الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مرصد الأزهر يصدر تقريرًا يعرض نماذج تعايش الإسلام مع الديانات الأخرى

مرصد الأزهر يصدر تقريرًا يعرض نماذج تعايش الإسلام مع الديانات الأخرى
مرصد الأزهر يصدر تقريرًا يعرض نماذج تعايش الإسلام مع الديانات الأخرى




أصدر الأزهر تقريرًا يرصد عددًا من نماذج لتعايش الإسلام مع الديانات الأخرى  عبر التاريخ ، وقال فى تقريره إنه منذ أن أهبط الله تعالى آدم إلى الدنيا تعاقبت الأنبياء والرسل بالديانات السماوية لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، حتى يستقيم للناس أمنهم وسعادتهم وصلاحهم، واتفقت الأديان السماوية كلها على أنها جميعا ربانية المصدر، فهى من الله تعالى، وغاياتها تحقيق العبودية الصادقة لله تعالى، وإعمار الأرض على منهج الله تعالى، لذا يتفق الإسلام مع الأديان السماوية السابقة له كالنصرانية مثلا على هذه المبادئ وغيرها من الرحمة والعدل والمساواة والحرية والتعاون وفضائل الأخلاق، وعلى تحريم الظلم والقتل والنهب وسوء الأخلاق.
أضاف: إن الإسلام أشار إلى أن أصول الإنسانية واحدة لا تميز بينها بجنس أو عرق أو لغة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً) . كما أشار الإسلام إلى أن هناك مساحة واسعة للتعايش مع الآخرين بالعدل والإحسان قال تعالى: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [سورة الممتحنة: 8]، ولما هاجر النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وبدأ يشكل صورة الدولة الإسلامية التى امتدت إلى معظم بقاع شبه الجزيرة العربية كانت الحياة تحتوى طوائف مختلفة من الأنصار والمهاجرين واليهود وغيرهم، واحتوت هذه المرحلة على كثير من المعاهدات والرسائل والكتب التى تحدد العلاقات السياسية والاجتماعية بين المسلمين وغيرهم.
واوضح انه فى عهد الخلفاء الراشدين تمتع غير المسلمين بما تمتعوا به فى العهد النبوى من أمان وسلام حيث أقر الخلفاء لنصارى نجران ما أقرهم الرسول صلى الله عليه وسلم فى حياته. وعاش اليهود والنصارى فى ظل خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه يرفلون بالأمان حتى عند دخوله لبيت المقدس أطلق لهم حرية التمتع بجميع الحقوق والامتيازات.
وشدد الأزهر  على انه هكذا توالت العصور، وفى العصر الأموى يقول «ول ديورانت» صاحب كتاب «قصة الحضارة» : «ولقد كان أهل الذمة المسيحيون، والزرادشتيون واليهود، والصابئون، يستمتعون فى عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح لا نجد لها نظيراً فى البلاد المسيحية فى هذه الأيام. فلقد كانوا أحراراً فى ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم..».
ولفت إلى أنه فى العصر العباسى كذلك عصر ازدهار الحضارة الإسلامية، اشتهر من غير المسلمين من أهل الذمة كثير من العظماء؛ مثل: جرجيس بن بختيشوع طبيب الخليفة العباسى أبى جعفر المنصور، وجبرائيل بن بختيشوع طبيب هارون الرشيد، الذى قال الرشيد عنه: كل مَن كانت له حاجة إلىَّ فليخاطب بها جبريل؛ لأننى أفعل كل ما يسألنى فيه، ويطلبه مني، وماسويه الذى كان الرشيد يجرى عليه ألف درهم شهريًّا، ويصله كل سنة بعشرين ألفًا .. «الإسلام وأهل الذمة، للدكتور الخربوطلى».
أضاف إنه لما فتح المسلمون إسبانيا (711 - 1086) يقول صاحب كتاب قصة الحضارة  (عامل الفاتحون أهل البلاد معاملة لينة طيبة، ولم يصادروا إلا أراضى الذين قاوموهم بالقوة، ولم يفرضوا على الأهلين من الضرائب أكثر مما كان يفرضها عليهم ملوك القوط الغربيين، وأطلقوا لهم من الحرية الدينية ما لم تتمتع به إسبانيا إلا فى أوقات قليلة نادرة)...وفى بلاد الأندلس الإسلامية يقول: (لم تنعم الأندلس طوال تاريخها بحكم رحيم، عادل، كما نعمت به فى أيام الفاتحين العرب).
واختتم الأزهر تقريره بالتأكيد ان هذه كلها نماذج تاريخية واقعية تعايش فيها الإسلام مع الديانات الأخرى، حتى شهدت هذه الديانات أنها ما نعمت بالأمن والاستقرار والسلام إلا مع المسلمين. وأن وجود بعض الاختلافات بين البشر حتى ولو كانت دينية فهى لا تمنع من  التعاون فى أمور مشتركة كثيرة. بل ينبغى أن يتعاونوا فيها ليكمل بعضهم جهد البعض الآخر لتتحقق السعادة للجميع، والإسلام يفرق فى المعاملة بين المحاربين له وغير المحاربين من غير المسلمين قال تعالى: «عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7) لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ».