الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

القعيد: دولة العمائم تهدد حرية الإبداع.. ولست مريضاً بـ«فوبيا الإخوان»




قبل بدء تسجيل الحوار معه تناقشنا حول الذكريات والماضى والقرية، ووجع البعاد فقال لى «لا توجد فى حياتى محطات أريد نسيانها أبداً، أتمنى أن أعود إلى قريتي» أطلقوا عليه كاتب الهم الاجتماعي، يتمسك بدستور رفيق عمره نجيب محفوظ فى الكتابة وهو: «إذا لم تجد ما تريده فى الواقع، فاكتب على ما يجب أن يكون المستقبل»، وأن تغير العالم إلى الأفضل، إنه «المواطن مصرى».. الروائى يوسف القعيد».
 
■ ما رأيك فى المشهد السياسى فى مصر الآن؟
 
- الصراعات كبيرة وكثيرة واعتقد أنها بدأت تزيد، الوطن يعانى من محنه اقتصادية وسياسية ثقافية وطريقة الخروج منها غير واضحة بسبب المتواجدين فى الحكم، وتعجبت من قرار الرئيس بإقالة النائب العام، ثم تراجعه فيه، والتضارب فى التصريحات، وتألمت جدا يوم الجمعه الماضية من أحداث الإخوان مع الشباب، التظاهر حق للطرفين ولكن تواجد المعارض والمؤيد فى مكان واحد تسبب فى مزيد من المصابين، الإخوان جاءوا للحكم بمظاهرات كثيرة، وبمجرد وصولهم للحكم قالوا إن التظاهر يعطل الإنتاج، ثم عادوا وخرجوا للتظاهر لتأييد الرئيس فى كل قراراته، وهل يحتاج الرئيس فى كل قرار الى مظاهرة تأييد.
 
■ كيف ترى اللجنة التأسيسية للدستور؟ وهل توافق على ما طرح من موادها؟
 
- لجنه الدستور ليس لها ملامح من البداية، هى فصيل واحد فقط، كأنهم يعملون دستوراً لشعب شقيق وليس لنا، دستور سرى وان طرحه للاستفتاء أمر مضحك هل يعى الشعب المصرى مواد الدستور لابد من حوار مجتمعى ونتناقش، فنظرية احشد وأيد أصبحت لا تفيد ومكشوفة، فالديمقراطية لا تصلح فى بلد فيه أمية واحتياجات، وإذا تسربت مادة يقولون من الذى سرب لكم هذه المادة إنها لازالت تناقش.
 
وانأ بشكل شخصى لى موقف مع اللجنة التأسيسية اتصل بى الدكتور صابر عرب وزير الثقافه وطلب منى أن أذهب لمجلس الشورى لمناقشة مواد الدستور، وطلبت أن أقرأ المواد قبل ان اذهب حتى اكتب ملاحظاتي، فقالوا لى: لما تروح هاتقراها وتكتب ملاحظاتك فى وقتها، رفضت الذهاب لأنه اتضح لى انه إجراء شكلى ولا قيمة له، وإذا كان بعض المثقفين قد ذهبوا فى ظل هذا الشرط ودون أن يعرفوا المواد مسبقا فهم لا يمثلون إلا أنفسهم.
 
■ مارأيك فى الهجوم الذى تتعرض له بعض الشخصيات العامة؟
 
- ارفض وأدين الهجوم الذى حدث على منزل المستشارة تهانى الجبالى بطريقة وحشية ومقصودة لتخويفها، ونحن جميعا متضامنون معها فى بلاغها الذى تقدمت به للنائب العام، فهل وصلنا لدرجة الهجوم على البيوت، هذا الموقف بالفعل أرجعنا لما حدث على مدار التاريخ المصرى من هجوم والاغتيالات الفردية، كما حدث مع فرج فودة ومحاولة قتل نجيب محفوظ، كان وقتها الإخوان فى المعارضة، مع الفرق أن هجوم الإخوان المسلمين على الشخصيات المؤثرة والمثقفين وهم كانوا خارج الحكم يختلف جدا عن الهجوم وهم على رأس السلطة، الهجوم اليوم أشد عنفاً.
 
■ كنت من المثقفين المدعوين للقاء الرئيس ولم تذهب فلماذا؟
 
- أنا معنديش «فوبيا الإخوان المسلمين» وما بينى وبينهم خلافات فى وجهات نظر، وأعتقد انى أقيم المواقف من الأحداث الحالية وتطورات المشاهد والتصاريح المتضاربة، ولم أقيم اى شخص على تاريخه ولا على الماضى فقط، إلا لو أعاد الشخص استخدام نفس المنهج الفكرى وكأن التاريخ يعود للوراء وهذا مرفوض ، فأنا لست ضد لقاء الرئيس، فقد قال أنه رئيس كل المصريين، ولكن رغم عشقى وحبى للفنانين والفنانات، إلا أننى أدركت أن وجودهم فى اللقاء سوف يحوله لاحتفالية وتحيات وسلامات وشو إعلامي، ولن يكون اللقاء إيجابياً فى التحاور الحقيقي، وعندما انتهى اللقاء.. الحاضرون قالوا ان الرئيس لم يرد على سؤال كان يكتب ملاحظاته فقط، وانا لست نادما على عدم ذهابي، ومتأكد أن من الذين حضروا اللقاء اليوم يشعرون بندم، فهل تغير شيء بعد اللقاء.
 
■ ألا ترى عزلة المثقفين عن الشعب سببها استقرار النخبة فى برج عال؟
 
- المثقف ضمير عصره، ومن الخطأ ان يحصر المثقفون مطالبهم فى حرية الابداع والتعبير وكأنه مطلب فئوي، فكل مطالب الثورة ومطالب الشعب قضيتنا، العداله الاجتماعية الغائبة، البطالة، الأمن وغيرها، والمثقف لابد إن يهتم بكل مشاكل شعبه، ثم حرية الإبداع، لابد أن يدرك الشعب أننا منهم وتهمنا كل قضاياهم التى نكتب عنها فى رواياتنا، وان مطالبنا بحرية الإبداع ضرورة حتى لا تصادر آراؤنا حين نعبر عنهم، وليس مطلب حرية التعبير من اجل المثقفين فقط .
بالفعل يوجد عداء للثقافة، هناك عداء وصراع دائم بين المثقف والسلطة، وهذا العداء هو السبب فى العزلة، فالشعب يطلق علينا النخبة، والحكام والرؤساء يقولون علينا «النكبة»، لان المثقف يحلم بتغيير الواقع والحاكم يريد تثبيت الواقع على ماهو، ولهذا لقاء المثقف والسلطة صعب جدا ولكنه ليس مستحيلاً.
 
■ أنت احد الذين منعت لهم مقاله من النشر، فهل لايزال المنع مستمراً؟
 
- الإبداع مهدد، وأخشى أن يصل المنع إلى الإبداع الأدبى والفني، ويصبح ترهيباً وتكميم أفواه ونعود للتاريخ الأسود ضد المثقفين والمبدعين، وفكرة منع المقالات تعنى ببساطة أن يبحث عنها القارئ ليعرف لماذا منعت، وجميع المواقع الالكترونية وبعض صحف المعارضة ترحب بالممنوع، لأنه يكون مرغوباً، والمواقع الالكترونية خصصت خانة جديدة بعنوان «الممنوع من النشر»، واستمرار المنع قد يسبب عناداً أكثر عند البعض، ويصيب البعض الآخر بالإحباط والصمت.
 
■ تمارس الكتابة السياسية والنقد والقصة والرواية أيهما أقرب إليك؟
 
- لا أعتبر نفسى ناقدا، وما أكتبه انطباعات عامة عن الرواية أو المجموعة القصصية، لكنه ليس نقدا أدبيا، بالمعنى المتعارف عليه للمقالة النقدية، فالنقد ليس شيئاً يكتبه الإنسان بعض الوقت وينصرف عنه البعض الآخر النقد إبداع مواز، إنما الكتابة السياسية فرضت نفسها على عقلى وأعماقى وصعب الانفصال عنها، فنحن لسنا مثقفين فى عزلة، ومقالتى السياسية هى مشاركة وتعليق على المشهد وكثيرا ما أقدم حلولاً للخروج من المآزق التى تمر بنا، لكن الأدب والرواية عشقى وهى الأقرب إلى وجدانى وذاتي، والأدب عندما ابتعد عنه يستدعينى فى لحظة، ولا أجرؤا أن أقول له أنا مشغول بغيرك، ابتعادى عن الرواية يزعجنى وأشعر أن ينقصنى هواء لكى أتنفس، وحتى المقالة السياسية أكتبها بلغة حكاية بروح قصصية، فيها قصص قبل أن يكون فيها تقييم لمشهد سياسى.
 
■ ما رأيك فى الأعمال التى صدرت وتم ترويجها باعتبارها «الرواية التى تنبأت بالثورة»؟
 
- لم يكتب بعد عمل أدبى عن الثورة، الثورة لازالت مستمرة لم تكمل ولم تحقق مطالبها، والذين كتبوا ان أعمالهم تنبأت بالثورة أجده أمراً مضحكاً، فكتابة نص روائى عن الثورة يستلزم فترة من الزمن، ونجيب محفوظ كتب الثلاثية عن ثورة 1919 عام 1949 أى بعد 30 سنة من ثورة 19، ونشرها 1958، وأول رواية كتبت عن ثورة يوليو كانت «السمان والخريف» عام 1962، الشباب والمثقفون «مستعجلين»، أصبح الأمر مجرد كلاشيه مكتوب باللون الأحمر على غلاف الكتاب من الجنب «أدب الثورة»، وبالتالى لا نستطيع تقييم هذه الأعمال على أنها أدب ثورة جديد، ولكن الشكل الأدبى المتاح يمكن أن اعتبره هو «تحقيق روائي» وهو شكل أقرب إلى التحقيق الصحفي، إنما رواية عن الثورة وأبطال هذا مبكر جدا، علينا أن ننظر الواقع، وفى رأيى أن كل من كتب عن الامية، البطالة، تجريف الشخصية المصرية ومن توقف امام فساد وقضايا الشعب يكون بذلك مهد للثورة.
 
■ كنت من المحاضرين فى احتفالية «يوم المترجم» فما رأيك فيها ؟
 
- كنت أتمنى من وزارة الثقافة أن توحد جهودها بدلاً من تشتيت الاحتفالية، ففى المجلس الأعلى للثقافة أقيمت احتفالية، وفى ساحة الأوبرا أقيمت خيمة واحتفالية أخرى تابعة للمجلس القومى للترجمة، فتوزع الحاضرون بين الاحتفاليتين، ويوم المترجم العالمى هو يوم 30 سبتمبر، لأنه عيد ميلاد المترجم الاول الذى ترجم الكتاب المقدس إلى كل لغات العالم، ولكن هذا العام قرروا أن يكون الاحتفال يوم عيد ميلاد الشيخ رفاعة رافع الطهطاوى الذى يوافق الخامس عشر من أكتوبر.