الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

وائل نور.. الإبداع وعشق الحياة

وائل نور.. الإبداع وعشق الحياة
وائل نور.. الإبداع وعشق الحياة




د.حسام عطا يكتب:

ليس بعيدا ذلك اليوم الذى جاء فيه وائل نور إلى قاعة المحاضرات بالمعهد العالى للفنون المسرحية متوهجا مرتديا زيا أنيقا من ملابس الجينز، بنطال أزرق له حمالات تصل للكتف وقميص برتقالى اللون، مضيء الوجه ممتلئ بحيوية الشباب، كان حضوره معنا يمنح الزملاء والمكان طاقة إيجابية واضحة، كنت أصدق تماما أن ذلك الطيب الدافئ ابن البلد، سيصبح نجما فى القريب العاجل.
كان يقود دراجته البخارية سريعا نحو الإنجاز والمتعة معا، لأن الإبداع وعشق الحياة وجهان لعملة واحدة، هو صاحب الحضور الخاص والحيوية الفنية، والذى كانت طاقته النفاذة خاصة على خشبة المسرح قادرة على اضاءة كل من حوله، وائل الذى جاء بأول مقدم كبير من عمل فنى ليعرضه أمام الأصدقاء المفلسين آنذاك كمبرر لإمكانية متاحة للأكل والسهر، إنه الجميل الذى كان منزله بيتا للكرم والاحترام.
وائل نور ابن البلد الشهم الذى لم تختلف طباعه متأثرا بنجومية مبكرة، وأموالا لم تكن ممكنة لهذا الشاب الضاحك الذى يقود دراجته البخارية بسرعة فائقة، أنه نوع من البشر لا تملك إلا أن تتصوره الشباب الدائم، كان يعرف كيف يدافع عن اختياراته الإنسانية برجولة ممتلئة بالتسامح وبثقافة وسلوك متحضر يخلو من الافتعال، ولعل أبرز دليل على انحيازه للجمال فى الفن هو انحيازه للعمل بالمسرح بشكل منتظم طوال مسيرته الفنية، رغم ضعف مردود المسرح من عائد مادى وانتشار جماهيري، رغم أنه كان مطلوبا دائما للعمل بالدراما التليفزيونية والأفلام السينمائية، والذى بلغ رصيده منها ما يقارب الثمانين عملا تليفزيونيا كان أبرزها البخيل وأنا وذئاب الجبل، كما يقدر إنتاجه الفنى المتنوع بنحو مائة وخمسين عملا فنيا جمع فيها بين السينما والمسرح والدراما التليفزيونية.
أما دليل جديته وحبه لفن المسرح أنه كان واحدا من النجوم القلائل فى مصر الذين استعادوا وهج موهبتهم الفطرية عبر الانتظام فى العمل المسرحى للأطفال، فقدم من إنتاج عصام إمام وإخراج خالد جلال أشهر عرض مسرحى خاص تم تقديمه للأطفال بمسرح مدينة نصر، لأن وائل الفنان المحبوب الممتلئ بخبرة الحياة كان حقا أقرب لروح الأطفال الحرة، حتى أنه كان خلال السنوات العشر الماضية يقضى الشتاء تقريبا يمرح مع جمهوره الأطفال بالإسكندرية، وكان آخر ما قدمه لهم مسرحية «الغابة المسحورة» التى غادرنا بعد عرضها، ليعود شابا مضيئا إلى خالقه، كعلامة لجيل يرحل مبكرا، كتعبير عن مشقة الطريق.
رحم الله الصديق والفنان المختلف وائل نور رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.