الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أثريو مصر يصرخون.. أنقذوا «حتحور»

أثريو مصر يصرخون.. أنقذوا «حتحور»
أثريو مصر يصرخون.. أنقذوا «حتحور»




إذا كانت الجيزة فيها الأهرامات والأقصر فيها معابد الكرنك..فإن جنوب سيناء فيها معبد «حتحور» بمنطقة سرابيط الخادم..هو معبد متميز وفريد حتى أنهم يسمونه»كرنك سيناء»..وتفرده يأتى من وقوعه على ارتفاع 1200م فوق مستوى سطح البحر.. وقد تعرض للعديد من عمليات النهب والسرقة على مدار التاريخ القديم والحديث.. وحاليا يعانى من عدة مشاكل ومخاطر، هذه المخاطر كانت ضمن المحاور الرئيسية التى تضمنها المؤتمر العلمى الأول للآثار بسرابيط الخادم الذى أقيم مؤخرا وشارك فيه أثريون ومختصون كثيرون،  وكانت فى مقدمة توصياته ضرورة البدء فى مشروع فورى لإنقاذ معبد حتحور بسرابيط الخادم لأهميته التاريخية والأثرية، وبناءً على ذلك انطلقت حملة «أنقذوا معبد حتحور» فى سرابيط الخادم..ومن هذا المنطلق جاء حوارينا مع كل من مصطفى محمد نور الدين مدير منطقة آثار سرابيط الخادم، والدكتور هشام حسين منسق الحملة ومدير المتابعة بمنطقة آثار شمال سيناء.

 

هشام حسين: لا تقل أهميته عن»الكرنك» ونسعى لإعادة المعبد للحياة بتكنولوجيا الواقع الافتراضى


قال الدكتور هشام حسين منسق الحملة ومدير المتابعة بمنطقة آثار شمال سيناء أن حملة مشروع إنقاذ معبد حتحور بسرابيط الخادم انطلق مع إعلان توصيات المؤتمر العلمى والدورة التدريبية بالمبنى الإدارى بسرابيط الخادم التى تم تنظيمها مؤخرا.
■  ما الأهداف التى أطلقتم من أجلها الحملة؟
ـــ الحملة هى محاولة لإيجاد مساحة تفاعل بين الأثريين المتحمسين للمشروع وبين أفراد المجتمع من أجل إشراك المجتمع فى المشاريع الأثرية التى تهدف للحفاظ على تراث وحضارة مصر، وقد تم إرسال مقترح المشروع إلى وزير الآثار الدكتور خالد العنانى للاطلاع، ونتمنى أن يعطينا إشارة البدء فى تنفيذ المرحلة الثانية من المشروع وهى توثيق المعبد والمنطقة المحيطة به، لأننا بالفعل نفذنا المرحلة الأولى كمجهود شخصى من الحملة من خلال تجميع المادة العلمية وكل ما تم نشره عن معبد سرابيط والمنطقة المحيطة به.
■  اشرح لنا أبرز المخاطر التى تواجه المعبد والمنطقة؟
ـــ المخاطر التى تواجه المعبد كثيرة، أهمها التى تسببها الرياح المحملة بحبيبات الكوارتزيت والتى تعمل كسنفرة قوية للنقوش وتتسبب فى تجاويف فى اللوحات، كذلك مخطر من الزيارات المستمرة للموقع، وتمكنت وزارة الآثار متمثلة فى فريق الترميم الذى يعمل فى المعبد على مدى أكثر من 25 عام من ترميم اللوحات وإعادة بناء السور المحيط، حتى يقلل من تأثير الرياح على النقوش وفعلا تم تقليل المخاطر الناتجة عن الرياح.
■  ما أبرز ملامح خطتكم لإنقاذ وتطوير المعبد والمنطقة؟
ـــ تتلخص خطة الإنقاذ فى عدة مراحل أهمها توثيق الآثار والمعبد ثم إعادة تجميع ما أمكن من اللوحات المحطمة بالإضافة إلى المناظر الجدارية، ورفع مستوى جدران الصالات والسور المحيط بالإضافة إلى إعادة المعبد للحياة باستخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي، وخطة التطوير ليست مرتبطة بالمعبد فقط,بل سيتم ربط مناطق المناجم والتعدين بجنوب سيناء، ومنها وادى مغارة والنصب وخريج وسرابيط ومنطقة سهل المرخا حيث يوجد حصن وميناء يرجع لعصر الدولة القديمة.
■  ما أهمية معبد حتحور الأثرية والتاريخية؟
ــ معبد «حتحور» وهى سيدة الفيروز المعبد الوحيد فى مصر بل فى الوطن العربى الذى شيد على ارتفاع 1200م فوق مستوى سطح البحر, ويتم الصعود إليه فى رحلة تستغرق قرابة الساعة,وقيمته التاريخية لا تقل عن الكرنك فى الصعيد، وهو المعبد الوحيد فى سيناء بهذه المساحة الضخمة ومشيد من الحجر، كما أنه يملك لوحات تخلد وتوثق لقدوم بعثات التعدين للمنطقة وتخطى عدد اللوحات أكثر من مائة لوحة,ويمتد تاريخه لأكثر من 1000 عام متواصلة,وهو قبلة سياحة السفارى بجنوب سيناء.
■  لماذا يسمى البعض معبد حتحور بـ«كرنك» سيناء؟
ــ لما لمعبد حتحور من أهمية تاريخية وأثرية تضاهى أهمية معبد الكرنك، ولتشابه مراحل وطريقة تشيد المعبدين حيث كان لكل ملك إضافة فى معبد حتحور إما صالة أو لوحة أو تمثال .
■ ما أبرز العناصر الأثرية واللوحات بالمعبد؟
ــ المعبد ملئ باللوحات والمناظر بداية من عصر الدولة الوسطى حتى الدولة الحديثة,ومن أهم لوحات الدولة الوسطى واحدة تخص الملك أمنمحات الثالث منقوش أسفلها منظر لشخص يمتطى حمارا وأمامه وخلفه شخصين للحراسة,وهذا دليل على اشتراك أجانب فى بعثات التعدين المصرية، ولوحة أخرى من عصر الدولة الحديثة (الرعامسة) تذكر مكان يسمى تاعت سسو,وقد ورد ذكر نفس المكان فى بردية انستاسى الأولى حيث تترجم تاعت سسو إلى عرين الأسد وهى المحطة والقلعة الثانية على طريق حورس والذى يمتد من القنطرة حتى رفح، ومن أبرز العناصر المعمارية الموجود بالمعبد العامود ذو الرأس الحتحورية، وقد كسب شهرته نظرا لأنه كان من ضمن الآثار التى استولى عليها موشى ديان عام 1956، وقام طبقا لاتفاقية كامب ديفيد بإعادته للمعبد ,ومازال العامود إلى الآن فى المكان الذى أنزلته فيه الطائرة الهليوكوبتر خارج المعبد.
■ لماذا انصب اهتمام الفراعنة وآخرون بعدهم على التعدين فى تلك المنطقة؟
ـــ جنوب سيناء من أهم مناطق تعدين الفيروز والنحاس والملاخيت فى مصر، وتشير النصوص إلى إرسال بعثات التعدين منذ بداية الأسرات إلى المنطقة حيث استمرت إلى الدولة القديمة ومنها للوسطى حتى الدولة الحديثة، وهناك إشارات لبعثات تعدين وجدت خارج سيناء ترجع لعصر الأسرة السادسة والعشرين.
■  كيف يساهم المعبد فى تنشيط سياحة السفاراى بجنوب سيناء؟
ـــ المعبد والمناطق المحيطة به من أهم المناطق المطلوبة سياحيا فى جنوب سيناء، فهى بالفعل ضمن برامج رحلات السفارى بجنوب سيناء بالإضافة الى سانت كاترين، ولذلك يجب الاهتمام بتلك المناطق وسكانها من البدو، لأنهم هم من يروجون لها ويشتغلون كأدلاء للسياح المهتمين بمناجم الفيروز والنحاس ومعبد حتحور سيدة الفيروز.

مصطفى نور الدين: المعبد يحتاج للتوثيق والتنظيف وتجميع أحجاره المتناثرة مع ضرورة ترميم لوحاته


قال مصطفى محمد نور الدين مدير منطقة آثار سرابيط الخادم أن معبد حتحور هو الوحيد بسيناء من عصر الدولة الوسطى، واحد خمسة معابد من الدولة الوسطى بمصر كلها، وهو دليل مصرية سيناء وإقامة المصريين بها طوال العام وليس فقط لإستخراج الفيروز او النحاس، وكان للمعبد كهنة وخدم يعيشون طوال العام وميزانية ثابتة من الدولة بجانب ما يرد اليه من قرابين
■ ما هى المخاطر والأضرار التى تعانى منها منطقة سرابيط الخادم؟
ــ حراس سرابيط الخادم هم أهلها ومن داخل النسيج المجتمعى ويعتبرون الآثار جزءا من حياتهم وتاريخهم،  وفقط طبيعة المنطقة وصعوبة صعود الجبل تتطلب تعيين مزيد من الحراس لتخفيف العبء عن الموجودين فى الخدمة، خاصة مع وجود 4 طرق للوصول للمنطقة الأثرية أعلى الجبل، وهناك موافقة من 4 أعوام بتعيين 12 حارسًا وتمت الموافقة الأمنية لتشغيلهم، لكن الأزمة المالية تعوق تعيينهم وأطالب المسئولين باستثناء سرابيط الخادم وتعيينهم، والخطورة الحقيقية على سرابيط الخادم تأتى من عوامل الجو من رياح ومطر ورطوبة، لذلك يجب البدء بالمشروع العاجل للإنقاذ لتقليل مخاطر تلك العوامل وهو ما نطالب به، وهناك خطة لدى المنطقة جارى عرضها على وزير الآثار بتحويل المبنى الإدارى بسرابيط الخادم إلى مركز للبحوث الأثرية بجنوب سيناء، ويخصص لدراسة اللغة والتعدين فى مصر القديمة وعلاقات مصر بالشرق،  على أن تقوم وزارة الآثار بعمل بروتوكولات تعاون مع الجامعات والمعاهد العلمية لاستغلال المبنى وتعظيم الاستفادة منه، كذلك هناك مقترح آخر بجانب تلك الخطة مفاده أن نقدم خدمات ثقافية وتعليمية للمجتمع المحلى من خلال المبنى،  والأمر يتطلب استكمال تجهيزه وإنشاء مكتبة متخصصة للتراث السيناوى وتاريخ سيناء، بجانب تأثيث قاعة الاجتماعات.
■   ماذا عن معبد حتحور والمخاطر التى تواجهه؟
ــ معبد حتحور بسرابيط الخادم هو كرنك سيناء، وقد استمرت اعمال التشييد والإضافات بالمعبد طوال عصر الدولتين الوسطى والحديثة، ومشيد على مساحة 30×80 متر وبه مقصورة لحتحور محفورة داخل صخر الجبل، ويعد المعبد سجلا للتاريخ المصرى القديم بسيناء وبه كثير من المعلومات التاريخية خصوصا حول علاقات مصر بالشرق، وهذا الأثر الفريد هو الأهم فى سيناء قاطبة،  مع كونه مقصدا سياحيا هاما يحتاج للتنمية ، ويعانى من عوامل التجوية كالحرارة والرطوبة وأشعة الشمس، خاصة انه مشيد من نوع غير جيد من الحجر الرملى النوبى، وقد تأثر كثيرا ويحتاج إلى مشروع كبير لإنقاذه.
■  ما أبرز محاور هذا المشروع؟
ـــ دراسة وافيه للمعبد بجانب الدراسات السابقة من فريق العمل قبل الشروع فى العمل، وتوثيق وتسجيل للنقوش الأثرية والأحجار والتخطيط المعمارى، وتنظيف المعبد وعمل حفائر علمية داخله وتجميع الأحجار المتناثرة من حطام صروح وجدران ولوحات المعبد، كذلك دراسة الأحجار بواسطة أثريين ومتخصصين فى اللغة المصرية القديمة ومعماريين وتقنيين فى علوم الحاسب تمهيدا لإعادة تجميعها ومن ثم إعادة بناء المعبد،  وإجراء عمليات ترميم دقيق وترميم معمارى للوحات والمشاءات داخل المعبد مع إزالة الاستكمالات السابقة وعمل استكمالات جديدة بتقنيات ووسائل ومواد أفضل، واستكمال بناء السور حول المعبد وزيادة ارتفاعه كى يحمى المعبد من دوامات الرياح أعلى الجبل، وقد طالبت بمبلغ 600000 جنيه هو مبلغ قليل للأعمال المطلوبة،  لكن علينا أن نعلم أن هناك كثير ممن تطوعوا للعمل بالمشروع من شباب وزارة الآثار، كما أن هذا المبلغ هو نصف المخصص للآثار المصرية بسيناء من ميزانية التنمية،  والنصف الآخر لمشروعات أخرى وأعمال بشمال سيناء، ونحن نعلم الأزمة المالية التى تمر بها وزارة الآثار،  وسيستغرق المشروع من ثلاث إلى خمس سنوات.
■  ماذا عن موارد المنطقة من الزيارات؟
ـــ للأسف الشديد الأحداث التى أعقبت يناير 2011 أثرت سلبا على كل آثار مصر وليس سرابيط الخادم، خاصة من حيث قلة موارد الوزارة، وسرابيط الخادم تقريبا لا توجد بها سياحة سوى بعض الشباب المصرى، ولا توجد سياحة أجنبية فتوقفت كل خطط التطوير.
■  ما الأهمية التاريخية للآثار الموجودة فى سرابيط الخادم؟
ــ منطقة آثار سرابيط الخادم تضم أهم اثر فرعونى فى سيناء وهو معبد حتحور، حيث تم تشييده فى زمن الدولة الوسطى قبل أكثر من 4000 عام ووضع لبنته الأولى أمنمحات الأول،  وشيده سنوسرت الأول واستمرت الإضافات به طوال عصر الدولة الوسطى والدولة الحديثة، ويقع المعبد وسط مغارات الفيروز فوق مستوى سطح البحر، ومشيد من الحجر الرملى النوبى من نفس الجبل، ويضم صالات وأعمدة ولوحات وله مدخلان،  كرس لعبادة حتحور سيدة التركواز ربة سيناء، وتنتشر حول المعبد مغارات استخراج الفيروز وهو حجر نصف كريم استخدم فى عمل الحلى من عصر ما قبل الأسرات بمصر،  وتوجد بسرابيط الخادم أكثر من 28 مغارة لاستخراج الفيروز، وبعض المغارات تحتوى على نقوش مصرية قديمة ونقوش سينائية، كما توجد منطقة روض العير حيث تنتشر بها النقوش الصخرية لنصوص تسجل بعثات التعدين الملكية معظمها من الدولة الوسطى وبعضها من الدولة الحديثة، كما تشتهر روض العير بوجود مناظر متعددة لمراكب،  بجانب مناظر لحيوانات مثل الوعول والزراف ونعامة.