الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الاستثمار والبطالة والتعليم

الاستثمار والبطالة والتعليم
الاستثمار والبطالة والتعليم




يكتب: محمد محيى الدين

ليس من قبيل المصادفة توافد زعماء ورؤساء دول من الغرب والشرق ومعهم عشرات المستثمرين على مصر فى الآونة الأخيرة وفى أوقات متقاربة بل إن قراءة متأنية لتلك الزيارات والاتفاقيات التى تم توقيعها تنبئ بأننا مقبلون على انطلاقة للاقتصاد المصرى رغم محاولة كثير من المتشككين وخبراء النخبة السياسية تحويل الأنظار عنها باشاعات هنا وتلاعب فى أسعار الدولار هناك، ولا مانع من الدعوة إلى مظاهرات ممجوجة وشعارات زائفة لم تعد تنطلى على شعب عانى من فوضى، كانت مؤهلة لإسقاط الدولة، وليس لديه النية أو الرغبة فى العودة إليها.
 وعندما نزعم أن مصر مقبلة على انطلاقة اقتصادية فإن ذلك ليس من باب التفاؤل المفرط أو التعلق بأهدب أمل زائف، لكنه يعتمد على حقائق ظاهرة لعيان المخلصين فى هذا البلد، ومع ذلك فإن هناك بعض النقاط نأمل أن يضعها الجميع نصب أعينهم ودراستها قبل أن يفوت الأوان. 
أولا: زيارات تلك الوفود ليس من قبيل النزهة أو حتى استكشاف مجالات استثمار مربحة فى مصر ولكنهم وبناء على دراسات قاموا بها تخلص إلى أن السوق المصرية والموقع الجغرافى لها وتوفر العمالة بها يفتح لهم مجالات للربح والتوسع فى المرحلة المقبلة ومن ثم كان حرصهم على توقيع اتفاقيات وعقود تضمن لهم السبق فى هذا السوق الواعدة، ولعلنا نعى ذلك جيدا حتى نحسن التفاوض من موقف القوة.
ثانيا: كان الاتجاه إلى استقطاب الاستثمار الأجنبى أحد نتائج الموقف الغامض لرجال الأعمال والمستثمرين المصريين بل وغير مفهوم وغير المتحمس لوضع مصلحة الوطن نصب أعينهم والكثير منهم مازال يدير أعماله بعقلية زمن مبارك، من رغبة فى الكسب السريع وبدلا من إقامة مراكز إنتاجية وصناعية عملاقة وعمليات تصدير واسعة ما زالوا يعتمدون على أعمال مقاولات ومنتجعات تعطى قيمة مضافة محدودة للبلد وربح خيالى لهم، أو الاستيراد لبضائع استهلاكية من كل شكل ولون لا يحتاج المواطن العادى لها، أو لسيارات تزيد من أزمات المرور وتستنزف احتياطاتنا من العملات الصعبة، غير آبهين لمردود ذلك على المواطن أو على إرث الصناعات المحلية التى أقامها رواد فى الزمن الجميل، والتى نراها يوما بعد يوم تتعثر وتكاد تختفى، وربما آن للمستثمرين المصريين ولمصلحتهم الاستراتيجية ان يقوما بتغيير أسلوب عملهم قبل أن يجرفهم تيار الاستثمار الأجنبى ويطردهم من السوق. 
ثالثا: رغم أن الخطوات المتسارعة التى تسير فيها الحكومة من تحسين البنية التحتية وشبكات الطرق والكهرباء واستصلاح الأراضى لم يصل مردودها الاقتصادى بعد إلى المواطن إلا أنها وبغير مبالغة مشروعات قومية ومهمة لاستقبال المستثمرين لأنها تعد تمهيدا لإقامة المناطق الصناعية والاستعداد بطرق النقل والمواصلات للتصدير، ومن ثم فإنها تعد استثمارات طويلة الأجل سيظهر عائدها مع دوران عجلة الإنتاج والتصدير وربما تسبب تأخر ذلك المردود فى إعطاء الفرصة لبعض من النخبة يقومون باستغلالها لاعطاء انطباع لدى المواطن بأن الحكومة تنفق على مشروعات لا يستفيد منها أو لا تعود بالنفع عليه. 
رابعا: من المفترض أن الاستثمارات فى المشروعات المختلفة سوف تعالج واحدة من المشكلات العضال التى تواجه المجتمع المصرى وهى مشكلة البطالة ومع ذلك يجب التنبه إلى أن تلك الاستثمارات ليست العصا السحرية التى ستقضى أو تحد من المشكلة فكما أن مشروعات تحسين البنية التحتية ستساعد المشروعات الجديدة فإن البطالة يجب أن تخضع لدراسة متأنية والتى نشأت كمخرج سلبى لمنظومة التعليم والتدريب فى مصر حيث تصب تلك النظومة سنويا آلاف الخريجين، ممن يفتقدون الى المهارات الفنية واللغوية التى تحتاج إليها الصناعات والمشروعات التجارية، ناهيك عن ضعف الخلفية الأكاديمية والنتيجة رفض القطاع الخاص لتعيينهم فى الوظائف الخالية لديه وسوف يزداد الأمر صعوبة عندما نواجه متطلبات التعيين فى وظائف الشركات العالمية عند تواجدها فى مصر ومن ثم يجب أن تعنى الحكومة بإصلاح منظومة التعليم والتدريب لإعداد كوادر قادرة على المنافسة وسد احتياجات المستثمرين وإلا فإنه بدلا من تخفيض نسبة البطالة فإننا سنواجه بزيادتها عندما نجد العمالة الأجنبية والآسيوية قد شغلت تلك الوظائف واحتفظ شبابنا بمقاعدهم على المقاهى.
مرحلة الانطلاق قادمة والمستقبل واعد ولكن يحتاج منا إلى عمل مضاعف من الحكومة وإلى إخلاص من رجال الأعمال وإلى شباب مؤهل للدخول إلى تلك المرحلة.