الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

أشرف العشماوى: الدستور بالنسبة لى معركة المعارك.. كقاض وروائى






بدأ حياته العملية كصحفى ثم انتقل إلى سلك القضاء، لكنه ظل محتفظا بهواية الكتابة، يذهب إليها كلما اشتاق لها، حتى أنه يفضل أن يظل هاو لا محترف.. مكتب المستشار أشرف العشماوى مزدحم بالملفات والقضايا وكتب فى القانون، ووسط كل هذا نجد تدوينات لمشروعات روائية تنتظر أن يمنح القاض مساحة للروائى كى تكتمل.
 
يرى صاحب «زمن الضباع» لجأ إلى الرمز فى الرواية نظرا لطبيعة عمله وخوفا من أن يفهم ما كتبه بشكل خاطىء، حتى أنه غير عنوان الرواية من «عندما غاب الأسد»، بعد أن طلب منه الناشر تغيير الاسم، لان موعد صدورها جاء بعد تنحى مبارك، حتى لايظن القارئ أن المقصود بهذا العنوان هو مبارك.
 
مؤخرا صدرت له رواية بعنوان «تويا» يصف فيها مدى احتياج الانسان لهزة عنيفة تنبهه إلى أن النجاح المادى ليس بالضرورة مقياس العثور على الذات وليس مؤشراً للسعادة وللسلام النفسى..حول روايته الأخيرة وعالمه الأدبى كان لنا معه هذا الحوار.
 
 

 
■ أنت مستشار وروائى ، كيف يمكن الجمع بين العمل بالقضاء والأدب؟
 
ـــ رحلتى اليومية مازالت مستمرة بين القضاء والأدب، فأنا بعد تخرجى من كلية الحقوق عملت بصحيفة الأهرام لمدة عام، وكانت تجربة مهمة جدا، اقتربت فيها من المثقفين والأدباء والشعراء الفنانين التشكيلين وكونت صداقات كثيرة، وبعد هذا العام انتقلت إلى سلك القضاء، لكنى ظللت محتفظا بهواية الكتابة، هواية دائما ما تحاورنى لأنها مختزنه بذاتى فكيف ابتعد عنها، رغم ان ظروف المنصب وحجم القضايا كانت لا تعطينى فرصة للنشر، لكن لم يخل مكتبى من أحلام فكرية مؤجلة او مشروعات او مجموعه أفكار وتدوينات اكتبها بين الحين والحين، وانتظر أن يسمح لى الوقت باستكمالها لتصبح عملاً أدبيًا متكاملاً، وقد اخترت كتابة الرواية لانها اقرب الى وجدانى لأقول ما أريده، وفى الحقيقة لا أعرف من فينا اختار الأخر.
 
■ فى روايتك « زمن الضباع « التى صدرت بعد الثورة، اخترت التعبير عن الأوضاع السياسية من خلال غابة افتراضية، فلماذا؟
 
ـــ الرواية كتبتها قبل «الثورة» واستغرقت فيها تقريبا خمس سنوات نظرا لظروف عملي، وكان مقرر لها ان تصدر فى معرض الكتاب يناير2011 الذى تم إلغائه بسبب إحداث الثورة، استلمت بروفة الرواية من المطبعة يوم 22يناير اى قبل الثورة بثلاثة ايام.
 
 «زمن الضباع» لم يكن هذا هو عنوان الرواية الأول كنت اخترت لها عنوان «عندما غاب الأسد» وطلب منى الناشر تغيير الاسم، لان موعد صدورها جاء بعد تنحى مبارك، وقال لى: لازم يتغير حتى لا يظن القارئ أن المقصود بهذا العنوان هو مبارك، وقد قرأت كثيرا عن سيكولوجيا الحيوان والإنسان حتى أتمكن من السرد، استخدمت الرمز فى التعبير عن الشخصيات حتى لا تكون الرواية مباشرة، وتدور في غابة افتراضية لم احدد مكانها أو زمانها، أبطالها جميعهم من الحيوانات، الأسد هو ملك الغابة وحاكمها، والثعلب هو المسئول جمع المعلومات والتقارير، يعمل تحت إدارته الكثير من الجراء والحمير، ومن الضباع رئيس الحكومة والمسئول عن إنهاء المظاهرات وأحداث العنف، إما فرس النهر فهو المنافق الذى يحصل على مراكز دون ان يستحقها، وصدت فيها صراع جماعات القوى والمصالح والطامحين فى المناصب فى الغابة، وقد أردت أن أوجه رسالة للقارئ مفادها أن يبحث عن القوة بداخله، فهو أقوى بكثير من الذين نصفهم بالقوة أو من صفاتهم القوة .
 
■ هل لجأت للرمز فى الرواية كان نوعا من الحيلة؟
 
 - لجأت إلى الرمز لأن وظيفتى ومهنتى حساسة جدا، وقد يُفهم ما أكتبه أو يفسر بشكل خاطئ، فالعمل فى ساحة القضاء يفرض علينا قيودا اقدرها واحترامها ولم أتنكر منها، فانا لا أتمتع بحرية كاملة ومع ذلك أعشق عملى ولا أرغب فى تغييره، ولكن ولو أننى لم اعمل قاضيا كنت سوف أتفرغ للكتابة حلمى الأول والأخير، ثانياً: النقاد الذين كتبوا عن الرواية اجمعوا على أن الرمز هو من أعطى الرواية قيمة مضافة، فالمباشرة لا تعطى للخيال مجال ان ينشط.
 
■ فى كتابك «سرقات مشروعة» رصد وثائقى تاريخى استندت فيه لملف استرداد الآثار المهربة التى كنت مسؤلا عنها، فماذا تقصد بسرقة مشروعه؟ 
 
- كتاب «سرقات مشروعة» حكايات اعتبرها مؤلمة عن عدد هائل من الآثار المصرية المهربة والتى خرجت بطريقة رسمية وغير رسميه، نصف آثار مصر خرجًا بالقانون ولم تعد.
 
الكتاب ملخص 200 عام من سرقة الآثار ونهبها بدء من عهد «محمد على» الذى وضع قانونًا لمنع خروج الآثار، ومع ذلك خرجت عن طريق الهدايا، ثم ذكرت ما فعله كل الزعماء فى التاريخ المصرى مع الآثار المصرية، والفصل الأخير بالكتاب عن سرقات المتحف المصرى يوم 28 يناير أثناء الثورة، وأيضا ذكرت حريق المجمع العلمي، وبالكتاب صور للآثار ومستندات تؤكد كيف خرجت آثارنا .
 
■ كان هناك مقترح بمجلس الشعب عام 2005 بعودة بيع الاثار المصرية والاتجار بها، فهل عادت ؟
 
ـــ وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى رفض هذا المقترح، والذى تضامن معه ضد هذا المقترح هم أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بالمجلس وقتها.
 
■ روايتك التى صدرت مؤخراً «تويا» حدثنا عن مضمون الرواية ، ومن هى تويا ؟
 
- «تويا» رواية اعتبرها كلاسيكية ورومانسية وتاريخية تحمل اسما فرعونيا، و«تويا» هى جدة الملكة حتشبسوت ومعناها زهرة لها أربع ورقات تجلب الحظ ، وهى أسطورة مشهورة، وكتبت فى جملة الإهداء «إلى من يظن أنه يتخذ جميع قراراته بعقله فقط، تأكد أن قلبك يخطو الخطوة الأولى فى أحيان كثيرة»، بمعنى تكامل ثنائية العقل والقلب وليس انفصالهما، والثنائية موجودة فى الشخصيات ذاتها بين شريرة وطيبة، وتويا تحكى قصة حب رقيقة، جمعت بين بطليها الذين ينتميان إلى عالمين مختلفين تماماً مصر وإفريقيا.
 
 من خلال هذه القصة اصف مدى احتياج الانسان لهزة عنيفة تنبهه إلى أن النجاح المادى ليس بالضرورة مقياس العثور على الذات وليس مؤشراً للسعادة وللسلام النفسي، وأن صراع القلب والعقل قد ينتهى لصالح القلب لأن صوته أحياناً يكون الأكثر صدقاً .
 
■ لماذا أنت بعيدا عن حضور الندوات الثقافية وعن النقاد ؟
 
- من البداية قررت إن اكتب للقارئ واشاركه ما يشعر به واقتسم معه معاناته واعبر عنه، القارئ هو الذى يشغلنى أكثر من الناقد، لان القارئ هو الذى يقرأ الرواية قبل الناقد، ويحتفظ بها وانتظر رأيه، وأنا على تواصل دائم مع الكثيرين من الناقد، وعدم حضورى الندوات او المشاركة فهذا يرجع لظروف عملى ووقتي، ولكن سوف أحاول ان اوجد وقتًا للتواجد فى الندوات الثقافية، بالتأكيد سوف تضيف لي.
 
■ ما رأيك كقاض وروائى فيما طرح فى الدستور الجديد حول حرية الإبداع؟
 
 - انا مع المادة الدستورية التى مضمونها إن الدولة تكفل حرية الإبداع والفكر وحرية التعبير، الدستور بالنسبة لى معركة المعارك لأنه يعنينى كقاض، ويعيننى كروائى وأطالب بإطلاق حرية الرأى والإبداع والتعبير، وألا يكون هناك قيود على الطرح الثقافي، ولابد ان يكون دستور مصر لكل المصريين، ويحافظ على المواطنة وحرية العقيدة والتوجهات الفكرية، واحترام الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وأنا ضد سيطرة أى فيصل على مواد الدستور، فلابد من تحقيق التوازنات المجتمعية، وأنا متضامن مع كل المثقفين فى كل مواقفهم، رغم حاله الاغتراب الاجتماعى التى نعيشها إلا أنى متفائل بمصر أنها قوية واقوى من كل الإحداث وسوف تمر هذه السحابة وتستقر.
 

 
 
■ هل بدأت فى كتابة مشروع روائى جديد؟
 
- بدأت كتابة رواية جديدة انتفاضة 1977، والتى قيل عنها «انتفاضة حرامية»، واستند فيها لوقائع تاريخية، فعام 1977 قامت انتفاضة شعبية لمدة يومين عرفت بمظاهرات 18، 19يناير وتمت السيطرة عليها وقبض على مئات المصريين وقدموا الى محاكم الجنايات باتهامات تخريب ومحاولات لقلب نظام الحكم وغيرها، وظهر الرئيس أنور السادات على شاشات التليفزيون ليعلن بصراحة وبقوة انها انتفاضة حرامية.