الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

مبدأ الرأفة فى قانون العقوبات يظلم قضايا الشرف




حادثة الاغتصاب الشهيرة فى كفر الشيخ التى تم الحكم فيها على المتهمين الـ9 بالاعدام شنقا بينما المتهم العاشر حكم عليه بالسجن 15 عامًا لأنه قاصر، هذا الحكم الذى احتفى به البعض واعتبره تاريخيًا، ولكن المتابع للأحداث سوف يعرف أن هذا الحكم تم نقضه أمام دائرة قضائية أخرى وخفف الي حكم المؤبد.
 
 

 
القضية ليست الوحيدة التى انتهت على هذه الوتيرة ، والسر فى المادة 17 من قانون العقوبات والمعروفة بـ«مادة الرأفة» وهى مادة معمول بها فى الدستور منذ عهد الخديوى إسماعيل الذى أدخل هذا المبدأ حتى لا ينال السارق الجائع الذى يسرق من أجل سد رمقه نفس العقوبة التى ينالها السارق المحترف، ولكن تطبيق هذا المبدأ فى قضايا الشرف المتعلقة بالاغتصاب وهتك العرض أمر لا يقبل التهاون خاصة أنه انتهاك صارخ لكرامة الأنثى وجسدها، يضم تصنيف جرائم الشرف كل جرائم القتل التى ترتكب بحجة الدفاع عن الشرف.
 
والتعريف القانونى لهتك العرض هو أى مساس بجسد المرأة يخدش حياءها ويبدأ من الفعل البسيط وحتى ما هو قبل الاغتصاب، والعقوبة القانونية له الحبس من 3 إلى 15 سنة ويعتبر جناية، أما الاغتصاب فهو اجبار الأنثى على الممارسة الجنسية الكاملة دون ارادتها ونص العقوبة فى المادة 267 من قانون العقوبات المصرى (من واقع أنثى بغير رضاها، يُعاقَب بالأشغال الشاقة المؤبدة أوالمؤقتة). فإذا كان الفاعل من أصول المجنى عليها، أومن المتولين تربيتها أو ملاحظتها أوممن لهم سلطة عليها، أو كان خادمًا بالأجرة عندها أو عند من تقدم ذكرهم يعاقب بالسجن المؤبد).
 
يوضح طارق طاهر المحامى والناشط الحقوقى بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان أن المادة 17 من قانون العقوبات التى تنص على مبدأ الرأفة تمنح القاضى القدرة على إصدار الحكم المخفف نظرا لأن المنظومة القانونية للتقاضى فى مصر تمنح القاضى سلطات وصلاحيات مطلقة، كما أن محكمة النقض لا يوجد سلطة أعلى منها تراقبها.
 

 
 
ويضيف أنه يجوز للمحكمة إذ رأفت بالجانى النزول بالعقوبة درجة أو درجتين، والتعديل القانونى المطلوب والمناسب فى مثل هذا القضايا هو عدم تطبيق مبدأ العفو فى مثل هذه القضايا، هذا بالاضافة إلى إجراء تعديل تشريعى يعمل على تضييق الحد الأدنى والأقصى للعقوبة، على أن تكون العقوبة مسببة وتحت رقابة محكمة النقض.
 
ويفسر الأمر قائلا إن الأحكام القضائية لابد وأن تتناسب مع فداحة الجرم فلا يمكن معاملة السرقة بالإكراه مثلا بشدة أكثر من جريمة الاغتصاب، فسرقة كرامة الانسان وانتهاك جسده عقوبة أقوى بكثير من سرقة أى ممتلكات يمكن أن تعوض فيما بعد، ويقول إن احدى الفتيات التى تعرضت للاغتصاب على سبيل المثال لم يتمكن الطب الشرعى من توقيع الكشف عليها إلا بعد ستة أشهر بسبب إصابتها بانهيار شديد نتج عنه خضوعها للتخدير الكلى حتى يتم الكشف عليها، وذلك من تأثير فداحة الجرم التى تعرضت له.
 
تقول الناشطة الحقوقية عزة سليمان رئيس مركز قضايا المرأة المصرية: إن آخر دراسة أجراها المركز كانت عام 2009 استند فيها إلى ما نشر فى الصحف حيث إن تقارير الأمن العام التى يصدرها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء كانت قد توقف نشرها منذ عام 1997، كما أنها لم تكن تشمل انتهاكات الأطفال واختفى منها مفهوم الجندر، وأشارت إلى أن الدراسة توضح أن 99% من جرائم الشرف ترتكب بسبب الشك فى السلوك وذلك بسبب العادات والتقاليد وأن القتل هورد الفعل الوحيد التى تتخذه الأسرة التى تشك فى سلوك ابنتها.
 
وتضيف قائلة إنه أصبح من المتعارف بين المحامين إذا كانت قضية شرف ويبحث عن حكم مخفف فيقوم بطلب نظر القضية فى دائرة القاضى فيها ينتمى إلى «وجه قبلى» حتى يكون لديه سيطرة العادات والتقاليد التى تدفعه لتخفيف الحكم، وذلك بالاستعانة بالمادة 17، وأوضحت أن الدراسة أثبتت أن عددًا كبيرًا من هذه الجرائم ينتهى إما بالحبس لمدة 6 شهور أو وقف التنفيذ.
 
تؤكد عزة سليمان أهمية وقف استخدام مبدأ الرأفة فى قضايا الشرف كما هو الحالى فى قضايا المخدرات، مضيفة أنه لابد أيضا من وجود هيكلة داخل الشرطة يمكنها التعامل مع قضايا الاغتصاب وهتك العرض والتحرش، وذكرت أن الضباط فى بعض الأحيان لا يخبرون الضحية بعدم الاستحمام قبل توقيع الكشف الطبى عليها وكذلك عدم غسل الملابس وهوما يعرض الأدلة للتلف، كما أن الحالة النفسية للمجنى عليها فى هذه الحالة لا تتحمل التعرض لضغوط نفسية.