الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المستشفى هى الحل

المستشفى هى الحل
المستشفى هى الحل




يكتب: على الشامى
ما بين الإصلاح هو الحل، والثورة مستمرة، تكمن التفاصيل وفى التفاصيل يسكن الشيطان، يزرع التفاصيل ويغذيها إلى ما لا نهاية، الوضع المصرى الآن اشبه بخناقة كبيرة بين اثنين من المرضى أمام باب مستشفى، أحد المرضى يؤكد لصاحبه ان العلاج الدوائى كفيل بإزالة المرض وأنه الحل الوحيد لكل الأعراض والأوجاع التى تلاحقهما منذ سنوات، والآخر يصر أن الجراحة هى الحل. المريضان يمزقهما الألم والخناقة تشتد يوميا أمام المستشفى  وبعد الخناقة اليومية يرحل كل منهما إلى بيته راضيا – رغم الألم – متوعدا لصاحبه فى الغد وفى الغد أمام باب المستشفى – المتهالكة بالمناسبة – سيحضر المريضان وتنشب الخناقة، فلا يقتنع أحد بوجهة نظر الآخر ولا يتوقفان عن الخناق، ولا يدخل أحدهما لاستشارة الطبيب فى الوضع! وكل ما يشغل بالهما هو الرغبة فى الانتصار للرأى.
هذه المعركة العبثية هى الواقع المصرى تقريبا، سيرك يومى يعرض نفس الألعاب ونفس الفقرات، يؤديها الممثلون بملل ويتفرج المشاهدون بملل أكبر، لم تعد البهارات تجدى فى الطبيخ البايت، ولا توجد فرصه أمامك سوى تناول هذا الطبيخ، المستفيد الحقيقى هو البلطجى الذى يدير ساحة المستشفى، من مصلحته أن تظل الخناقة قائمة حتى يدفع له كلا الطرفين ومن مصلحته إلا يشفى اى طرف صاحب المطعم الذى يقدم لك الطعام البايت و يقنعك ان الفرن الجديد جى بعد كام سنة بس استحمل شوية وتضطر انت إلى الاستحمال حتى تنتصر انتصارا وهميا أو تقنع نفسك أن  الطعام لذيذ حقا وتدريجيا يصبح الطعام الجيد غير مستساغ الطعم.
أتذكر إحدى المسرحيات تحكى أن مجموعة من العلماء وصلوا إلى جزيرة يعيش أهلها على الماء الملوث والأكل الملوث، فانزعج العلماء واجتهدوا وقدموا لأهل الجزيرة ماء نظيفًا وطعامًا صحيًا، فمرض أهل الجزيرة، وعندما عادوا إلى الطعام الملوث زالت أمراضهم وصاروا سعداء!
المشكلة إذن ليست فى المرض ولكن فى التعود عليه والاعتياد على تفاصيله والتعايش معه، خطير جدا أن تتعايش مع مرضك من باب الهزيمة، والأخطر أن تقنع نفسك أن هذا انتصار وفتح عظيم، خطير أيضا أن تستسيغ القبح ولا تستسيغ الجمال وتنفر منه والاخطر هو أن تتصور للحظة أن البلطجى صاحب المطعم الذى يقدم لك الطعام الردىء والذى يفرض عليك اتاوة فى ساحة المستشفى للتشاحن ويمنعك من دخولها للعلاج، هو صاحب فضل عليك لأنه يتيح لك فرصة للانتصار فى معركة يومية وهمية، الحل ببساطة ليس فى تناول الدواء وليس فى الجراحة العاجلة، الحل فى دخول المستشفى نفسها ساعتها ستنحل الأزمة ويختفى البلطجى، لكن السؤال الأهم هل نملك الإرادة لذلك؟