الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بالصور.. قبة «أفندينا» أمرت ببنائها «أمينة هانم إلهامى».. والعاج والصدف زخرفها الجميل..وكسوة الكعبة جعلتها مطمعا للصوص

بالصور.. قبة «أفندينا» أمرت ببنائها «أمينة هانم إلهامى».. والعاج والصدف زخرفها الجميل..وكسوة الكعبة جعلتها مطمعا للصوص
بالصور.. قبة «أفندينا» أمرت ببنائها «أمينة هانم إلهامى».. والعاج والصدف زخرفها الجميل..وكسوة الكعبة جعلتها مطمعا للصوص




تحقيق وتصوير - علاء الدين ظاهر


مثلما كانت تجمعهم جدران القصور فى الحياة..جمعتهم قباب وأضرحة بعد موتهم..هكذا حال أسرة محمد على الذين عاش أفرادها حياة أقل ما توصف به أنها درامية تخللتها أحداث صاخبة.. وعلى قدر ما كانت فخامة القصور التى عاشوا فيها كانت فخامة الأضرحة التى دفنوا فيها بعد وفاتهم..حيث الزخارف والنقوش غاية فى الروعة والتى من فرط جمالها تبدو أحيانا مصدر بهجة ومتعة للعين بعكس ما يرمز إليه المكان من موت ومغادرة الحياة.
ما سبق ليست مجرد مقدمة إنشائية بقدر ما تلخص ببساطة ما شاهدناه خلال جولتنا المصورة فى واحدة من أروع قباب وأضرحة ملوك وأمراء أسرة محمد علي..قبة أفندينا التى تعد من جواهر منطقة صحراء المماليك التى تضم أكثر من 70 أثرا مهما وهذه القبة أمرت ببنائها «أمينة هانم إلهامى» المدفونة فيها.. وهى زوجة الخديوى توفيق ووالدة الخديو عباس الثانى على الطراز المملوكى الحديث حيث حدد المختصون فى الآثار تاريخ الإنشاء فى عام 1870 ميلادى و1311 هجرى.
وتضم أيضا أضرحة والدة الخديو عباس حلمى الأول»بمبة قادن» والخديو توفيق..والخديو عباس حلمى الثاني والأمير محمد على توفيق ابن الخديو توفيق وأخو الخديو عباس حلمى الثاني والأمير محمد عبد المنعم ابن الخديو عباس حلمى الثاني والأميرة فتحية بنت الخديو عباس حلمى الثاني وجميعها تعلوها تراكيب رخامية وخشبية ممتلئة بالزخارف الخشبية ومطعمة بالعاج الذى يعطيها بريقا جماليا خاصا.. كما أن قبر العالم الكبير الراحل د.مصطفى مشرفة يقع داخل حديقة الضريح حيث تم نقله لهذا المكان أثناء إنشاء طريق الأوتوستراد قبل عدة سنوات.
الوصول إلى باب القبة يستلزم عبور بوابتين حديديتين تقطعان الحديقة الكبيرة التى تقع القبة فى نهايتها إلا أن البوابة الأولى التى تقع على الشارع مباشرة لا تنبئ بأى حال أنها تخص ضريحًا بهذه القيمة الجمالية والتاريخية.. حيث أن البوابة الحديدية يعلوها الصدأ ويكسوها بشكل سيىء جدا نتيجة الإهمال حتى تآكلت بعض أجزائها.. وربما كانت البوابة الثانية أحسن حالا.. حيث تحتفظ برونقها الجمالى وزخارفها النباتية البارزة.
باب القبة خشبى تحيط به وفى منتصفه زخارف حديدية ونحاسية لا تخل من جمال.. أما فى الداخل عبارة عن متحف صغير من الزخارف والتشكيلات الفنية والنباتية.. حيث نحتت الأضرحة من الرخام والنحاس والخشب بمهارة فائقة لتصنع مع ألوانها لوحات فنية بديعة.. كما تجد الشبابيك الجصية معشقة بالزجاج الملون والمقرنصات والمشكاوات الزجاجية.. وكل هذا تم الاعتناء به جيدا وبنظافته عكس الوضع خارج القبة.
وسط هذا الجمال والروعة الزخرفية داخل القبة.. وجدنا أريكة «كنبة» خشبية غاية فى الجمال وفن الأرابيسك.. حيث كانت مطعمة بالصدف والأبنوس والعاج بدقة متناهية.. لكن المحزن أن الجزء القماشى منها «التنجيد» كان مقطعا ومتهرئا بشكل يشوه قيمة الكنبة التاريخية.. حيث علمنا أنها كانت ضمن الأثاث المستخدم فى احتفال افتتاح قناة السويس فى حكم الخديوى إسماعيل والد الخديو توفيق.
وربما لا يتخيل البعض القيمة التاريخية والجمالية للقبة وما تحويه من أضرحة.. لكن ذلك موثق بشهادة المختصين فى الآثار والتراث.. وكتاب «عمارة الأضرحة» أحد الأدلة على ذلك.. حيث ذكر مؤلفه المهندس والأديب محمد عبد السلام العمرى ضمن ما تناوله من أضرحة وطرز بنائها وتاريخها فى مصر ودول أخرى.. أن قبة أفندينا تأتى فى المركز الثانى عالميا بعد ضريح «تاج محل» بالهند من حيث الطراز المعمارى الذى يتسم بالأصالة والجمال.. خاصة أن «تاج محل» واحد من أشهر المقابر عبر التاريخ.
المثير أن الضريح تعرض من قبل للسرقة عدة مرات.. ونجح بعضها بالفعل حيث سرقت بعض التحف منه عاد بعضها والأخر لم يعد حتى الآن.. وإن كانت أبرز محاولات سرقة الضريح التى لم تنجح حينما حاولت بعض شخصيات من إحدى الدول العربية استمالة حارس الضريح الذى كان موظفا فى الأوقاف.. لسرقة كسوة الكعبة وستار قبر الخليل إبراهيم.. إلا أن الحارس رفض ذلك رغم عرضهم عليه رقما يدخل فى نطاق ملايين الجنيهات.. وهذا كان قبل ثورة يناير حيث أنه بعد الثورة سرقت قطع من ضريح الخديوى توفيق.
الدكتور مختار الكسبانى أستاذ الآثار الإسلامية بكلية أثار القاهرة قال لنا إن القبة بها مقتنيات وتحف منها مجموعة من قطع كسوة الكعبة.. وأكد لنا محاولة سرقتها من بعض الأشخاص المنتمين لدولة عربية بالفعل.. وذلك بالاتفاق مع الغفير الذى كان يحرسها قبل عدة سنوات قبل ثورة يناير.. وعندما تم كشف الأمر قام الخفير بالإبلاغ عن الموضوع.. إلا أنه وعقب ثورة يناير تمت بالفعل سرقة بعض من تلك القطع من الكسوة والتى تعد من أهم المجموعات الأثرية من عصر الخديو توفيق.
أما الدكتور ولاء الدين بدوى مدير عام متحف قصر محمد على توفيق بالمنيل.. قال أن القبة بنيت فى الثلث الأخير من القرن الـ 19..  وتم ترميمها عام 2008 م على نفقة سمو الأمير السابق عباس حلمى الثالث.. والذى أقام داخل القبة ضريح له بحيث يدفن فيه بعد موته بجوار أجداده من أسرة محمد علي.
وكشف مدير متحف قصر المنيل معلومة مثيرة.. مشيرا إلى أن الأمير عباس حلمى الثالث يأتى فى الذكرى السنوية للأمراء والخديو كل عام ويحضر 3 من مقرئى القرآن لقراءته على أرواح أجداده وأقاربه.. كما أنه يقوم أيضا بتوزيع «فطائر وبرتقال وموز وعلب عصائر» رحمة ونور على أرواحهم.. حيث تظهر عليه فى تلك الذكرى علامات التأثر.
من جانبه قال عماد عثمان مدير عام مناطق أثار شرق القاهرة أن القبة لها أهمية تاريخية كبيرة.. حيث أنها شاهدة على جزء مهم من تاريخ مصر.. كما أنها تمتلئ من الداخل بالزخارف الفنية الجميلة جدا.. ولا تشهد أى زيارات إلا من الباقين من العائلة المالكة خاصة الأمير عباس حلمى الذى تولى الإنفاق لى ترميمها من ماله الخاص قبل حوالى 8 سنوات.. لكنه ورغم ذلك لم يلق أى تقدير حينها.
وعن واقعة سرقة كسوة الكعبة قال لنا إنها بالفعل تعرضت لمحاولة سرقة لبعض محتوياتها.. حيث حاول أحد الأشخاص من دولة عربية بالاتفاق مع غفر أمن القبة سرقة كسوة الكعبة وعرض عليه أن يأتوا بجزء مماثل لكسوة الكعبة لكنه غير أصلى.