب، فأصبح 3.5 طفل لكل سيدة فى المتوسط.. فما خطتكم لتخفيض معدلات الإنجاب؟
- نستهدف فعلا الوصول بهذا الرقم إلى 2.4 طفل لكل سيدة، وأن تكتفى الأسرة بطفلين أو 3 على الأكثر، فلا نستطيع أن نأمر المواطنين بعدم الإنجاب، ولكننا نوعيهم بأن مردود كثرة الإنجاب سلبى على صحة أطفالهم وعلى الاستثمار فى هذه الأسرة.
■ وزير الصحة خصص 2.8 مليون جنيه لبث تنويهات عن القضية السكانية بالتليفزيون المصري، وهو يحقق نسبة مشاهدة ضعيفة فما خطتكم الإعلامية للوصول للجمهور؟
- تخصيص المبلغ جاء بناء على عدم وجود مخصصات للبث التليفزيونى بالمجلس القومى للسكان، وعندما فكرنا فى إنتاج أفلام توعوية وجدنا أن ذلك سيستغرق وقتا طويلا، فكان التوجه هو تخصيصه للتليفزيون، وهناك القطاع العريض من المصريين لديهم القنوات الأرضية فى الأقاليم والقنوات المحلية أيضا، ولكن القطاع الأقل هو من يملك قنوات فضائية، كما أن هذا المبلغ مناسب للتليفزيون المصري ولكن قيمته ستكون أقل فى حالة توجيهه للفضائيات الخاصة، ونستهدف بث التنويهات مجانا بينما تخصص الميزانية للإنتاج الفنى فقط.
■ توجد موسمية للحملات الإعلامية التى تهدف إلى نشر الوعى بتبعات الزيادة غير المنضبطة للسكان، مما يعتبر تحديا لرسالتكم.. ما خطتك لتلافيها؟
- الموسمية ترتبط بوجود التمويل، ولذلك نحاول الخروج بالتنويهات خارج بند التمويل وعرضها على مدار العام، وتوجد شراكة مع قطاع التثقيف الصحى والسكانى بوزارة الصحة، لتغطية 52 أسبوعا فى اللقاءات المباشرة مع الأهالى والتثقيف المجتمعى الذى يقوم به المجلس القومى للسكان، وهناك تجهيز لكوادر نعتبرهم سفراء للتنمية فى الإعلام لتوعية الجمهور بالقضية السكانية فى البرامج المختلفة والفضائيات.
■ هل تملكون السلطة لتقييم أداء المحافظين بإنجازاتهم السكانية، خاصة فى ظل وجود من هو مقتنع بهدفكم ومن هو غير مقتنع به؟
- ليس من سلطتنا، ولكن لدينا تقييم الأداء السكانى لجميع المحافظات فى ضوء شراكة المحافظين وإشرافهم معنا على التنفيذ، والمجلس الإقليمى للسكان يكون بقيادة المحافظ ثم مقرر المجلس القومى للسكان أو مدير الفرع، ووجود المحافظ يساعد فى تنفيذ الخطط السكانية، وتذليل العقبات فى حالة عدم تعاون ممثلى الوزارات، وعند تغيير المحافظين، فإنه يستغرق وقتا للإطلاع على الخطط السكانية ثم يتساءل عن احتياجاتنا والتحديات التى تواجهنا وكيفية تذليلها، ومنذ تولى منصب نائب وزير الصحة والسكان للسكان لم نتلق أى شكاوى بعدم تعاون أى من المحافظين، لكن بعض الفروع استغرقت وقتا لعرض الملف السكانى على المحافظين الجدد.
■ ما هو الذى يقع على الخطاب الدينى فى توصيل رسالة السكان للجمهور العام؟
- لدينا منهج معتمد للدعاة والقساوسة تم وضعه بمعرفتهم وسوف نعلنه قريبا بشراكة كاملة مع الأزهر والكنيسة، ويتم تدريب الدعاة على توصيل رسائل المجلس القومى للسكان فى خطب الجمعة واللقاءات الشخصية بينهم وبين الجمهور، وتم تدريب 50 من الدعاة على المستوى المركزي، وسوف يتم تدريب عدد آخر لامركزيا بالمحافظات.
■ هل هناك تقييم لأثر الخطاب الدينى على أرض الواقع؟
- المؤشرات غير المباشرة تقول بأن هناك انخفاضا فى أعداد المواليد مقارنة بالعام الماضي، وهذا يعنى نجاح مؤسسات الدولة بما فيها المجلس القومى للسكان والمحافظات التى تطبق الاستراتيجية، إضافة إلى نجاح الارتقاء بالخصائص السكانية فى عدد من المناطق سيعلن عنها قريبا.
■ نسمع كثيرا عن مصطلح «الارتقاء بالخصائص السكانية» فماذا بالتحديد تعملون على تنميته لدى المصريين؟ ولماذا؟
- نعمل على زيادة نسبة التعليم عن طريق منع التسرب منه، وتشجيع الأسر على استكمال تعليم الفتيات بعد المدرسة، وتحسين صحة المواطنين والتوعية بالأمراض المعدية وغير المعدية فى المجتمع، وبالتالى خلق شخص متعلم بصحة جيدة، وتوفير برامج وفرص للعمل وتعلم الحرف، وتوفير عمل للمرأة خارج بيتها لاكتساب المهارات الحياتية نتيجة الاختلاط بالآخرين إضافة إلى تخفيض رغبتها فى الإنجاب، والارتقاء البيئى بأن يكون بكل المناطق مياه شرب نقية وصرف صحى سليم وتنظيف للقمامة، ومناهضة العنف ضد المرأة لأن هناك عنفا ضدها يبدأ من الختان وينتهى بالعنف الأسري.
ويهمنى من أجل الارتقاء بالخصائص السكانية التركيز على الحالة الصحية والتغذوية لشعب مصر، والمؤشرات تؤكد سوء التغذية وأطفال متقزمة، وزيادة فى نسبة السمنة والبدانة، وسوء تناول للوجبات المتكاملة، وتم إعداد برنامج تثقيفى له، ونقف الآن على اختيار من سيتم تدريبه لتوصيل الرسالة للمجتمع، ونهتم بالاستغناء عن التدخل بالدواء من خلال التدخل بالتغذية.
■ زيادة نسب الأسر تحت خط الفقر، وتراجع مكانة المرأة، وانخفاض معدلات تشغيل الإناث، كل ذلك سينعكس على معدل النمو السكانى.. كيف تواجهونه؟
- وزارة التضامن حصرت الأسر تحت خط الفقر، وتخصص لها دعما مباشرا «ماديا» وآخر غير مباشر، وهناك جهات أخرى تتعامل مؤسسيا مع تحسين حالة تلك الأسر مثل صندوق مؤسسة مصر الخير، وبنك الطعام المصري، وتوفر لهم الطعام والعلاج وغيرها، إضافة إلى صندوق تحيا مصر والذى يعمل فى المشروعات القومية كالتعليم والصحة، ونطالبه بالتدخل للاستثمار فى تحسين الخصائص السكانية وهو ما نهدف إليه.
■ خلال 3 سنوات تقريبا سوف يخرج عدد كبير من العاملين بمجلس السكان على المعاش ما يزيد العجز فى الأعداد.. فماذا أعددتم لتوفير الكوادر البشرية، بينما لا يوجد صف ثان لتولى المهام؟ كما أن وزارة الدولة للسكان قبيل إلغائها كانت قد أعلنت عن وظائف وتم إلغاؤها؟
- الآن يتم اختيار الصفين الثانى والثالث فى جميع الإدارات، ولدينا اتجاه لتغيير الهيكل العام للمجلس ليكون أكثر مرونة، وتكون جميع الإدارات ممولة، وبعد إلغاء وزارة السكان تم سحب كافة المخصصات المالية المحددة لها، وطلبنا إعادتها مرة أخرى لتنفيذ الاستراتيجية القومية للسكان، ونعمل حاليا بشكل أكثر مرونة رغم عدم وجود تلك المخصصات.
■ ما خطتك المستقبلية لتطوير قطاع السكان والوصول بأهدافه لجميع المصريين؟
- لدى خطة مفاجئة تغطى مصر كلها وليس بعض المحافظات، وتستهدف التنفيذ فى 27 محافظة فى وقت واحد فى نظام مؤسسي، فالخطة يتم إعدادها لامركزيا ثم تراجع، وتكون هناك رقابة وتقييم لجميع الجهات المشاركة فى تنفيذها، إضافة إلى الابتكار فى التدخل بالمحافظات المختلفة، فتطبيق الخطط السكانية يستلزم أداء مؤسسيا لكل الوزارات والهيئات القومية، وتعاونا بينها، والخروج بفكر هادف لتنفيذ المهام بشكل عاجل لخدمة البلد، والارتقاء بالخصائص السكانية والحد من الزيادة السكانية، تشعر به الدولة ويشعر به المواطن.