الإثنين 23 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ثلاث حكومات لأشلاء دولة

ثلاث حكومات لأشلاء دولة
ثلاث حكومات لأشلاء دولة




خالد عبد الخالق يكتب:

 مع دخول حكومة فايز السراج والمجلس الرئاسى الليبى للعاصمة طرابلس على متن سفينة بحرية بعد أن أغلقت سلطات طرابلس مطار معيتقية لمنع وصول طائرة المجلس الرئاسى وأعضاء الحكومة ، تطرح تساؤلات حول احتمال التدخل الدولى ثانية فى ليبيا؟ وهل دخول الحكومة طرابلس بداية للاستقرار أم مزيد من الصراع والاستقطاب فى ليبيا؟
ليبيا لديها الان ثلاث حكومات وثلاثة مجالس نيابية سواء كان المؤتمر الوطنى العام او مجلس النواب او المجلس الرئاسى، ولكل حكومة جيشها او مليشياتها الخاصة بها، بل لكل حكومة دعم وتأييد دولي. وعلى الرغم من أن حكومة السراج لديها تأييد دولى كبير إلا أنها داخليا تبقى محدودة التأثير وغير مرحب بها من جانب بعض الأطراف، ولم تبسط سلطاتها على كامل التراب الليبى.
لكن النتيجة الأبرز لدخول حكومة السراج طرابلس هى أنها أضعفت موقف خليفة الغويل رئيس حكومة طرابلس، واستطاعت خلال أيام أن تحصل على تأييد واسع من جانب الليبيين فى طرابلس حتى أن عدد من وزراء طرابلس أعلنوا عن دعمهم لحكومة السراج، ونحو 94 عضوًا من المؤتمر الوطنى أعلنوا دعمهم لحكومة السراج مما يعنى هزيمة لقطر وتركيا اللذين يدعمان تلك الحكومة. وبعد أن كانت حكومة الغويل فاقدة للشرعية أصبحت الآن فاقدة للسيطرة ايضا على مناطق نفوذهم التى سيطروا عليها طول الفترة الماضية.
مجلس النواب وحكومة طبرق هى الأخرى لديها امتعاض من فرض حكومة السراج من جانب المجتمع الدولى وكانت فى البداية تعارضها بقوة إلا أنه مع الضغط الدولى أعلنت تقبلها بشروط، ولعل أزمة مجلس النواب وحكومة طبرق مع السراج تكمن فى أمرين.
 الأول: خوف لدى الكثير من المسئولين فى طبرق ان يتم تهميشهم واقصاؤهم من جانب السراج وبالتالى فقد السلطات والامتيازات التى تمتعوا بها.
الثاني: محاولاتها لادماج الميلشيات المسلحة وجعلها المسئولة عن الجوانب الأمنية والعسكرية، بل إن حكومة السراج دخلت طرابلس بحماية من ميليشيا مصراته.
هذا الامر أثار كثيرًا من الشكوك من جانب حكومة طبرق والجيش الوطنى الليبى بقيادة خليفة حفتر، وأدى إلى افتقاد الثقة بين الجيش الليبى من جهة وحكومة السراج من جهة اخرى، خاصة وان دور القائد العام للجيش الليبى كان أحد النقاط الخلافية فى اتفاق الصخيرات، والذى ادى الى حدوث انقسام داخل مجلس النواب بشأنه بين مؤيد للاتفاق وآخر معارض، ولم يستطع المجلس منح الثقة للحكومة بالرغم من الدعوة لاجتماعه 5 مرات مما دفع مائة نائب الى التوقيع بصورة شخصية على بيان بمنح الثقة لحكومة السراج من اجمالى 198 عضوًا فى مجلس النواب.  
احتمالات الصراع مع حكومة السراج وخليفة حفتر أكبر من التعاون بينهما، لأن هناك تباينًا كبيرًا حول كيفية إدارة الدولة والتعامل مع الجماعات الارهابية المسلحة فى ليبيا، الدول الاوروربية وامريكا التى أيدت اتفاق الصخيرات لديهم هواجس وشكوك اتجاه حفتر ودوره فى العملية السياسية المقبلة، وقد عبروا عن خشيتهم اكثر من مرة تجاه حفتر من أن يقوم بوأد أى عملية سياسية مقبلة.
كل تلك التحديات الامنية والسياسية تواجه حكومة السراج، وبذلك فإن فرص نجاحها مرهون بالدعم الخارجى اكثر من الولاء الداخلي، والتجارب السابقة اثبتت عدم نجاعة الحكومات التى تفرض من الخارج، فقدرتها تكون محدودة وسلطتها ضعيفة، وقد كانت تجارب العراق والصومال وأفغانستان خير نموذج لذلك.
ليبيا بعد 5 سنوات من الفوضى اصبحت تشكل تهديدا لحوض البحر المتوسط ككل، فبالإضافة إلى أنها أصبحت ملاذًا للارهابيين اصبحت كذلك تمثل أحد أهم المعابر للهجرة غير الشرعية، ومن ثم فإن التدخل الدولى فى ليبيا ثانية أمر لا مناص منه، لكن كانت دائمًا الأطراف الأوروبية المعنية بالوضع الليبى ما تنتظر تشكيل حكومة واستلامها زمام الامور فى ليبيا؛ وإن كان هذا لم يمنع من حدوث عمليات عسكرية نوعية فى ليبيا قامت بها قوات أجنبية بين الحين والآخر.
المعضلة الأساسية هى الضربة العسكرية الشاملة، فحتى الآن يتم التشاور وتحديد الأولويات والقوات التى ستقوم بالضربة العسكرية، وجنسية القوات التى ستقوم بدخول بري، لأن الجميع مع ضربة عسكرية جوية لكن الخلاف هو ما بعد الضربة الجوية ولعل هذا عبر عنه  وزير الخارجية الإيطالى باولو جينتيلونى منذ أيام «بأن بلاده لن تنجر إلى حملات عسكرية خطيرة فى ليبيا».