السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

هيكل: قدموا «عبدالناصر» معى إلى «التأديب»!

هيكل: قدموا «عبدالناصر» معى إلى «التأديب»!
هيكل: قدموا «عبدالناصر» معى إلى «التأديب»!




رشاد كامل يكتب:

كان آخر ما يتوقعه الأستاذ «محمد حسنين هيكل» أن تقوم نقابة الصحفيين بتقديمه إلى مجلس تأديب بسبب مقاله عن «بقية للحديث عن صحافة مصر».
لقد كشف «هيكل» رئيس تحرير مجلة «آخر ساعة» فى مقاله عن الكثير من الحقائق والخبايا الخافية عن الرأى العام، ويحكى عن لقاء له مع أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة الذى كان عائدًا لتوه من رحلة خارج القاهرة، ويروى هيكل ما دار بينهما بقوله:
«لقد قال لى وعلى تقاطيع وجهه امتعاض وهذا تعبير مهذب لحقيقة ما كان مرتسما على وجهه، قال: هل تعلم ماذا اكتشفت اليوم؟! لقد تبين لى أن واحدا من الصحفيين الذين كانوا معى كتب إلى جريدته وصف زيارتى لبلد معين قبل أن أدخل هذا البلد! إنه لم يكلف نفسه مشقة الانتظار ورؤية شعور الناس والانفعال به، وإنما جلس يرص العبارات الكبيرة التى ابتذل معانيها لأنه لم يكتبها وليدة إحساس أو تأثر»!!
وكتب «هيكل» أيضا: «أريد أن أقف أمام مجلس التأديب لأكرر له ما قلته من مطالب كنت أتصور أن تتقدم بها نقابة الصحفيين إلى المسئولين بدلا من أن تقدمنى أنا إلى مجلس التأديب»!
واختتم مقاله المنشور فى إبريل سنة 1953 بالتساؤل: وبعد أين هو مجلس التأديب؟! أريد أن أقف أمامه؟!
وفجأة وبدون أى مقدمات خرجت السيدة «روزاليوسف» على صفحات مجلتها لتنشر خطابا مفتوحا إلى جمال عبدالناصر وكذلك رد «جمال عبدالناصر» على هذا الخطاب «عدد 11 مايو 1953».
ولم تمض سوى 48 ساعة حتى يعاود الأستاذ «هيكل» الكتابة فى مقال خطير اتخذ له عنوان أخطر هو «قدموا جمال عبدالناصر معى إلى مجلس التأديب»، وفى هذا المقال المهم كتب يقول: «كان مفروضا أن أضع على فمى مائة قفل! وكان مفروضا أن أربط قلمى بمائة سلسلة، وكان مفروضا ألا أعود إلى الحديث عن صحافة مصر نزولا على قرار مجلس التأديب الذى أحالتنى عليه نقابة الصحفيين ليحاسبنى على هذا الحديث الصريح عن صحافة مصر!
وكانت النقابة قد طلبت وقف الحملة مادام الأمر كله بين يدى مجلس التأديب، وكان مجلس التأديب قد أقرها على ما طلبت وكنت قد نزلت على هذا القرار! ثم حدث شىء عجيب رأيت بعده أن أرفع يدى فى أدب وأن أطلب من مجلس التأديب أن يسمح لى بأن أرفع الأقفال وأنزع السلاسل!
لقد طلعت السيدة الكبيرة والصحفية الجليلة «فاطمة اليوسف» بخطاب مفتوح وجهته إلى البكباشى «جمال عبدالناصر» وكان موضوع الخطاب المفتوح هو حرية الصحافة والمطالبة برفع جميع القيود عليها!
ورد البكباشى «جمال عبدالناصر» على الخطاب المفتوح الموجه إليه بقوله بالحرف الواحد:
«أنا أكره بطبيعتى كل قيد على الحرية وأمقت بإحساسى كل حد على الفكر على أن تكون الحرية للبناء وليست للهدم، وعلى أن يكون الفكر خالصا لله وللوطن ودعينى ألجأ إلى تجربتك كى تبقى الحرية للبناء، ويبقى الفكر لله وللوطن لا تخرج بهما شهوات وأغراض ومطامع عن هذه المثل إلى انفلات مدمر يصيب مصالح الوطن المقدسة بأبلغ الأضرار!
لقد قلت أنت بنفسك إنك تعلمين أنى أخشى على موقف البلاد الصلب من إطلاق الحريات خشية أن يندس بين أمواجها دعاة الهزيمة والتفكك، لقد عبرت بهذا عن جزء مما أشعر به، واسمحى لى أن أضيف عليه شيئا آخر، هو أننى لا أخشى من إطلاق الحريات وإنما أخشى أن تصبح هذه الحريات كما كانت قبل 23 يوليو سلعا تباع وتشترى!! ومع ذلك فأين هى الحرية التى قيدناها، أنت تعلمين أن النقد مباح وأننا نطلب التوجيه والإرشاد ونلح فى الطلب بل أننا نرحب بالهجوم حتى علينا إذا كان يقصد منه إلى صالح الوطن وإلى بناء مستقبله وليس إلى الهدم والتخريب ومجرد الإثارة!
ذلك لأننى أعتقد أنه ليس بيننا من هو فوق مستوى النقد أو من هو منزه عن الخطأ».
وإلى هنا ينتهى نص ما قاله البكباشى «جمال عبدالناصر»!! ويمضى «هيكل» متسائلا: ألم يكن هذا هو ما قلته بالضبط وقدمت من أجله إلى مجلس تأديب!! ألم يكن هذا ما قلته حين تساءلت: هل تستطيع نقابة الصحفيين أن تذهب وتزأر كما تزأر الأسود، دفاعا عن حرية الصحافة بينما مجلس نقابتها يسكت على هذا الوضع؟!
ويختتم «هيكل» مقاله بالقول: ألم يكن هذا هو ما قلته؟! لقد قاله جمال عبدالناصر أيضا!! وبعد هل سأجد «جمال عبدالناصر» مقدما مثلى إلى مجلس التأديب فى جلسته المقبلة»؟!
ولا تنتهى حكايات أستاذنا «هيكل» رحمه الله.